الهمجية والوحشية التي يتعامل بها الغزاة الصهاينة في حربهم الجديدة والتي تستهدف غزة الآمنة، وتوجيه قدر كبير من المعدات والقوى الاسرائيلية لضرب هذه المدينةالفلسطينية في محاولة يائسة لاسترداد انحطاط المعنويات والقدرات الاسرائيلية بعد الهزيمة النكراء التي منيت بها في حربها مع «حزب الله» اللبناني معركة «الوعد الصادق» التي جرت في «4/ 6إلى2006/7/12 م».وهرباً من الاختلالات والخور السياسي الذي يعيشه الكيان الصهيوني المحتل في دولتهم المزعومة التي قامت على أرض فلسطين الطاهرة، عملاً يفتقد الرؤية والحكمة إذا ما استثنينا جانباً الشعور الإنساني فليست هذه العملية هي الأولى وليست الأخيرة من نوعها فتاريخ الدولة الصهيونية مليء بالجرائم والهمجية منذ اللحظات الأولى لقيامها في 1948م وبهذه الأعمال تجرد الصهاينة من الجانب الإنساني منذ أكثر من نصف قرن من اليوم. ومايجري في «غزة»الفلسطينية معلوم لكل العالم، والصورة تعكس نوعية العمليات الحربية الجارية ضد شعب فلسطين الأعزل، والتي خلقت ضحايا بالمئات في هذه المجزرة البشعة على مرأى ومسمع من العالم أجمع.. العالم الذي لايحرك ساكناً، وأمام منظمة الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي اللذين لايحركان ساكناً أيضاً إلا ماكان من شأنه إعطاء شرعية دولية للقوى الاستعمارية لإذلال العرب والمسلمين وقهرهم واستئصال شوكتهم منذ قيام المنظمة الدولية في 1945م عام وحتى اللحظة. ومما لاشك فيه أن هناك تآمراً دولياً واسعاً للنيل من أقطار الشرق تلك الأقطار العربية والإسلامية التي شاءت الأقدار أن تبتلى بالغزاة والطامعين منذ دخول التتار والمغول بغداد وإحراقها سنة 656ه ومروراً بالحملات الصليبية المتتالية وانتهاءً بالاستعمار الذي عاشه الشرق عقوداً عدة في القرن العشرين الماضي، واحتلال الصهاينة فلسطين والاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق منذ سنوات خلت. وتأتي عملية ضرب غزة الصامدة في وجه الغزاة الطامعين بمخطط وإيحاء أمريكي وتنفيذ صهيوني لمجزرة بشعة ودون ضمير إنساني حي، أو رادع قوي لمنع الأعمال الإجرامية وقتل الأبرياء العزل من الأطفال والنساء والكهول أمراً مؤسفاً يعكس أمرين هامين. الأول: هيمنة القوة على الشعوب المغلوبة والوهن الذي آل إليه المجتمع الدولي الذي أضحى تبعياً أو مستكيناً ذليلاً أمام النوايا والاطماع للدول الكبرى وخصوصاً «الولاياتالمتحدةالأمريكية» التي أضحت في ظل النظام العالمي الجديد بعد سقوط الدب الروسي «الاتحاد السوفيتي» حاكمة العالم بدون منازع، والذي أكد صدق مقولة الرئيس جمال عبدالناصر في السبعينيات حين قال «ما أخذ بالقوة لايسترد إلا بالقوة». الثاني: الوضع الاسرائيلي الداخلي المتهالك والانهيار المعنوي والنفسي الذي تعيشه اسرائيل في الداخل وطال أعلى مستوياتها في القيادتين السياسية والعسكرية ليشكل ذلك مرحلة العودة الاسرائيلية إلى نقطة البداية تدريجياً والذي يرسم ملامح أفول دولة اسرائيل على الخارطة السياسية للعالم، بدليل