فرحة عارمة تجتاح جميع أفراد ألوية العمالقة    الحوثيون يتلقون صفعة قوية من موني جرام: اعتراف دولي جديد بشرعية عدن!    رسائل الرئيس الزبيدي وقرارات البنك المركزي    أبرز النقاط في المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك المركزي عدن    خبير اقتصادي: ردة فعل مركزي صنعاء تجاه بنوك عدن استعراض زائف    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    مع اقتراب عيد الأضحى..حيوانات مفترسة تهاجم قطيع أغنام في محافظة إب وتفترس العشرات    هل تُسقِط السعودية قرار مركزي عدن أم هي الحرب قادمة؟    "الحوثيون يبيعون صحة الشعب اليمني... من يوقف هذه الجريمة؟!"    "من يملك السويفت كود يملك السيطرة": صحفي يمني يُفسر مفتاح الصراع المالي في اليمن    تحت انظار بن سلمان..الهلال يُتوج بطل كأس خادم الحرمين بعد انتصار دراماتيكي على النصر في ركلات الترجيح!    الهلال بطلا لكأس خادم الحرمين الشريفين    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    تعز تشهد مراسم العزاء للشهيد السناوي وشهادات تروي بطولته ورفاقه    مصادر دولية تفجر مفاجأة مدوية: مقتل عشرات الخبراء الإيرانيين في ضربة مباغتة باليمن    المبادرة الوطنية الفلسطينية ترحب باعتراف سلوفينيا بفلسطين مميز    شاب عشريني يغرق في ساحل الخوخة جنوبي الحديدة    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    عاجل: البنك المركزي الحوثي بصنعاء يعلن حظر التعامل مع هذه البنوك ردا على قرارات مركزي عدن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و284 منذ 7 أكتوبر    الحوثي يتسلح بصواريخ لها اعين تبحث عن هدفها لمسافة 2000 كيلومتر تصل البحر المتوسط    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    لكمات وشجار عنيف داخل طيران اليمنية.. وإنزال عدد من الركاب قبيل انطلاق الرحلة    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    حكم بالحبس على لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    النائب العليمي يؤكد على دعم إجراءات البنك المركزي لمواجهة الصلف الحوثي وإنقاذ الاقتصاد    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الإخوان في اليمن يسابقون جهود السلام لاستكمال تأسيس دُويلتهم في مأرب    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    جماهير اولمبياكوس تشعل الأجواء في أثينا بعد الفوز بلقب دوري المؤتمر    مليشيا الحوثي تنهب منزل مواطن في صعدة وتُطلق النار عشوائيًا    قيادي في تنظيم داعش يبشر بقيام مكون جنوبي جديد ضد المجلس الانتقالي    بسبب قرارات بنك عدن ويضعان السيناريو القادم    تقرير حقوقي يرصد نحو 6500 انتهاك حوثي في محافظة إب خلال العام 2023    لجنة من وزارة الشباب والرياضة تزور نادي الصمود ب "الحبيلين"    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    رسميا.. فليك مدربا جديدا لبرشلونة خلفا للمقال تشافي    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    حكاية 3 فتيات يختطفهن الموت من أحضان سد في بني مطر    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    وزارة الأوقاف تدشن النظام الرقمي لبيانات الحجاج (يلملم)    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبدالرحمن عمر السقاف : نحن اليوم نسير في اتجاه أن نتشكل كشعب واحد .
قال بأن الثورة أوجدت حالة وطنية لم تشهدها اليمن من قبل
نشر في الاشتراكي نت يوم 22 - 12 - 2011

ألقى د. عبدالرحمن عمر السقاف سكرتير الدائرة التنظيمية للحزب وعضو المكتب السياسي محاضرة في مقر منظمة الحزب بتعز عصر يوم الثلاثاء الماضي , والتي حضرها جمع من شباب وكوادر الحزب بالمحافظة .
وتناول السقاف في محاضرته القيّمة قضايا عدة منها الثورة الشبابية الشعبية والحراك السلمي في المحافظات الجنوبية ومسارات العمل السياسي وصولاً إلى مآلاته الراهنة .
وقد استهل السقاف في بداية حديثه بلفت انتباه الحاضرين إلى أحداث مهمة برزت في الآونة الأخيرة و استعرضها في الآتي :
الحدث الأول : العملية السياسية للانتقال السلمي للسلطة .
