كتب كثيرون عن ظاهرة التسوّل, فلا المتسولون شعروا بالخجل, ولا الجهات المختصة شعرت بالمسئولية!!. إن هذه الظاهرة مزعجة لأنها تنال من كرامة الإنسان وتحط من قدره, وهي ظاهرة تكاد تكون يمنية بامتياز. فالمساجد حافلة بالمتسولين، والشوارع - وللأسف - المدارس والمعاهد والجامعات، يطرق الباب طارق؛ فإذا بشحاذ مثقف يطلب أن يخاطب الطلاب لدقيقة؛ ولما تمنعه، يقول: إذا أمكن بعض المال!!. لا أستثني من هذا الشحاذ، صاحبه الشحاذ الآخر؛ خطيب المسجد الذي يصرف الخطبة الثانية من أجل القدس وإنقاذ الأسيرات الفلسطينيات أخواتنا المؤمنات في سجون اليهود، وإطعام أطفال الشهداء اخواننا الفلسطينيين, وإعانة «المرابطين» في الأقصى. حتى إذا ما انتهت هذه الخطبة التراجيدية التي أحياناً تكون بعزف منفرد على الدموع والبكاء; طلب هذا الخطيب إلى المصلين المؤمنين أن يجاهدوا في سبيل الله بأموالهم، مادام وقد تعذّر عليهم الجهاد بالنفس, ثم لا أحد يعرف أين يذهب هذا المال؟!. وليست مشكلة أن يقوم هذا الخطيب أو أخوه في المسجد الآخر بطبع سندات عليها شعار الأقصى وكلمات أخرى!!. أما ما أراه ويحزنني فهم هؤلاء الأطفال الرضع في حجور نساء وهم في حالة نوم متصل، فلم أر رضيعاً إلا وهو نائم, وقال أحد الناس إن بعض المتسولات يستعرن أطفالاً ويقمن بإعطائهم عقاراً منوماً لعدم إزعاجهن.. وأريد من جهة الاختصاص التحقق من هذا الأمر. إن هناك أسراً معسرة، نعم، وهناك أسراً لا تستطيع مقاومة قسوة الحياة وشظف العيش قد غفلت عنها الجهات المختصة ولم يرها أهل الخير، فتضطر لإرسال أطفالها للشحاذة والسؤال إلحافاً. الدولة تنفق مئات الملايين من الريالات على الأسر المعوزة, ثم هذه الشوارع والمساجد والمدن والأرياف تضج بالمتسولين. علماً بأن بعض المتسولين قد اعتادوا على هذا السلوك العار، المخزي، القبيح، فقد زرع في دمائهم طبعاً وعادة, فأين الجهات المختصة ؟!. واجب هذه الجمعيات التي تتخذ من المجتمع اسماً أن تشارك في بعض المال الذي تحصل عليه من جمعيات عالمية في معالجة هذه القضية الخطيرة. فأي مجتمع مدني لا تكافح فيه هذه الجمعيات هذا الداء؟!.