أنشئت هيئة تسمى هيئة حصاد المياه قبل سنوات, وافتتحت لها فروعاً في المحافظات اليمنية كلها تقريباً, ومن ديباجة القرار الذي صدر بشأنها عرفنا بأنها ستكون توعوية في البداية ودون أن يعرّفونا بالمرحلة الانتقالية إلى الممارسة الميدانية والإشراف الشامل على تنفيذ سياستها وتوضيح أهدافها.. وكل شيء في نشاطها نجهله نحن غير المزارعين وأصحاب البيوت الريفية وإن كان الحصاد لمياه الأمطار مطلوباً في المدن والقرى وضرورياً جداً مع اشتداد أزمة المياه فيها مع الزيادة في الاستهلاك والارتفاع المتواصل في عدد السكان نتيجة عدم تقدم السياسة السكانية إلى الأمام في تنظيم النسل وإقناع كل يمني ويمنية أن السير نحو المجهول بالمواليد الذين يكبرون سريعاً ويشكلون أجيالاً يصبح عددها بعد حوالي خمس وأربعين سنة خمسين مليوناً وفق الإحصائية المحلية التي استندت في تقريرها التقريبي إلى الذين يولدون في اليوم والأسبوع والشهر والسنة بفضل الشهادات التي يحرص على الحصول عليها الآباء كما طلب منهم لإثبات الهوية ولتسهيل عمليات الإحصاء السكاني في كل دورة التي تعقد مرة كل عشر سنوات. وحسب انتمائنا إلى القرى التي هجرناها إلى المدن بحثاً عن التعليم قبل الثورة وبعد الثورة وتراجعت نسبة الدارسين القادمين من الأرياف لصالح الطلب على الأعمال، فنحن نعرف ونذكر أن كل الميازيب كانت تصب في المزارع بجوار المساكن أو تتجمع وتتجه إلى أقرب حول كبيرة لا يستطيع أحد تحويلها إلى أي مكان آخر احتراماً للتقاليد التي تمسك بها الأولون واللاحقون إلى ما قبل سنوات حين سمعنا ولأول مرة عن اعتداءات على تلك التقاليد والنظم من قبل الأقوياء الذين ما إن امتلكوا النفوذ حتى سوّلت لهم أنفسهم البسط على ما هو مشاع بين السكان في القرى أو الأفراد الضعفاء.. كان حصاد المياه ينفع في سقي الأحوال التي تزرع فيها الطماطم والبسباس والبطاطا والذرة الشامية والبطاطس الحلو أي الجزر الأبيض وأنواع الرياحين والزهور في تلك الأحوال على اختلاف مساحاتها ولا تمتد إليها إلا يد مالكها بقطافها وحصادها بعكس ما نراه اليوم من اعتداءات عن إصرار وسبق نوايا سيئة, فإن كان المعتدى عليه ضعيفاً سلم الأمر لله في ظل فساد القضاء والجهات التنفيذية وغياب المصلحين الأمناء تحت تهديد أصحاب المصالح, وإن كان قوياً ومدعوماً من أولاده وأسرته قاوم بالقوة وبالشريعة واستعاد حقه وإن حدثت جنايات جسيمة تصل إلى حد القتل المتبادل والإصابات الخطيرة.. ولم أجد عنواناً مناسباً لهذا الموضوع إلا السؤال ماذا حصدنا ؟ أي ماذا حققنا في السنوات الماضية من نجاحات في حصاد المياه لغرض الزراعة والشرب كالسقايات والخزانات الأرضية والمرتفعة فوق التلال المشرفة على القرى التي تملأ أيام الأمطار بواسطة سواقٍ تمتد لمسافات مناسبة لملء السقايات وما بقي يذهب إلى الحقول القريبة والبعيدة بل لا أخفي ما لدي من استنكار للعبث بالمياه في هذه المدينة التي تشكو العطش؛ حيث تسيل المياه من أسطح المنازل أو من أسفلها بسبب الصدأ الذي أصاب الخزانات المعدنية والأنابيب حول العدادات وما يحدثه الأطفال المشاغبون من تعطيل لها دون أن يردعهم أحد.. (كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول)