لا يختلف اثنان في كون الوحدة الوطنية صمام أمان الحاضر والمستقبل، وأنها أعظم منجز يمني إلى اللحظة هذه على الإطلاق، ولا تحتاج إلى تطبيل ومزايدات وخطب وبراويز ومدائح وبكائيات، بقدر ما تحتاج منا جميعاً إلى التفاني في العمل والإنتاج والإبداع والتنمية المدروسة واقعياً.. واستنبات المشاريع الاستثمارية الوطنية الصغيرة منها والكبيرة لكي تستوعب إبداعات وطاقات وحاجات الإنسان اليمني، وتمتص في الوقت نفسه البطالة المتزايدة لتقي المجتمع اليمني الفرص السانحة للمتربصين به وبوحدته الوطنية إن وجدوا في الداخل أو الخارج. كنت أتمنى على جامعة عدن لو أنها وجّهت الندوة التي أقامتها على استعجال حول «الوحدة الوطنية.. صمام أمان المستقبل» باتجاه دراسة وتشخيص التحديات الواقعية والآنية التي تواجهها سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية، وتستثمر من قبل الفرقاء في الداخل أو المتربصين فيها من الخارج، والسعي الصادق للتقييم ومن ثم جدولة الحلول والمعالجات المناسبة لتلك التحديات، بعيداً عن المجاملات والتلميع أو الاستهلاك الوقتي، لأن ثمة واجباً وطنياً يحتم علينا توجيه الإمكانات والجهود والقدرات فيما يفيد الوحدة الوطنية ويقوي ثباتها ورسوخها وقيمتها في حياة الناس البسطاء ومعيشتهم اليومية. تصبح وتغدو الوحدة الوطنية صمام أمان للمستقبل متى ما سعينا بجد وإخلاص إلى معالجة وإزالة كل التشوهات والتحديات والاختلالات التي تضرها وتعيق طريقها في الحاضر، وحافظنا على مقدرات وإمكانات مؤسسات الدولة باتجاه التفكير الحيوي والبناء النوعي للإنسان والمشاريع، ومن ثم خلق تنافس وطني بين المؤسسات لخدمة التنمية والإصلاحات الجذرية، وتطوير آليات التشخيص والتدريب والتأهيل والعمل والتنفيذ، وفتح آفاق جديدة ورحبة أمام القيادة السياسية والحكومة لتبني الحلول والمعالجات، ودعم وتشجيع المبادرات الوطنية البناءة، والمشاريع الاجتماعية المقترحة التي أفرزتها الندوات والورش والمؤتمرات وضمنتها الصورة الحقيقية للواقع المعيشي والخدمي للمجتمع. وتلك ستكون أعظم وأهم المساعدات الوطنية للحكومة لتعمل عبر مؤسساتها على مواصلة الإصلاحات ومحاربة الفوضى ورفع وتيرة الوعي الوطني اللازم لمحاربة واجتثاث الفساد الإداري الذي عطل الإمكانات وأعاق القيادة عن التغيير المطلوب، ودفع عجلة التنمية الاجتماعية. لا أحد ينكر دور وتاريخ وحكمة الأخ الرئيس وإلى جانبه كل الخيرين في إعادة تحقيق الوحدة الوطنية، والحفاظ عليها، إذ لا يحتاج هذا التاريخ والدور المحفور في وعي الإنسان اليمني لمن يظهره ويلمعه، فهو معلوم وظاهر. وعلينا نحن في مؤسسات الدولة أن نتحمل المسئولية الوطنية بحقها ونوجّه الإمكانات والقدرات والبحث العلمي باتجاه تنمية وتطوير وازدهار المجتمع، وتحصين الوحدة الوطنية بالمصداقية والحفاظ على المال العام، والدخول في شراكة استثمارية مع المجتمع، بدلاً من تحويل مؤسسات الدولة إلى ورش لصناعة البراويز وتلميعها، وهذا مالا يريده الأخ الرئيس. تواجه وحدتنا الوطنية حزمة ثقيلة من التحديات، تؤثر وبشكل قوي وكبير على حياة المواطنين ومعيشتهم، ويتأثر وفق ذلك الضغط السلم الاجتماعي ومفردات الأمن والاستقرار، ونحتاج لمواجهتها إلى نضج مؤسسي، وثقافة ديمقراطية تتجاوز بنا نقطة الفوضى والارتجالية، وقوة القانون ولغة لتتغلب على لغة العضلات، ومقابلة الرأي بالرأي، والحجة بالحجة، والأزمات بالعمل وليس بشيء غير ذلك.