يظل القول: إن أثر الفكر القائم على النزعة العنصرية أو الطائفية أو المذهبية المتعصبة أو المناطقية أو القروية أشد خطراً على المجتمع قائماً مادامت هناك عناصر تدس السم في العسل وتسعى إلى نشر الأفكار الظلامية وتروج لتفكيك وحدة الشعوب والأمم وتصر على غرس أفكارها العنصرية، مستغلة قلة الوعي وغير مفصحة عن أهدافها الحقيقية ولا مبيِّنة لنواياها الحقيقية التي تريد من ورائها إذلال واستعباد الناس وتركيع الأحرار وسلب الحرية بكل معانيها. إن مسئولية مواجهة الأفكار المنحرفة التي سلكت طريقاً ما أنزل الله بها من سلطان واجب على كل من يؤمن بأهمية سلامة المجتمع من الفتن، وهم - دون شك - السواد الأعظم من المفكرين والعلماء والمرشدين والموجهين وكل من لديه القدرة على القيام بدور التوعية لإنقاذ المجتمع من الأفكار الهدامة.. وقد ظهرت على ساحة الوطن أفكار لا تتفق مع جوهر عقيدتنا الإسلامية التي تدعو إلى التسامح والتصالح وإشاعة المحبة ونبذ الفرقة والشتات والعنصرية والعصبية الجاهلية وأخذت هذه الأفكار تنمو وتتسع داخل المجتمع في غفلة من العقلاء والحكماء بل إن البعض قد دلّس عليهم واستمع إلى كلام معسول ظاهره الخير وباطنه الشر المستطير،ولم يتنبه ذلك البعض للمغازي والمرامي الحقيقية لدعاة الفتنة، الأمر الذي يجعلنا نقول في زمن كثرت فيه الفتن وكثر فيه الأدعياء والأوصياء وتجار الحروب والمنتفعون من ظهور الفتن: لابد من التحري والتأني وعدم التسرع في اتخاذ القرار ولابد أن يكون المعنيون على درجة عالية من العلم والمعرفة وعلى قدر عالٍ من الحكمة والتبصر لمعالجة مثل هذه القضايا بما يضمن كشف بواطن الفتنة دون إحداث أي أثر سلبي على المجتمع. ولئن كان القائمون على الأفكار المنحرفة قد استخدموا أقنعة مختلفة للترويج لأفكارهم الظلامية المثيرة للفتنة فإن على المعنيين، وهم المستنيرون في المجتمع، ان يعالجوا قضايا الفكر المنحرف بالحكمة والموعظة الحسنة ومن خلال نشر الاعتدال والوسطية، بل ان الواجب المقدس يفرض على المستنيرين أن يعملوا على تحصين المجتمع، من الاختراقات الفكرية من خلال التحرك في أوساط المجتمع وعقد اللقاءات المباشرة مع الناس لتوضيح حقائق الأفكار المغلوطة وأكرر بأنه لا يجوز ترك الساحة نهباً لأصحاب الأفكار المنحرفة.. فهل أدرك المعنيون ذلك ؟ نأمل ذلك بإذن الله.