تهامة: مائة عام من الظلم وحلم الاستقلال المنتظر    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    شباب الغضب بوادي وصحراء حضرموت يؤيدون مخرجات اجتماع المجلس الانتقالي    وهن "المجلس" هو المعضلة    سفير مصري: حزب الله يستعد للحرب الشاملة مع إسرائيل هذه الأيام    الإخواني أمجد خالد وعصابته.. 7 عمليات إرهابية تقود إلى الإعدام    جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي ماهر وأسرته تعتبره حكماً سياسياً    في اليوم 235 لحرب الإبادة على غزة.. 36096 شهيدا و 81136 جريحا وعدة مجازر في رفح خلال 48 ساعة    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    فعلها في العام 2019...ناشطون بالانتقالي يدعون الزبيدي "لإعلان عودة الإدارة الذاتية"    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    قوات الأمن تداهم حي الطويلة في عدن وسط إطلاق نار كثيف    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    الحكومة اليمنية تبحث مع سويسرا استرداد عرشين أثريين    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    الرئيس الزُبيدي : المجلس الانتقالي لن ينتظر إلى مالانهاية تجاه فشل الحكومة واستمرار تدهور الأوضاع المعيشية    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    الزُبيدي يؤكد على أهمية المخيمات الصيفية لخلق جيل مناهض للفكر الحوثي    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    شاهد .. وزير الزراعة الحوثي يعترف بمجلس النواب بإدخال الحوثيين للمبيدات الإسرائيلية المحظورة (فيديو)    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    برشلونة تودع تشافي: أسطورةٌ تبحث عن تحديات جديدة وآفاقٍ أوسع    الإعلان عن تسعيرة جديدة للبنزين في عدن(السعر الجديد)    العكفة.. زنوج المنزل    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الثاني خلال أسبوع.. وفاة مواطن نتيجة خطأ طبي خلال عملية جراحية في أحد مستشفيات إب    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هروب المرأة مقبرة مشاعرها أم طوق نجاتها؟!!
نشر في الجمهورية يوم 03 - 10 - 2007

الهروب !! كلمة دائمًا ما نسمعها لكنها تشعرنا بوقع سييء في نفوسنا تشعرنا بأن هناك شخصا ما يعاني القلق والتوتر الدائمين، وربما التردد. هذه الكلمة توحي بكثير من الألم والحزن سواء للشخص الهارب أو لمن تم الهروب منه - أحيانا - فالوقع شديد الأسى في كلتا الحالتين ، والكلمة توحي بأنها نتيجة لصراع معنوي أو مادي يعاني منه شخص ما . ويرى محمد السيد عبد الرحمن في كتابه " نظريات الشخصية " أن الهروب من آثار الخوف المكتسبة بسبب أحداث الطفولة والتي تنتج عنها الصراعات الشعورية ومن هذه الصراعات ما يسمى بصراع "إحجام إحجام " وهذا الصراع ينتج بين هدفين سالبين أو خيارين " أحلاهما مر " لذا فإن سلوك الكائن العضوي يتخذ أمرين لمواجهة هذا الصراع . الأول: التردد والحيرة إذا كان لكلا الهدفين نفس الجاذبية، أو تفضيل أحدهما على الآخر لمجرد الخروج من حالة الحيرة وليس لأنه الأهم.
الثاني: الهروب، أي ترك موقف الصراع دون حل ، إما على شكل هروب سلوكي مثل التأجيل أو هروب فكري مثل أحلام اليقظة أو الاستغراق العقلي الكامل في أفكار أخرى .
وكون المرأة في المجتمع الشرقي - بشكل عام واليمني بشكل خاص - تعاني من الصراع بين الواقع والطموح وبين ما تريد أن تكون وما يراد منها أن تكون سعيت جاهدة لإجراء هذا التحقيق الذي ناقشت فيه مع المرأة اليمنية المتعلمة حقيقة هروبها من الواقع .هذه الحقيقة الملموسة والموجعة في نفس الوقت . .فإلى متى ستظلين أيتها المرأة المتعلمة تهربين من مشاعرك ومن بيتك ومن العمل وإليه ؟ إلى متى ستظلين تهربين من مواجهة من تحبينهم ؟ وإلى متى ستظلين تسايرين المجتمع في سلبيته؟
أبحث عن المشاعر . . ولكن!
