لا شيء أرخص وأسهل من الموت في هذا البلد . يتساقط اليمنيون كالفراشات بينما لا تكترث الحكومات المتعاقبة بما فيها حكومة السيد محمد سالم باسندوة لهم أو تكلف نفسها عناء البحث عن حلول لتجنيبهم أسباب الموت المتربص بهم في كل الشوارع والأزقة ليحصد أرواحهم بالجملة ثم يُخرج لسانه ساخراً في وجهنا فلا نملك حينها سوى الحسرة والألم. الحديث لا يتعلق بمشكلة الانفلات الأمني في كثير من المحافظات اليمنية الذي حصد ويحصد كل يوم عشرات الأبرياء ، كما انه لا يرتبط بمستشفيات الموت وملائكة العذاب فيها، الذين ينظرون إلى أرواح البشر باعتبارها أحقر من جناح بعوضة ، وإنما الحديث عن المطبات في الطرق السريعة التي يقدر ضحاياها بأضعاف ضحايا الانفلات الأمني. وفقاً لإحصائية رسمية فقد حصدت الطرق السريعة أو ما بات يعرف ب «حرب الطرقات» خلال السنوات الخمس الفائتة أرواح نحو 20 الف مواطن يمني في حين لقي اكثر من 800 شخص حتفهم خلال الشهور الرابعة الأولى من هذا العام فضلاً عن عشرات الآلاف من الجرحى وخسائر مادية تقدر بمليارات الريالات. لنترك الحديث عن السرعة الزائدة والتجاوز الخاطئ اللذين يتحفنا مسئولو وزارة الداخلية والإدارة العامة لشرطة السير بالحديث عنهما كسببين رئيسين لوقوع هذه الحوادث ونتساءل : هل تمتلك الطرق السريعة في بلدنا أدنى وسائل السلامة والأمان!!؟ . في 286 كيلومتر هي المسافة الممتدة بين مدينة تعز والعاصمة صنعاء هناك ما يقارب 187 مطب مزروعاً بطريقة عشوائية ، أي بمعدل مطباً واحداً في كل 1,5 كيلو متر وهذا الرقم مرشح للزيادة طبعاً . يقول “عياش “ وهو شاب ثلاثيني من أبناء منطقة دار سلم ويعمل سائقاً لإحدى سيارات “ البيجوت” بأنه شاهد بعينيه نحو أربعة حوادث خلال تنقله بين صنعاءوتعز في الأيام العشر الأولى من شهر رمضان نتيجة هذه المطبات التي يتفاجأ بها السائقون حد قوله. انه رقم مثير للدهشة. ما الداعي لوضع كل هذه المطبات وما دور مكاتب الأشغال في المحافظات ؟ .. ثم وهو الأهم: أليس الأجدر بشرطة السير أن تسعى بالتنسيق مع المكاتب الحكومية المعنية بهذا الأمر إلى العمل على إزالة هذا الكم الهائل من المطبات التي تساهم بشكل أو بآخر في وقوع كثير من الحوادث ، وان تحاسب من يقوم باستحداثها عبثاً ، قبل أن تتحجج بالسرعة الزائدة والحالة الفنية للمركبات. تعجز حكوماتنا الرشيدة في توفير «حبة اسبرين» واحدة لمواطنيها لكن بإمكانها أن توفر مليون سبب وطريقة لموتهم ، لذلك ليس غريباً أن يصبح الموت عادة متكررة أو طقس يومي تتكرر مشاهدته كل يوم. إنها حكومات سادية تتلذذ بموت هذا الشعب الذي ابتلاه الله بمسئولين لا يمتلكون ذرة بسيطة من الشعور بمسئولياتهم تجاه شعبهم. رابط المقال على الفيس بوك