لا تقل أهمية وشأناً عن الحرب الدائرة اليوم في محافظتي أبين وشبوة إن لم تكن أولوية وطنية ضد عناصر الإرهاب والجماعات المسلحة، التي تعبث بأمن الوطن واستقراره، وتهدد النسيج الوطني بفكرها المتطرف وسلوكها الإجرامي.. لذا فالحرب عليها ضرورة وطنية لتخليص الوطن من شرها وفكرها العنيف، وحظيت هذه الحرب على الإرهاب بتأييد شعبي واصطفاف وطني مع قوات الجيش لمواجهة عناصر الإرهاب. فبموازاة الحرب على الإرهاب وكل هذا الاصطفاف الوطني والتأييد الشعبي للجيش لاجتثاث الإرهاب.. ينبغي أن نستغل هذا الزخم والتأييد الشعبي لنخوض معركة حربنا المقدسة ومعركتنا الأهم في سلم أولوياتنا الوطنية وهي الحرب على الفساد بكل أشكاله وصوره. فالحرب على الفساد.. مطلب شعبي ووطني لإنهاء كل هذا العبث والدمار الحاصل اليوم، فهو أن المشاكل والكوارث التي نعيشها، وتهدد أمننا واستقرارنا.. وهو الإرهاب “الفساد” الحقيقي، لأنه متغلغل ومستشرٍ في طول البلاد وعرضها.. وينخر مؤسسات الدولة كلها.. حتى لكأنه أصبح جزءاً من سلوكنا وحياتنا، ولازمة يمنية لا يمكننا الاستغناء عنها. الحرب الحقيقية التي نريدها وهذا لا يعني أن الحرب على الإرهاب لا تهمنا ولكنها برأيي تأتي تالية في سلم اهتمامنا الوطني والتي تهمنا كيمنيين بالدرجة الأولى هي الحرب على رأس الشر والإرهاب وأم الفتن والمصائب وهو الفساد.. الفساد الذي حول حياة اليمنيين جحيماً لا يطاق.. وجعل اليمن تتذيل دائما ً الترتيب الدولي للأمن والتنمية والاستقرار.. نريد الحرب على الفساد المالي والإداري.. وشبكة المصالح الانتهازية التي أنهكت الوطن فساداً ونهباً وتدميراً.. براً وبحراً. نريد حرباً حقيقية على كل عابث بأمن الوطن.. ومن يشعل الفوضى والفتن.. الحرب على من يفرق اليمن في الظلام.. ويخرب أبراج الكهرباء.. ويفجر أنابيب النفط والغاز حرب على من يقطع الطريق ويسلب المواطنين أموالهم وحياتهم حرب على من يفجر المدارس والمساجد ويغتال كوادر الأمن والجيش، حرب على من يمارس الاختطاف لغرض الابتزاز ومن يعطل الاقتصاد ويعطل السياحة. الحرب على ثقافة الفيد والنهب والتخريب والتدمير وشبكات التهريب المنظم العرب على سارقي ثروات الشعب وناهبي المال العام. الحرب على الفقر والتهميش وامتهان كرامة الإنسان والرشوة والواسطة والمحسوبية وأولويات الفاسد الممنهج في مرافق ومؤسسات الدولة. فالحرب على الفساد ومنظومته هو الإصلاح الحقيقي لحل مشاكلنا وأزماتنا والمدخل الوحيد والناجح لنهضة الوطن وتقدمه وازدهاره إذ لا يمكن لأية إرادة سياسية أن تحقق نهضة وتقدماً واستقراراً لوطنها إلا بمقدار جديتها في محاربة الفساد ومواجهته بشتى السبل والوسائل من خلال التوعية المجتمعية بمخاطر الفساد على الوطن أو الإرادة الوطنية لفرض هيبة الدولة أو محاصرته بوسائل تشريعية وقوانين دستورية تجفف منابعه وشبكاته المتغلغلة في جسد الوطن اليمني. حروبنا وصراعاتنا كلها مع بعضنا البعض سببها الفساد والإفساد والخاسر الوحيد في كل حروبنا هو الوطن، التنمية، الأمن، الاستقرار حتى في حروبنا مع عناصر الإرهاب القاعدي وإن كانت ضرورية ووطنية إلا أنها تسحب من طاقتنا وإمكانياتنا نحو البناء والتنمية والتطور والاقتصاد، فالحرب الوحيدة التي يمكننا أن نكسبها ونخرج منها منتصرين هي معركتنا على الفساد معركتنا ضد التخريب والفوضى والإهمال. معركتنا ضد المصالح الضيقة والمشاريع الصغيرة و«الأنا» الحزبية والفئوية معركتنا كيف ننتصر في ميادين البناء والتعمير بسلاح العلم والعمل في مواجهة مشعلي الفتن والحروب. فإذا نحن انتصرنا في معركتنا ضد الفساد سنقضي على الفقر والفكر المتطرف وكل أشكال العنف والإرهاب وهذا لن يتحقق إلا بتكاتفنا صفاً واحداً ضد الفساد، الإرهاب والعدو الأول لليمنيين كافة ولكن يبدو أن هناك قوى دولية تتاجر بالإرهاب والإرهابيين وتريد أن تتخذ من اليمن ساحة جديدة للحرب مع الإرهاب فقط، وتشغلنا عن معركتنا نحو البناء والاقتصاد. فالفساد حرب على الوطن فلننتهز هذه الفرصة التاريخية وهذا التأييد الشعبي والوطني ضد الإرهاب وعناصره ونبدأ معركتنا التصحيحية ضد إرهاب «الفساد» الذي أهلك الوطن والأرض والإنسان.