(ش) امرأة متعلمة هادئة بل لنقل صامتة في أغلب أحوالها ولا تحاور إلا فيما ندر ولا تواجه وقد تتخلى عن حقها تفاديا للمشاكل. شدتني شخصيتها الهادئة- حيث إن ما رأيته منها ليس إلا هروبا من الواقع- فسألتها لم تهربين دائما من مشاعرك ومن الحوار؟ بعد شرود لم يدم طويلا أجابت : أنا امرأة لا أتهرب من المشاعر ولكنني أبحث عنها فأنا قد جربت الحياة مع الآخر / الزوج مع أنني لم أتجاوز الثلاثين من عمري و لا أستطيع أن أنجر وراء عاطفتي لأنني ببساطة أفكر فيما سيترتب على هذه العاطفة كوني أرملة ولدي طفل . عشت حياة غير مستقرة فيما مضى لذا لابد أن أتظاهر برفض العواطف مع أنني أحتاج إليها.أما هروبي من الحوار فهذا لأنني خجولة دائما ولم أتعود على الحوار منذ صغري ولم يكن لي صديقات أو أية علاقات إلا في دراستي الجامعية إضافة إلى سبب مهم جدا وهو إنني تربيت في بيت يغيب عنه الأب في أغلب الأوقات بسبب العمل وبقي أخي الأكبر هو السيد على البيت وكان جبارا ويضرب إخوتي -لأتفه الأسباب - بشكل يخيفني فتولدت عندي عقدة الخوف في التعبير عن نفسي والخوف من الغلط لأنني لو أخطأت لحدث لي ما يحدث لإخوتي من عقاب لا أتحمله. هذه الترسبات منذ الطفولة جعلتني شخصية صامتة وهادئة أو ربما عاجزة عن التعبير عن نفسها وسلبية في مواجهة المجتمع بشكل عام، مع أنني لدي الرغبة في أن أكون عكس ذلك لكنني أشعر بصعوبة المواجهة حتى مع نفسي.
هل نبتر قلوبنا ؟
"منار" طالبة دراسات عليا تقول : أنا شابة هربت من مشاعري تجاه من أحب وداريتها عمن حولي حتى أنني أهرب من نفسي ولا أستطيع أن أواجه نفسي بمشاعري تجاه الآخر حتى لا تظهر لمن حولي كون المجتمع في أصغر نطاق له " الأسرة" لا يرحم . ولأنني أخاف من عدم الثقة التي أسمع عنها دائما خفت أن أكون متعلقة بسراب فأصدم في النهاية ويصعب العلاج لأن العلاج في هذه الحالة أشبه ببتر شيء من جسد وروح الإنسان ، فهل يستطيع الإنسان أن يبتر قلبه ليعالج نفسه ؟
المواجهة هي الحل
الأستاذة "أ" رئيسة قسم في قطاع حكومي تقول: أهرب من مواجهة من أحبهم حتى لا أخسرهم إضافة إلى إحساسي بأنني على حق ولدي مبادئ. وأن هذه المبادئ تفرض علي عدم التنازل عنها إضافة إلى أن تنازلي أو هروبي يعتمد على الآخر إذا كان متشددا في رأيه ولا يقتنع إلا بوجهة نظره ، فالحوار معه خاسر وعقيم ومن الصعب إرضائه في هذه الحالة أرى الهروب من الحوار والمواجهة هو الحل من وجهة نظري وقد اتبعته في مرحلة من مراحل حياتي حتى لا أخسر من أحب إلى الأبد. إضافة إلى أن المرأة قد تهرب من المواجهة في مقر عملها كونها تنظر إلى ما ستكسبه وما ستخسره. فإن وجدت أن المواجهة قد تجعلها تخسر ثقة الآخرين بها مقابل الكسب المادي لها فإنها تفضل ألا تواجه.
