بعيداً عن تأييدنا للزعيم معمر القذافي أو اختلافنا معه، فالصورة التي بثت عبر فضائيات العالم وشاهدها كل سكان المعمورة فيها إساءة بالغة لديننا الإسلامي الحنيف وإساءة للعرب والمسلمين جميعاً..هذه هي الحقيقة التي هرب البعض من سماعها واتجه نحو وضع التبريرات الفاشلة التي تبرر ما أقدم عليه «الثوار» الإسلاميون في ليبيا تجاه هذا الزعيم العربي المسلم الذي شغل العالم طيلة 42 عاماً كرئيس لهذه الدولة العربية الحافل تاريخها القديم والحديث بالأحداث التي لا تنسى.. ليبيا بلد الشهيد العربي الخالد عمر المختار.. وليبيا حاضرة المغرب العربي في التاريخ الإسلامي الأول والوسيط.. وليبيا أرض البربر الذين كان لهم دور كبير لا ينسى في الفتوحات الإسلامية في أفريقيا وأوروبا.. اليوم تغير التاريخ في هذا القطر العربي المثخن بالأوجاع والآلام، التي يبدو أنها لن تنتهي بل ستزداد وتتحول إلى دولة أخرى شبيهة بالعراق التي كانت قائدة المجتمع الإسلامي في الزمن الغابر، وكان لها شأن لا يمكن التنكر له أو القفز عليه في عهد الرئيس العراقي الراحل الشهيد صدام حسين.. وتحولت اليوم إلى بلد السيارات المفخخة، بلد الخوف الدائم والمستمر، بلد الشتات والتفرق والعصبية المقيتة!.. هي الحقيقة لن تقوم للعروبة في ليبيا قائمة في ظل هذا المشهد المؤلم الذي بثه «الثوار» الجدد، وقاموا بتوزيعه بدم بارد إلى كل العالم وفي المقدمة الدول الغربية التي تنظر للإسلام وللعرب نظرة احتقار.. فنحن وديننا في نظرهم إرهابيون..، وهذه الخيبة التي أقدم عليها «الإسلاميون» في ليبيا دعاة الثورة والتجديد والتغيير و«الإسلام المعتدل» عززت لديهم هذه النظرة تجاه العروبة والإسلام!. كيف لا نكون كذلك في نظر المجتمع الغربي ونحن نتعامل مع الأسير معاملة قاسية.. معاملة حثنا ديننا ونبينا على عدم التعامل بها مع أسير الحرب أياً كانت جرائمه التي ارتكبها، فما بالنا إن كان هذا الأسير هو عربياً ومسلماً..؟! أيها «الثوار» الإسلاميون في ليبيا: من أفتى لكم قتل الأسير؟!.. وأي دين هذا الذي أمركم بالتعامل بتلك الصورة السيئة مع هذا الرجل..، الصورة التي أثخنتنا بالألم، وزادت المجتمع الغربي تأكيداً بأن ديننا دين إرهاب ونحن إرهابيون!.. أين « الإسلام المعتدل» الذي أعلن عنه رئيس المجلس الانتقالي الليبي عقب دخول طرابلس وسقوطها بيد «الثوار» وقال بأنه سيكون نهج ليبيا القادم والمستقبلي؟.. وهل ما أفتى به مفتي الديار الليبية «الجديد» من عدم جواز الصلاة على القذافي وكأنه كافر يندرج في إطار «الإسلام المعتدل»!!.. إنه زمن «الربيع العربي» زمن أصبح فيه الحلال حراماً، والحرام حلالاً..، والمسلم كافراً والكافر مسلماً، زمن أصبحنا نستجدي فيه الغرب الكافر لمساعدتنا وتخليصنا من أنظمتنا وحكامنا، ومن أنفسنا ومن ديننا، وبالأمس كنا نلعن من يوالي الغرب ويمد يده للغرب!.. ما بالكم أيها الثوار الليبيون.. هل من أجل هذا خرجتم تطالبون بإسقاط النظام، وهل أصبح الدين الإسلامي وتعاليمنا القرآنية والنبوية سلعة تبيعونها وتشترونها متى شئتم، وهل من أجل نمو الأحقاد والكراهية فيما بينكم ذهبتم إلى قتل الرجل..، وأي ليبيا أخرى يمكن الحديث عنها بعد ليبيا القذافي وأنتم أكدتم بذلك العمل المدان والمرفوض ديناً وأخلاقاً وقيماً وعروبة، بأنكم أسوأ من القذافي كثيراً وأجن منه؟!.. لم يفعل الإسرائيليون والغرب الكافر كما كنتم تصفونهم قبل «الربيع العربي» ما فعلتموه أنتم أيها الإسلاميون ودعاة إعلاء راية الإسلام وإعادة الخلافة الإسلامية؟!..، بل هذا الغرب الكافر طالب بالتحقيق بهذا الانتهاك الصارخ لحق الأسير وآدميته.. ويقيناً ثابتاً لا يتغير فإن المجتمع الغربي لم يخطئ عندما يصفنا بالإرهابيين ويصف ديننا بدين الإرهاب.. ورحمة الله عليك ياقذافي.. [email protected]