في ظل الأوضاع التي لا تسر في مجال الأمن الغذائي الذي بات مرهوناً بالظروف غير المستقرة لاستيراد القمح والحبوب من خارج الوطن .. ونتيجة لاهتزاز الثقة بالمنتجات الخارجية من قبل أبناء اليمن .. لابد أن يعود اليمنيون إلى جذورهم في الاهتمام بالزراعة الذي يعد خطوة مهمة وفاعلة في سبيل تحقيق الأمن الغذائي وفي مسيرة التنمية الاقتصادية والزراعية المنشودة .. حيث سيتحقق الاكتفاء الذاتي من خلال إنتاج حاجة البلاد من القمح والحبوب من خيرات الأرض الطيبة في العربية السعيدة .. البلد التي وصفها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بقوله جل وعلا ( بلدة طيبة وربٌ غفور ) .. ولتحقيق هذه العودة الحميدة يجب توفير العوامل المساعدة على الاهتمام بالزراعة والاعتماد على حُسن استغلال الموارد الطبيعية المتاحة المتمثلة في الأرض والمياه لزراعة القمح والحبوب والفواكه والخضار سعياً لتوفير الأمن الغذائي لشعبنا الصبور الجسور .. ومن أهم تلك العوامل قيام الجهات المعنية بإجراء المسح اللازم لتوفير المعلومات المساعدة في اتخاذ القرارات المتعلقة بدعم زراعة القمح بأقصى سرعة .. وتنمية مصادر المياه والاهتمام بالتربة الخصبة مما يسهم بفاعلية في توسيع مساحة هذه الزراعة .. وكذلك دعم المزارعين ومساعدتهم في الحصول على القروض الميسرة والمعدات والخدمات الزراعية اللازمة .. وتوفير البذور المحسنة لهم والأسمدة والمبيدات الضرورية بأسعار مدعومة .. إضافة إلى مساندة من يقوم بزراعة مساحة واسعة من القمح بالتعاقد معه على شراء الإنتاج بأسعار تشجيعية .. وتيسير حصوله على الآلات الزراعية بتسهيلات ودون فوائد مالية .. ومن العوامل المهمة أيضاً ضرورة تذليل كافة العوائق أمام الاستثمار في زراعة القمح والحبوب ، وإزالة جميع القيود والإحباطات المعيقة لرؤوس الأموال الوطنية .. وتشجيع إنشاء شركات وجمعيات زراعية متخصصة في زراعة وإنتاج القمح ، وسن تشريعات وسياسات محفزة لزراعته وإنتاجه باعتباره مادة ضرورية وسلعة استراتيجية .. ومن جانب آخر ينبغي تشجيع إجراء الدراسات والبحوث التي يمكن الاستفادة منها في توسيع زراعة وإنتاج القمح والحبوب ، وحث الجامعات والمعاهد المتخصصة على تبني إجراء هذه الدراسات .. بحيث يتضمن ذلك دراسة دقيقة للمناطق التي يمكن زراعة القمح بها بكميات كبيرة كمحافظات ( الجوف ومأرب وحضرموت ) وغيرها من المناطق في سهول اليمن والوديان والمرتفعات .. ومساعدة المزارعين على توفير المواد والآلات والمعدات اللازمة للزراعة كالأسمدة والبذور ومضخات المياه و( الحراثات ) .. وكذلك العمل على توفير عوامل الإرشاد والتوعية لضمان الإنتاج الجيد من القمح حيث يجب اختيار المواعيد المناسبة لزراعته ، واستخدام الميكنة الزراعية بالطرق السليمة .. وأيضاً استخدام الدورة الزراعية بتبادل زراعة المحاصيل على نفس الأرض وغيرها من الإرشادات المهمة .. ولا نغفل التأكيد على أهمية تنظيم المؤتمرات والندوات واللقاءات في هذه الشؤون .. لدراسة الأوضاع وتقديم التوصيات والمقترحات ووضع الحلول والمعالجات المناسبة لزراعة وإنتاج القمح بوفرة بشكل مدروس ومأمون .. ويظل حلم تحقيق الأمن الغذائي في اليمن السعيد قائماً ومشروعاً وأملاً لكل وطني مخلص لهذه الأرض الطيبة كي يتحقق الاكتفاء الذاتي لهذا الشعب الأصيل .. فلا شك أن من لا يملك غذاءه لا يملك قراره ، وما يحدث من عبث في مصير ومعيشة عدد من الشعوب من قبل قوى الاستعمار الحديث أكبر شاهد ودليل .. فهل تحدث المعجزة ويتحقق هذا الحلم المشروع ، بالتأكيد أمر ممكن في حال صلاح النوايا وحسن أداء الجهات المعنية وفق خطط وبرامج مدروسة قابلة للتنفيذ ، بحيث توضع لتلك الخطط والبرامج آلية تنفذ بصورة فعلية .. وتلك هي القضية . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك