العرادة يعرب عن أمله في أن تسفر الجهود الدولية بوقف الحرب الظالمة على غزة    فلكي يمني يحدد أول أيام شهر ذي القعدة 1445    "القضاء في لحج يُثبت صرامته: إعدام قاتلين عمداً"    سقوط نجم الجريمة في قبضة العدالة بمحافظة تعز!    قصر معاشيق على موعد مع كارثة ثقافية: أكاديمي يهدد بإحراق كتبه    قناتي العربية والحدث تعلق أعمالها في مأرب بعد تهديد رئيس إصلاح مأرب بقتل مراسلها    "علي عبدالله صالح والزوكا شهيدان ماتا بشرف": دبلوماسي يمني يوجه رسالة ليحيى الراعي    دوري ابطال اوروبا .. الريال إلى النهائي لمواجهة دورتموند    أحذروهم في عدن!.. المعركة الخطيرة يقودها أيتام عفاش وطلائع الإخوان    الضالع تحت نيران الحوثيين: صرخة مدوية تطالب بوضع حدّ للعدوان الحوثي    أوامر بالقبض القهري وتجارة خمور وكمين أمني!.. بيان فاضح لمليشيات الحوثي بشأن محاولة اغتيال نقيب الصحفيين بصنعاء    اختيار المحامية اليمنية معين العبيدي ضمن موسوعة الشخصيات النسائية العربية الرائدة مميز    إنطلاق بطولة مأرب لكرة القدم بمشاركة 14 ناديا    مطالبات بمحاكمة قتلة مواطن في نقطة أمنية شمالي لحج    انفجار مخزن أسلحة في #مأرب يودي بحياة رجل وفتاة..    حقيقة ما يجري في المنطقة الحرة عدن اليوم    تراجع احتياطيات النقد الأجنبي بالصين في أبريل الماضي    دورتموند الألماني يتأهل لنهائي أبطال أوروبا على حساب باريس سان جرمان الفرنسي    اكتشاف مقبرة جماعية ثالثة في مستشفى الشفاء بغزة وانتشال جثامين 49 شهيدا    فريق شبام (أ) يتوج ببطولة الفقيد أحمد السقاف 3×3 لكرة السلة لأندية وادي حضرموت    الوزير البكري: قرار مجلس الوزراء بشأن المدينة الرياضية تأكيد على الاهتمام الحكومي بالرياضة    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    الولايات المتحدة تخصص 220 مليون دولار للتمويل الإنساني في اليمن مميز    قمة حاسمة بين ريال مدريد وبايرن ميونخ فى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    مورينيو: لقد أخطات برفض البرتغال مقابل البقاء في روما    تستوردها المليشيات.. مبيدات إسرائيلية تفتك بأرواح اليمنيين    الاشتراكي اليمني يدين محاولة اغتيال أمين عام نقابة الصحفيين اليمنيين ويدعو لإجراء تحقيق شفاف مميز    لماذا تقمع الحكومة الأمريكية مظاهرات الطلبة ضد إسرائيل؟    عصابة معين لجان قهر الموظفين    الحكومة الشرعية توجه ضربة موجعة لقطاع الاتصالات الخاضع للحوثيين.. وأنباء عن انقطاع كابل الإنترنت في البحر الأحمر    سيتم اقتلاعكم عما قريب.. مسؤول محلي يكشف عن الرد القادم على انتهاكات الحوثيين في تهامة    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    تحديث جديد لأسعار صرف العملات الأجنبية في اليمن    رغم إصابته بالزهايمر.. الزعيم ''عادل إمام'' يعود إلى الواجهة بقوة ويظهر في السعودية    إغلاق مركز تجاري بالعاصمة صنعاء بعد انتحار أحد موظفيه بظروف غامضة    الحزب الاشتراكي اليمني سيجر الجنوبيين للعداء مرة أخرى مع المحور العربي    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    نيمار يساهم في اغاثة المتضررين من الفيضانات في البرازيل    زنجبار أبين تُودّع أربعة مجرمين... درس قاسٍ لمن تسول له نفسه المساس بأمن المجتمع    قصة غريبة وعجيبة...باع محله الذي يساوي الملايين ب15 الف ريال لشراء سيارة للقيام بهذا الامر بقلب صنعاء    وداعاً صديقي المناضل محسن بن فريد    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين وتسقط طائرة مسيرة في خليج عدن مميز    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشهيد جمال جميل بطل عراقي في صنعاء ولقاء مع ابنته سميره
نشر في البيضاء برس يوم 14 - 04 - 2010

حكاية ربما لا تتكرر في التأريخ ضابط من العراق يوفد ضمن بعثة تدريب عسكرية ارسلتها الحكومة العراقية الى اليمن في مطلع الاربعينات من القرن المنصرم الا ان هذا العسكري اصبح شخصية مشهورة وخالدة في تأريخ الشعب اليمني المجيد.
