في تطور متسارع للأحداث الدموية التي اندلعت في جمهورية قرغيزستان قبل يومين، أعلنت المعارضة القرغيزية اليوم الخميس 8/4/2010 أنها تسيطر على معظم البلاد وأن القوات المسلحة وحرس الحدود تحت سيطرتها أيضا وسوف تحل البرلمان وتشكل حكومة مؤقتة. وفيما وصل عدد قتلى الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن إلى 75 حسب مصادر طبية بجانب أكثر من 1000 جريح، استمرت عمليات النهب للمحلات في العاصمة بشكك طوال الليلة الماضية. وقالت زعيمة المعارضة روزا أوتونباييفا التي قادت الاحتجاجات ضد حكومة الرئيس كرمان بك باقييف من داخل مبنى البرلمان "كل الأقاليم...تحت سيطرتنا لكننا مازلنا نعمل بشأن أوش وجلال آباد"، حسب وكالة رويترز. وكانت الوكالة قد نقلت عن شهود عيان في وقت سابق اليوم الخميس أن أنصار المعارضة سيطروا على المباني الحكومة في مدينة أوش جنوب البلاد حيث قيل أن الرئيس باقييف قد وصلها مساء الأمس الأربعاء لحشد أنصاره لمواجهة الوضع الجديد، ونقلت الوكالات حدوث مواجهات بين أنصار المعارضة وأنصار الرئيس باقييف في مدينة أوش اليوم. وكانت زعيمة المعارضة قد أعلنت الأمس الأربعاء أنها ستحل البرلمان بعد إجبار باقييف على الهرب من العاصمة بشكك، بعد أن اقتحم المتظاهرون القصر الرئاسي واستولوا على المباني الحكومية ومبنى الإذاعة والتلفزيون. و من جهته صرح إسماعيل عيساكوف وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة التي شكلتها المعارضة أن القوات المسلحة وحرس الحدود تحت سيطرة المعارضة، وأضاف أن "الجيش كله وحرس الحدود هما الآن تحت سيطرتنا. القوة المسلحة لن تستخدم مجددا لحل القضايا الداخلية."
زعيمة و حكومة مؤقتة ومن جهتها دعت زعيمة المعارضة القرغيزستانية روزا أوتونباييفا الرئيس كرمان بك باقييف أمس الأربعاء إلى الإستقالة وقالت إنها تعتزم إدارة حكومة مؤقتة لمدة ستة أشهر لوضع مشروع دستور جديد لهذه الدولة الواقعة في آسيا الوسطى. وقالت اوتونباييفا لرويترز هاتفيا "لدينا حكومة مؤقتة قائمة الآن وأنا رئيستها." وأضافت قولها أن هذه الحكومة ستبقى "لمدة نصف عام سنضع خلالها مشروع الدستور ونهيئ الظروف لإجراء انتخابات (رئاسية) حرة ونزيهة." وكانت أوتونباييفا التي تبلغ من العمر 59 عاما شخصية رئيسية ساعدت في الثورة التي حملت باقييف إلى سدة الحكم منذ خمسة أعوام، وعملت قائمة بأعمال وزير الخارجية في الأيام الأولي لحكم باقييف، كما كانت أول سفيرة لبلادها إلى المملكة المتحدة. وفي وقت لاحق اختلفت أوتونباييفا مع باقييف وأصبحت واحدة من عدة حلفاء ثوريين أبعدهم الرئيس. وقالت أوتونباييفا "نريد منه أن يستقيل. وإذا قاوم دعواتنا لا أدري حقا. فالبلاد كلها في أيدي سلطة بديلة." وأما عن الفوضى التي تعيشها العاصمة بيشكك حاليا، حيث تتم عمليات النهب والسرقة للمحلات، قالت أوتونباييفا "الوضع ما زال متوترا جدا ويجب أن نعمل بجد بالغ الآن. هناك دمار واسع."
