يتكثّف النور في رمضان، وعندما يأتي يوم الجمعة يزداد هذا النور وتزداد فرص المؤمنين لاقتناص الخير وامتلاك خيوط النور؛ هنا محراب الزمن ولب الأيام، له من الأسرار ما نعلم وما لا نعلم, يكفي أن شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن؛ فهو إذاً سيّد الشهور؛ اختصّه الله أن يكون وعاءً لنزول النور المسكوب من السماء, لم يعد زمناً عابراً ولا يوماً من الأيام. في جوهره روح لمن يريد الروح، ونور لمن يعشق النور، وهل هناك أحب من النور وأحلى من الضوء والضياء في جوانب نفسك وحدائق روحك، نور رمضان هديّة تبدّد الظلام داخل النفوس، ومعها تزول الكآبة، ويحل الأمان النفسي والروحي، ولا يحل الأمان إلا بالقُرب والاقتراب من الله؛ وهاهي فرصة محدّدة من هذا الاقتراب دلّك عليها الخالق الرحيم حبّاً فيك ورحمة بك؛ فلا تهرب منها بسبب نكدك والنسيان وضعف عزيمتك. يعرف الإنسان أماكن نجاته وفرص ربحه؛ لكنه سرعان ما ينجذب إلى أسفل؛ تخور قواه فيعجز أو ينسى، ويخسر كل الفرص المتاحة «ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً». كل الخسارات الدنيوية والأخروية الجماعية والفردية نحصدها بسبب النسيان وضعف العزيمة التي تفقدك التوقيت المناسب والقدرة على الفعل الصائب؛ فتهوى في متاهات الهوى ودروب النفس الشائكة شديدة الوعورة. هنا في رمضان ساحة للتذكير وتنشيط الذاكرة لكي تلج وترتشف روحاً ونوراً، وتكسب فيه قوة وعزيمة لتنطلق في الدرب سريعاً مستقيماً مهما كانت العوائق، وهنا يكون الوصول مضموناً، والربح حاصلاً بوعد من الله وسببٍ منك، فكل الخير هو من الله؛ لكن جرت سنّته أن تدعوه أو تهزّ شجرة أو تختبئ من الأعاصير والمصائب ومصارع السوء وراء معروف تؤدّيه لمحتاج أو خلف شق تمرة أو بسمة وبشاشة وجه. في رمضان يكون الأجر مضاعفاً، والربح مضاعفاً، والفرح قابلاً للنمو، والسعادة مفروشة أمامك؛ فقط كل ما تحتاجه هو أن تعرف أنك في موسم جني الثمار ولملمة النور إلى بوابة روحك، وما عليك إلا الحذر من النسيان والتناسي وضعف العزيمة ورخاوة الإرادة حتى لا تسقط في الحضيض بوقت تُعرض عليك فُرص الصعود إلى مراكب النور وبساط السحابة الممطرة بالغيث.. وجمعة مباركة في شهر كريم. [email protected]