لم تظهر حكمة اليمنيين كما ظهرت في ميلاد اللقاء المشترك، الذي حقق مكاسب تاريخية على المستوى السياسي والاجتماعي والثقافي .. ربما لا يلحظ البعض ذلك .. لكن بقليل من تصور الفترة الماضية بدون اللقاء المشترك سنعرف الصور (الصعبة) لليمنيين منذ تاريخ تأسيسه حتى الآن.. ولن يكون هناك من مستفيد سوى مشروع التوريث والنظام الذي سقط .. من دون أن يحتسب، وكانت الروح الجديدة في مسار الأحزاب اليمنية العامل الحاسم في كل المعطيات والنتائج. لقد عانى اليمنيون كثيراً من غياب العقل الحزبي .. الذي حول العمل الحزبي إلى أدوات إضعاف وطني شامل لصالح المستبد والمشاريع الصغيرة.. كما تحولت الحزبية قبل المشترك إلى (فقاسة) للتعصب والإقصاء والكراهية وهي أخلاق كافية لتحويل حياة أي مجتمع إلى جحيم.. لقد كانت فكرة اللقاء المشترك حاجة شعبية قبل أن تكون حزبية التقطها قادة على مستوى المسؤولية وفي لحظتها المناسبة وشيدوا بناء من روح وثقافة التوافق والحوار لا يمكن لأحد هده أو تحطيمه مهما حلم البعض بهدم هذا الكيان أو الفكرة التي عبرت عن حاجة المجتمع لبعضه ووطنه.. وثقوا أن المجتمع سيحافظ عليها في كل الأحوال ولن يسلمها للضباع والثعالب. هناك من يتوهمون أن أوهامهم الضيقة لا يمكن أن تتحقق بوجود هذا الصرح الوطني الذي يمنع العبث بقضايا الوطن وطاقات الشعب وأحلامه وهذا صحيح.. إن خبرة وتجربة اللقاء المشترك سرعان ما تحولت إلى حكمة وطنية للأجيال مفادها أن التعصب والإقصاء واحتكار الحقيقة سم الشعوب وافيون المجتمعات.. كما أن التهور لتنفيذ كل أهداف وأحلام المجتمع دفعة واحدة أو اشتراط المثالية الكاملة في العمل السياسي والاجتماعي ليس أكثر من رغبة ملحة لدى البعض في تدمير هذه الاحلام والمشاريع الوطنية من داخلها تحت دعوة (حق يراد به باطل). لم تمت فكرة اللقاء المشترك باغتيال الشهيد جار الله عمر ولن تموت كما يتمنى البعض، وإنما تجذرت في أعماق المجتمع ممهورة بدمائه ودماء كل شهداء الثورة الذين استشهدوا تحت لافتة الوطن والعمل المشترك في وطن مشترك لكل أبنائه، وتحولت التجربة إلى نموذج للعالم العربي يدعو إلى الفخر ليس للأحزاب وإنما للشعب اليمني كمشروع وطني راقٍ ومنقذ لا يسعى في هدمه إلا المسكونون بنوازع العدمية والكراهية للنجاح أو من يحملون المشاريع الصغيرة، النقيض التاريخي للمشاريع الوطنية الناهضة. لقد رأينا من يهلل لخراب المشترك وفشله بمجرد صدور بيان من الحزب الوحدوي الناصري ينتقد فيه تصرفاً رأى من وجهة نظره أن فيه خروجاً على القواعد المنظمة، وهذا عمل طبيعي ونشاط يومي يجري تصحيحه كل يوم كطبيعة ملازمة للحركة الطبيعية غير المكبوتة ولو تمعن (عبده الجندي) ومن لف لفه من ذوي الألوان الباهتة لما (غطرفوا) فرحاً، لأن النقد الذاتي والشفافية من أهم ركائز العمل المشترك، وبهذا تدار الامور وتتطور الآليات المشتركة ويصحح المسار، ف(سعليكم) كما بعض (الهبلان) والموتورين (يشرغون) بفرحهم الأسود. [email protected]