التباين والتناقض الاسرائيلي القائم في سياستها الخارجية ومخاوفها التي بدت أكثر وضوحاً مع المحرقة الصهيونية في غزة، وطي ملف مطامعها في لبنان بعد أن تلقت درساً قوياً في جنوبلبنان على يد المقاومة اللبنانية فأسقطت من يدها مفردات الحوار والتهديد ضد هذا البلد العربي الشقيق الذي اعتبرته دوماً نصف كسرة الخبز المبتلعة منذ أكثر من خمسة عقود زمنية. ولعل مشروع استعادة الذات الصهيونية في «غزة» الذي دفعت به الولاياتالمتحدةالأمريكية القيادات الصهيونية لاسترداد الهيبة والاقتدار العسكري والسياسي الصهيوني الذي مرغت به المقاومة اللبنانية «في جنوبلبنان وفي مارون الرأس وجبل عامل... وغيرها» التراب اللبناني وأسقطت هيبة وأسطورة الجيش الذي لايقهر. ومع هذا كله تظل «غزة» الصامدة بكل مالحقها من الدمار والقصف الهمجي ورغم كل هؤلاء الضحايا من الأبرياء الذين سالت دماؤهم الطاهرة على الأرض الطاهرة تظل غزة صامدة لاتركع، تعودت تقديم مئات الشهداء وآلاف الشهداء بين حين وآخر.. دفاعاً عن الأرض والعرض والوطن والعقيدة، واستلهمت من شخصية الزعيم الفلسطيني المجاهد أحمد ياسين رحمه الله معاني الإباء والصمود والتضحية والفداء. إن على القادة الصهاينة اليوم أن يدركوا أنه ماضاع حق وراءه مطالب، وأن أحلامهم الواسعة النطاق بدأت تتهاوى وتتهاوى معها دولتهم القائمة على ثرى أرض مغتصبة، وأن عودتهم من حيث جاءوا أمر وارد لامحالة اليوم أو غداً، فقد اسقطت فرنسا من يدها «الجزائر» الشقيقة وخرجت منها بعد احتلال دام «132 عاماً» مابين «18301962م» وهذا شأن الاحتلال وشأن النضال سنة الله في أرضه «وتلك الأيام نداولها بين الناس». أما أبناء فلسطين الصامدون الذين جعلوا من النضال والجهاد أعظم الوسائل لتحقيق اسمى الغايات بالسيادة والاستقلال فهم يدركون جيداً أن دماءهم الزكية وهي تسيل على الأرض الطاهرة تروي الثرى فإنها تروي بذور الحرية والكرامة لتنبت في إثرها الحياة الكريمة وشجرة الحرية التي تنمو رويداً رويداً حتى تشب عن الطوق، وعندها تصبح فلسطين حرة مستقلة عندما يحين الموعد ويرونه بعيداً ونراه قريباً، فليكن الصمود والاستبسال والنضال دأب كل الشرفاء والابطال الميامين «الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومابدلوا تبديلا» وثقوا أن شمس الحرية لابد أن تنبلج ذات صباح فتنسل اشعتها الذهبية لتدخل كل دار وتعم فلسطين الطاهرة.. وطبيعتها أن تكون ثمرة تضحيات جسيمة وصمود واستبسال لأن الشعوب دوماً تنتزع الحرية انتزاعاً ولايهب الطغاة والمحتلون الحرية مطلقاً. «وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون» صدق الله العظيم. لن نبكي شهداءنا ولن نستكثر تضحياتنا مادامت ثمناً للحرية، ولندرك أن الشعوب تضعف من حين إلى آخر لكن إرادة الشعوب لاتموت، وموعدنا غداً.. أليس ذلك بقريب!! رحم الله شهداء غزة وكل شهداء فلسطين الذين خطوا ملامح النصر ونسجوا برود الحرية التي أوشكت أن تستكمل قالبها الموعود وما الله بغافلٍ عما يعمل الظالمون.