جمال جميل مدرب المدفعية سافر الى صنعاء وبمعيته ثلاثة ضباط في مهمة لتدريب وتأهيل جيش الامام أحمد في المملكة المتوكلية اليمنية. لقد كُتب الكثير عما خلفته تلك البعثة العسكرية النادرة من نتائج أيجابية في مناحي الحياة السياسية والعسكرية في اليمن وقصة وصولهم الى صنعاء عبر ميناء الحديدة بعد رحلة شاقة وثقها أحد افراد البعثة بأسلوب مؤثر وجميل.
اربع سنوات هي كل عمر البعثة ومن ثم رجع الجميع الى بلدهم الا جمال جميل تخلف عن العودة وتزوج من اليمن واستقر بها ليصير مسؤولا عن جيش الامام ومديرا لمعهد صنعاء العسكري بيد ان هذا العسكري الشاب تفاعل كثيرا مع قضايا اليمن وطموحاته في الانعتاق من ظلام القرون الوسطى حيث كانت اليمن ترزح تحت ابشع حكم كهنوتي متخلف عزلها عن ركب الحضارة والتنوير خلف اسوار موصدة تكابد شتى صنوف القهر والفقر والجهل والحرمان.
ويصف لنا احوال البلاد في تلك الحقبة اول رئيس جمهوري لليمن الراحل ((عبدالله السلال)) في مذكراته بانه ورفاقه حينما ذهبوا للتعلم في الكلية العسكرية ببغداد اصيبوا بصدمة عندما شاهدوا لأول مرة في حياتهم مصابيح النور تضئ الشوارع والسيارات تتحرك على الطرق المعبدة والمياه تجري في الأنابيب بل انهم عقدت السنتهم عن الكلام وهم يدخلون في دار السينما. بينما كان جمال جميل ورفاقه من اعضاء البعثة في صنعاء يعيشون صدمة مختلفة.
ووسط هذه المعطيات تحول جمال جميل من مدرب زائر الى عنصر ثائر يقود وينظم اول ثورة دستورية في تاريخ اليمن طردت الامام ونصبت حكومة ثورية جديدة بشرت بآمال واسعة لتغيير الأوضاع المزرية لبلاد تغفو في نفق النسيان والتخلف والبؤس.
أنضم الشهيد البطل الى كوكبة من رجال اليمن العظام امثال الزبيري والثلايا وعبدالله الوزير والكبسي وغيرهم العديد ممن سقت دماؤهم الزكية شجرة الحرية والثورة في اليمن .هذا القادم من بلاد الرافدين أحب اليمن وشعبها وانصهر مع اهلها ليغدو واحدا من مشاعل انارت الفجر لثورة سبتمبر الخالدة عام 1962. جاء اليها محملاً بعبق التأريخ الذي حفظ لرجال اليمن بطولاتهم وملاحمهم في فتوحات المسلمين الاوائل في مشارق الارض ومغاربها.
وعن تفاصيل حياة هذا البطل الثأئر تقول ابنته الوحيدة الدكتورة المهندسة في جامعة صنعاء سميرة جمال جميل ان ابيها ولد عام 1912م في مدينة الموصل شمال العراق وعندما اكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية التحق بالكلية الحربية في بغداد وبعد تخرجه تدرج في المناصب حتى وصل الى رتبة نقيب، وحينها عين مرافقاً للفريق بكر صدقي رئيس اركان الجيش العراقي في ذلك الوقت ثم شارك جمال جميل في حركة بكر صدقي ضد حكومة نوري السعيد رئيس الوزراء العراقي الاسبق وانتهت الحركة بمقتل بكر صدقي ودخول الضباط الذين كانوا معه السجن وكان ابي من بينهم ثم صدر بحقهم حكم الاعدام، ونتيجة للضغط العشائري والطلابي الغيت الاحكام بحقهم. وبموجب معاهدة تعاون بين البلدين ارسلت الحكومة العراقية اول بعثة عسكرية لليمن مكونة من اربعة اشخاص برئاسة العميد الركن اسماعيل صفوت وعضوية الرئيس محمد المحاويلي والرئيس جمال جميل والملازم عبدالقادر الكاظمي .عندما وصل الشهيد الى صنعاء في 3/4/1940م عشق جمال جميل اليمن وطناً وإنساناً وأدرك قيمة مكنوناته الثقافية والحضارية.
