بمقياس الصمود والتحدي والإرادة في مواجهة أعتى آلة عسكرية في العالم نستطيع أن نقول: إن غزة قاومت وصمدت وانتصرت بل ولقّنت الاحتلال الصهيوني دروساً قاسية ومفاجئة لم يكن يتوقعها أبداً، عسكرياً وإعلامياً. ولكن بمقياس القوة والسلاح يتفوق الاحتلال بكثير في إحداث الدمار والخراب.. ورغم كل هذا السلاح والآلة العسكرية الحديثة والتي لا تُقارن مع صواريخ المقاومة، وأنها معركة غير متكافئة عسكرياً إلا أن المقاومة في غزة أوجدت توازناً في سير المعركة، وأحدثت صواريخ القسّام رُعباً وهلعاً لدى الاحتلال وهي تسقط على رؤوس المستوطنين في تل أبيب وحيفا ومستوطنات غلاف غزة. غزة.. انتصرت لأنها جعلت حياة الصهاينة خوفاً ورعباً وجحيماً لا يُطاق وجعلت المستوطنات القريبة من غزة فارغة وخاوية، لأن صواريخ المقاومة لها الكلمة الفصل في حياة هؤلاء المستوطنين، حيث أجبرت ثلث السكان على نزولهم الملاجئ خوفاً من الصواريخ. غزة انتصرت.. لأنها ضربت فأوجعت ووعدت فنفذت ضربت تل أبيب وحيفا والقدس وأجبرت مطار«بن جوريون» على الإغلاق. غزة انتصرت.. لأنها واجهت جنود إسرائيل وجهاً لوجه في معارك شرسة ومعركة الشجاعة خير دليل حيث توغل «لواء جولاني» الشهير وهو من قوات النخبة في جيش إسرائيل، توغل إلى قطاع غزة فإذا به يلاقي أبطال غزة في انتظارهم فتكبّدوا عشرات القتلى والجرحى، ولولا تدخل الطيران الحربي لكان «لواء جولاني» أول لواء يُباد كاملاً على أيدي رجال المقاومة هذا حسب ما اعترف جنود صهاينة من أنهم كانوا يقاتلون أشباحاً لا يرونهم.. ولا يعرفون من أين يخرجون من الأرض. غزة انتصرت.. لأنها أذلّت كبرياء وغرور الجيش الإسرائيلي، وحطّمت صورته لدى مواطنيه، فأسطورة الجيش الذي لا يُقهر قُهر على أيدي مقاومة بسيطة لا تمتلك غير الصاروخ حلاً لاستعادة وطنها المسلوب. غزة انتصرت.. لأن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها، من تدمير شبكة الأنفاق، ومنصات إطلاق الصواريخ، إذ استمر إطلاق الصواريخ إلى آخر ساعة قبل سريان وقف إطلاق النار.. حيث أطلقت 182 صاروخاً في اليوم الأخير.. انتصرت غزة.. لأن فصائل المقاومة نفذت عمليات نوعية ناجحة كعملية اقتحام “ناحل عوز العسكري” وعملية “وحدة الكوماندوز البحرية” التي تسلّلت بحراً إلى قاعدة زيكيم العسكرية.. بالإضافة إلى عمليات الإنزال خلف خطوط العدو والهجوم عليه، وتكبيده خسائر في الأرواح والعتاد.. غزة.. انتصرت لأن الشعب احتضن المقاومة، وساندها، وآزرها، وفشلت كل منظومة إسرائيل الاستخبارية والمعلوماتية في اغتيال قادة المقاومة رغم امتلاكها التقنية الحربية وطائرات الاستطلاع التي لا تكاد تغادر أجواء غزة.. فشلت في اغتيال محمد الضيف قائد كتائب القسام، إلا أنها تمكنت من اغتيال ثلاثة من قادة القسام بفضل شبكة عملائها. غزة.. انتصرت رغم فاتورة الدماء الباهظة.. وكلفة الدمار والخراب الكبير لكنها ربحت كرامة شعبها ووحدة صفّها وعزة دينها ومقاومتها. غزة.. انتصرت علينا جميعاً نحن العرب الذين خذلناها، ولكنها غزة.. ولّادة الأفراح رغم الجراح.