كان يوما مختلفا بكل المقاييس وبدأ شمسه مختلفا عن سائر الأيام فلأول مرة في تاريخ اليمن المعاصر يستعيد الشعب الثائر حقه ليس في فك الأسد وحسب – بل انتزع حقه من أحشاء ودماء أسود الغابة الذين أفسدوا في البر والبحر,صباح الواحد والعشرين من فبراير تفاجأ الجميع في الداخل والخارج وكل المراقبين بالحشود غير المسبوقة إلى صناديق الاقتراع وباعتقادي أن تلك المفاجأة ستشكل صدمة نفسية للنظام وأنصاره الذين سيدخلون في غيبوبة غير منتهية لا يمكن أن يعرف الطب الحديث لها علاجا .وكما تفاجأ صالح والعالم بخروج الشعب بثورة عظيمة أبهرت العالم وما كان يدور بخلدهم أن يعاني شظف العيش والتخلف والأمية والاحتراب وغيرها من المآسي التي تجعل شأن الثورة في بلد كاليمن مفاجأة من العيار الثقيل,فتلك مفاجأة اليمانيين ولا زالت مفاجأتهم تترى ,فيوم 21 فبراير مفاجأة لا تقل عن سابقاتها في 11فبراير من العام الماضي ولم تشهد اليمن إقبالا منقطع النظير كالذي جرى يوم الواحد والعشرين من فبراير على صناديق الاقتراع حتى في قمة التنافس الانتخابي الشديد في 2006م م بين صالح وبن شملان رائد التغيير يرحمه الله . كنت أتمنى أن أضع أول ورقة في صندوق الاقتراع لأعلن للعالم نهاية لعهد صالح ,لكن وجدت الأمنية لدى الآلاف من أبناء اليمن وهي ذاتها وكان التنافس ولم أستطع التأهل كون كثيرين قد سبقوني منذ الساعات الأولى بعد طلوع الفجر استعدادا لتلك اللحظات وحينما كنت أمشي وأرى الطوابير الطويلة أجد الفرح والابتسامة هي اللغة المشتركة بين الجميع وقلة قليلة صودرت الفرحة وكانت وجوههم عابسة من هول الإقبال الشعبي وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ,كل شرائح المجتمع اليمني رسمت بإقبالها المهيب لوحة فنية ستظل خالدة خلود الثورة ,تلك اللوحة الربانية البهية تجلت فيها حكمة أهل اليمن.. وأنت تنظر يمنة ويسره تجد أحاديث الناس حول استعادة الشعب حقه المصادر ومنذ زمن عتيق ,وتجدهم يحلمون ويرسمون المستقبل المنشود ( حرية وعدالة ومواطنة متساوية وكرامة ) حتى الأطفال حضروا يشاركون آباءهم الفرحة ,النساء كن ولا زلن الحصان الأسود في مسار الثورة اليمنية إذ شاركن وبقوة كسرت كل تلك القيود والرهانات الخاسرة وصاحت المرأة ها آنا ذا ألست شريكة وكفى بل أتقدم الصفوف وأضحي وأستلم راية البناء؟ لست أدري ما الذي جعل ساعات ذلك اليوم تمشي خاطفة كالبرق كنت أتمنى أن تطول لنتلذذ بإسقاط النظام، ذلك اليوم لولا دماء الشهداء وتضحيات الجرحى والمعتقلين وصمود الشعب الثائر لما وصلنا إليه ووصل معه عبدربه إلى سدة الحكم.. فتحية إجلال وإكبار لشهدائنا الميامين صانعي فجر اليمن الجديد وإنا على دربهم سائرون.