وحقيقة القوة الكبيرة والامكانات الهائلة المنسية والطاقات التي يختزنها هذا الوطن فأسهم بفاعلية الى جانب اترابه من أبناء الوطن في استنهاض قدرات هذا الشعب وتنميتها وتهذيبها، ووضع عربات التغيير على قضبان الثورة نحو الغد المشرق من خلال دوره ومكانته في الجيش الامامي. فهو اول من ادخل صنف المدفعية في الجيش اليمني وفتح دورة مدفعية للضباط لغرض تجديد المعلومات وتحديث اساليب التدريب حتى تشكل فوج مدفعي نموذجي..
لكن جمال لم يعد مع البعثة العراقية في منتصف عام 1943م واستقر بصنعاء وتزوج الرجل بعد وصوله الى اليمن بسنة وتمكن خلال فترة عمل البعثة ان ينسج علاقات مع قادة الجيش وكل أطياف المجتمع وفي اعتقادي ان هذا الضابط القادم من بيئة محافظة في شمال العراق قد اندمج بسهولة مع المحيط الاجتماعي في صنعاء المحافظة على تقاليدها ونما بينه وبين هذا الوطن حباً متبادلاً حفزه للبقاء والاستقرار.وبقي وفيا لقضايا اليمن وتطلعاته فأختاره ثوار 1948 قائدا عسكريا لهم ونجحت الثورة فعين وزيرا للدفاع وقائدا عاما للجيش لكن الثورة الوليدة انتكست بعد شهور قليلة ولاسباب عديدة لا مجال لذكرها فعاد الأمام أحمد ليحكم اليمن من جديد ومن الطبيعي ان يكون جمال جميل ورفاقه الثوار اول من ساقهم الى ساحة الاعدام في صنعاء وأطلق الثائر بوجه الأمام أحمد صرختة المدوية والتي يحفظها اهل اليمن قبل ان يقطع سيف الجلاد رقبته ((بأننا قد حبلناها وسوف تلد)).
نعم سقت دماءه الزكية ثرى اليمن العزيزة لتبشر بميلاد ثورة الشعب والجيش عام 1962م. فسلاما لكم ايها الشهيد الثائر اليعربي فقصة شجاعتكم تظل عنوانا أزلياً لملحمة اخوة راسخة بين العراق واليمن وبين كل ابناء العروبة لن تنفصم عراها ابدا ً.


**لقاء مع ابنه الشهيد جمال جميل


منذ فترة زمنية ليست بالقصيرة والبحث جارٍ عن الإبنة الوحيدة الباقية من أولادا لرئيس الشهداء، وأول مهندسة معمارية في اليمن، وأول دكتورة في قسم الهندسة بجامعة صنعاء،
لتروي لنا قصة الرجل العراقي الذي لم يجد عن هبة يحبو اليمن غير حياته الغالية وروحه الأغلى التي قدمها رخيصة في سبيل حرية وطن وكرامة شعب ظل يرزح تحت نير الاستبداد حقبة من الزمن.
إنه الشهيد الرئيس/ جمال جميل، الذي كان فعلاً جميلاً في حياته وجمالاً في استشهاده.
