نحن بحاجة إلى مراجعة المصطلح, فلقد لحقه هو الآخر كثير من التحوير إن لم يكن التحريف، وأصبح المصطلح ضمن الأشياء السائبة غير المحددة, ومن أمثلة هذا التحوير, أو التحريف: (الأصولية), (السلفية) (الوسطية)...إلخ. فلقد تواضع الوسط الثقافي على أن الأصولية تعني العودة إلى الأصول التي قام عليها الدين الإسلامي, وهي الكتاب والسنة وما يتعلق بهما من استنباط واجتهاد، فحوّر هذا المفهوم ليعني التطرف الديني، وأصبح الأصولي هو المتطرف دينياً, والقارئ الكريم يعلم أن هناك علماً اسمه علم الأصول, يدرس في باب الفقه, وإن تعدد هذا العلم ليصبح علم أصول المذهب الشافعي والزيدي والجعفري... والاختلاف – فيما أفهم – عائد إلى آراء صدرت عن الاختلاف في بعض أسباب نزول بعض آيات القرآن الكريم, ومصطلح الحديث, بحسب تخريج بعض الأحاديث وعزوها للصحة والضعف واختلاف في معايير أخرى, كمعيار (ما عليه الصحابة أو أهل المدينة). أما مصطلح السلف, فإنه يعني ما عليه السابقون من صلحاء المسلمين، وهو في اللغة يعني السابق من الأمم ومقابله الخلف, فنقول: خلف بعد سلف، وبعبارة أخرى كان يفهم من مصطلح السلف ما عليه الرسول وأصحابه من سلوك، وأصبح هذا المصطلح يعني جماعة من المسلمين أصبحت جماعات, بعضهم يدعو إلى الإسلام في عصره الأول، وهذه الجماعة – كما تقول – تنأى بنفسها عن السياسة ولا تجيز الخروج على الحاكم ما لم يدع إلى كفر بواح، والكفر البواح هو إنكار معلوم من الدين بالضرورة, أما غير ذلك فواجب المسلمين السمع والطاعة للحاكم مع النصح له إن أمكن, إن لم يدع هذا النصح إلى منكر أشد, وعادة تسير هذه الجماعة في القرى تدعو إلى الحفاظ على الصلوات وأداء الفروض الأخرى, وتدعو إلى الخروج بدعوة الناس في القرى (في سبيل الله)، وأحياناً يسافر بعض أفرادها إلى مؤتمرات في الخارج!!. وهناك جماعة أخرى سلفية, يطلق عليها السلفية الجهادية، وهي تخول نفسها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقوة، وتدعو إلى قلب نظام الحكم بالقوة, كما فعل (السلفي) جهيمان العتيبي في السعودية، وكما فعل بن لادن في بلاد الأفغان، وكما يدعو إلى ذلك بعض أتباعه في العالم كما يحدث في (أبين) وغيرها. ويزعم بعض الباحثين إلى أن السلفية هي منهج واحد, تبدأ بالدعوة إلى التمسك بالسنة اقتداء برسول الله في المطعم والمشرب ثم تنتهي بالاقتداء في (الغزوات) و(الجهاد). وغداً سنتحدث عن المصطلح الثالث وهو (الوسطية).