المبدعون في هذا البلد كثير ، لكن لا نرى يطفو على السطح إلا منْ واتته الظروف منهم من الذين استطاعوا أن يمدوا علاقة مع وسائل الإعلام، وهذه العلاقة تكون نتاج صدفة عابرة في مجلس قات أو في توصية محب أو معجب لهذا المبدع أو ذاك.. فالاهتمام بالمبدعين في بلادنا ليس ثقافة تتمثلها المؤسسات الثقافية أو منْ لهم اليد بالاهتمام بالمبدعين، وهذا الأمر لا يُستغرب في بلد أضاع نوابغه القدامى والجدد؟! فنحن عادة لا نسمع عن هذا المبدع إلا إذا سطع نجمه في دولة أخرى شارك في مسابقة أو محفل أقيم على أراضيها أو بعد وفاته إذا أراد محبوه أن يذكروا فقيدهم ..فكم من مبدعينا لم يحظوا بتكريم يليق بهم وبقاماتهم السامقة في كل المجالات وظل هذا التجاهل حتى رحيلهم والأسماء كثيرة. أنا لا أقول أن يتم تكريم المبدعين لأنهم جاءوا من كوكب آخر أو لأن لهم قداسة أو غير ذلك بل نريد من الحكومة أو المؤسسات الثقافية أن تضمن لهؤلاء المبدعين حياة كريمة تمكنهم من الاستمرار في عطاءاتهم الإبداعية، مع أن الحياة الكريمة هي مطلب لكل الناس سواء كانوا مبدعين أو غير ذلك. كل هذا الكلام أسوقه وانا أتابع التجاهل الذي يحدث حيال تدهور صحة الفنان التشكيلي المبدع/ عبدالجبار نعمان، هذا المبدع الإنسان الذي لم يُلتفت إليه من الذين بيدهم القرار في سفرية إلى دولة أخرى لتلقي العلاج من آلامه …ألا يستحق هذا الرجل من حكومته ذلك ؟ ألا يستحق عبدالجبار نعمان الذي رفع اسم اليمن عاليا في كل المحافل الدولية التي عرض فيها لوحاته الإبداعية ؟ تلك اللوحات التي تزين جدران منظمة الأممالمتحدة ( جدارية الحرب والسلام) والمباني الحكومية من القصر الجمهوري إلى البنك المركزي مرورا بوزارة الخارجية والثقافة وغيرها .. وما هي موضوعات لوحاته ؟ إنها اليمن في أدق تفاصيلها ..الإنسان والمعمار والحضارة والعادات والتقاليد .. عبدالجبار نعمان ذلك الإنسان البسيط و الفنان المبدع الذي صبغ اليمن بلون البنفسج - لون العظمة - في عشق متواصل مع هذه الأرض التي يقول عنها “ لم أعشق في حياتي شيئا أكثر من عشقي حركة سوق صنعاء” ألا يستحق لفتة منا في مرضه الذي يمر به ؟ إن لوحات هذا الفنان المبدع ستظل شاخصة أمام أعيننا جميعا - خاصة مسؤولينا- وكأنها رسالة عتاب إلى كل منْ قصر أو تهاون - وبيده القدرة - في مد يد العون لهذا الرجل .. فيا كل مسؤول في هذا البلد الذي ضمّنه عبدالجبار نعمان في لوحة من لوحاته، كن مسؤولاً عن هذا المبدع.. و يا كل مؤسسة ثقافية أين همّ الثقافة والإبداع عندك تجاه هذا المبدع ؟ و يا كل متذوق للفن والإبداع في لوحات هذا الفنان ،ألا ترجمت هذا التذوق إلى مطالبة ومناشدة لأجل هذا الفنان؟ إننا بصمتنا وتقصيرنا نقول لكل مبدع فينا أو مشروع مبدع ، لا تبدع ولا تفكر في الإبداع ولا تكن كذلك فمنْ قدّر قيمة المبدعين الذين سبقوك لكي يقدروك أنت ؟ وأخيراً اختتم بجزء من كلمة الأستاذ خالد الرويشان - وزير الثقافة الأسبق - التي ألقاها في حفل تكريم الفنان عبدالجبار نعمان عام 2006م «عبدالجبار نعمان سماءٌ من البنفسج.. أم جراح تغنّي؟ ترى.. منْ أسال رمانة قلبك؟ منْ كسر زجاجة روحك فسالت لوعتنا وثملت جفوننا؟ منْ فتق برعم صبابتك؟ وسكب وجد أقحوانك؟ وهتك استار نأيك؟ هذا بركان عاطفتك، فما كذب اللون وهذه أطياف هديلك فما كذب الحلم فسلامٌ على رفيف ضوئك ورفرفات لونك سلام على نأيك وقربك أصابعك سماء وريشتك أهداب وإطلالتك أغنية» رابط المقال على الفيس بوك