عانى الأنبياء والرسل من تكذيب أقوامهم، لسبب بديهي وهو أن الإنسان أي إنسان لا يريد أن يكون أحد أفضل منه إلا الولد.. قالوا إن الأخ قد يحسد أخاه، ولو كان هذا الأخ على قدر من الكمال، كإخوة يوسف، إلا الوالد فإنه يرضى أن يكون ابنه أفضل منه. وماذا بشأن الولد تجاه الوالد؟ يحتمل أن يكون الولد حاسداً لأبيه، ولكنه يطمع أن يكون الوالد الأفضل لحاجات في نفسه، أي أن من مصلحة الولد أن يكون الوالد في مقام ممتاز، اجتماعياً، واقتصادياً، وسياسياً، ليستثمر الولد والده، فيعود عليه بالنفع. وكثير من الأبناء يعيشون على سمعة آبائهم، فابن الشهيد قد لا يعترف أو ربما لا يفقه معنى الشهادة، قدر ما تكون هذه الشهادة بطاقة لاستحقاق مردودات مالية. فالحسد إذن من مميزات الإنسان، وهذا خلق تترفع عنه البهائم والحشرات، وهي مخلوقات وضيعة بالنسبة للإنسان، وراعى الإسلام هذا الجانب، فنهى عن الحسد، الذي هو خصيصة إنسانية. قال عمر بن أبي ربيعة الشاعر: «وقديماً كان في الناس الحسد»، وعاب القرآن على اليهود والمشركين الذين حسدوا نبي الخلق محمداً عليه أفضل الصلاة والسلام: «أيحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله». ولذلك فإن المسلم قد يحسد هذه طبيعة فيه، غير أنه عندما يتذكر القرآن والسنة فإنه يتعظ ويتذكر، ف«الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب»، والحسد بمعناه الشرعي: «تمني زوال النعمة من أحد من عباد الله». فقد تكون هذه النعمة ابتلاءً يبتلي بها الله العبد، ربما ليهلكه، أو يدخله بسببها نار الجحيم، والحسد داء ينبغي أن يذهب من ابتلاه الله به إلى مشفى القلوب، ليتطهر الإنسان من رجسه وشره فهو مهلك للنعم، ومذهب للحب والود، فالحمد لله على ما أنعم علينا من نعم ظاهرة وباطنة ونعوذ بالله من شر حاسد إذا حسد.