من رحم هذه الأرض الطيبة .. المعطاءة.. جاء علي عبدالله صالح في لحظة تاريخية سخرها للوطن القدر.. لحظة كان كل شيء فيها ينذر بالخطر.. ويحمل فأس القسوة .. جاء ليضع رأسه على كفّيه.. ولنضع أيدينا على صدورنا .. من المصير والمجهول المرتقب..!!!. لكن الرجل وبكل شجاعة .. حمل الأمانة والمسؤولية .. وتقدم بثبات وإرادة .. وشجاعة .. فيما أصداء من ما قاله المتنبي ترددها جبال اليمن الشماء: وكل شجاعة في المرء تغني ولا مثل الشجاعة في الحكيم لقد جمع علي عبدالله صالح بين الشجاعة والحكمة، فالشجاعة تظهر عند المخاطر الكبرى، وهي التي تقود إلى النجوم.. والحكمة تعني التمسك بحبال الصبر.. قال الشاعر: إن الحكيم إذا ما فتنة نجمت هو الذي بحبال الصبر يتمسك فكانت توأمة الشجاعة والحكمة هي التي دفعته ومدّته بشحنات اعمل والعطاء الجميل، ومضت به ليقود سفينة الوطن بمهارة واقتدار وسط كثير من الأمواج العاتية.. والرياح العاصفة.. التي اعترت دروب الوطن، وكادت تفتك به. قال الشاعر: إن الرجال صناديق مقفلة وما مفاتيحها إلاَّ التجاريب وقد أثبتت الأيام، والشهور، والسنوات في «روزنامة» الوطن اليمني أن الأخ الرئيس قد صقلته التجارب.. وأظهرت اكثير من بريق معدنه النفيس كرجل قيادي من الطراز الأول.. ثم كإنسان يتحلى بقيم وأخلاقيات ومشاعر قلما تجتمع في قائد، وهو الأمر الذي أحبذ أن أقف عنده قليلاً. إن في صفاته العفو والتسامح، والتسامح جزء من العدالة، وهي كما قال عنها جواهر لال نهرو: «النفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تسامح». وقديماً قالت العرب: «من عفا ساد، ومن حَلُم عَظم» ولا شك أن العفو عند المقدرة من شيم الكرام، قال الشاعر: العفو أحسن ما يجزي المسيء به يهينه أو يريه أنه سقطا والعفو والتسامح ليس ضعفاً كما يعتقد البعض؛ ولكنها من رجاحة العقل. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «أعقل الناس أعذرهم للناس». وهي فوق هذا وذاك من الدين والإيمان، قال تعالى: «وليعفوا وليصفحوا، ألا تحبون أن يغفر الله لكم» صدق الله العظيم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أتاه أخوه مشتغلاً - أي معتذراً - فليقبل ذلك محقاً كان أو مبطلاً». وهكذا كان ديدنه فخامة الأخ/علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية مع الذين ناصبوا الوطن العداء، بل مع الذين أساءوا إليه شخصياً؛ وكأنه يريد أن يقول لهم المثل الإنكليزي: «أشرف الثأر العفو».. أو يقول لهم كما قال ابن جلدته الشاعر المقنع الكندي: ولا أحمل الحقد القديم عليهم وليس رئىس القوم من يحمل الحقدا لقد قال ذات يوم المهاتما غاندي: «إذا قابلت الإساءة بالإساءة» فمتى تنتهي الإساءة؟!. ولذا أدرك ويدرك الأخ الرئيس أننا في هذا الوطن جميعنا نركب سفينة واحدة، وأن مجاديف أو شراع هذه السفينة هي العفو والتسامح والترفع عن الصغائر.. قال المعري: ولو أني أحببت الخلد فردا لما أحببت بالخلد انفرادا فلا هطلت عليَّ ولا بأرضي سحائب ليس تنظم البلادا ولعل أعظم مظاهر العفو والتسامح في مسيرة وحياة الأخ الرئيس؛ بل في التاريخ هو إعلان قرار العفو أثناء وبعد حرب صيف 1994م، مع أولئك الذين أرادوا العودة بالوطن إلى زمن التشرذم والشتات.. وهو القرار الذي أعتقد أنه لا يقل شأناً عن فوهات البنادق التي ثبتت دعائم الوحدة اليمنية المباركة.. وحققت النصر. فقرار العفو كان مثل أشعة «إكس» اخترقت بقوة تلك الظلمة التي أحاطت به قوى الشر والانفصال قمر الوحدة الجميل، فعرّى النوايا الخبيثة.. وأعاد الجميع من جديد إلى الدرب الصحيح.. فصفت القلوب، وتشابكت بقوة أيادي سبأ. إن علي عبدالله صالح من رحم هذه الأرض الطيبة التي لا تقبل إلا طيباً.. لذلك مضى معها، ومضت معه؛ في تناغم بديع، .. وخطوات واثقة.. من نصر إلى نصر، ومن أمن إلى استقرار.. ومن رخاء إلى رفاهية.