عقب عيد الفطر المبارك الماضي شهدت الأسواق المحلية حملة إغراق واسعة لأصناف مختلفة من الزبيب المستورد أدت إلى تكبد المزارعين المحليين المشتغلين بزراعة العنب وتجفيفه وبيعه في السوق المحلية خسائر فادحة نظراً لإقبال غالبية المواطنين على شراء الزبيب المستورد مستغلين رخص أسعاره. وهو الأمر الذي استدعى وزارة الزراعة والري إلى مطالعتنا بقرار منع استيراد الزبيب وذلك لتشجيع الزبيب المحلي على المنافسة ومنحه فرصة الرواج في الأسواق علاوة على الهدف الأسمى وهو تشجيع ودعم المزارعين، وهو القرار الذي استقبله مزارعو الزبيب بارتياح بالغ كونه سينهي سنوات من الخسائر المتوالية التي تكبدوها بسبب منافسة الزبيب المستورد. اليوم وبعد مرور زهاء الشهرين على صدور قرار منع استيراد الزبيب مانزال نشاهد أصناف الزبيب المستورد تعج بها أسواقنا المحلية على مرأى ومسمع السلطات المختصة والتي يبدو أنها تراجعت عن تطبيق هذا القرار بعد أن لمست أن حجم الإنتاج المحلي من محصول الزبيب لايستطيع أن يفي بحاجة الاستهلاك المحلي إضافة إلى أن أسعار هذا المحصول في ظل محدودية الإنتاج وزيادة الطلب ستكون مرتفعة جداً بحيث لايستطيع الكثير من المواطنين من ذوي الدخل المحدود الحصول عليه وهي أسباب جوهرية أعتقد جازماً بأنها كانت وراء تراجع السلطات المختصة عن قرارها الارتجالي الذي استند على «تصنيفة مابعد بذل القات» دون أن يستند على دراسات وإحصائيات دقيقة نابعة من حالة السوق المتعلقة بالعرض والطلب لهذا المحصول وهذه السلعة التي تشتهر بلادنا بإنتاج أجود أصنافها. وأنا هنا مع استمرارية استيراد الزبيب من الخارج مادام الإنتاج المحلي منه غير كافٍ للاستهلاك المحلي وإذا ما أرادت السلطات المختصة العمل على منع استيراد الزبيب مستقبلاً فإنها مطالبة أولاً بتشجيع المزارعين على إنتاج الزبيب ودعمهم ومنحهم كافة المزايا والتسهيلات الكفيلة بتوسيع نطاق الأراضي المزروعة بهذا المحصول وتقديم الاستشارات الزراعية التي من شأن العمل بها الحصول على إنتاجية عالية الجودة وبكميات وفيرة لضمان استقرار الأوضاع السعرية والتموينية وخصوصاً في موسم الأعياد الذي يكثر فيه الطلب على محصول الزبيب باعتباره السلعة الرئيسية العيدية الأولى في بلادنا في الريف والمدن ولابد هنا من إيجاد رقابة فاعلة على عملية البيع والشراء لهذه السلعة لضمان عدم التلاعب بأسعارها وفي المقابل تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية لمنع عملية تهريب الزبيب المستورد وهي حلول ومعالجات كفيلة بإنعاش إنتاجية وتجارة الزبيب المحلي والعودة بها إلى سنوات التميز التي ظلت سائدة قبل أن يفسدها فتح المجال أمام استيراد الزبيب من الخارج، ونتطلع إلى أن نشهد قريباً عودة الزبيب المحلي للواجهة بأنواعه العديدة والتي تلبي حاجة المستهلكين من مختلف الشرائح المعيشية.