كنّا على موعد مع الأقدار لنخوض رحلة طالعها جديد.. وبطلها نجم تألق اسمه في سماء وطننا منذ زمن ليس بالبعيد.. تاريخه حافل بالمطبات المتعرجة ..غير أن على أعيننا كانت نظارات سوداء .. ثمارها فن متميزاً من الفوضى الخلاقة .. يشد أياديها النخبة اللامعة من مجتمعنا....!! حالهم : متى طلعت تلك النخبة في موضع فقد طلعت في كل موضع وبدون تعليق ..تسليماً تاماً للانقياد الأعمى اللا تفكيري فحيث تكونون نحن سنكون ولا حاجة للوقوف مع المنطق أو المصير. تحقيقاً فعلياً لمنظومة متكاملة من الغوغاء ومن حيث لا نحتسب ولا نتوقع....... !. حين تلقي عليك الحياة بمفارقاتها الثقيلة ما يهز جوانحك من الأعماق، لتقف مع حالك في طابور من الاستفهامات، كم هي أرقامنا في سجلات الحياة المثقلة بالأرقام، و لكن من صاحب الرقم المميز ؟ والتمييز في عصرنا ليس بالضرورة أن يكون في الخط الايجابي بل لربما أصبح التنافس على التميز في الاتجاه العكسي وسيكون محط الاهتمام والرعاية العظمى ولكن من ذويها وما أوسع شبكتهم . في حين تعظم الحاجة لذوي الحكمة وأصحاب الرأي، وإذْ بنا على مشهدٍ متميزٍ لذاك الشيخ الجليل.... حين تقدم الصفوة وامتطى رحله واعتلى المنبر ليدلي بدلوه ويمضي برأيه كما تمضي الرياح العابثة بعواصفها غير عابئة ولا مكترثة لما سيكون من أمرها .. ليتفاجأ الجميع بل ويذهل كل ذي لب وعقل رشيد، حين صدع برأيه واستأثر حكم الشارع عن كتاب الله .. ليت شعري ماذا سيكون برهانه وماذا ستكون حجته عند وقوفه بين يدي الله؟. أهذه رسالة وأمانة العلم التي تحملها على عاتقك أيها الشيخ الجليل ...؟ كأنما وقع صلح بين وجهه وبين الحياة ولكن في الاتجاه الأرضي ...!!! لماذا أيها الشيخ تترك الاحتكام لكتاب الله ؟! لماذا تتجاوز سنة رسول الله ؟! وكأني بلسان حاله : لأنه لن يكون في صالحنا .. لأنه لن يتفق مع أهوائنا ولن يخدم قضيتنا المنشودة، أهدافنا عظيمة ومخططاتنا خطيرة، ولابد من التمادي والتجاوز حتى وإن كان التجاوز للكتاب والسنة ...! نحن نستخدم الكتاب والسنة عندما تخدم أهدافنا فقط، أما في حين تتنافر مع أهدافنا يمكننا الاستغناء عنها وبدون تعويل، وإن كنا شيوخاً أو علماء ..البيعة كبيرة والثمن غالٍ وهنا لا فرق بين عالم أو جاهل. ولن يكون هناك فرق أيضاً بين الزنداني أو توكل كرمان .....!!! كلاهما على نفس الطاولة التي تستمد شرعية الاحتكام فيها من الشارع ويبارك حضورها أوباما وحسن نصر الله ... هنا ماذا سنقول نحن الشعوب المغلوبة على حالها حين نرى ونسمع تلك المشاهد المخجلة أمام أعيننا ،اللّهم إنّ حكّمناك فيمن ترك حكمك أن ترينا فيه آية من آياتك. وتتوالى وقفات هذا الشيخ دون وازع من ضمير أو رادع من دين ليتقدم معلناً عتاباً صريحاً للسعودية ودول الخليج على إثر حادث الاغتيال الذي تعرض له رئيسنا حفظه الله وشفاه وسود وجوه من عاداه . وكأنَّ لسان حاله: نألم لتعاطفكم مع الرئيس نألم لحرصكم على حياته ونألم لاهتمامكم بتقديم الرعاية الطبية له في بلدكم .... ثم يتقدم ليطلق كلمات ستظل وصمة عار لن يغفلها له التاريخ حين قال ما قال :نحن معنا أوباما والدول الثمان وسنعرض ملفاتنا عليها.....!!!!!!!!. - نعم وهنا ماذا سنقول لك أيها الشيخ : أنت معك أوباما والدول الثمان.. ستحتكم إليها وسترفع ملفاتك عليها، ونحن معنا الله سنحتكم له وسنرفع أيادينا إليه. - أنت ستعرض ملفاتك على أوباما والدول الثمان ونحن سنعرض ملفاتنا إلى رب أوباما والدول الثمان .. - أنت ستتوسل لأوباما عبر القنوات المأجورة ونحن سنتوسل لربنا عبر الأسحار. - أنت سترفع أياديك خاضعة تناجي وتستنجد بأوباما والدول الثمان .. ونحن سنرفع أيادينا خاشعة متضرعة تنادي ملك الملوك.. .. أنت ستتسول بأذيال أوباما والدول الثمان ..