أخاف من المواجهة
الأستاذة "خ" موجهة تربوية تقول : الهروب كلمة ذات ظلال سلبية فيها رائحة الهزيمة والجبن ولكن لا سبيل لنكران أنني قد ألجأ إلى هذا الأسلوب في إحدى ثلاث حالات :
الأولى: في حالة علمي بتقصير معين حاصل من قبلي، فأهرب من المواجهة و من المطالبة بما أظنه حقا لي خوفا من مطالبتي بما لا أقدر عليه .
الثانية: قد ألجأ إليها حفظا لماء الوجه إذ أكف عن الإلحاح في طلب أمر لم أتمكن من الظفر به .
الثالثة: لا أسميه هروبًا ولكنه تأجيل المواجهة ، وترك الملفات مفتوحة إلى الوقت الذي أشعر فيه بأني قد استجمعت قواي وأكملت العدة لأضمن تصحيح الوضع لا أكثر في مدة قد تطول وقد تقصر ، واترك إنهاء المدة للقدر الذي يهيئ الأسباب ويجعل الظروف مواتية ، وسلاحي في هذه المرحلة الدعاء والإلحاح بالطلب من الكريم ، إلا أن هناك أمرا لا خيار أمامه وهو أنني متى اضطرتني الظروف للمواجهة فلا مجال للهروب أبدا وفي هذه الحالة فلا بد من الوضوح التام والشفافية .
يقول الدكتور سيد عبد الحميد مرسي في كتابه الإرشاد النفسي : بأن فكرة الديمقراطية كفكرة الإنسانية؛ حيث ترتبط ارتباطا وثيقا بمفهوم الشخصية السوية فالديمقراطية ليست سوى العناية بالآخرين والاهتمام بهم ووضع قيمة الإنسان فوق قيمة الأشياء والسعي إلى إيجاد علاقات مثمرة مع أي قوم من الناس والعمل على خلق التفاهم وتبادل الرأي والمشورة والمساعدات فيما بينهم . وأنا هنا أتساءل أين الديمقراطية الأسرية والعائلية التي تصنع الثقة بين أفراد العائلة فيما تعانيه إحدى الموظفات في القطاع الحكومي والتي تقول أهرب من مشاعري ومن الزواج بشكل عام ليس لأنني لا أريد أن أتزوج ولكن لأنني لا أستطيع أن أقنع أسرتي بأي رجل يتقدم لخطبتي سواء كان عازبا أو متزوجا لأنهم يظنون بل يؤكدون على أن اختياري لن يكون موفقا أو سليما- مع أنني قد تجاوزت الثلاثين ن من عمري -وأنهم فقط الذين يحسنون اختيار الزوج المناسب لي وهم ما زالوا يعيشون أحلام يقظتهم بأنه لابد وأن فارس الأحلام سيأتي لخطبتي ممتطيا الحصان الأبيض ويمتلك عمارات وعقارات ويكسوني بأجمل الملابس ويزينني بأغلى المجوهرات ، وبهذا أظل أنا أسيرة تفكيرهم وأهرب من مواجهتهم خوفا من أن يحدث صداما بيني وبينهم يمتد طوال العمر. لذا ألجأ إلى الهروب من الزواج والتخلص من أي رجل يتقدم لي بقولي إنني مرتبطة . إضافة إلى أن التربية بالسلطة والترهيب المستمر من العائلة يجعلني أتخوف من التعامل مع الجنس الآخر، وهذا نتيجة زرع الخوف في نفسي من العائلة منذ الصغر.