الحدث الثاني : الصراع المسلح الدائر في شمال الشمال والذي أخذ لبوساً طائفياً وهو في حقيقة أمره صراعاً سياسياً بين الإصلاحيين والحوثيين كما في حجة والجوف .
الحدث الثالث : أحداث تدور في الجنوب , أحدهم يتعلق بالقضية الجنوبية , ومحاولات متعددة ومتكررة لإيجاد حامل سياسي يحتكر هذه القضية , و احتلال من يسمون أنفسهم ب "أنصار الشريعة" لأجزاء في أبين ( زنجبار وجعار) ومحاولاتهم في توسيع حضورهم باتجاه عدن ولحج ودخول الجيش في مواجهة تلك الجماعات .
الحدث الرابع: الاغتيالات التي تبرز بين حين وآخر والتي تستهدف قيادات في القوات المسلحة وأجهزة الأمن .
الحدث الخامس : ما تشهده محافظة تعز ومحاولة تحويلها إلى بؤرة للصراع , مع دخول الاستقطابات الحادة لعدد من القوى التي لم تتبلور سياسياً بشكل واضح فيها وكذلك محاولاتهم الدخول إلى البيضاء .
الحدث السادس : مظاهر للفوضى وسقوط القانون , حيث تسعى هذه الفوضى لإسقاط سلطة القانون وهو ما يعني سقوط الدولة .
وفي معرض حديثه أكد د. السقاف على حقيقة الترابط العضوي بين هذه الأحداث, فلا يمكن النظر إليها على أنها أحداث مجزأة , بل هي مترابطة ارتباطاً عضوياً في إطار الأحداث المتعددة والمتصارعة في اليمن .
وأشار إلى أنه يمكن إعطاء جملة هذه الأحداث طابعاً واحداً وهو نابع عن حالة الاستقطاب بين الأطراف المتصارعة أو القوى التي تسعى لبناء تحالفات جديدة على قاعدة تفكيك تحالفات قائمة.
ورأى د. السقاف : أن هذه الأحداث مجتمعة مترابطة لأنها تحصل في بلد واحد , وهي ليست معزولة عن السؤالين التاليين :
السؤال الأول : من هي القوى التي ليس لها مستقبل استراتيجي وبالتالي ستعمل بكل جهدها على مكافحة مستقبل هذا البلد لأنها ستكون عندئذٍ مغيبة بحكم طبيعتها المضادة للمستقبل ؟
أو بصيغة أخرى : هل هناك قوى لها مستقبل استراتيجي ؟
أما السؤال الثاني : من هي مجموعة القوى التي يُنتظر منها أن تقوم بأحداث جسيمة , أما أن تكون أحداث ايجابية أو سلبية ؟؟؟ بمعنى أن تمتلك تلك القوى القدرة على دفع العجلة إلى الأمام باتجاه التغيير المنشود أو إيقافها والارتداد بها بصورة مضادة .
وفي سياق الإجابة عن هذين السؤالين فيما يتعلق بالحزب الاشتراكي أثار د. السقاف تساؤلاً عن أين هو موضع الحزب من هذين السؤالين ؟؟
ومضى قائلاً : نحن اليوم في اليمن نسير في اتجاه أن نتشكل كشعب واحد , يتأسس كمواطنة متساوية , وثمة أعمال تهدف إلى عرقلة هذا التشكل , ملمحاً إلى أن هناك قوى يمكن لها أن تتولى القيام بهذه الأعمال, مؤكداً في ذات السياق إلى أهمية الموقع الجيوستراتيجي لليمن الذي يتداخل مع مصالح الأمن العالمي ويجد موقعه الاستراتيجي في حالة من التماس مع الصراعات الإقليمية والدولية , وهو ما بات مؤثراً على مجرى الأحداث .
ووصف د. عبدالرحمن السقاف ما يحدث في بلادنا من ثورة شبابية شعبية بالحدث السياسي الأكبر لأنها حدث ذات سعة اجتماعية واسعة تشترك فيه مختلف الفئات والطبقات بمختلف أطيافها وتلاوينها ومصالحها بما تمثله من قطاعات عريضة من المجتمع وقواه المتعددة بمشاربها وتطلعاتها المتنوعة .