- في البداية نود أن تحدثينا عن نشأة وحياة والدك الشهيد جمال جميل؟
* ولد الشهيد جمال جميل في 3 مارس 1913م، في مدينة الموصل من أبويين عربيين، وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في المدرسة الخضرية، ثم التحق بالكلية الحربية وتخرج منها، وكان من الأوائل، وتم تكريمه آنذاك من الملك فيصل الأول، وتدرج برتبه العسكرية حتى رتبة النقيب، وشارك خلال هذه الفترة في الانتفاضة العسكرية التي قادها اللواء بكر صدقي على حكومة ياسين الهاشمي، واتهم بالمشاركة في مقتل الفريق جعفر العسكري – رئيس أركان الجيش العراقي- وعلى إثر ذلك حوكم وجرد من كل الرتب العسكرية وحكم عليه بالإعدام ولكن التف زملاؤه حوله من الضباط والقيادات العسكرية، فلم تستطع الحكومة العراقية برئاسة نوري السعيد تنفيذ حكم الإعدام فنقل من الجيش إلى قوة نهرية صغيرة (حراسة الحدود المائية) وعمل فيها لفترة قصيرة قبل أن ينتدب للعمل في اليمن عام 1940م.
- كيف تم انتقاله إلى اليمن؟
* كان هناك اتفاق ثقافي عسكري بين اليمن والعراق في عهد الإمام يحيى حميد الدين وهذا الاتفاق كان يقضي بتبادل الخبرات العسكرية بين البلدين ومن ضمن الاتفاق استخدام فرقة أو بعثة عسكرية عراقية لتدريب الجيش اليمني في تلك الفترة فاختيرت هذه البعثة من شباب عراقيين ومنهم الشهيد جمال جميل.
- ما كانت طبيعة عمله في اليمن؟
* نسب إليه تدريب ما كان يسمى حينذاك بالجيش الدفاعي، وأشرف على تشكيل أول فوج مدفعي نموذجي، وشارك في تنظيم المدرسة الحربية وإصلاحها، وشارك في تنظيم مدرسة المخابرة (الإشارة) وشارك في إعادة تنظيم وتسليح الجيش اليمني على الأساليب الحديثة، وكان الجيش اليمني في ذلك الوقت مشكل من لواء واحد فقط، وجيش أعجز من أن يصلح للقتال.
- كيف بدأت عملية اتصاله بالأحرار اليمنيين؟
* كانت في البداية اتصالاته محصورة بتلاميذه من الضباط على مختلف الرتب، وكان يزورهم ويحضر حفلات أفراحهم ومجالس العزاء، ويتفقد أحوالهم، وكان يتألم لحال الوطن والأمة لما تعانيه من جوع وفقر، حيث أصاب اليمن عام 1934م مرض (التيفوس) وحصد ما يقرب من نصف مليون شخص، وأصاب البلد في نفس الوقت حالة قحط ومجاعة، ولم تتحرك لها ضمائر الحكام وسيوف الإسلام، حيث كانوا هم يحتكرون تجارة الحبوب، فبدأ الشهيد جمال جميل يعبر عن امتعاضه لما يصيب الأمة صراحة وجهاراً.
- كيف؟
* مثلاً في عام 1366ه عاد سيف الإسلام عبد الله من زيارته لأمريكا، بعد أن وقع اتفاقاً معها، وتقرر إقامة حفل استقبال وتكريم لسيف الإسلام عبد الله هذا، ألقى فيه الشهيد جمال جميل خطاباً لاذعاً للأئمة، حيث قال موجها كلامه لسيف الإسلام عبد الله:( منذ سنين وأنتم تزورون دولاً كبيرة وصغيرة.. غنية وفقيرة.. أسألكم بالله هل رأيتم جيشاً أسوأ حالاً من جيشكم؟ أنا أجيب عنكم: كلا)، كما دعا في خطابه إلى النهوض بالشعب اليمني، وكان وقع هذا الخطاب على الجيش شديداً فقد كان الهتاف والتصفيق يشق عنان السماء، وكانت تلك أول مواجهة بين الإمام يحيى والشهيد جمال جميل.
- وماذا كان رد فعل الإمام؟
* في اليوم التالي أرسل الإمام يحيى رسالة إلى الشهيد جمال جميل نصها ( إلى الرئيس جمال جميل .. عافاه الله.. لقد ساءنا ما بلغنا من خطبتك أمس في الجيش، فإنها لم تكن حسنة..)
- هل كان على صلة أو علاقة بحركة نضالية على المستوى القومي العربي، أم كان انضمامه للأحرار مجرد قناعة شخصية؟
* لم يكن للشهيد علاقة بأي حركة نضالية على المستوى القومي العربي وإنما كان يتواصل الحوار مع بعض الشخصيات من حركة الإخوان المسلمين في مصر.