أهرب من المشاكل العائلية
أما "أمنية" موظفة في القطاع الخاص تقول : أنا شابة قوية جدا في كل شيء أعمله سواء في الدراسة أو في العمل ، ولكن شيئًا واحدًا يجعلني ضعيفة وهو المشاعر تجاه الرجل أو حتى تجاه طفل ، ومن هنا أهرب عادة إلى العمل وأهرب إليه أيضا من البيت ومن المشاكل العائلية وهذه عادة الإنسان عندما يمر بأي مشكلة أو أي مصاعب حياتية معينة فإنه يهرب إلى العمل ويرهق نفسه فيه لينسى همومه ، وأهرب أيضا عندما أشعر أنني عل حق في بعض الأمور ثم أكتشف أنني كنت على خطأ ففي هذه الحالة ألجأ إلى الهروب لأنني أعجز عن المواجهة .
أهرب من التعامل مع الرجال
وتضيف"خ" رئيسة قسم في القطاع الخاص : أهرب من مشاكل البيت لأنني لا أستطيع مواجهتها خاصة إذا لم يكن بيدي تغيير أي شيء فيها لذا فأنا أفضل أن أهرب منها وأشعر أنني ضعيفة إذا واجهتني أي مشكلة أكبر مني ولا أستطيع حلها ،أما في عملي فأنا أهرب من التعامل مع الرجال الذين هم في مثل منصبي ولا أمتلك الجرأة في مناقشتهم ومواجهتهم وبالتالي لا أستطيع بناء علاقات متميزة في العمل مع أنني لا أخرج عن نطاق وحدود العمل ، وهروبي من المواجهة في العمل سببها قيود المجتمع؛ إذ نجد المجتمع يحكم على المرأة بالخروج عن المألوف والعادات والتقاليد وأنها تشبهت بالرجل لمجرد أنها طالبت بحق وهذا يدخلها في نطاق القيل والقال في مجتمع العمل وبالتالي فإنها تضطر للتنازل والهروب من المطالبة بحقها حتى لا تقع في نطاق هذا الفخ الاجتماعي.
قد يكون الهروب حلاً أبديًا
أما التربية بالترهيب أو " العين الحمراء " والذي يطلق عليها البعض في مجتمعنا التربية المحافظة للفتاة تجعل منها امرأة متحفظة في مشاعرها حتى تجاه زوجها. هذا ما قالته إحدى المدرسات وهي طالبة دراسات عليا أيضا حيث قالت : إن تربيتي وحياتي وسط مجتمع متحفظ قد تفسر مشاعري بشكل خاطئ وأتحمل دون قصد تبعات هذه المشاعر البريئة لذا فأنا أتحفظ على مشاعري تجاه المقربين إلي ّ وحتى تجاه زوجي وأنا دائما أهرب من المواجهة تجاه من أحبهم حتى لا أخسرهم وأعتبر أن الهروب قد يكون حلاً أبديًا وليس مؤقتًا . والهروب من المواجهة يوحي للطرف الآخر بأنه على صواب وبالتالي أتجنب الصدام معه مع أنه على خطأ وهذا كله من أجل أن تمشي سفينة الحياة كما يقولون وهناك مشاكل كثيرة تجعل المرأة ضعيفة وتسلبها القدرة على المواجهة وتعمق في نفسها مفاهيم الضعف والانكسار والحل لها أن يتغير المجتمع وهذا مستحيل لذا فأنا أرى أن الأمور ستظل كما هي وأن يظل جرح في قلب المرأة باقيا خير لها من أن تتحول حياتها كلها إلى جراح ، لذا فإن الهروب أحيانا كثيرة هو الحل كونه أفضل من الخسارة الكاملة .
أهرب من الضغط النفسي الموجه لي
"سناء" معيدة في الجامعة تقول : أهرب عندما أشعر أنني لا أستطيع مواجهة إنسان تربطني به علاقات قوية لأنني باتخاذي موقفًا معينًا قد يكون متعارضا مع وجهة نظره قد يتسبب في تحطيم العلاقة بيننا لذا فالهروب هنا أفضل . إضافة إلى أنني قد أهرب من الضغط النفسي الموجه لي عندما لا أستطيع تحمله نتيجة للظروف العائلية ، ولأن المواجهة في هذه الحالة لا تؤتي ثمارها بل تزيد الأمر سوءا وقد تجعلني أخسر من أحبهم نهائيا ، وأهرب عندما أشعر بأنني يجب أن أرضي أشخاصا لا يستحقون عناء إرضائهم . لذا ألجأ إلى الهروب لأنه من وجهة نظري قد يكون حلا مؤبدا في مواقف معينة .