ونوه إلى أنه ولكي نفهم طبيعة الأوضاع اليوم علينا ألا نقفز على التاريخ , إذ ينبغي أن نأخذ جانب التسلسلي , موضحاً أن هناك نقاط هامة عملت على تحول كبير في المسار السياسي التاريخي الراهن وهي :
نقطة التحول الأولى :
الصراع الحاد على السلطة والذي نشأ بعد عام 1997م . فقد كان هذا الصراع ينحصر في القوة القابضة على السلطة والمتنفذة اقتصادياً وهي القوة التقليدية التي تستند على أبعاد مناطقية وقد كان مشروع التوريث هو مفجر هذا الصراع , بل أوصله إلى أخذه مسارات حادة منذ خروج حزب الإصلاح من السلطة وانتقاله إلى صفوف المعارضة والسيطرة الكاملة من قِبل المؤتمر الشعبي العام على مقاليد الحكم .
إن الذي جرى في هذه المرحلة من صراع بين القوة القابضة على السلطة و النافذة اقتصادياً وصاحبة للملكية الخاصة , إلى درجة تصل إلى الاحتكار الكلي, قد ولد تأثيراً كبيراً على طبيعة التطورات السياسية وتمثل ذلك بخروج حزب الإصلاح من السلطة موسعاً بذلك قاعدة المعارضة بانضمام هذا الحزب إلى أحزاب مجلس التنسيق مما أدى إلى تشكل كيان جديد للمعارضة سمي باللقاء المشترك .
وأضاف السقاف قائلاً : لقد تطور النشاط السياسي للمشترك من التنسيق في المسائل المتعلقة بقضية الانتخابات النيابية والمحلية إلى الاصطفاف في برنامج مشترك والذي تمثل بمشروع الإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل الذي تم التوقيع عليه في ديسمبر 2005م كما أتذكر , وكان لحزبنا دور كبير في تمتين العلاقات المشتركة في أحزاب اللقاء المشترك والتطوير والإسهام الفاعل في توجيه مسار الصراع السياسي في الاتجاه الذي يرتبط بالتطلعات السياسية للشعب , ويمكن ملاحظة ذلك وهذا رأيي الشخصي يقول السقاف بأن " الحزب لم يصنع الأحداث ولكنه تفنن في توجيه الأحداث في جعلها تتحرك في المسار التاريخي للبلد ."
مستطرداً بالقول : لا بد لنا من ذكر تحول نوعي آخر جرى في النشاط السياسي لأحزاب اللقاء المشترك وهو ما تجلى في توسيع قاعدة التحالف باتجاه تشكيل لجنة الحوار الوطني والتي أتت لتضم فئات اجتماعية جديدة كالتجار وأصحاب رؤوس الأموال التي كانت السلطة تستند عليها وباتوا هؤلاء ضمن القوى التي تتوق إلى فعل التغيير أنتج عن ذلك برنامج أرقى من برنامج اللقاء المشترك السالف الذكر سمي هنا ببرنامج الإنقاذ الوطني .
منوهاً في ذات السياق إلى أنه من الظلم أن ننظر بمنظورات الوعي الاعتيادي اليومي الذي لا يساعد إلا إلى النظر للشكل الظاهري والذي يتبدى وفق هذا الوعي المحدود أن طبيعة الصراع القائم هو صراع من أجل السلطة , لكنه في حقيقة الأمر صراع أوجد حالة توازن قوى, جعلت من هذه الحالة تسير بالبلد نحو التغيير الحادث .
نقطة التحول الثانية :
يذكر السقاف أنه في تاريخ 7 / 7/ 2007م ظهر حراك سياسي جماهيري واسع في الجنوب وقد كان هذا الحدث يشكل بداية لخروج الصراع السياسي من أيدي النخب السياسية ويبتعد عن أن يكون منحصراً في هموم ومصالح طبقية أو فئوية اجتماعية معينة إلى انفتاح على مصالح الشعب الملموسة سميت فيما بعد بالحراك السياسي السلمي "الجنوبي" وبالتالي لنا أن نتعرف يقول السقاف على الحراك السلمي في سياقه التاريخي والسياسي حتى نتمكن من فهم قيمة معطياته ومنجزاته ومن ذلك :
الحراك الجنوبي تجاوز لأول مرة تقييد الحكومة للاعتصامات والمسيرات وأسقط حاجز الخوف وأعطى نموذجاً للتضحية بالنفس ومجابهة الرصاص بصدور عارية , وكان أبرز من قدم هذا العطاء هم الشباب , وقد تفوق الحراك بسلميته أخلاقياً على جلادي الشعب واكتسبت الشهادة معنى جديداً في مواجهة الظلم والاستبداد " والاستعمار الداخلي " ومثل أولئك الشباب فعل الشباب في المحافظات الشمالية من أجل التغيير ومن أجل انجاز حالة وطنية جديدة .