ونحن سنتسول على أبواب ملك الملوك.. والذل لله شرف ولغير الله خزي وعار. - أنت ستبيع الوطن لأوباما بمكركم وغدركم، ونحن سنشتريه من الله بحبنا ووفائنا. لن يُغفل التاريخ ما أحدثتموه في حق الوطن والشعب. لن يُغفل التاريخ أنّ الزنداني كان رأس من أشعل عود الثقاب وأول من فتح أبواب النيران في الوقت الذي كان بإمكانه أن يدفع شراً عظيماً عن نفسه وعن البلاد، لكن أبى شيطانه إلا أنْ يوقعه في شر أعماله وإلا أن يكون عملاق هذه الفتنة .. بمثل تلك الوقفات ماذا بقيت من لغة لنعبر بها عن كارثة حقيقية في قلب مجتمعنا كارثة تدمي القلوب و تتفطر لها الأكباد ومن حيث لا نحتسب .. ثمة كلمات انطلقت من فم ذاك الشيخ حين قال ما قال يحق للشمس أن تنكسف لسماعها ويحق للسماء أن تمنع قطرها ويحق للأرض أن تبتلع نبتها غضباً من أمثال هؤلاء. أيها الشيخ الجليل يا من اغتررنا به يوماً من الأيام ومنحناه مهابة العلماء وإجلال العظماء ودافعنا عنه في غيابه ممن كان يقدح في حقه، وقلنا لهم إنه عالم وكنا بجهلنا نظن ذاك والعلم منه براء ..لو لم تأخذك إلا الخشية من الله لكفتك من ذاك الانزلاق ولنْ افتح باب المروءة أو الوفاء أو حتى الحياء . ورحم الله إمامنا وعالمنا الشيخ مقبل الوادعي إمام السنة الصافية في بلادنا وبلاد المسلمين قاطبة.. حين قال في كتبه وكان يحذر الناس من شر الزنداني وكيده قال رحمه الله كما في كتاب«تحفة المجيب»(ص- 331) : «عبد المجيد الزنداني يلقى الصوفية بالوجه الصوفي ومع الشيعة بالوجه الشيعي ومع السنة بالوجه السني والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه». وقال أيضاً في كتاب «البركان» (ص- 32) : «كاد الدين كاد الدين كاد الدين ولبّس على اليمنيين»، وقال في (ص 77) :« إنه دجال من الدجاجلة، فليبلغ الشاهد الغائب ...» صدق إمامنا وعالمنا رحمه الله في كل كلمة وكل حرف تحدث فيها عن الزنداني حيث كان تلميذاً عنده وقد عرفه في وقته وكان صاحب فراسة ورؤية صادقة ... حتى تجلى لنا اليوم الذي كشف فيه غطاءه واظهر للعامة والخاصة مكيدته، وها هو يتزعم هذه الفتنة القذرة ليقود البلاد والعباد إلى الهاوية ويحرض الناس ويدعوهم للخروج عن ولي الأمر وإلى الفوضى المخيفة التي سترجعنا إلى الوراء عشرات السنين . وفي الأخير أيها الشيخ الجليل يا من هو في الحقبة الأخيرة من مراحل حياته الدنيوية .. يا من هو على أشراف نهاية حياة وبداية حياة ،هلاّ اشتريت نفسك لما أنت مقدم عليه ورحمت حالك من هول ما أنت مقبل عليه...؟! لا تدري ما الذي ينتظرك، اتق الله في نفسك اتق الله في شيخوختك, اتق الله في هذا الشعب المغلوب على نفسه، اتق الله في تلك الدماء التي كنت السبب الأول في سفكها، اتق الله في هذا الرجل الذي أكرمك يوما من الأيام وقدمك لشعبه وللناس أجمعين وأحسن ظنه بك. اتقِ الله في هذا الرجل الذي استغليت طيبته وعفويته، أتق الله في هذا الرجل الذي استظليت تحت سلطانه ردحاً من الزمان وغمرك بعفوه وإحسانه، ودافع عنك حين كانت أمريكا تطالب بك وبأي ثمن، فحماك وأكرمك وغرس لك مكانة في صدور شعبه ودافع عنك بكل حب ووفاء وقدمك للآخرين كعالم مهاب.. ما أبشع الغدر وفي وقت يكون الغدر فيه أقسى من الموت...... وفي الأخير أقول لك: يا شيخنا هل جزاء الإحسان إلا الإحسان .