في خاتمة المطاف ليس هناك من خيار سوى البحث عن المخارج والحلول التي تتجاوز سلبيات الماضي والأخطاء التي أوصلت البلد إلى معترك اللحظة الراهنة بما تحمله من تعقيدات.. سوف يعود الجميع إلى قوة الواقع والمنطق يفتشون عن حلول في لحظة ما اليوم أو غداً أو بعده, وأستطيع أن أجزم بأن الأغلبية الساحقة من الناس في هذا البلد يفكرون بالمشكلة والحلول ويحدثون أنفسهم في الطرقات وفي المنازل بالحلول المثلى ويسألون أنفسهم ومن حولهم ماهو الحل الصحيح في هذه المرحلة؟ هذا السؤال هو الأكثر رواجاً وقد وصل أكثر سكان البلد إلى أحضان الحيرة والخوف والقلق على مصير هذا البلد, وإلى أين ستفضي بنا الأمور في قادم الأيام؟ حتى أولئك الذين يقولون بأنهم مطمئنون للغاية ليسوا كما يقولون مطلقاً.. أيام الجمعة المباركة بدأت تتحول إلى أيام خوف وقلق بما يحدث وبما حدث فيها من إراقة للدماء وإزهاق للأرواح, وبما يترتب على ذلك من انسداد للآفاق. لم يعد أكثر الناس يعلمون من الذي يتحكم باللعبة ويحكمها, وهي لعبة سياسية بامتياز, ولم يعد بمقدور أحدهم أن يلعبها بمفرده وإن كان بارعاً ومُجيداً, وفي ذات الوقت لن يستطيع البقية إدارة هذه اللعبة في المستقبل بشكل جيد, دون إشراك سائر الأطراف.. اليوم الحيرة تسيطر على الجميع دون استثناء وخلاصة القول: زمن عن زمن يفرق في رؤية الحلول والإمساك بها, ومكان عن مكان يختلف أيضاً, والمهم أن لايفوت الوقت حتى لانجد أنفسنا في يوم نبحث فيه عن مفاتيح الحلول بين أكوام الخراب والدمار وبين الأشلاء والدماء, والأمر هذا لم يعد تخويفاً ولا افتراضاً سياسياً فالواقع قد نطق وحذرنا من هكذا أحداث ومن هكذا أزمنة وأماكن.. لانريد أن نفيق على واقع كان بالأمس واليوم احتمالاً وربما نظر إليه البعض بعيون السخرية باعتباره دعاية وتخويفاً للناس.. أنا أحاول جاهداً الإمساك بحبال الأمل والتفاؤل وكذلك يفعل الكثيرون مثلي, غير أن تلك الحبال تبدو واهية مع مرور الأيام ومع تدني التخاطب ومع علمنا بوجود من يطربهم صوت الرصاص ومناخات الحروب ومع وجود من لايُحسن تقدير الأمور بشكل سليم, ومع من يسعون لتصفية الحسابات استغلالاً للحظة بدت وكأنها الأنسب والأمثل لهذه الأعمال الشخصية.. وصلت الأمور إلى نقطة واضحة تستدعي الاقتناع بالواقع الذي يفرض التعاطي معه بإدراك ووعي ومسئولية, وأن هذا الواقع لايسمح بالرجوع إلى الخلف من غير إصلاحات حقيقية أو تمرير الأوضاع من غير ذلك, وفي ذات الوقت لايجب خداع الناس وتضليلهم بأن الزمن السحري قد وصل وأن كل الأمنيات أصبحت قاب قوسين أو أدنى من التحقيق والنجاح, وأن حياة الرفاهية والنعيم سوف تبدأ من الغد القريب, فكل هذا الكلام المستخدم في الوقت الراهن لكسب تأييد الشعب سوف ينقلب وبالاً على الجميع حين تعجز الموارد والسياسات والنوايا في تحقيق الأمنيات والتطلعات لأن الواقع يقول: بأن الأمنيات أكبر وأكثر من الموارد المتاحة وأن أحسن الحلول وأصدقها هو أن يتفق الجميع على ملامح المرحلة القادمة بواقعية تتجاوز الأوهام وتتجاوز محاولات الاستغلال المرحلي لعواطف الناس, فذلك هو الحل.