أهرب من المواجهة لأنني لا أشعر بالثقة
"نرمين " رئيسة قسم في قطاع خاص تقول : أنا أهرب تفاديا للمشاكل وأرى الهروب حلاً مناسبًا . وبشكل عام أنا لا أحب المواجهة وأهرب من مشاكل البيت وأجد مشاكل العمل أرحم بكثير من مشاكل البيت فأنا في العمل لي كلمة مسموعة وأجد من يفهمني بينما في البيت مهما ناقشت وحاولت إقناعهم بوجهة نظري فهم يرون أنني مخطئة دائما لذا أشعر بالضعف وأهرب من المواجهة لأنني لا أشعر بالثقة وباختصار لأن الثقة كلمة سمعناها ولكن لم يغرسها فينا أحد منذ صغرنا وهي مشكلة كبيرة لذا فأنا أرى أن الهروب عندي هو الحل .
أهرب من مواجهة إخوتي
"مها" معيدة في الجامعة تقول : أهرب من مواجهة إخوتي أمام أبي مع أنني أمتلك كل الحق وأتحمل كل ما يقولونه ، ولا أوضح الحقائق خوفا من إثارة المشاكل ولأنني أثق بنفسي أرى هذه الموضوعات من التوافه مع أنها قد تنقلب سلبا عليّ ولولا هدوء أبي وتفهمه لصدّق كل ما يقولونه كونهم الذكور وثقافة مجتمعنا ذكورية .
بعد أن ناقشنا قضية الهروب مع المرأة نفسها وعرفنا الأسباب والحقائق التي تؤدي بها إلى ذلك كان لابد من وقفة مع علماء الاجتماع لأننا لا نريد أن نعرض القضية ونشاهد آلام بطلاتها من بعيد بل نريد أن نضع الحلول ، لذا التقينا الدكتور عبد الرزاق الهيتي رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة تعز أستاذ علم اجتماع التنمية المساعد وكان الحوار التالي :
دكتور عبد الرزاق كنت في مقابلة سابقة قد وجهت لك سؤالا وهو : كيف تتغلب المرأة على سلبيتها فأجبتني : بالعلم وها أنا أجريت تحقيقي هذا عن هروب المرأة وحددت عينتي بالمرأة المتعلمة والحاصلة على وظائف متميزة ومع ذلك وجدتها تعاني من السلبية بشكل كبير وتتخذ الهروب وسيلة لتفادي أي مواجهة ، لذا فأنا أكرر سؤالي وأضيف إليه كلمة " المتعلمة" كيف تتغلب المرأة المتعلمة على سلبيتها ؟
- المشكلة في التعليم كمؤسسة تعليمية والناس الذين يأتون لطلب العلم ، حيث إنهم يأتون ليتعلموا الألف باء أي التعليم الأبجدي بينما التعليم الراقي الذي يغير من شخصية الإنسان لا معنى له عندهم ولا وجود له في المؤسسة التعليمية ؛ بمعنى أننا كعرب نهتم بمحو الأمية الأبجدية بينما التعليم في الغرب لا يهتم فقط بالقضاء على الأمية الأبجدية لكنه يعمل على رفع قدرة الإنسان على التعامل مع الحياة ، وهذا يعني أننا لم نستطع الوصول إلى جوهر شخصية الإنسان بحيث نحدث فيه التغيير ، وهنا قد يكون القصور في مستوى التعليم الذي تعلمه الناس وقد يكون في المتعلم نفسه وقد يكون فيهما معا . .