لم يحصل موظفو الأجهزة الحكومية في اليمن على رواتبهم للشهر الثاني على التوالي في ظل نقص السيولة النقدية وقرار الحكومة اليمنية نقل البنك المركزي إلى عدن بعد اتهامها الحوثيين بإهدار الاحتياطي الأجنبي لليمن. وتصرف رواتب موظفي الدولة باليمن الذين يبلغ عددهم ثمانمئة ألف في أول يومين من الشهر الجديد عادة. لكن الموظفين لم يحصلوا على رواتب أغسطس/آب أو سبتمبر/أيلول الماضيين حتى الآن.
وتسبب توقف صرف الرواتب في أزمة خانقة في السوق، مع الاعتماد الكلي عليها مصدرا للرزق. ووجد غالبية موظفي الدولة أنفسهم عاجزين عن دفع إيجارات مساكنهم والإيفاء بأبسط متطلبات الحياة.
وقد أعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يوم 18 سبتمبر/أيلول الماضي نقل البنك المركزي من صنعاءلعدن وتعيين محافظ جديد له. واتهمت الحكومة جماعة الحوثي التي تسيطر على العاصمة صنعاء، بتبديد احتياطات البلاد.
وأعلن الحوثيون رفضهم للقرار، وقالوا إنهم لن يرسلوا الإيرادات الحكومية في صنعاء وميناء الحديدة إلى البنك المركزي في عدن، وقرروا تجهيز إدارة جديدة للبنك في العاصمة.
موقف الحوثيين لكن الحوثيين لم يستطيعوا حتى الآن توفير رواتب الدواوين الحكومية التي تخضع لسيطرتهم، فضلا عن آلاف المقاتلين الذين كان يتم الدفع لهم من ميزانية الدفاع.
وأطلق الحوثيون حملة لجمع التبرعات النقدية من المواطنين للبنك المركزي في صنعاء. ويرى مراقبون أن مشكلة الرواتب وضعت الحوثيين في مأزق.
ووفق تصريحات محافظ البنك المركزي السابق محمد بن همام، فإن الدولة كانت تدفع 75 مليار ريال يمني (ثلاثمئة مليون دولار) شهريا مرتباتٍ، من بينها 25 مليار ريال (نحو مئة مليون دولار) لمنتسبي الجيش والأمن فقط.
وفي العاصمة المؤقتة عدن ما زال البنك المركزي عاجزا عن صرف رواتب الموظفين. وقال مصدر حكومي إن البنك يحتاج لأكثر من شهرين حتى يرتب وضعه الفني ويصرف الرواتب، مؤكدا أن الرواتب ستصرف بعد ذلك للجميع بأثر رجعي.
ويرى المحلل الاقتصادي محمد راجح أن “توقف الرواتب ربما مرتبط بأزمة نقص السيولة النقدية، وليس له علاقة بقرار نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن”. وأبدى استغرابه من صمت الحكومة والحوثيين عن إصدار توضيحات للناس عن أزمة الرواتب.
وقال محمد الحمادي، وهو موظف حكومي في وزارة التربية، “من المؤسف أن تتحول مرتبات الموظفين إلى مادة للصراع السياسي. ما ذنب مئات آلاف الموظفين أن يجدوا أنفسهم فجأة بلا دخل؟”.
وأضاف “المؤلم أن الانقطاع جاء في توقيت حرج. لم نتمكن من تسجيل أولادنا في المدارس مع بدء العام الدراسي وشراء مستلزمات الدراسة. ولن نتمكن من سداد الإيجارات والديون المتراكمة لدى تجار المواد الغذائية”. من جانب اخر أكد رئيس الوزراء الدكتور احمد عبيد بن دغر على أهمية جمع المعلومات بأسرع وقت ممكن بشان كشوفات الرواتب والاجور وتوفير الخدمات الاساسية ، والضرورية للمواطنين ، وخاصة الكهرباء والمياه والصرف الصحي والتربية والتعليم ..مثمناً الجهود التي تبذلها الوزارة في هذة الاتجاه . جاء ذلك خلال لقائه اليوم بوزير المالية الدكتور أحمد عبيد الفضلي لمناقشة أهم القضايا المالية والاقتصادية والعوائق والصعوبات التي تواجهها وسبل حلها ،والوسائل الكفيلة بطباعة العملة في مصادرها الاساسية ووفقاً للمواصفات التي تشترطها المنظمات النقدية الدولية..مشيراً إلى أهمية السيطرة على الموارد المالية للدولة من كافة منافذها ومصادرها..داعياً الجميع الى التعامل الدستوري والقانوني مع هذة الموارد التي هي حقاً لكل المواطنيين وحقاً للدولة وخاصة الموارد المركزية منها. كما ناقش الدكتور بن دغر،الترتيبات التي من شأنها عودة وزارة المالية،ومجلس إدارة البنك المركزي إلى عدن،وكيفية الإسراع بها،لضمان معالجة دائمة ومستمره وخاصة في توفير المرتبات ومرتبات للمتقاعدين وصرفها في وقتها. وأشار رئيس الوزراء إلى أن عبث المليشيا الانقلابية بالاحتياط النقدي ، أدى الى تدهو الاقتصاد وأوجد ازمة حقيقة في السيولة،واختفا جزء كبير منها فجأه الأمر الذي تسبب في الانهيار المفاجي للعملة اليمنية مقابل العملات الاخرى . وطمئن الدكتور بن دغر جميع العاملين في جهاز الدولة بأن المرتبات ستصرف وأن ازمة السيولة سوف تنتهي قريباً..لافتاً الى انه اذا تاخر الحل فيما يخص السيولة النقدية،فقد وجه وزير المالية بالبدء بالصرف وفق الخيارات المتاحة وبصورة استثنائية ومؤقتة وبماهو متاح من العملات الأخرى. من جانبة قدم وزير المالية تقريراً مفصلاً عن عمل الوزارة في هذه المرحلة الصعبة والترتيبات التي تقوم بها للتعجيل بصرف الرواتب وايجاد السيولة..مشيراً إلى الصعوبات التي تواجها الوزارة والتي تكمن في رفض الحوثيين لقرار نقل عمليات البنك المركزي،وسيطرتهم على موارد كبيرة في البلاد،دون اعتبار لحاجة الموظفين لرواتبهم. حضر اللقاء نائب وزير المالية الدكتور منصور البطاني .