بدأت أمس في المكلا أعمال«مؤتمر الصناعة مستقبل اليمن» وتحت شعار «صنع في اليمن» بحضور لافت لأكثر من 004شخص من رجال المال والأعمال والمستثمرين من دول الخليج وشرق آسيا بحضور مهندس النهضة الصناعية الماليزية مهاتير محمد. ويوم السبت الماضي كانت أكثر من«04»شركة ماليزية تحضر الندوة اليمنية الماليزية للاستثمار التي انعقدت في صنعاء وتم فيها مناقشة العديد من أوراق العمل المقدمة من عدة وزارات والهيئة العامة للاستثمار. الصناعة بوابة النهوض والتفوق لأي مجتمع من المجتمعات فهذه دول شرق وجنوب شرق آسيا رغم شحة مواردها الاقتصادية وفي مقدمتها النفط تحولت إلى نمور آسيوية اقتصادياً ورغم الهزة العنيفة التي شهدتها الاقتصاديات الآسيوية في منتصف التسعينيات إلا أنها استطاعت تجاوز هذه المرحلة بنجاح بسبب امتلاكها بنية صناعية قوية حافظت على توازنها الاقتصادي واستعادت عافيتها الاقتصادية واستطاعت ماليزيا أن تصل إلى المرتبة ال61عالمياً في النمو الاقتصادي. الدخل القومي لهولندا الدولة الأوروبية التي لاتزيد مساحتها عن 62514كم2 يزيد عن الدخل القومي لدول أفريقيا مجتمعة بمائة مليار دولار والدخل القومي لأسبانيا التي لاتزيد مساحتها عن 099.505كم2 ضعف الدخل القومي للدول العربية مجتمعة رغم ماتملكه من ثروات نفطية بالاضافة إلى التباين في نسبة البطالة في كلا الحالتين لصالح هولندا وأسبانيا التي تكاد تتقدم فيه البطالة بينما في الدول العربية والافريقية تتجاوز نسبة البطالة04%. أن تتجه الدولة والقطاع الخاص إلى الصناعة والاستثمار الصناعي وفي هذه المرحلة الفاصلة في تاريخ الاقتصاد العالمي يعني أن الحكومة والقطاع الخاص يقرآن المتغيرات الاقتصادية قراءة صحيحة فالاستثمارات بعد الانهيار الاقتصادي العالمي تبحث عن بيئة آمنة اقتصادياً للاستثمار وديمومته والابتعاد عن مخاطر البورصات والأوراق المالية ولايوجد ماهو أأمن من الاستثمار الصناعي مجالاً لاستيعاب مثل هذه الحركة المالية واليمن مازالت دولة بكر في مجال الاستثمار الصناعي والسياحي وتمتلك من المقومات مايجعل منها بيئة جاذبة لهذه الاستثمارات، فالموقع الاستراتيجي لليمن كنقطة اتصال بين الغرب والشرق وبين الشمال والجنوب وامتلاكها ساحلاً طوله لايقل عن 0022كم تتوفر فيها ثروة سمكية هائلة يمكن استغلالها استغلالاً أمثل في الصناعات السمكية.. وحسب المسوحات الجيولوجية فالمعادن الفلزية تنتشر في بطون الجبال اليمنية وهي بحاجة إلى من يستغلها ويستخرجها.. كما أن باطن الأرض مازال بعيداً عن الاستغلال وهو مايتطلب فتح الباب لمزيد من الاستكشافات في مجال النفط والغاز واستغلالها في صناعة البتروكيماويات وتوليد الطاقة الكهربائية. وتبقى أهمية الترويج للاستثمار الصناعي المعتمد بدرجة أساسية على المواد الخام المحلية لإحداث نهوض صناعي مستدام وبعيد عن مخاطر المتغيرات المالية والاقتصادية العالمية وقد بدأت ملامح هذا التوجه في التوسع في صناعة الاسمنت الذي كان حكراً على الدولة ودخل إليه القطاع الخاص بعدد من المصانع ودخول استثمارات عدة في استخراج الأحجار والرخام. أي استثمار كان صناعياً أوسياحياً وأي تنمية صناعية لايمكن أن تتحقق مالم تتوفر لهما البنية الأساسية والتي تبدأ بالتشريع القانوني الذي يوفر مزايا أفضل مماهو مطروح في الدول الأخرى ويوفر الحماية القانونية للمستثمر للاطمئنان على استثماراته عند أي نزاع أو خلاف تجاري وهو ماتحقق بصورة مميزة بشقه الأول حيث منح قانون الاستثمار مزايا عدة أهمها المساواة بين المستثمرين اليمنيين والعرب والأجانب وأعطى القانون الحق للمستثمر الأجنبي أوالعربي في شراء الأرض والمباني للاستخدام لأغراض الاستثمار والتملك وحرم القانون تأميم المشروعات والاستيلاء عليها ومنح القانون اعفاء الموجودات المستوردة لإقامة أوتوسيع أوتطوير المشاريع الاستثمارية من الرسوم الضريبية والجمركية والاعفاء من ضرائب الأرباح لمدة سبع سنوات وسبع سنوات اضافية للتوسعات رغم ما ألحقته هذه الاعفاءات من أضرار كبيرة في الايرادات وحرمان خزينة الدولة من الرسوم الجمركية والضرائب وتلاعب بعض المستثمرين في بعض المشاريع وتوريد بضائع بغرض التجارة تحت غطاء قانون الاستثمار. وفي الشق الثاني تم تأسيس المحاكم التجارية وهو مايعني اعطاء الاستثمار اهتماماً خاصاً بتوفير محاكم نوعية تتعامل مع القضايا التجارية وفق القوانين التجارية المحلية والدولية وبما يخدم الاستثمار ويحمي حقوق المستثمرين وتم اعتماد نظام النافذة الواحدة لتسهيل الاجراءات للمستثمرين إلا أن حجم التسهيلات التي قدمها المشرع اليمني للاستثمار بحاجة إلى إرادة تحمي القوانين وتعمل على تنفيذها بقوة الدولة وتضع الاستثمار والمخاطر التي تتعرض لها كقضية أمن قومي لاتهاون أو تساهل مع كل من يقف ضد أو يعرقل الاستثمار. صُنع في اليمن يحتاج إلى رؤية تحمل مشروعاً استراتيجياً وارادة سياسية تحمي هذا المشروع وتدفع باتجاه تنفيذه على الأرض.. صنع في اليمن يحتاج إلى بنية تحتيه تبدأ بشبكة طرق تمتد على طول اليمن وعرضه وخدمات الكهرباء والصرف الصحي والاتصالات وتحديد مناطق صناعية مهيأة ومجهزة بكافة الخدمات ولايحتاج المستثمر إلا إلى وضع الأساسات والبناء. صنع في اليمن يحتاج إلى قطاع خاص يمتلك ارادة قوية وادارة رشيدة حديثة وجهات حكومية تهتم بالصناعة والتصنيع وتمتلك من الخبرة والدراية مايؤهلها لخلق تناغم مع القطاع الخاص. صُنع في اليمن سيوفر مئات الآلاف من فرص العمل للعاطلين وسيقلص نسبة البطالة.. صنع في اليمن يمكنه استيعاب الرساميل اليمنية المهاجرة في انشاء شركات مساهمة عملاقة تحقق أرباحاً للمساهمين وتحقق نمواً اقتصادياً متميزاً لليمن. وكل نجاح نأمل تحقيقه في هذا المجال يبقى مرهوناً بنجاح التعليم في المواءمة بين متطلبات السوق والتنمية ومخرجات التعليم.