الله هو الذي خلق الإنسان ، وهو أعلم بما يفسده ويصلحه ، وأمره بعبادته سبحانه بإختياره ، فإذا ما ألتزم الإنسان هذا الأمر ، وجب عليه إتباع تعاليم الخالق في العبادة ومن هنا جاء الإستنكار الإلهي ( أم لهم شُركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) ؟. وشنّع سبحانه وتعالى الرهبنة وذلك التخشع الكاذب (..ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ). لماذا العبادة ؟ حركة المسلم كلها عبادات ، لكن هناك العبادة الشعائرية الخاصة . صلاة ، صيام ، حج ، ذكر ، إنفاق ، تلاوة ، إعتكاف ، زيارة مريض ، صلة رحم ، ...الخ . هذا النوع من الشعائر هدفه دوام الصلة بالله سبحانه وتعالى ، وهذه الصلة تعني القرب منه سبحانه ، وهذا القرب تشريف وتعظيم لمنزلة الفرد المؤدي للشعائر وفقا ً للشروط والآداب ، وهنا تزكوا روحه ، وتتهذب شهواته وهذا يعني في النهاية : إنسجام الفرد مع ا لحياة – بسبب سلوكه الملتزم . فهو الإنسان المتعبد بإختصار يكون قد تحقق معه في هذا التعبد أمران ، الأول عبادة الله ، الثاني : الخُلق الحسن مع الآخرين . إذن : العبادات هي تهذيب الشهوات وليس قمعها ، فالقمع يعني محاربة النظرة البشرية ، ولما حاول الرهبان والقساوسة رفض الزواج ها نحن نُسمِعهم فضائح متكررة وجرائم لواط . فالقرآن الكريم دعانا إلى التوسط في كل شيئ ، وسمّانا الله الأمة الوسط ،الإسلام باختصار يمكننا القول : أنه صحة نفسية ونشاط ، وصحوة وضمير وعقل ويقظة قلب ، ونظافة ، ونظام ، لكن بعض الدخلاء على الدين بلا فقه ولا علم ، وإنما أخذوا قشور التصوف وترهبنوا ، فتحول التدين في الإسلام إلى مرض نفسي ..وحاشا رب العباد ، ورسوله القائد للعقول إلى مرافئ الحكمة ، وكمثال سريع : الكبر حرام حرمه الله ومقته وذمه وكذا الرسول صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فلم يقل لنا رب العزة اقتلوا الكبر ، وإنما قال تواضعوا ..تهذيب . وقال : ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ، ولم يقل للمسلم لا تكن عزيزا ً ، بل قال له : من كان يريد العزة فإن العزة لله جميعا ، فالعزة دينيا ً مطلوبة . والكبر مرفوض ، ولكن الذي حصل عند الدخلاء الذين بلا فقه : أن التزكية إنحرفت تماما ً وأصبحت العزة محل مقت وكأنها الكبر وهذا الإنحراف أدى إلى تضعضع الأمة وهدهدتها حتى دخلت في غطيط عميق . فتأخرت أمة الإسلام حضاريا ً ، لقد حاولت التربية التزكوية عند الصوفية – إلا القليل منهم – أن تجعل الفرد يسعى لخلاص نفسه فقط ، خلاص فردي ، وأكثروا عليه من العبادات + صراع مع النفس ليل نهار ، ويتمنى ينجح في مغالبته لنفسه وهيهات ومن الطرائف المتصلة بالعبادات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، نورد هذه القصة . قيل أن أحد العُباد – في صنعاء – كان له جار يهودي ، ونظرا ً لتعبد المسلم وتنطعه الشديد ، أعجب به اليهودي فأسلم وخلال اليومين الأولى تلذذ بالإسلام . وكان لديه (كوفية ) أعطاها للمسلم هدية ، وفي اليوم الثالث أطل شهر رجب فقال العابد للمسلم الجديد رجب شهر الله فصامه كله ، وجاء شعبان فقال له ، وشعبان شهر محمد ، وجار رمضان فقال له هذا شهر الأمة . فصام الرجل (3) أشهر متوالية وما جاء عيد الفطر إلا والرجل يكاد يذهب مع الريح من شدة الهُزال ! وفرح بالعيد فقال له العابد : باقي ست من شوال . فقام الرجل وقال له : أعطني كوفيتي لا أريدُ الإسلام ؟! وإذن : فإن هذه الروايات لا أصل لها في الشرع ، ويكفي أنها نفرت الرجل من الإسلام . الخلاصة : العبادة هي شعائر محدودة – يُريدُ الله بكم اليُسر ...وهذه هي العبادة التي تعود بركتها على النفس – الفرد والمجتمع – هذه هي العبادة الحقة . وتلك ثمارها وفوائدها وغير هذا فهو تحريف ناجم عن جهل ، المؤسف أنه جهل مغلق بأسم الدين وهو مرض نفسي ليس إلا . رابط المقال على الفيس بوك