عبهلة العنسي الذي اشتهر بالأسود العنسي، هو أوّل من ادّعى النبوّة بعد سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم، وكان ذلك في عهد النبي وبعد أن بلغه أنه مريض ، فأشهر دعواه وتبعته بعض القبائل من اليمن وخلال فترة قصيرة استطاع أن يملك صنعاء ونجران وحضرموت.. وقتل بصنعاء حاكمها من الفرس شهر بن باذان وكل الفرس الذين معه والذين كانوا يسمّون بالأبناء واغتصب زوجته وكانت تسمى “أزاد” وقد كان فيروز الدّيلمي ابن عمّها وكانت هي مسلمة فتواطآ على قتله.. فسقته الخمرة حتى غاب وعيه ودخل عليه فيروز ورفيقاه وقتله فخار خواراً عظيماً.. ومن طريف ما يذكر أنّه حين جاء حرسه يستطلعون عن الخبر قالت لهم “أزاد”: إنّ نبيّكم يوحى إليه. وبشّر رسول الله أصحابه بقتله فقال: “قُتل العنسي البارحة؛ قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين” قيل: من؟، قال: “فيروز، فاز فيروز”.. * * * * ثم حدثت معركة بين المسلمين وأتباع عبهلة فألقى فيروز برأس الكذّاب في أوساط الأتباع فتفرقوا وعاد الإسلام يحكم اليمن بمخاليفه كلها ولم تزد فترة نبوّة الأسود وفتوحاته كلها عن ثلاثة أشهر. كان عبهلة يمتحن المسلمين لكي يردهم عن دينهم ويعذّبهم، وكان من هؤلاء وليّ آخر من اليمن مثل أويس القرني آمن برسول الله صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم ولم يره رغم أنّه عاصره وهو أبو مسلم الخولاني. * * * * أبو مسلم هذا لما ادّعى الأسود العنسي النبوّة في اليمن جيء به إليه فقال له: أتؤمن بي أنّني نبيّ؟ قال : لا أسمع. ثم كررها وهو يقول له لا أسمع ثم قال له: أتؤمن بأن محمداً رسول الله؟ قال: نعم. فغضب عليه الأسود وأشعل له ناراً عظيمة وألقاه فيها ولكن النار لم تحرقه وبقي فيها يصلي والناس ينظرون.. قال أتباع الأسود: عليك أن تبعده من هنا وإلا افتتن الناس به.. فأبعده عنه وتركه طليقاً. جاء أبومسلم إلى المدينة المنوّرة بعد موت رسول الله فعرفه الصحابة وكان ذلك في خلافة سيدنا أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه فكان ينظر إليه الصدّيق ويقول: الحمد لله الذي أراني قبل موتي من أمّة محمّد من فُعل به مثل ما فُعل بأبينا إبراهيم عليه السلام.