بين فترة وفترة، تجد اختزال الشعر في باقة من المقصات..هذه المقصات ليس لها إلا الصوت والبتر اذ رمينا عليها التهمة فقط. ما إن أدارت اللحظة رونقها أو نظرها، إلا اكتسبنا من تصنيفات لقصات الشعر وحلاقات تحمل أسماء وأنواعاً مختلفة. لا أعرف هل هي موضة أو تقديم «استيراد» لثقافة أخرى، فقد نتهم العولمة في توريط مثل هؤلاء الشباب/مع العلم أن حرية التزين أو تطويل الشعر، أخلاق سمحة، فلا نستطيع أن نصون اندثارها أو نعلق عليها بالاستفسارات.. الأحداث وعلاقتها بقصات الشعر يقول نشوان محمد الحميري: إن أحداث كأس العالم الأخيرة غيرت فيه الكثير فقد سيطرت عليه فكرة تربية «تطويل» شعره بعد كأس العالم، وأن اعجابه الشديد باللاعب «رونالدينوا» كان سبباً رئيساً في تطويل شعره كما يفعل رونالدينوا. صدفة توفيق الصغير شاب يبلغ من العمر عشرون عاماً.. بدأ متحرجاً من سؤال: بمن تأثرت بقصة شعر؟ك..أجاب أن المجتمع اليمني يلقي عليك التهم حتى في قصة شعرك..صمت برهة وأعاد للقول: كنت احلق ومازلت عند حلاق طيب جداً، ولا اشترط عليه نوعية القصة، ولكن ذات يوم وبالصدفة حلق لي يشير إلى رأسه هذه القصة وعندما سألته عن نوع هذه القصة قال لي: إنها قصة «التايسون» ومن حينها و إلى الآن وأنا مستمر على هذه الحلاقة. قالوا مدرة قلنا مدرة حلاقة الشاب /سعيد الضبع لاتظهر أية علامة استفهام في منظره ومظهره، لكنه حاول أن يتهرب كثيراً عندما سألته عن سبب حلاقته هكذا بشكل مدور جداً، وبعد دردشة قصيرة معه أجاب وقال: إن هذه الحلاقة تسمى «المدرة» وأحلقها كل عشرة أيام. سألته مستفسراً ومن الذي أطلق اسم المدرة على هذه الحلاقة وماذا تعني؟ ضحك بقوة وقال: أنتم صحافة والاَّ «مدردحين» بصراحة: لا أعرف من الذي أطلق هذه التسمية على هذا النوع من الحلاقة أو قصة الشعر..لكني سمعت أن اسمها مدرة، فقلنا بعدهم مدرة، مدرة. لانُجبر أحداً في الوقت الذي تتنافس فيه الصوالين على إخراج القصات وموديلاتها لكي تجذب الشباب إليها، كجانب مهني ولهذا قد يضع بعض أولياء الأمور اللوم على ممتهنين الحلاقة «قصات الشعر» وأنهم هم اللذين يروجون لمثل هذه القصات ويؤثرون على الشباب في اختيار نوع قصات الشعر التي يحلقونها لهم لكن في الحقيقة وجدنا عند المهنيين عكس ذلك تماماً. أحمد سلطان ،وهو صاحب محل حلاقة، يقول: إن الصوالين «محلات الحلاقة» لاتروج لمثل هذه القصات، ولكن التأثير باللاعبين والفنانين أمر وارد لأن الشباب لايقتصر على مشاهدة القصات، في مجلات الصوالين، وإنما هي عادات يخضع لها الشباب لفترة معينة ويقلع عنها في فترة أخرى». شباب التقليد جميل بجاش البرطي ،يعمل في إحدى صالونات الحلاقة يقول: منذ عشرة أعوام وأنا أعمل في هذا الصالون، وطيلة هذه الفترة التي عملت بها حلاقاً لم أشاهد هذه الأنواع الجديدة من قصات الشعر إلا في أيامنا هذه. وأضاف بجاش: بنبرة مقصودة «شباب التقليد»..والقول مازال له فنحن الحلاقين لانحلق حلاقات جديدة ولايدلنا في اختيار قصة الشعر أو نوعية الحلاقة، بالمقابل لايمكن أن نرفض أي نوع من القصات لأي كان شاب أو غير شاب في حال طلب منا ذلك..