أدى الحراك إلى وعي جديد بمعنى المكانة التي يجب أن يكون عليها الجنوب في إطار الوحدة اليمنية من خلال رفض الحراك للصيغ السياسية الرسمية ولسياسات أحزاب المعارضة التي كانت مترددة تجاه هذه القضية من منظورات أيديولوجية وعاطفية تجاه الوحدة , وطالبت "الجنوبي" في البحث عن الحلول لمشكلاته متمركزة حول الوحدة ومنفصلة عنه وعن مشاكله الحقيقية. كما رفض الحراك على هذا الصعيد أن يُجبر المواطنون على تفسير مشكلاتهم الخاصة من منظور مشكلات مواطنين آخرين تختلف مشاكلهم عنه , ما كان سيؤدي في الأخير وبشكل حتمي إلى تفسير مشكلاته منفصلة عن واقعهم المعيش , هذا النوع من الآراء يضيف د. السقاف أجبر قيادات الحراك في أكثر من تصريح سياسي "على الإصرار أن ينظر الجنوبيين إلى ذواتهم في حاضرهم دون أن ينسوا ماضيهم في جهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تلك التي تمثلت مكاسبها فيهم وهو كما أرى في رفع علم اليمن الديمقراطية الشعبية ترميزاً لهذا الموقف الآن , ومن ناحية أخرى أجد أن في الخطاب السياسي في ميادين وساحات التغيير أن هذا الأمر مستوعب من قبل الشباب بشأن القضية الجنوبية في مراكز ثقل القوى الشبابية في كل من مدن تعز وصنعاء وإب والحديدة وذمار والبيضاء, في تأكيدهم على حل القضية الجنوبية حلاً عادلاً ومنصفاً , بل وأضافوا عبارة بليغة المعنى وذات مغزى سياسي ووطني وأخلاقي بقولهم : " أنهم يؤيدون كل ما يقبل به الجنوبيون وما يرضوا به لأنفسهم مع حرصهم على أن لا يجعل الجنوبيون في خياراتهم انعكاساً انفعالياً كردات فعل لمواقف السلطة الاستبدادية تجاه الجنوب "
فرض الحراك بعد ظهوره في 2007 على جميع الأحزاب بمختلف تلاوينها تداعيات في حياتها الداخلية وأخرى أثرت على مكانتها في المجتمع ما حدا بها إلى إعادة النظر في القضية الجنوبية .
هكذا يمكن لنا يوضح السقاف أن نفهم بان الحراك السياسي السلمي في الجنوب هو السياق الذي تولدت منه ثورة الشباب , وبرأيي الشخصي وكوني متخصص في علم التاريخ , لا يمكن الفصل بين الحراك في معطياته والثورة الشبابية فالعلاقة بينهما علاقة مفصلية, وكلاهما نجاحا في أن يشكلا خطاً يفصل بين زمنين في اليمن وبالإمكان معاً أن يخلقا حالة وطنية جديدة في هذه البلاد .

نقطة التحول الثالثة :
الثورة الشبابية الشعبية : يبدأ السقاف بإثارة تساؤل حول :
ما الذي أنجزته الثورة الشبابية الشعبية ؟
ويجيب بالقول: هناك ثمانية قضايا أساسية أنجزتها الثورة الشبابية الشعبية في اليمن وهي قضايا متشابهة مع ما أنجزته ثورات الشباب في الوطن العربي , وفي ما أسرده الآن يقول السقاف صدى من رؤية سمير أمين وبرهان غليون وتتمثل في الآتي:
-أعادت الاعتبار للسياسة من حيث أنها فعل اجتماعي جمعي وليس خاص بالنخب. لقد كنا نلاحظ في بلادنا أن الناس يغادرون السياسة بل أن مشاركتهم في الدورات الانتخابية السلطوية كان يتراجع مرة بعد أخرى . لأن الناس كانت قد يأست ولم تكن تناقش هكذا أمور .
