في كل مرة تحدث كارثة من قبل بعض المتطرفين المتلفعين بعباءة الدين ، تنبري الأقلام للذود عن حياض الدين الحنيف ورفع الصوت أن الإسلام ليس كذلك. فهل الدين يحتاج للمدافعين الذين «يجهدون» أنفسهم في توضيح معالم الدين الحنيف ؟ وكأننا نستبق الاتهام الموجه للمسلمين - نحن- وليس للإسلام ، نستبقه بهذا الدفاع المستميت عن الدين ! ولو سألنا لمنْ نوجه هذا الخطاب ؟ إذا كان للغرب ، فالغرب ليس غبياً ولا جاهلاً وهو يعرف الإسلام - ربما أحسن منا، ويعرف أن لا علاقة للأديان كلها - بما فيها الإسلام- بما يجري، لكن له مصالحه التي يحافظ عليها بأي شكل ! المصيبة فينا نحن، نحن الذين لا نعرف الإسلام حقيقة ، وفهمناه على مليون شكل، وما يجري من صناعة أيدينا، لكي نضرب بعضنا البعض ! الأحرى أن نوجه الخطاب لأنفسنا ، ولكن بطريقة أخرى وهي أن ندافع عن الإنسان وليس عن الإسلام ! الإنسان الذي فقدناه في خضم “الإسلاميات” التي ملأنا بها فضاء الخطب والشعارات والمرافعات .. الإنسان - أي إنسان - بغض النظر عن أي خصوصيات شخصية تمس اصله ومعتقده وانتماءه .. كم نحن في أمس الحاجة أن ندافع عن الإنسان في هذا الزمان ، لأن الإنسان تمت إضاعته لصالح الأديان وتماهى مع الدعوات التي تقدّمه قرباناً هنا أو هناك ! كم هي النصوص المقدسة التي نحفظها عن كرامة الإنسان وحرمة ماله ودمه وعرضه ، أقول «نحفظها» ، ولكن لا نمارسها ولا نتمثلها في كل صراعاتنا «المقدسة» !أين الإنسان في مشاريعنا «الدينية»؟ - هذا إن كانت هناك مشاريع دينية ! لا أظن الدين الإسلامي قائم على جهودنا في نشره ، بل ينتشر بفعل قوته الذاتية التي تتخطى الحدود وتعبر كل الحواجز برغم ضلال التشويه التي تحاول إلصاق الخطأ فيه ، طبعاً من خلال ممارساتنا - نحن المسلمين - السيئة ، حتى صرنا - كما يقول الشيخ محمد الغزالي - أسوأ دعاية للإسلام ! تفكروا في الدنيا وأرفعوا من قيمة الإنسان ، والغلو في جانب الآخرة سيكون على حساب البناء في الدنيا ، وربما يقصّر حتى في مكاسب الآخرة ، يقول المفكر الليبي / د عبد السلام زاقود: «الدنيا أكثر اتساعاً من الدين، والمسكوت عنه نصيًا، مفكر فيه عقلياً، وبعض الأحكام نسبية، وباب الاجتهاد لم يغلق.» فلمَ أغلقنا باب الاجتهاد في الدنيا - قبل الدين؟ وأخيرًا: ستعود أوطاني إلى أوطانها …إن عاد إنسانًا بها الإنسانُ الشاعر/ أحمد مطر