باختصار نحن نحلق القصة المطلوبة من الزبون. هواية وتقليد الشاب جلال عبدالواحد «شاب وسيم » بحلاقة مميزة له وحده التقيناه في إحدى الاستراحات على شارع جمال سألناه فقال:« بصراحة الحلاقة وتطويل الشعر هواية منذ الصغر..ويرجع سبب ذلك إلى تقليده الكبار..ويقول بإن ذلك يأخذ منه الوقت الكثير! مزاج شخصي عبدالرقيب الشميري، كان متواجداً في ذات الصالون حيث اعتبر أن الحلاقة هي مزاج شخصي ومن حق الشاب أن يختار نوعية الحلاقة التي يريدها فهي بالأخير تعكس شخصية الشاب! مع وضد أما الشاب معاذ حسن ، فإنه يؤيد قصات الشباب أياً كانت هذه القصات حيث قال: إن القصات وحدها لاتحكم على شخصية الشباب وإنما أخلاقه هي التي تحكم عليه. وفي الجهة المقابلة يرى بليغ العريقي: أن مثل هذه القصات المستوردة والدخيلة على مجتمعنا تسيء إلى سمعة الشاب وهي أقرب للموضة لأنها ليست لحسن المظهر وإنما للتشبه بالغرب. القصات الأكثر تداولاً لدى الشاب قصة الكابوريا مؤيد فاضل شاب جامعي 20 سنة يقول: من قريب بدأ يحلق ماتسمى بحلاقة «كابوريا» حيث إن شكلها لابأس به، وغير مؤذ وخفيف وكثيرون من الشباب يرغبون في هذا النوع من الحلاقة. قصة المدرة يقول يوسف منصور الزغروري: منذ خمس سنوات أي منذ ظهور حلاقة المدرة وأنا أدوام على هذه الحلاقة باستمرار ولم أغير نوعية هذه القصة منذ ذلك الحين إلى اليوم، لأنني تعودت عليها. قصة التايسون من جهته يقول صادق سعيد الخليدي: إن نوعية الحلاقة أو قصة الشعر التي أحلقها هي قصة التايسون رغم أنني والكلام لصادق لم أتأثر لا بتايسون ولا بأي أحد من المشاهير سوى اللاعبين أو الفنانين أو أي شخص آخر، فقد كانت الحكاية في بدايتها كموضة فأنا لا التزم بأية قصة من القصات وبإمكاني أيضاً أن أحلق رأسي أصلع ولا إحراج بالنسبة لي من أن أحلق رأسي أصلع مادمت مقتنعاً بذلك. قصة الساهر أعجبتني قصة «حلاقة» الشاب مالك سرحان، فسألته عن نوعية القصة التي اعتبرها مثالية وراقية جداً وماذا تسمى؟ قال بتواضع وهو يضحك «يسموها «حلاقة» كاظم». قلت له: هل أعجبتك هذه القصة؟ وهل تدوام على حلاقتها باستمرار؟ أجاب قائلاً: نعم لقد أعجبتني جداً هذه القصة ولي فترة طويلة وأنا أحلق هذه الحلاقة قلت له مازحاً..ومابها قصة جورج وسوف أليست نفس القصة أم أنك لاتحب أن تستمع لجورج وسوف وتحب أن تستمع لكاظم فاخترت قصة كاظم. قصات مستوردة محمد أحمد الشعبي، وهو أحد اللذين يمتلكون صالون حلاقة يقول: أنا أعمل بهذه المهنة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً وطوال فترة عملي لم نكن نسمع أو نعرف أياً من الحلاقات أو القصات الجديدة، أما الآن ومع ظهور الفضائيات والقنوات الغنائية وكثرة الفنانين بدأت تدخل لمجتمعنا قصات مستوردة. فهناك أنواع كثيرة من القصات التي ظهرت في مجتمعنا..