-ولم تجعل من السياسة نفسها تعبر عن مصلحة فئة أو طبقة معينة بل جعلت منها مدخلاً للحداثة والتغيير والمدنية .
-جعلت من السياسة فعل اجتماعي ثقافي وفر شرط تسييس الناس , واستطاع أن يدخل الناس إلى السياسة عبر مداخل ثقافية , فأصبحت ساحات وميادين الحرية والتغيير أمكنة للحرية وممارسة الثقافة والتثاقف الحي , وهذا الفعل بالذات ما تميزت به الثورة في اليمن عن باقي الثورات الحاصلة في باقي البلدان العربية.
-ثم كانت الثورة هي تاريخية لأنها لم تأتي من فراغ , لم تأتي كطفرة , أو حالة وجدانية, بل اكتسبت صفة التاريخية , و أتت عن تراكم تاريخي.
-أوجدت حالة وطنية جديدة لم تشهدها اليمن من قبل, وذلك في تواجد الناس في الساحات دون أن ينشأ عن ذلك أي فرز سواء أكان طبقياً , أم طائفياً أم مناطقياً أو قبائلياً , ومن هذا المنطلق ينبغي المحافظة على هذه الحالة الوطنية الجامعة . خاصة إذا أدركنا أن هناك مخاطر تواجه هذا المنجز تأتي من خلال بعض الاستقطابات التي تشهدها الحالة السياسية اليوم في اليمن وكنا قد أشرنا إليها في بداية الحديث.
-علاقة حوارية بين التثقيف والتسييس في الأنشطة التي تتم في الساحات مثل ما يقام من أنشطة متعددة كإقامة ندوات فكرية وسياسية ومحاضرات يسهم فيها أكاديميون وإقامة معارض للفنون التشكيلية والرسوم الكاريكاتورية .
-عبرت عن صورة من صور محاولات الشعب لاستعادة السيادة على مصيره , أي أنه لم يعد يقبل ممارسة الوصاية بل يمارس السياسة بشكل مباشر وموسع, حيث مثلت ساحات وميادين الحرية والتغيير والشهداء بمسمياتها المختلفة والاعتصامات التي تتم فيها صورة مصغرة عن هذه الحالة .
-إلى ذلك ترافق مع مسيرة الثورة الشبابية تراجع كبير وعدم قدرة للسلطة والفئات التي تتاجر بالدين في استخدامه وتسخيره في خدمة السياسة . وساهمت في السقوط مريع لخيار تسييس الدين , عندما استخدم الدين لخدمة السياسة ومن أمثلة ذلك : أولاً في حوارات الشباب مع علماء الدين , ثانياً : عندما أقيم مؤتمر لرجال الدين بغية إعطاء رأيهم بشأن ما يجري تحت رعاية السلطة , وثالثاً : انبراء علماء آخرين للانحياز لتطلعات الشعب , ما أدى بالنتيجة إلى تمزق هذا الخيار .
وبعد أن تناول د. عبدالرحمن السقاف تلك النقاط التحولية انتقل إلى توضيح ثلاثة مواقف تجاه الثورة في اليمن مستعيناً بأحد الكتاب اليساريين الذي لم تحضره ذاكرته حيث قام بإيضاحها في الآتي:
الأول : هناك من تعامل بعقلية إرادوية معتبراً الثورة نوعاً من الانقلاب, ومن هذا الأمر يتضح أن هناك قفزاً على الواقع الموضوعي, إذ يرى أنه ينبغي أن يحدث الفعل الثوري دفعة واحدة بدون تمهدات , وتوسطات سياسية ثقافية ومجتمعية ومؤسسات دولة .
الثاني : وهناك من ينظر لها بنظرة رومانسية متخلية ؛ باعتبارها تفضي وفوراً إلى حالة جديدة وعالم كامل ونظيف من غير مشاكل .
