يأتي صلاح المجتمع من صلاح الفرد.. فإذا صلح الفرد صلحت أسرته وصلحت وظيفته وصلحت أعماله وأقواله، وإذا فسد الفرد أفسد معه كل شيء.. إذا صلح الفرد فإنه لايحتاج أن يكذب ليغطي عيوبه وقصوره وغباءه وقلة حيلته في إنجاز مايوكل إليه من مهام.. فيختفي الكذب ومايتبعه من نفاق وتدليس من ساحة العمل وبالتالي يختفي الدجالون والمضللون والمتسلقون فوق أكتاف الآخرين، لأنهم يعلمون أن الصدق سيكشفهم ويفضح أمرهم، فللصدق عدسات حساسة جداً تلتقط حركات المخادعين وأصوات المنافقين والمزايدين والفارغين. وإذا ساد المجتمع سلوك الصدق.. صدق الناس في أقوالهم وأفعالهم.. وتنافسوا في ميادين الإبداع والإنتاج.. فإذا بهم جميعاً يبدعون أو يقتربون من ساحة الإبداع.. لم يعد يشغلهم الكذب فيمن يمكر بالآخر أو يمتطي ظهر الآخر فالطاقة كلها أو جلها مسخرة للوصول إلى أعلى مستوى للإبداع وإظهار الجودة في الإنتاج، على مستوى الأسرة في البيت والمعلم في المدرسة والمزارع في الحقل وعلى مستوى العمال في المصانع والمؤسسات العامة والخاصة إن استطعنا القضاء على آفة الكذب خلال الخمس سنوات القادمة، فنكون قد خطونا أعظم خطواتنا على الإطلاق في المجال الاقتصادي والتعليمي والسياسي.. ثلاثة مجالات إن اختفى الكذب في مجالها.. نكون قد قطعنا أعظم مرحلة وحققنا أعظم إنجاز.. فهل نستطيع أن نبدأ من هنا؟ فلماذا يكذب الموظف ويكذب العامل ويكذب المدير والوكيل والوزير إلاَّ إذا كانت آفة الكذب صارت معدية مثل مرض الطاعون وانفلونزا الطيور والخنازير؟!ألا يوجد قانون يمنع الكذب؟ ألا يوجد عرف يمني أو عربي أو إسلامي يمنع الكذب؟.. هل بقي شخص لايكذب على رئيسه أو مرؤسيه؟؟ على مديره أو على أصحابه؟ وعلى أبيه أو أبنائه؟ على زوجه أو إخوانه؟ هل وجدتم بائعاً لايكذب؟ ألا تظنون معي أن آفة الكذب مسئولة إلى حد كبير عن إعاقة التنمية في بلادنا وعن إعاقة التعليم والتربية والأخلاق الحميدة. إن الصدق ينادينا مع إشراقة كل فجر أن هلموا إليَّ لأضيء قلوبكم وعقولكم لأخلصكم من ظلام الكذب ونفاق المحتالين والمخادعين.. فبماذا نجيبه؟؟!!