يسقط مفهوم الوطن في وعي الإسلام السياسي، تصبح الهوية الوطنية هي الدينية فقط. تُهان أحلام الدولة المدنية من قبل أولئك الذين يشوّهونها ويفرغونها من مضمونها قياساً، وتأجيجهم الدؤوب لمفهوم الدولة الدينية خلافة كانت أم ولاية. يقدم هؤلاء على التحالف مع الشيطان من أجل تحقيق مآربهم العليا تلك، يتم التفريط بالوطن لصالح مشروعي الخلافة أو الإمامة، ويتم احتقار الفرد. يمحق مفهوم الشعب بشناعة ممنهجة، تكون مصلحة الجماعة المنفّذة للحكم قبل مصلحة الوطن دائماً. تتفاقم فكرة الجهاد، لا صوت يعلو فوق صوت الفتوى، تتخرب قيمة الوحدة الوطنية، يكون المعنى الوحيد للهيئات الدينية التي تزعم التعبير عن الشعب بالتشدُّد وبالقوة. ينغلق المجتمع على نمط أحادي التثقيف أكثر ما يتسم به هو التعصب، وتصاب بالشلل مفاهيم القانون والحريات والانفتاح وحقوق الإنسان. تزعم الدولة الدينية احتكارها الحقيقة الدينية، ولا مجال لحرية الرؤية المخالفة أو للاختيار الآخر إلا نادراً و بمشقّة، يزدهر الكهنوت البائد، يخاصمنا المستقبل التقدّمي. يطبق رجال الاستغلال السياسي للدين وصايتهم القهرية على المجتمع ومؤسسات الدولة دون أية مساءلة أو اعتراض. لا تحترم الدول الدينية - خلافاً للدولة المدنية - أية خصوصيات أو تعدُّديات مجتمعية كما ينبغي. يسود منطق الإرهاب التكفيري في الدول الدينية، ويكتوي به كل صاحب وجهة نظر أو رأي مستقل، تسقط الأوطان في هاوية منظّري وهم وعبث الدولة الدينية. يصبح فكر الإسلام السياسي في تمام الاستبداد حين يتمكّن دعاته من الحكم؛ مثلهم مثل العسكر.. بل أسوأ..!!. [email protected]