- وما علاقته بحركة الإخوان المسلمين في مصر؟
*ليس له علاقة بالإخوان المسلمين، ولكن الورتلاني هو مندوب الإخوان الذين كانوا هم مع الجناح المدني فقط، أما الجناح العسكري ويمثله الوالد ليس له علاقة بالإخوان ولا غيرهم.
أما انضمامه للأحرار فكان بقناعة شخصية لديه بعد أن تواصلوا معه، وضموه إلى الحركة باعتباره ممثلاً للجانب العسكري.
- هل كانت أسرته على علم بما كان يقوم به الشهيد؟
* في البداية كلا، وعندما بدأت الاجتماعات تكثر وتتواصل وخاصة تلك التي كان يعقدها في منزله، عندها بدأت الشكوك تتسرب إلى الأسرة.
- كيف انكشف أمره لدى الإمام، وكيف كانت نهايته؟
* لم ينكشف أمره لدى الإمام يحيى، ولكن من خلال التحضير للثورة كان التشاور والتنسيق يتم بين الشهيد عن الجانب العسكري وبين الجناح المدني الذي كان يتزعمه حسين الكبسي وآل الوزير والورتلاني حتى أعدوا العدة لقيام الثورة، وتم اغتيال الإمام يحيى في منطقة حزيز في شهر فبراير عام 1948م، وتم الإعلان عن قيام الثورة وسقوط الإمامة، وقيام حكومة ملكية دستورية، لكن ثورة 48 فشلت لأسباب كثيرة يعلمها القاصي والداني، وسيق الأبطال إلى محاكمات صورية وهمية وأعدموا وقطعت رؤوسهم وعلقت على غصون الأشجار ونوافذ المباني الحكومية في ميدان شرارة (ميدان التحرير حالياً).
- ماذا كان رد فعل دولة العراق الشقيقة على استشهاده؟
* لم يكن هناك أي رد فعل رسمي من العراق، بل شجعوا على إعدام الشهيد.
- لماذا؟
* من أجل التخلص منه لما له من ماضي سابق في الحركة الوطنية العراقية.
- حدثينا عن أبرز موقف مؤثر سمعتيه عن والدك؟
* الموقف الأول ما أخبرني به أخي جميل حيث قال ذات مرة أنه كان واقفاً بباب المنزل من الداخل وعندما رأى والدي طفلاً عارياً يلعب بجانب المنزل نزل من البيت وخلع قميص أخي جميل وألبس ذلك الطفل وهذه الصورة كانت تتكرر مراراً، وكان دائماً يعطي أولاد الجيران ما لدى أخوتي من ملابس وألعاب كانت غير موجودة في ذلك الحين في اليمن حتى لايشعروا أنهم أحسن من غيرهم.
أما الموقف الآخر فكان يوم إعدامه حين قادوه مكبلاً بالسلاسل وأخرجوا طلابه من الكلية الحربية ليتأملوا المنظر وجعلوه يمشي بين صفين من طلابه فكان يخطب فيهم لا يرهبنكم دمي ولا تخافوا واجعلوا رياح الثورة تصفو في صدوركم أنتم الأمل أنتم المستقبل.. إلى أن وصل إلى ميدان التحرير وقبل تنفيذ الحكم وهو يتحدث إلى طلابه إذا بسيف الإسلام إسماعيل ابن الإمام راكباً فرسه مخموراً وفي يده عصا ضرب بها والدي الشهيد في فمه إلى أن سال الدم،فرد عليه الشهيد بقوله: اليوم يا إسماعيل وأنا أسير.
ومرت الأيام وانتقم الله لأبي حين شاء أن يضرب سيف الإسلام إسماعيل يوم 26 سبتمبر 1962م في نفس المكان الذي ضرب فيه والدي على يد البطل عبد الله جزيلان الذي قال له: هذه من جمال جميل.
- هل كنت تشاهدين منظر إعدام والدك وضربه في ذلك اليوم؟
* لم أكن موجودة حينها في اليمن لأن والدتي علمت برغبة الإمام بحضور إخوتي وقت إعدام والدي الشهيد أما أنا فكنت مولودة صغيرة فهربت بنا والدتنا من بيت إلى بيت ومن مكان إلى آخر حتى انتقلنا إلى العراق.
