حملت قناة اليمانية نعي مناضلة نسائية وطنية عرفتها تعز منذ عقود فقد تعرفت على الفقيدة في إحدى الفعاليات خارج الوطن في الثمانينيات قبل الوحدة وكنا حينها سعيدتين بهذه الفرصة التي جمعتنا وقد حرصنا على تبادل المعلومات والتجارب بيننا. اتصلت بالأخت العزيزة سعاد العبسي الشخصية النسائية التعزية المعروفة والتي سارت على نهج الفقيدة فاطمة فقد كانت إحدى تلميذاتها التي تألمت لوفاتها وعانت حالة اكتئاب لصلتها الوثيقة بها؛ فقد كانت فاطمة أماً روحية لسعاد وزميلاتها قالت سعاد: لقد تعّلمت منها أبجديات العمل النسائي والتفهم لوضع النساء ومعوقات التنمية وكانت بحق مؤسسة للحركة النسائية في تعز حين أسست جمعية المرأة اليمنية في تعز عام 1965م. عملت فاطمة في السلك التربوي كمعلمة ثم مديرة لمدرسة أروى في تعز وتعتبر من رائدات ودعامات العمل التربوي النسوي، هُضمت حقوقها الوظيفية كثيراً وعانت ظروفاً حادة وخاصة مرضها وضاعف ذلك تقاعدها المبكر براتب متواضع بل ومحدود للغاية. هكذا تغادرنا قامات وطنية بهدوء نعجب ونتألم لهذه المغادرة ويعصرنا الألم أكثر النكران لأولئك القامات" حسبهم أنهم زائرون لهذه الدنيا وحسبهم أن عطاءهم للوطن هو واجب يحتمه الانتماء لهذا الوطن وتسليم رسالة للجيل اللاحق. أما أنا فقد انتهزت الفرصة بعد الوحدة وعند أول زيارة لي إلى تعز حرصت على السؤال عنها ومقابلتها... وكنت أسأل عنها دائماً الأخت سعاد العبسي. بقدر ماهزّني هذا الحدث وأتذكر الكثير من القيادات النسوية التي لقيت ربّها خلال السنوات الأخيرة ولا راد لهذا القضاء ومانحن رجالاً ونساءً إلا ضيوف في هذه الدنيا... لكن الألم يعتصرني كثيراً لرتل من النساء اللائي بذلن جهوداً ومهّدن الطريق لزميلاتهن اللائي يواصلن معترك العمل النسائي" فقبل سنوات قليلة توفيت الفقيدة رقية محمد علي إحدى قيادات النشاط النسائي في مدينة عدن وقد نعتها منظمات المجتمع المدني الجماهيري والسياسي. حقيقة تعاني كثير من القيادات النسائية اليمنية لكنهن يلزمن الصمت والإنزواء ولايجرؤن على الشكوى فهي لغير الله مذلة ويحملن معاناتهن إلى أن يقضي الله أمره . ليس الأمر تمييزاً لهن عن غيرهن ولكن مايضاعف معاناتهن هو احترامهن لذواتهن وذلك السجل الناصع الذي يتمثل أمام أعينهن ومثل هذه الحالات تتواجد في بيئة الرجال أيضاً وحسبنا أنها سنة الحياة والعطاء. وفي الفترة الراهنة أيضاً تعاني الأستاذة العزيزة عاتكة الشامي، الرئيسة السابقة لاتحاد نساء اليمن تلك الشخصية الرائدة التي عملت في التمريض وتعرضت للسجن والاعتقال أثناء الثورة وقد قادت مسيرة الاتحاد بعد أن غيّب الموت المناضلة الفقيدة عائدة علي سعيد أول رئيسة لاتحاد نساء اليمن وأول نائب وزير للثقافة في الثمانينيات من القرن الماضي. رحم الله موتانا رجالاً ونساءً وإنا لله وإنا إليه راجعون.