أما الموقف الثالث : فهناك من يحمّل الثورة أكثر مما تحتمل في اتجاه تصريف مساراتها في غير أهدافها وينبه السقاف على أن هذا الموقف هو الأخطر, موضحاً : هناك خلط يجري بين المطالب والأهداف وإحلال المطالب محل الأهداف , واعتبارها هدفاً نهائياً, فبالنسبة لبلدنا مثلاً فإن المطالبة بمحاكمة الرموز العليا للسلطة ,هو مطلب, انصرفت إليها القوى الشبابية ولم تركز بالقدر الذي يستحق من الاهتمام الهدف الحقيقي المتمثل في بناء الدولة . مع أن انتصار الثورة يضيف السقاف يعني بشكلها المتحقق والأكمل : تحقيق تحول جذري في علاقات القوى الاجتماعية وإعادة صياغة المصالح الاجتماعية العليا للشعب .
ثم تطرق بعد ذلك إلى ما ينبغي أن يكون في الخطاب السياسي الشبابي, وهو بحسب السقاف ألا يغفلوا التوجه المباشر إلى الشعب من خلال تبني القضايا التي تلامس همومهم المباشرة وعدم نسيان ما يتعلق بتفاصيل الحياة المعيشية اليومية ومثل ذلك : مناقشة الطرق الأمثل والأصوب التي تساعد على توفير متطلبات ضرورية وملحة كالغذاء, الحد الأدنى للأجور , التعليم , الصحة , وحق الإنسان في العمل ومواجهة البطالة ؛ باعتبار البطالة ليست مجرد فقدان للعمل بل هي ممارسة للظلم و الإقصاء والتهميش بحسب رأيه.
في مثل هذه القضايا يضيف السقاف ينبغي على الشباب في خطابهم أن ينصرفوا إليها , محذراً في ذات السياق من ممارسة السياسة من زاوية المثقف التنويري فهذه مشكلة وستعمل على صنع فجوات بين الشباب و بين الشعب .
مستدركاً في القول : لابد لنا إذن من إعادة صياغة خارطة المصالح العليا للشعب و نبدأ بما يتصل بمعيشته في حياته اليومية أولاً .
ثم انتقل بعد ذلك إلى استعراض الأداء السياسي للمشترك , ملفتاً الانتباه إلى أن العمل السياسي جنب البلد الدخول في خيار العنف؛ باعتبار أن هناك أبعاداً موضوعية تتوفر في مجتمعنا يمكن أن يساعد على انزلاق البلاد إلى حرب أهلية فيما لو تم التعاطي معها بخفة وحمق منها :
-التركيبة الاجتماعية ذات الطابع المناطقي والطائفي .
- أبعاد أيديولوجية ومذهبية , بالإضافة إلى البعد الطائفي الذي يسهل إثارته, حيث برز خطاب يستدعي تلك الأبعاد في الحديث عن الشافعية والزيدية والحوثية والوهابية وغيرها مع ملاحظة مؤشرات على تدخلات إقليمية بهذا الشأن , ينبغي ألا نغفلها .
-وهناك مخزون نفسي وثقافي لدى كل طرف ولاعب سياسي تجاه الآخر نتيجة لما نتج من آثار ورواسب عن الصراعات القديمة, لابد من تجنب إثارتها.
-يجب ألا نتعامل مع الجزء المتبقي من المؤتمر الشعبي العام والموجود الآن ضمن حكومة الوفاق الوطني من منطلق هذا المخزون , بل ينبغي أن نتعامل مع هذا الأمر آخذين بعين الاعتبار توازن القوى السياسية .
وتطرق بعد ذلك إلى أن الخط السياسي للحزب هو النضال السلمي نحو انجاز المصالحة والتسامح عبر تحقيق العدالة الانتقالية. مؤكداً على رفض كل أشكال العنف وعسكرة الثورة , ورفض سياسات الاستقطابات أو الانجرار وراء ما تمثله بالإضافة إلى رفض تعميق الخلافات بين القوى السياسية , في مقابل التأكيد على التوافق على المصالح العليا أولاً.