- كيف استمر حال الأسرة بعد رحيل عائلها الشهيد؟
* كانت أياماً صعبة جداً جداً. فمنذ اليوم الأول لسقوط ثورة48م، وهو يوم الفراق بيننا وبين والدنا، حيث جاء تلك الليلة وكتب وصيته بأن ليس عليه ديون ويوصي أمي بنا، وفي الساعة الثامنة صباحاً تفاجأ الجميع باجتياح القبائل لصنعاء ويقال بأنه كان مشهداً مرعباً، إلى درجة أنهم كانوا عندما لم يستطيعوا أخذ الذهب من أيدي النساء كانوا يقطعون أياديهن بما فيها من الذهب .. وبالتأكيد كان لمنزلنا (الكائن في شارع جمال) النصيب الأوفر من ذلك النهب إذ نهب بيتنا كاملاً حتى الأبواب والنوافذ، بل قاموا بحفر الجدران والسقوف بحثاً عن ذهب أو فضة.
وكانت والدتي ترد عليهم بان الذين قبلكم قد أخذوا كل شيء ولم تكف تلك الأفواج حتى أخذنا أحد الجيران وهو الوالد ناشر الحمامي إلى بيته ولكن عسكر الإمام لحقوا بنا فخبأنا في مخزن الحبوب، وكان العسكر يبحثون عنا بحراب بنادقهم في الحبوب ولكن الله نجانا، وبعدها انتقلنا إلى بيت الشيخ الفاضل حسين الحبشي، ثم في بيت الشيخ سيد مختار العجمي من رجال صنعاء، وفي هذه الأثناء كان الناس يحسنون إلينا والبعض منهم كان يستخدم الأطفال لمضايقتنا.. حتى جاء الفرج من بغداد واتصل عمنا الكبير وتوسط لخروجنا وتطوع لاستقبالنا والعيش في كنفه، واستمرت الحياة في العراق حتى قيام ثورة 26 سبتمبر1962م.
- وكيف عدتم إلى اليمن؟
* بعد قيام الثورة المجيدة جاء المرحوم المشير عبد الله السلال وأعادنا إلى اليمن معززين مكرمين.
- لماذا كان يلقب بالرئيس جمال جميل؟
* عندما وصل الشهيد إلى اليمن ضمن البعثة العسكرية العراقية كان يحمل رتبة نقيب، وكانت رتبة النقيب آنذاك تسمى ب"الرئيس" وهكذا لقب الشهيد بلقب الرئيس واستمر اللقب إلى يومنا هذا.
- ما مدى الرعاية والاهتمام التي تحظون بها من قبل الدولة اليمنية؟
* نحن نعيش منذ عودتنا مواطنين يمنيين مثلنا مثل أي مواطن يمني.
أما الرعاية نحن نسمعها فقط في وسائل الإعلام.
- ونحن الآن نعيش الذكرى السابعة والأربعين للثورة، ماذا تودين قوله بهذه المناسبة؟
* دماء الوالد لم تذهب سدى، ونرى ثمار هذه الدماء على أرض الواقع.
- هل ترين أن جميع أهداف الثورة اليمنية قد تحققت ؟
* إن لم تكن قد تحققت جميعها، فإن القيادة السياسية الحكيمة تسير في الطريق الصحيح لتحقيق ما تبقى من أهداف الثورة اليمنية.
- بعد 47 عاما من عمر الثورة، ما زالت الثورة مهددة من بعض القوى، ما تعليقك على ذلك؟
* نعم لا زالت الثورة مهددة من القوى الظلامية التي تريد العودة بعجلة التاريخ إلى الخلف، وهذا بعيد المنال عليها، لأن شجرة الثورة المباركة أينعت وأثمرت وجنى الشعب ثمارها، وهو لن يفرط بالمكاسب والانجازات التي تحققت.
- ختاماً والعراق الآن يرزح تحت الاحتلال، ما الرسالة التي يمكن أن تقدميها لليمنيين كنوع من رد الجميل، وكذلك رسالة للعراقيين؟
* أنا مواطنة يمنية وليس لي أي مميزات خاصة سواء في اليمن أو العراق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.