الشارع خال من المارة . وهدوء الحارة في هذه الساعة تكاد تخلو من سكانها بعد أن ذهب أرباب الأسر إلى أعمالهم وبقية ربات البيوت في منازلهن وذهب الطلاب إلى مدارسهم ، لم يبق في الشارع سوى عمال النظافة يشحذون قاع الأرصفة بمكانسهم المترهلة . هو أمام دكانه ينتظر القادم ، عيناه لا تنفك عن ملاحظة الذاهبين والآيبين ورد السلام عليهم مع رفع يده والتبسم في وجه القادم. رجل بعد حاله ينتظر الشخص القادم لإصلاح نفسه أو حلق دقنه أو قص شعر رأسه ، الناس لا يستغنون عنه يرضى بالمقسوم جميع أهل الحي يحبونه جميعاً يلقبونه (بالرئيس) صغيرهم وكبيرهم ، في الأعياد والمناسبات هو مزيتهم يرضى بالمقسوم قليل من يصل إليه من خارج الحي يعرف الغريب من القريب البسمة لا تفارق شفتيه ، في هذا الصباح أتاه شاب لحلاقة رأسه كان خلوقاً مع الشاب كما يعمل مع سكان الحي أجلسه على كرسي الحلاقة . لا يعرف الشاب من قبل قال له : أريد منك حلق شعر رأسي كاملاً . تعجل الحلاق في بداية الأمر كان الشاب صاحب شعر جميل . قال للحلاق : امسح رأسي بالموس هل فهمت ؟. فأنا أتيتك لأول مرة ، تعجب الحلاق في بادئ الأمر بدأ الحلاق في عمله وجهز أدواته وتأمل شعر الشاب الذي كان مسترسلاً جميلاً. قال الحلاق: بالموس. راح ينظر إلى الشاب هل أنت متأكد؟ قال الشاب : نعم ؟ تعجب الحلاق لما يقول الشاب فكثير من الشباب هذه الأيام لايعجبهم الحلاقة بالموس . قام وأحضر موساً وبدأ يغسل رأس الشاب. أردف الشاب قائلاً : لا تتعجب ، شعري يعود إلى طبيعته التي تراها الآن بعد أربع وعشرين ساعة ، تعجب الحلاق أكثر فعمره تجاوز الخمسين وهو لم يسمع أن شعر آدمي يعود بعد أربع وعشرين ساعة . زاد تعجبه لما يقول الشاب (شعره يعود بعد أربع وعشرين ساعة) هذا شيء غريب .. بدأ الحلاق في عمله وهو يفكر في كلام الشاب .(شعر يعود بهذه السرعة). قال له الشاب : إذا لم تصدق سأتيك غداً تذكرني جيداً ، تم إزالة الشعر من رأس الشاب تحسسه الحلاق جيداً ثم قال للشاب: نعيماً . قال الشاب للحلاق : غداً أراك . جلس الحلاق يفكر بكلام الشاب . للشاب أخ يشبه تماماً لا تستطيع أن تفرق بينه وبين أخيه. في اليوم الثاني عاد الشاب إلى محل الحلاق بنفس الملابس ولكن ليس هو .. كان أخ الشاب أمام دكان الحلاق واقفاً كما أقبل عليه أخوه بملابس وهيئة أخيه كاملة . ظل كلام الشاب في مخيلة الحلاق وعندما رآه الحلاق خرج من دكانه مسرعاً إلى الشارع وهو يصيح جني يا ناس . جني تجمع الناس حوله وهو يشير إلى الشاب الواقف أمام دكانه لقد جاءني بالأمس وحلقت له رأسه كاملاً . انظروا إليه الآن . إنه جني .. كان أخاً للشاب الأول يحمل كل صفات أخيه من ملابس وغيره . حاول الشاب أن يفهم الحلاق بالحقيقة وأنه مقلب أراد به هو وأخوه إضحاك الناس لكن ؟ بعد أن زاغ عقل الحلاق.