وفي هذا الإطار تناول د. السقاف عملية الانتقال السلمي للسلطة التي قال بأنها تأتي ضمن صفقة تاريخية في سياق المساومة التاريخية , مفرِّقاً في هذا الصدد بين الصفقة السياسية المجردة التي تهدف إلى تحقيق مكاسب ذاتية على حساب مصالح المجموع , وبين الصفقة التاريخية القائمة على تبادل المكاسب على قاعدة تقديم التنازلات, والتي تغدو مساومة تاريخية تستند على القاعدة الشعبية , موضحاً أن هذه المساومة التاريخية أتت كنتيجة لتوفر شروط موضوعية أهمها : توفر السياق الدولي لما بعد الحرب الباردة وقد تم الاستفادة منه في التعويض عن الاختلال الداخلي ليكون في صالح التغيير الايجابي, وبناء التحالفات الداخلية الموسعة على أساس المصالح السياسية بعيداً عن الأيديولوجية فقد منح فرصاً لنمو قوى التغيير, والقبول بعدم المساءلة كما وردت في المبادرة الخليجية كان ذلك من أجل تعطيل كل العوامل المثيرة للدفع باتجاه حرب أهلية , وكان أيضاً لصعوبة الحسم الثوري وكلفته الإنسانية وهو ما أدى للتعاطي بتكتيك "الكسب بالنقاط " حيث لا إمكانية مطلقاً لما يسمى بالضربة القاضية لكلا الطرفين .

ورأى أنه ينبغي المحافظة على هذه المساومة التاريخية وذلك بدعمها بتأسيس كتلة شعبية.
مختتماً بالقول : نريد أن نبقى في قلب هذه التوازنات التاريخية من خلال تأكيدنا على تحالفاتنا السابقة , وعدم الاصطدام مع الأطراف المختلفة داخل هذه التوازنات, والتمثل بالشرعية الوطنية المركبة من قضيتين هامتين هما :
حل القضية الجنوبية .
بناء دولة مدنية حديثة , من خلال شكل آخر غير الشكل البسيط للدولة , يستوعب كل خيارات الشعب في إطار فيدرالي , منبهاً على أنه من الأهمية بمكان من الناحية التكتيكية في المسار السياسي خلق بدائل ممكنة وخيارات متعددة.
رؤيتنا للقضية الجنوبية وبناء الدولة المدنية الحديثة:
وعند حديثه عن القضية الجنوبية ذكر د. عبدالرحمن السقاف مجموعة من الأسس المبدئية ومنها :
- لابد من الإقرار بأنه من غير الممكن إعادة عجلة التاريخ للوراء, لابد من معالجة القضية بأفق مستقبلي .
- أصبحت العولمة مؤثرة في العالم وبالتالي فإن الحقائق الدولية تتشابك مع الظروف والخصائص المحلية . وقد " نقضت العولمة كحركة نشطة في التاريخ ورأس المال مفهوم الدولة الوطنية أو القومية الإقليمية فتآكلت سيادة هذه الدول" بحيث لم يعد الخارج بعيداً ولم يعد يخترق الدولة من خلال قنواتها الرسمية بل عبر منظمات وجهات أخرى. ولهذا صار النظام الدولي اليوم نظاماً عالمياً قائماً على الوحدات الجغرافية الإستراتيجية ما فوق القومية .
- في تجربة الوحدة اليمنية : لم يتم التفكير عند انجاز الوحدة البحث في الفوارق بل انصب الاهتمام في البحث عن التجانس ولابد اليوم بعد تجربة ما يزيد عن عقدين من الوحدة الأخذ في الاعتبار العناية بالفوارق وهو ما يلزم اليوم الخروج إلى منطق العمل في البحث عن الدولة التي تجمع الجميع وتوفر للجنوبيين مكانتهم السياسية ومصالحهم الاقتصادية وكرامتهم في سياق ديمقراطية تشاركية توافقية .
- اليمن سواء كان شمالاً أم جنوباً كل لوحده لا يبنى على فرض الوحدة وحدها , كما كل شطر فيه لا يبنى بأعمال ضد الوحدة , وما يستجيب لحل هذه الإشكالية هو " وطنية دستورية تقوم على شرعية وطنية مركبة تجمع بين مسألتين :
بين المساواة الفردية . ( المواطنة المتساوية )
المساواة الجمعية ( من خلال الاحترام المتساوي للجماعات الجهوية ) .
- حل القضية الجنوبية يعتبر أمراً محورياً ومركزياً.؛بل أنه يشكل مدخلاً ضرورياً لعملية التغيير المنشود .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.