وإذا عدنا إلى المرأة فنحن نقول إن التعليم يخدمها و يغير منها ، ولكن كم عندنا من المتعلمات أبجديا والأميات ثقافيا وفكريا وعقليا وقيميا ؟ بمعنى أن المرأة هنا حصلت على شهادة جامعية ، ولكن هذه الشهادة لم تغير في شخصيتها نحو الأفضل ، إذ أن التعليم أصبح بالنسبة للكثير من النساء شكليا وليس جوهريا وبالتالي فإن هذا التعليم يعجز عن إحداث تغيير حقيقي في شخصية المرأة ، إضافة إلى أن هذا التعليم لم يعط المرأة الثقة الكاملة بنفسها لتتناقش مع المجتمع الذي تعيش فيه لتصبح فاعلة فيه..وهناك مشكلة أخرى مهمة وهي وجود بعض النساء واللواتي يطالبن بحقوق المرأة وتبنين هذه القضية على شاشات التلفاز والمنظمات أعطين صورة سيئة جدا للمرأة بتبرجهن وسلوكهن غير المتقبل من المجتمع مما ساعد على تحامل المجتمع على المرأة المتعلمة في أنها قد تتشبه بهذه الشاكلة من النساء إضافة إلى مشكلتنا مع التخلف والتي نعيشها من مئات السنين . كل التفاصيل السابقة حدت من قدرات المجتمع على تفهم المرأة ومن قدرة المرأة على الانطلاق بمعنى أنه لا المرأة قادرة أن تنطلق ولا المجتمع أعطى لها الفرصة لأن تنطلق وتحتل مكانتها الحقيقية في المجتمع ، لأن ثقل الجبل الواقع على المجتمع من العادات والتقاليد ما زال مهيمنا على طريقة تفكيره ، لذا لا بد من تكاتف منظمات المجتمع المدني والإعلام والمدرسة والجامعة والمسجد ، لتساعد المرأة على التغيير ، ولا بد قبل هذا كله من وجود استعداد المرأة الصادق في تغيير نفسها لتتغلب على سلبيتها فالمرأة ليست نصف المجتمع بل هي كل المجتمع..ولأن الهروب لا يقتصر على أنه نتيجة التراكمات الاجتماعية بل له علاقة وثيقة بنفسية المرأة كان هذا اللقاء مع الدكتورة نبيلة دوكم مدير مركز الإرشاد والبحوث النفسية، أستاذ الصحة النفسية المساعد في جامعة تعز، والتي تفضلت بالرد على الأسئلة التي وجدتُ أنها تجيب عل كل ما تردد في نفسيات نماذج التحقيق .
دكتورة أنيسة دوكم تهرب المرأة من مشاعرها ومن بيتها ومن العمل وإليه . تهرب من المواجهة بشكل عام وتحاول أن تساير المجتمع بكل سلبياته، وتهرب من كل موقف يشعرها بأنها قد تكون فيه سلبية أو ضعيفة خاصة إذا كانت قد تعرضت إلى موقف مشابه في طفولتها فما الهروب بشكل عام ؟
- الهروب بشكل عام هو تجنب مواجهة موقف من المواقف وأنتِ قد عددت مجالات الهروب ،حيث يهرب الفرد من مواجهة شخص معين أو من مواجهة مشاعر معينة ، وقد يهرب من تحمل المسؤلية أو يتهرب من تصرف قام به أو مسؤلية تلقى عليه ، فالهروب هو تجنب المواجهة .
