نسافرُ فينا وننسى .. ونعودُ منا فنتذكر .. وما بين ذلك يستمرّ الحلم . إنها الترهات في زحمة الهذيان .. الهذيان قصيدة أخيرة على طاولة العمر .. العمر مسافة ذهول .. الذهول أن نحبو صوب العتمة .. العتمة حكاية أخرى للبصيرة .. البصيرة أحجية.. الأحجية خرافة .. الخرافة ضوء باهت .. الضوء وطن ..الوطن نكاية .. النكاية اغتراب .. الغربة نحن . وأنتَ ياوطني التعيس بنا .. ليس لي بعد نارك إلا الاحتماء بصمتٍ أخبئ فيه ما تبقّى من أشجان الخريف .. وليس بوسعي بعد محاصرة الشفق بشمس الحقيقة إلا التماهي خلف عقارب الكآبة .. علها تغفر أعمارنا التي ذابت على جليد المواعيد .
فقل لي بربك يا صديق الغفلة .. هل للثورة أوان غير المساءات النبيلة ؟ وهل للعطر السماويّ في رصيف الشهداء رقصة ملائكية كدهشة يراودها الغيب ... إلا الصباح العظيم ؟!.
أستغفر الذي أقدارنا بين أصابعه .. فما بين الليل ورصيف الثبات سوى قلب عالق في شتات بوصلة الرؤيا المنكسرة على أشعة الأقدار المتتالية في انعكاس الظل .. الظل الذي يتوق لنا ولا نتوقه.. الظل الذي أودعنا خوف الزمن وأناقة الألم في مراحله الأخيرة من الشفق .. الشفق الذي حمل بطيّاته صور ما نرجو ونأمل .. بعيداً عن تفسيراتنا غير المنطقية حين ندّعي الحقّ كجذوة لا تنطفئ بداخلنا .
فمن سيرسم أرصفة الفرح ونحن في دوامة الرؤى الشريرة ! ويبقى السؤال رهين المنافي المقفرة في قلب الوطن الأخضر بأوهامه .. والعالق في أسوأ أقداره المعفيّة من سؤال العقاب .