تجربة مسرّع الجزيئات الأوروبي (CERN) الأخيرة المسماة أوبرا (OPERA) والتي كُشف النقاب عن نتائجها في 24 سبتمبر الماضي (2011م) أحدثت ردود فعل عالمية، إذ دلت النتائج عن تجاوز حد معلوم في الفيزياء الحديثة وهو سرعة الضوء. فالفيزيائي الألماني الأصل ألبرت اينشتاين يقترح في نظريته النسبية الخاصة أن سرعة الضوء حد كوني لا يمكن لأي جسيم تجاوزه بل والصول إليه كما تنطق بذلك معادلاته، لكن تجربة أوبرا أظهرت انتهاكاً لهذا الحد، حيث تم تسريع جسيمات النيترينو NEUTRINO (إحدى الجسيمات الذرية المحايدة) لمسافة 730 كيلومتراً خلال المسرع الموجود أسفل الحدود السويسرية الفرنسية فوصلت تلك الجسيمات قبل الوقت المحدد لها بأقل جزء من الثانية متجاوزة سرعة الضوء المعهودة بكسر ضئيل مقداره 248جزءاً من المليون. صحيح أن الانتهاك ضئيل جداً في المقدار لكن هذا لم تتوقعه النظرية النسبية مما شكّل فتحاً جديداً في الفيزياء الحديثة، فوجود هذه النتائج يجعل العلماء يفكون في نظرية جديدة تستوعب هذا التغير وتعيد النظر في متغيرات النسبية خصوصاً فيما يتعلق بمعادلة الطاقة والكتلة الشهيرة E=MC2 فهل نتجاوز اينشتاين إلى نظرية أوسع؟ كسر البراديم قدم نيوتن نظريته في الجاذبية في القرن السابع عشر الميلادي والتي استمرت في التطبيق بكفاءة إلى يومنا الحالي لكن إلى سرعة تصل إلى عُشر سرعة الضوء، لكن نظرية النسبية العامة في أوائل العقد الثاني من القرن العشرين وسعت الأمر لتشمل الجسيمات التي تتجاوز حد نيوتن إلى سرعة قريبة من سرعة الضوء الحد المطلق الذي وضعه اينشتاين، لكن مع نتائج تجربة أوبرا بدأ الحديث عن ما بعد سرعة الضوء ونظرية تستوعب ذلك. يحدثنا توماس كون THOMAS KUHN فيلسوف العلوم في كتابه «بنية الثورات العلمية» أن أي نظرية علمية تخضع لبراديم PARADIGM وهو نموذج إرشادي تتحرك ضمنه فإذا لم يصمد هذا البراديم للنتائج الجديدة والظواهر الطارئة ننتقل إلى براديم جديد يستوعب هذا التغير وتسمى هذه النقلة ثورة علمية SCIENTIFIC REVOLUTION. فهل نشهد ثورة علمية جديدة في الفيزياء الحديثة بعد ما أحدثته نتائج تجربة أوبرا من تصدع في براديم النظرية النسبية لاينشتاين؟ أم مازال الوقت مبكراً للتحدث عن هذا التصدع؟