لماذا تلجأ المرأة المتعلمة إلى الهروب بشكل خاص ؟
- أولا لا نستطيع أن نعمم ولكن لنقل بعض ولنقل مجموعة لا بأس بها ، فالتعليم ليس هو المتغير الرئيسي الوحيد في تشكيل شخصياتنا ؛ ذلك لأننا في مجتمع ما زال ينظر للمرأة نظرة دونية، ما زال يربي المرأة على أنها كائن ناقص ضعيف ، يحتاج الحماية وغير قادر على اتخاذ قراراته وتحمل مسؤولياته وهناك من يحميه ويتحمل مسؤوليته ، وبالتالي تنشأ المرأة ومن ضمن أساليب التربية والتنشئة التي تتعرض لها أن هناك من سيتخذ لها القرار ،وهناك من سيحميها ويتحمل مسؤوليتها بدلا عنها ، ولا تنشأ على مهارات اتخاذ القرار ، ومهارات المواجهة ، فيظل هذا أسلوبها بشكل عام ، والمشكلة الأكثر تعقيدا أنه إذا غيّر التعليم في المرأة إيجابيا وحاولت أن تنمي هذا الجانب في شخصيتها فكثيرا ما تُواجَه بالصد فالأب سيرفض والأخ والزوج وستجدهم يقولون لها في وقت من الأوقات التعليم قواك وهذا ما جنيناه من التعليم .
هل يعتبر الهروب سلوكا إذا تكرر أو سلوكا قبل أن يتكرر ؟
- حتى نصف الشخص أنه هروبي أو انسحابي كما نطلق عليه في علم النفس فيجب أن يتكرر السلوك مرة بعد مرة ، فنطلق عليه أنه انسحابي عندما يصبح الانسحاب هو أسلوبه في الحياة ، عندما لا يتحمل أو لا يواجه المواقف دائما ويتجنب التبعات السلوكية ، أما ما يحدث في أننا كثير من المرات قد نلجأ لتجنب مواجهة موقف من المواقف لمرة واحدة فهذا لا يعني أن نطلق على الشخص أنه هروبي أو انسحابي .
كيف تستطيع المرأة أن تتغلب على موقف حدث لها في طفولتها ومازال يلعب دورا كبيرا في ضعفها وسلبيتها حتى بعد أن تلقت قدرا كبيرا من التعليم؟
- هنا نأتي لموضوع التعليم ، فالتعليم يجب أن يحدث فينا تغييرا ، ويجب أن نحدث هذا التغيير بأنفسنا ، يجب أن نوظف التعليم الذي حصلنا عليه ، هذا التعليم يفترض أنه سلحنا بأدوات تفكير وبأدوات تعديل سلوكيات وتعديل وجدانات وجوانب وجدانية ، لذا فيجب أن توظف المرأة هذا التعليم في أن تدير علاقاتها مع الآخرين ، هي ستتذكر هذه المواقف ، ولكن يجب أن تعمل مع نفسها على أن تتخلص من الآثار المحبطة لتذكر هذه المواقف أولا .
ثانيا : يجب أن تخلق لنفسها أساليب في التعامل مع الآخرين بحيث لا تصادمهم ولكن أيضا لا تمحي شخصيتها معهم ، فإذا تصرفت بقوة وحزم يصل إلى درجة العدائية ستستفز الآخرين الذين أمامها ويقولون إن التعليم غيرها وجعلها سيئة ، لا! يجب أن تكون مرنة قادرة على أن تكسب الآخرين وتجعلهم يشعرون بالسعادة والفخر للتغيير الإيجابي في شخصيتها ، ولا يمنع أن يلجأ الإنسان إلى قوى مساعدة من متخصص في مجال الإرشاد النفسي ولا يعيب ذلك إذا وجدت المرأة أن أساليبها لم تستطع أن تصل إلى الأسلوب الصحيح في التعلم .
المرأة في العمل تهرب من المطالبة بحقها لأنها- على حد قولها- تنظر إلى ما ستكسبه وما ستخسره وإذا وجدت أنها قد تخسر سمعتها أو علاقتها الطيبة مع الآخرين في حدود العمل فإنها تضطر للتنازل عن حقها فكيف تتعامل مع هذا الموضوع ؟
- أنا لا أوافق على هذه النظرة السوداوية للمسألة فهي فعلا توجد في بعض الأماكن وفي بعض الأوقات لدى بعض الرجال وليس عند الجميع، هذا أولا.
