في رحاب أهل الله «15» هو الفقيه الصوفي بدر الدين الحسين بن الصديق بن الأهدل ،ويقول صاحب كتاب تاريخ النور السافر عن خيار القرن العاشر في ترجمة الشيخ حسين الأهدل “كان مولده في ربيع الثاني سنة 805ه - 1403م في أبيات حسين قرية من قرى وادي زبيد بتهامة ونشأ بها وبنواحيها واشتغل بها بالفقه على الفقيهين أبي بكر بن قيعص وأبي القسم بن عمر بن مطير ثم انتقل إلى المراوعة واشتغل بها على الفقيه أبي بكر بن أبي القسم ثم دخل زبيد 868ه -1464م فاشتغل في الفقه على عمر الفتى وغيره وفي الأدب على ابن الزين الشرجبي وحج سنة 872ه - 1468م. ولسنا نبالغ إذا قلنا إنّ الصوفية في تهامة كانت لها شأن عظيم، والكثير من أقطاب شيوخ الصوفية كانوا من تهامة الذين ساحوا في العديد من مناطق اليمن ونشروا بها الكثير من القيم والمُثل الصوفية ،وعلى وجه التحديد في مدينة عدن التي كانت قبلة شيوخ الصوفية ،فكانوا يفرون إليها من ظلم الأمراء والسلاطين والملوك فيجدون في أحضانها الملجأ والملاذ يلوذون بها من الفتن والقلاقل والاضطرابات التي كانت تحدث في مسقط رأسهم بين حين وآخر من جراء ظلم الحكام مثلما حدث في عهد عبد النبي بن علي بن مهدي الذي نكّل بكبار شيوخ الصوفية في مدينة زبيد حاضرة التصوف في تهامة وأعمل السيف فيهم. والحقيقة أنّ هناك عاملاً هاماً آخر جعل العديد من شيوخ الصوفية أمثال الحسين بن الأهدل يستقروا في عدن بسبب أنّ عدناً كانت مدينة مفتوحة منفتحة ،على ثقافات الآخرين فمثلما كانت تأتيها السلع والبضائع من كل مكان من بقاع العالم، فكانت تأتيها التيارات الصوفية المختلفة والمتنوعة من تلك الأصقاع ، فكانت السفن تحمل على متنها البضائع المتنوعة كانت أيضاً تحمل الأفكار والآراء الصوفية المتباينة مما أكسبت مدينة عدن تسامحاً كبيراً في حرية الفكر، أي أنها لم تكن مدينة منغلقة أو معزولة عمّا يدور من حولها من مشارب فكرية مختلفة ومنها الفكر الصوفي. ويذكر صاحب تاريخ النور السافر بأنّ الحسين بن الصديق بن الأهدل دخل عدن سنة 868ه1464م وهو في سن 63عاماً وعاش فيها لمدة 35 سنة واستقر به المقام في أحد أعرق أحياء مدينة كريتر “حافة حسين” التي نسبت إلى مسجده وكانت قبل ذلك “ حافة حسين” تسمى قديماً بحي الشاذلي نسبة إلى الطريقة الصوفية الشاذلية، نظراً لحضورها الكبير في مدينة عدن القديمة وتوارى اسم حي الشاذلية مع مرور الأيام والسنين وأطل اسم جديد وهو حي الحسين على اسم مؤسس مسجد حسين الأهدل سمي الحي باسمه. ونظراً لأن الدول السُنية التي ظهرت على مسرح اليمن السياسي كالدولة الرسولية والدولة الطاهرية كانت تولي عناية فائقة بالصوفية وشيوخها الكبار بحسب قول الباحث والمؤرخ عبد الله الحبشي، فقد بات الحسين بن الأهدل من كبار أقطاب شيوخ الصوفية في عدنواليمن بشكل عام وكان من الطبيعي أنّ يلتف حوله الكثير جداً من الأتباع والمريدين مما جعله مهيباً بين الوجهاء، فكان الأمراء والحكام يحسبون له ألف حساب بعد أن انتشرت شهرته في كل مكان من اليمن، وقد وصفه محيي الدين عبد القادر العيدروس بالصوفي والفقيه والأديب وذلك يعطينا فكرة عن شخصيته العلمية بأنه كان رجل علم ومعرفة ويمتلك موهبة في الأدب والشعر كما كان بليغاً حكيماً وعالماً فقيها في أمور الدين ويدرس الحديث والفقه والنحو. وفي مسجد حسين القابع في عدن القديمة “كريتر” يرقد الفقيه الصوفي بدر الدين الحسين بن الصديق الذي توفي 915ه وشُيد له مسجداً بجانب ضريحه في العام 1847م وكانت تقام له زيارة سنوية في 16ربيع الآخر من كل عام. رابط المقال على الفيس بوك