لكن أكثر تلك القصات تداولاً خصوصاً لدى الشباب هي حلاقة التايسون وحلاقة الجاكسون نسبة إلى مايكل جاكسون والكابوريا والساهر نسبة إلى الفنان كاظم الساهر، حيث تتميز كل قصة عن غيرها من القصات من حيث وضعها فقط. ثلاث فئات وثلاثة أسباب وعن السبب الذي يجعل الشباب يختارون تلك الأنواع من الحلاقات يقول محمد أحمد: بحكم عملي في مهنة الحلقة ينتابني الفضول لمعرفة السبب الحقيقي وراء اختيار الشباب لهذه القصات ومن خلال سؤالي لأغلب الشباب عن سبب اختيارهم لنوعية القصة «قصة الشعر» استطيع أن أقول لك بأن هناك ثلاثة فئات من هذه الفئات، وكل فئة تختلف عن الأخرى الفئة الأولى من الشباب: يختارون قصة الشعر عن قناعة شخصية أما الفئة الثانية من الشباب: يختارون قصة الشعر من أجل لفت انتباه الفتيات إليهم. أما الفئة الثالثة من الشباب: فيختارون نوعية القصة تقليداً للمشاهير سواءً كانوا فنانين أو ممثلين أو لاعبي كرة القدم. نظرة خاطئة ينظر الكثير من الناس في مجتمعنا لهذه المهنة «الحلاقة» و إلى من يعملون بها نظرة نقص وإنها من المهن الناقصة ويعتبرون صاحبها أو بالأحرى يصفون صاحبها بأنه إنسان ناقص، وأنه من العيب ممارسة مهنة الحلاقة، لكن والقول لمحمد أحمد الشعبي صاحب محل الحلاقة: إذا كانت هذه المهنة فعلاً وكما يصفها البعض مهنة ناقصة وأن من يعمل بها إنسان ناقص ومن العيب مزاولتها فلماذا إذاً يأتون إلينا للحلاقة طالما نحن ناقصون وأن مهنتنا عيب في نظرهم؟ أليس كل أفراد المجتمع سواءً القادة أو الساسة أو الصحفيين أو الدكاترة أو المهندسين أو حتى الرؤساء أليسوا كل هؤلاء يذهبون إلى الحلاق لكي يحلقون ويقصرون رؤوسهم؟ فلماذا كل هؤلاء إذاً يأتون إلى أماكن العيب طالما أن مهنتنا وأماكن عملنا عيب في نظرهم؟ العمر يلعب دوراً في تحديد القصة في مقاله المنشور بصحيفة القبس الكويتية يقول الدكتور محمد الموسوي أستاذ علم النفس بجامعة الكويت: إن السنوات العمرية لها دور في تحديد قصة الشعر، فنرى القصات التي يعملها الشباب لايقبلها من هو في عمر 35 و40 عاماً ويراها من الأمور التافهة والهامشية. وأضاف: إن ظاهرة القصات ظهرت في السبعينيات وكانت موضة الشعر الطويل منتشرة آنذاك ولكنها مع مرور الوقت اندثرت كما يجد الشاب المبررات لقيامه بعمل هذه القصات وتطويل الشعر إذ يقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مع أصحابه يقومون بإطالة شعورهم. وذكر أن ماتعرضه الفضائيات في وقتنا الحاضر يعتبر دماراً للشباب، كما أن لها دوراً في انحرافهم، إذ يقضي الوقت كله أمامها ويصبح ليله نهاراً والعكس صحيح، ومن هنا يصبح تركيزه بالكامل على جانب معين، مردفاً أن سن تقليد الآخرين يبدأ من 12 17 سنة، إذ يقومون بالتقليد الأعمى من دون علم ودراية. وشدد على ضرورة عدم معالجة الآباء الخطأ بالخطأ بفرض آرائهم على أولادهم، وإنما عليهم تقديم النصيحة فقط، لأنهم خلقوا في زمان غير زمانهم، فإن فرض عليهم الرأي يلجئون إلى أسلوب العناد، وبالتالي يرى أن رأي المجتمع خاطئ ورأيه هو الصواب. آخر صيحة يقال إن هناك نوع من أنواع قصة الشعر سوف تحدث ضجة كبيرة وصخب عالي بين الحلاقين وزبائنهم أهل الرأي، وليس ببعيد أن تكون قد وجدت في بعض الدول. وهي الحلاقة بالنار..وللجنسين..وهي بشرى سارة بالمناسبة!!