جاءت ثورة المؤسسات امتداداً للعمل الثوري الميداني في الساحات وكتعبير صادق عن الفئة الصامتة من منتسبي المؤسسات العسكرية والحكومية الذين لم يتمكنوا من الإلتحاق بالساحات والميادين ، وأرادوا أن يكون لهم تغيير ملموس فغيروها من الدهاليز المتخمة بالفساد وجرائم النهب والسلب والعبث بالمال العام ,,, ولقت ثورة المؤسسات إرتياحاً كبيراً لدى العاملين في هذه المؤسسات العسكرية والحكومية التي أعلنت إنتهاء عهد الخوف والذل والإرهاب والإستبداد الذي ظل لصيقاً بهذه المؤسسات والقيادات الفاسدة ً . ثورة المؤسسات لم تنشأ من فراغ وليست وليدة صراع سياسي كما يعتقد البعض ، بل هي نتاج سنوات عديدة من اللامبالاة والقهر والعبث بالوطن وبالمواطن من قبل قلة من العابثين شاءت لهم الوساطة والمحسوبية والرشوة أن يصلوا إلى هذه المناصب العليا وجعلوا من وظائفهم مصدر إثراء لهم وللمقربين منهم على حساب المؤسسة وعلى حساب الكوادر النزيهة .. لم يعد لدى الناس الصبر الكافي لتحمل الفاسدين، ولا تستطيع أي قوة أن ترغم المقهورين والمظلومين على مزيد من الصبر فقد طفح بهم الكيل وسئموا الأماني والأحلام والشعارات التي يتقن تلحينها وأداءها المسئولون الفاسدون على أنغام المواطنين الكادحين والموعزين على الرغم من أهمية الصبر في هذه الفترة لإعطاء فرصة كافية للحكومة لتجري تغييرات وتعيد الحياة في مؤسسات الدولة وتجفف منابع الفساد فيها وتعالج مشكلات الناس وتلبي المطالب الحقوقية.. لا بد أن يقتنع كل مسئول –فاسد- أن ثورة المؤسسات نتيجة ما يعانيه أفراد هذه المؤسسات من الظلم والجبروت والتسلط بعد أن تحولت هذه المؤسسات إلى مؤسسات خاصة يديرها أشخاص لايمتلكون أدنى المؤهلات والخبرات وقاموا بتحويل مواردها إلى حسابهم الخاص واستغلالها بشتى الوسائل لما يخدم مصلحتهم الشخصية فقط وتسخير كل الإمكانيات لهم بل والتربع على هذه المؤسسات لأكثر من عقد ووصل ببعضهم إلى مايقارب أربعة عقود وهو الآمر والناهي واظنه كان يفكر بتوريثها إلى أحد أبنائه اسوة بالزعيم ....... . ثورة المؤسسات هي الثورة الحقيقية التي تتبنى الوطن، ولا شك انها هي خطوة مهمة لتأصيل العمل المؤسسي واجتثاث الفساد، وقد بدأت تظهر ثمارها الطيبة في تسليط الأضواء على بؤر الفساد ، وبدأت الحقائق تظهر، وبدأ الفاسدون يرتجفون تحت تأثير هتافات الجماهير التي قهروها سنين طويلة ولم يستجيبوا لنداءات التصحيح وتوسلات الوطنيين في مؤسساتهم، ولم يستفيدوا بما كان يكتب حول الفساد والفاسدين، ولا قرأوا الواقع بذكاء، ولم يشبعوا على مدار السنين.. وباستطاعة الحكومة أن تستثمر ثورة المؤسسات في تسريع تنفيذ خطوات المبادرة الخليجية دون تردد، ولن يكون هناك خطر من ثورة المؤسسات على هذه المبادرة، إذا ما اتجهت الاحتجاجات إلى اجتثاث الفاسدين من كل الأحزاب بعيدا عن تتبع فساد حزب بعينه وترك البقية، وإذا ما استطاع المحتجون أن يثبتوا فساد مؤسساتهم بملفات موثقة، وإذا ما أخذوا حذرهم جميعا من الانجراف وراء أشخاص فاسدين يوظفون حماسهم لتصفية حسابات شخصية مع مسئولين محددين دون غيرهم .. ولكي تنجح ثورة المؤسسات ينبغي أن يسعى المحتجون إلى نشر أدلتهم على الفساد بكل الوسائل، وأن يعلنوا للجميع صراحة وعبر لافتاتهم وشعاراتهم أنهم يحتجون على الفاسد بشخصه هو وليس لأنه من حزب محدد أو ينتمي لعائلة معينة، وحتى لايدعوا مجالاً للتشكيك في نواياهم .. بعد ثورة المؤسسات لم يعد السكوت من ذهب ؛ فعلى الجميع ألا يستسلم للقهر وأن يصيح بأعلى صورته في وجه الفساد والفاسدين، وعلى كل من بيده دليل قانوني ملموس على أي فساد إداري أو مالي أو علمي أو سياسي فلينشره عبر وسائل الإعلام المفتوحة ليساعد الحكومة على تصحيح المسار بطريقة قانونية نظيفة دون التجني على أحد، ولابد من الضغط المؤسسي وكشف ملفات الفاسدين من أي حزب حتى تظل هذه الثورة وطنية نقية غير قابلة للمزايدة والتشويش ... المنتفضون على مسؤوليهم في المؤسسات الحكومية ثاروا من أجل حقوقهم ولن يتراجعوا أو يحيدوا عنها قيد أنملة مهما كلفهم ذلك من ثمن وهي حقوق ومطالب مشروعة ، ولكن ما نستغربه بقاء هؤلاء الفاسدين في مناصبهم حتى الآن ولم نلحظ من الأخ نائب رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق قرارات جدية بإقالتهم وإحالة ملفاتهم للمساءلة القضائية. فحذار ثم حذار من الالتفاف على حقوقهم ومطالبهم لأن من خرجوا ثائرين ضد أعتى أصنام العبودية والقهر الوجودي لن يضيرهم حفنة لايساوون في نظرهم جناح بعوضة. ستبقى ثورة المؤسسات شعلة مضيئة في تاريخ اليمن الحديث واقتلاع الفاسدين ووسيلة مثلى لعملية الإصلاح المالي والإداري وحقيقة فاجأت الصديق والعدو والراعي والرعية ومنبهاً لمسؤولي الدولة والحكومة لمآل الأمور وعدم الاستهانة بقضية الحقوق والحريات. وفي الأخير أوجه رسالة إلى ثائري المؤسسات فلكم مني التحية والتقدير والإجلال على مواقفكم البطولية تجاه الفاسدين الذين تاجروا بدمائكم وعرقكم بثمن بخس ، فلا ربحوا الدنيا ولا الآخرة. ناشط في ساحة التغيير – صنعاء [email protected]