حين ترى الصباحات عابسة باهتة المحيا كئيبة جرداء مقفرة.. حين ترى الزهور ذابلة ملتوية الأعناق إلى الأدنى, والدوالي مرتخية الأغصان تتضرع إلى السماء ,تستجدي الغيم رشفة ماء فتمطرها حمماً ودخاناً .. حين ترى الكائنات تائهة ,والحياة تسير بلا بوصلة .. والأسى يكسو الوجوه يتدلى من شرفات البيوت مثل اللحى الكثة المسبلة .. حين ترى الشمس مكفهرة ,والأفق متشحاً بالسواد.. حين تنسى الطيور ابتهالاتها, وتتكلس أوردة السواقي , ويجف الندى من شفاه الغبش.. قل : إذاًمات شاعر قل : إن أشداق الموت التهمت كاتباً .. قل إن نصال الردى احتزت أنامل فنان ,ومزقت أوتار عود المغني , وأن نايا جميلاً تحطم تحت أقدام الفاجعة .. حين تتحسس بسمعك ومضة هديل وتناهيد مغن فتسمع أنين الحروف , ونشيج الكلمات المكلومة .. قل : إن صالح عبده دحان الأغبري.. حزم مواجع عمره, ومضى يجتاز تخوم الدنيا نحو الغياب المنتظر تاركاً قصاصات من دفتر عشقه القديم متناثرة في مهب رياح التناسي, وحيف التجاهل ,ومخلفاً قلمًا أنذر صوماً عن الكلام منذ زمنً بعيد... صالح الدحان كان بحاجة ماسة للموت عله ينبئ الناس انه لازال حياً ,ولم يمت بعد... لست ممن جادت عليهم السماء بقراءة روايته اليتيمة (أنت شيوعي), ولا كثيراً من كتاباته العميقة المصبوغة بلون المهنية , وعمق وفراسة القارئ الكاتب المدرك لجدلية الأحداث ,وتصادم النقائض, وتوحد الأضداد. (لماذات) قليلة فقط علقت في الذهن ,واذكت في أعماقي جذاذات الشجن ,والتوق لقراءات نتاجه.. ولكن أنى لي ذلك في وطن لا يجيد شيئاً كإجادته لمحو إبداعات أبنائه ونسيانهم, ولا يتذكرهم إلا ببيان نعي مقتضب إسقاطاً للواجب , وتقليداً روتينياً متبعاً يعود الفضل فيه للموت فقط. * * * * إلى صالح الدحان ... إلى أين تأوي القصيدة يا سيدي. وبمن سيلوذ الكلام .. وكيف سيشدو المغني, وفي أي أفق سيشدو الحمام.. أفي وطن أفقه لجة من دماء.. صباحاته غابة من ظلام.. رابط المقال على الفيس بوك