وتكررت الثورة!! وفي سيناريو مشابه لما حصل في ربيع 2005، حاصر المتظاهرون القصر الرئاسي ( البيت الأبيض )، غير أن الأمور أخذت منعطفا دمويا هذه المرة حينما حصلت اشتباكات مسلحة بين المتظاهرين وقوات الأمن، وأدت إلى مقتل 75شخصا حسب المصادر الطبية فيما يقدر بعض المصادر في المعارضة عدد القتلى فوق المئة شخص، وأما الجرحى فتجاوزوا 1000 شخص. وقد تناقلت الوكالات خبر مقتل وزير الداخلية القرغيزي مولود موسى كونغانتييف الذي تعرض للضرب المبرح على أيدي المتظاهرين في مدينة تالاس شمال شرقي البلاد، فيما نفت مصادر أخرى نبأ مقتله. وكان متظاهرون غاضبون قد سيطروا على المباني الحكومية في مدينة تالاس التي بدأت فيها الشرارة الأولى للاضطرابات، وقد حجزوا مسؤولين حكوميين منهم نائب رئيس الوزراء عادل بيك جباروف الذي تعرض للضرب كذلك. وكان الرئيس كرمان بيك باقييف جاء إلى سدة الحكم عام 2005 بعد أن أطاحت ثورة مخملية بالرئيس السابق عسكر أكاييف الذي حكم البلاد بعد استقلالها من الاتحاد السوفييتي عام 1991، بعد أن شهدت العاصمة بيشكك مظاهرات سلمية لأكثر من شهرين. وتتهم المعارضة الحالية الرئيس باقييف بالفساد وقمع الحريات و نهب أموال الدولة وإقامة حكومة مستبدة. وكان المتظاهرون يطالبون بإطلاق السلطات قادتهم المحتجزين في السجون أو الذين يخضعون لإقامة جبرية وبينهم رئيس البرلمان السابق عمر بك تيكيباييف والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية الماز بك حاتمباييف . وتعتبر جمهورية قرغيزستان إحدى الجمهوريات المسلمة الفقيرة في آسيا الوسطى والتي تفتقد إلى مصادر الطاقة النفطية مثل جيرانها أوزبكستان وقزاقستان، ويعاني معظم سكان الجمهورية البالغ عددهم 5.4 ملايين نسمة من الفقر حيث يعملون خارج البلد في روسيا. ويشكل الشباب القادم من الريف معظم المتظاهرين الغاضبين الذين يطالبون بتغيير الحكومة والاقتصاص ممن يسمونهم بالمفسدين. وتشكل قومية القرغيز 65% من سكان الجمهورية فيما يشكل الأوزبك 14% والروس 12% من السكان بجانب عرقيات وقوميات تركية وسلافية أخرى.
صراع القواعد وفي ردود أفعال أولية حول التطورات الدراماتيكية في قرغيزستان، قال الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف لدى وصوله إلى العاصمة التشيكية براغ حيث قال إنها شأن داخلي وإن الأحداث نجمت عن غضب عارم على النظام القائم. وأشارت المتحدثة باسمه ناتاليا تيمكوفا إلى أن الرئيس يرى أن الأهم هو تجنب وقوع المزيد من الخسائر واستعادة حكم القانون. وكان رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين دعا في وقت سابق المعارضة والحكومة القرغيزية إلى ضبط النفس وإيقاف العنف. ونفى بوتين اتهامات موجهة لبلاده بأنها تقف وراء الاضطرابات التي تشهدها قرغيزستان، وقال إنه لا علاقة لموسكو بهذه الأحداث. وفي واشنطن التي تملك قاعدة عسكرية في قرغيزستان، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي "حتى الآن نعتقد أن الحكومة ما زالت في السلطة"، وأضاف أن الولاياتالمتحدة ليست لديها تأكيدات تدعم التقارير بأن المعارضة سيطرت على السلطة، وأعرب عن شجب حكومته للعنف في هذا البلد، وأشار إلى أن بلاده تراقب الوضع عن كثب. في بكين قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية جيانغ يو في بيان نشر مساء الأمس الأربعاء "بصفتنا جيران وأصدقاء، نشعر بقلق عميق من تطور الوضع في عاصمة قرغيزستان وغيرها من المناطق". وأضافت "إننا نامل بصدق أن يستتب النظام في أقرب وقت في قرغيزستان وأن تسوى المشاكل بطريقة شرعية". وفيما تتمتع روسيا بقاعدة عسكرية في قرغيزستان و تطالب بفتح قاعدة أخرى، تملك الولاياتالمتحدة قاعدة عسكرية في منطقة ماناس منذ عام 2001 لأغراض الحرب في أفغانستان، وكان الرئيس باقييف طالب العام الماضي إغلاق القاعدة بعد أن وعد كريميلين بتقديم قروض ومساعدات بقيمة ملياري دولار، غير أنه بدل رأيه ووافق على بقاء القاعدة بعد أن رفعت واشنطن رسوم الإيجار إلى ثلاثة أضعاف، كما رفض باقييف الموافقة على فتح قاعدة ثانية لروسيا على أراض قرغيزستان. ومن جهتها أكدت زعيمة المعارضة القرغيزية التي تمسك بزمام الأمور في العاصمة بيشكك الآن، أكدت اليوم الخميس على بقاء الأمور كما هي فيما يتعلق بالقاعدة الأمريكية و أن شيئا لن تتغير. وكانت الوكالة الفرنسية قد نقلت عن مصادر قرغيزية أن السلطات علقت الرحلات إلى القاعدة، وأنها ستعمل بعد إعادة فتح القاعدة على تخفيض عدد الرحلات