يذهب بعض رجال الصوفية إلى أن أهل الله كالجبال التي جعلها الله أوتاداً لحفظ الأرض من الزوال, فالأولياء هم الذين اصطفاهم الله من بين الناس, فكانوا أهل عنايته ومحبته, ولذلك فإنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون, لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة. قال بعض العلماء: إن البشرى في الحياة الدنيا إنما هي التثبيت على الحق, ولذلك قالوا: (الاستقامة أكبر كرامة). وقالوا: البشرى هي رؤية النبي سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام, يبشرهم بالقبول من الله.. وقال بعضهم: البشرى هي أن الله يريهم مقاعدهم في الجنة (ينظر في تفاصيل هذا الجامع لأحكام القرآن). في كل بلد يكثر الأولياء إكمالاً لسنة التدافع, فلولا البهائم الرتّع والشيوخ الركّع والأطفال الرضّع، لصب عليكم العذاب صباً. واليمن كما كان يقول سيدي الشيخ الإمام ابراهيم عمر بن عقيل, مفتي لواء تعز تربتها مدموغة بأقدام الأولياء. وقال الشيخ أبوالغيث محمد حسان بن سنان: ما اجتمع أربعون شخصاً إلا وفيهم ولي من أولياء الله. وسأله بعض المريدين: إذا كان هؤلاء الأربعون عصاة؟! قال: يجتمع نورهم جميعاً فيكون نور ولي. إن الولاية تتحقق بمفهوم الثقافة الإسلامية بمطلق الرضا بشريعة الله والوقوف عند أوامره ونواهيه. ومعنى الولاية اللجوء إلى الله والاحتكام إليه والتسليم بمراده, والاعتقاد الجازم بأنك حققت وجوده، رباً وناصراً في كل الأحوال.. أنك برئت من حولك وقوتك, لأن بيده وحده الحول والقوة. الولاية خضوع وشكر وولاء مطلق لما يريد الله ويرضاه، وهي تكليف يتحقق بها التشريف. تتحقق الولاية بالبراء من كل ما عداها, والعزم على محبة خلقه وخدمتهم, والصبر على أذاهم, والعفو عن مسيئهم, والأخذ بيد محسنهم. ولقد فهم قوم الولاية على أنها الانصراف عن الخلق والخلوة للذكر، وهي لا شك ولاية, ولكن الولاية ذات المقام الأرفع والأعلى هي مخالطة الخلق والصبر عليهم ومحبتهم وتحقيق مقاصد الشريعة ونشر السلام والعدل والترفع عن زخرف الحياة الدنيا. ولكم في أكبر ولي لله هو سيد الخلق محمد بن عبدالله أفضل قدوة وأسوة (ولكم في رسول الله أسوة حسنة). جعلنا الله من أوليائه, وجعلنا حرباً لأعدائه.. آمين.