ثانيا: المسألة تخضع لتقدير المرأة نفسها ما حجم الخسارة التي ستخسرها وما أهمية المكاسب التي ستكسبها ؟ والمجتمع لن يتغير إذا ظللنا نسايره حتى في تصرفاته السلبية، ولنقل أن المحيطين بها غير راضين عن سلوكياتها المواجهة وشخصيتها المستقلة لكن ! لتوازن بنفسها: هل تريد رضا الآخرين عنها أم رضاها عن نفسها؟ ؟ هذه مسألة مهمة .
ما الفرق بين الرفض غير المباشر والهروب ؟
- الرفض حتى لو كان بشكل غير مباشر فهو في النهاية موقف له أمارات ودلالات ، وعدم الرغبة في التعامل مع الشيء قد يعبر عنه حتى بشكل غير لفظي بتعبيرات الوجه مثلا أو الجسد أو أشياء كثيرة أخرى وهو رد فعل سلبي لكنه غير مواجه . أما الهروب فهو عدم إبداء أي رد فعل ويظل الآخر يتساءل عن رد فعل الآخر فمثلا عندما تهرب المرأة من مواجهة أو مصارحة زوجها بمشاعرها السلبية إذا شعرت بمشاعر سلبية تجاه موقف معين فسيظل هو حائرا ومترددا ما موقفها ؟ هل هي حزينة ؟ هل هي غاضبة ؟ بينما إذا كانت رافضة لسلوك معين صدر عنه فقد لا تقول أرفض السلوك الفلاني ولكنه قد يتحسس ذلك من سلوكياتها.
ما الفرق بين المسايرة والهروب؟
- سلوك المجاراة قد يكون شكلا من أشكال الهروب لكنه شكل ربما يتضمن قناعة معينة بأنه لنكسب الآخر ، يوجهه صاحبه توجيها معرفيا بأن أكسب الآخر فأبدي موافقتي وأبدي رغبتي في موقفه أو توجهه حتى أكسبه ، وسلوك المسايرة ليس سلوكا صائبا دائما فقد نضطر للمسايرة أحيانا لكن الشخص الذي لديه موقف ولديه شخصية مستقلة لا يساير دائما بينما الشخص الذي ليس لديه قدرة على اتخاذ القرار نجده يساير دائما .
هل للهروب علاقة بالعصاب ؟
- العصاب مسمى عام يضم كافة الارتباطات النفسية ذات المنشأ النفسي وليست ذات المنشأ العضوي ،وهو يعني الاضطرابات التي لها منشأ نفسي والتي لا يصل الفرد فيها إلى أن تتفكك شخصيته،هذا هو مفهوم العصاب. أما الهروب فهو ميكانزم دفاعي سلبي قد يقود إلى العصاب إذا تكررت ممارسته وأصبح نمط حياة بالنسبة للفرد وبالفعل يقود لأمراض عصابية عديدة .
دكتورة أنيسة دوكم في الأخير لا بد لهذا التطواف من خاتمة وهو كيف تستطيع المرأة أن تتغلب على سلوك الهروب ؟
- المسألة معقدة فيجب أن تحس وتشعر المرأة أن هذا السلوك يسبب لها مشكلات، ولا يحل لها مشكلات، لذا لا بد أن تقيم الموقف بهذه الطريقة، فالهروب يجلب المشكلات أكثر مما يحلها ، بعد ذلك على المرأة أن تسأل نفسها لماذا تهرب ؟ وماذا ينقصها حتى تواجه ؟ عليها أن تجري نوعا من المسح لقدراتها الذاتية لتكتشف هذه الإمكانيات وما الإمكانيات التي تحتاج إلى تنمية فتقوم بتنميتها ثم تقوم بالسلوك المتخذ أو المناسب .
في نهاية هذا التحقيق أوجه شكري العميق للدكتور عبد الرزاق الهيتي، والدكتورة أنيسة دوكم واللذين لم يبخلا بوقتيهما في الرد على استفساراتي فلهما جزيل ا لشكر والامتنان. ملاحظة : التحقيق إلى ملحق الإنسان بسمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.