في بلد تدّعي أنها الرائدة في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان وتنصب في ميادين مدنها أكبر تمثال للحرية؛ كشف تقرير لجنة الشيوخ الذي أطلق عليه «Interrogation Technics» الصادر عن لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي حجماً هائلاً من الانتهاكات لحقوق الإنسان؛ أكد في مجمله أن المفهوم والفلسفة الأمريكية للحقوق والحريات ينطلق من منطلق واحد هو المصالح الأمريكيه ولا شيء غير ذلك..!!. وبصرف النظر عمّا يمكن أن يقال؛ فقد كان بالإمكان ألا يتم نشر مثل هكذا تقرير؛ لكن الولاياتالمتحدة شاءت أن تقدّم نفسها على أنها رائدة الشفافية حتى وهي تمارس ذلك القدر من الانتهاكات في حق الإنسانية وفي حق العرب والمسلمين بالذات؛ خاصة عندما يتعلّق الأمر بوضع متهمين لم تثبت إدانتهم وإنما تمارس أشكال القهر والتعذيب والإذلال بقصد انتزاع اعترافات أو معلومات قد لا تكون بالضرورة حقيقية طالما يتم انتزاعها تحت قوة السلاح والتعذيب النفسي والجسدي الذي وصل إلى حد التهديد بالاعتداء الجنسي على أقارب وأهالي المتهمين..!!. تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الذي قدّمته يوم الثلاثاء 9 ديسمبر رئيسة اللجنة تقرير يتألف من 525 صفحة تضمّن تقنيات الاستجواب والتعذيب التي اتبعتها ال«CIA» مع المحتجزين المشتبه بهم في قضايا إرهابية؛ وصفها أوباما نفسه بأنها لا تتلاءم مع قيم الولاياتالمتحدةالأمريكية. رغم أهمية التقرير الذي ترك ردود فعل دولية واسعة وخاصة بين خصوم واشنطن على المسرح الدولي وفي مقدمتهم الصين وإيران وروسيا وكوريا الشمالية؛ إلى جانب ردود فعل الشارع الأمريكي؛ لم يقابل باهتمام عربي أو إسلامي يتلاءم مع ما تعرّض له مواطنون عرب ومسلمون من انتهاكات جسيمة ومعاملة غير إنسانية وغير أخلاقية..!!. صحيح أننا نعاني الإرهاب وما يشكّله من ظاهرة خطيرة على حياة المجتمعات والشعوب وفي مقدمتها الشعوب العربية والإسلامية؛ غير أن مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه يتطلّب فعلاً وطنياً واستراتيجيات محلية، قُطرية، قومية، عربية، وإسلامية لا تنفصل عن الجهد الدولي وعن التحالف الدولي ضد الإرهاب، يتم من خلالها تفعيل أدوات الضبط محلياً، ومحاربة ثقافة التطرُّف والعدوان بالفكر والسلاح؛ وبحيث تتم إجراءات المحاكمة وفقاً للقوانين والنظم المحلية ووفقاً للدستور حتى لا يتم تسليم مواطنين أبرياء لتقنيات الاستجواب والتعذيب الوحشي التي قد تخلق منهم في المستقبل إرهابيين حقيقيين. [email protected] رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر