محلات الصرافة في صنعاء تفاجئ المواطنين بقرار صادم بشأن الحوالات .. عقب قرارات البنك المركزي في عدن    إعلان قطري عن دعم كبير لليمن    جماعة الحوثي تفرض اشتراط واحد لنقل المقرات الرئيسية للبنوك إلى عدن !    خمسة ابراج لديهم الحظ الاروع خلال الأيام القادمة ماليا واجتماعيا    حلم اللقب يتواصل: أنس جابر تُحجز مكانها في ربع نهائي رولان غاروس    قرارات البنك المركزي لإجبار الحوثي على السماح بتصدير النفط    تعرف على قائمة قادة منتخب المانيا في يورو 2024    7000 ريال فقط مهر العروس في قرية يمنية: خطوة نحو تيسير الزواج أم تحدي للتقاليد؟    انتقالي حضرموت يرفض استقدام قوات أخرى لا تخضع لسيطرة النخبة    فيديو صادم يهز اليمن.. تعذيب 7 شباب يمنيين من قبل الجيش العماني بطريقة وحشية ورميهم في الصحراء    فضيحة: شركات أمريكية وإسرائيلية تعمل بدعم حوثي في مناطق الصراع اليمنية!    أرواح بريئة تُزهق.. القتلة في قبضة الأمن بشبوة وتعز وعدن    "حرمان خمسين قرية من الماء: الحوثيون يوقفون مشروع مياه أهلي في إب"    مسلحو الحوثي يقتحمون مرفقًا حكوميًا في إب ويختطفون موظفًا    الدبابات الغربية تتحول إلى "دمى حديدية" بحديقة النصر الروسية    حرب وشيكة في الجوف..استنفار قبلي ينذر بانفجار الوضع عسكرياً ضد الحوثيين    صحفي يكشف المستور: كيف حول الحوثيون الاقتصاد اليمني إلى لعبة في أيديهم؟    إنجاز عالمي تاريخي يمني : شاب يفوز ببطولة في السويد    المجلس الانتقالي يبذل جهود مكثفة لرفع المعاناة عن شعب الجنوب    عن ماهي الدولة وإستعادة الدولة الجنوبية    الوضع متوتر وتوقعات بثورة غضب ...مليشيا الحوثي تقتحم قرى في البيضاء وتختطف زعيم قبلي    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    حرب غزة.. المالديف تحظر دخول الإسرائيليين أراضيها    - الصحفي السقلدي يكشف عن قرارات التعيين والغائها لمناصب في عدن حسب المزاج واستغرب ان القرارات تصدر من جهة وتلغى من جهة اخرى    بحضور نائب الوزير افتتاح الدورة التدريبية لتدريب المدربين حول المخاطر والمشاركة المجتمعية ومرض الكوليرا    شرح كيف يتم افشال المخطط    بدء دورة تدريبية في مجال التربية الحيوانية بمنطقة بور    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و439 منذ 7 أكتوبر    "أوبك+" تتفق على تمديد خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط    ولي العهد الكويتي الجديد يؤدي اليمين الدستورية    رصد تدين أوامر الإعدام الحوثية وتطالب الأمم المتحدة بالتدخل لإيقاف المحاكمات الجماعية    الملايين بالعملة الصعبة دخل القنصليات يلتهمها أحمد بن مبارك لأربع سنوات ماضية    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    أولى جلسة محاكمة قاتل ومغتصب الطفلة ''شمس'' بعدن    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    خراب    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    الطوفان يسطر مواقف الشرف    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربعون زيارة وألف حكاية ورواية الحلق35
اليمن واهل اليمن
نشر في الجمهورية يوم 25 - 07 - 2008

علي عبداللة صالح بطل قومي انقذ الوحدة اليمنية من شراك الانفصال
الديمقراطية كانت الإختيار الوحيد لمسيرة الحكم في دولة الوحدة
المعاهد العلمية وتخريج الأصوليين
قلت : المعاهد العلمية التي صدر قرار من مجلس النواب بتبعيتها لوزارة التربية والتعليم ..حتى الآن لم يحدث ذلك بينما شرع التيار الاصولي في بناء جامعة اهلية غير مختلطة والاسلام في اليمن كما اعلم عميق وسمح ولا فضل لتوجه ديني على اخر ؟
الرئيس : أي تطرف سياسي يميني او ديني وفوضوي هو رد فعل على ممارسة العلمانيين الماركسيين ، فلو أوجدوا الاعتدال فيهم وعاشوا الواقع وانطلقوا من العقيدة الاسلامية وآمنوا بالوطن والانتماء القومي لن يوجد تطرف اسلامي .
. فمثلاً الحركات الاسلامية في العالم وجدت نتيجة ان الماركسية فشلت والعمل القومي فشل ، اذا ً لماذا نضج على الاسلاميين اينما كانوا ولم نضج على الماركسيين ؟ دعونا نجرب .. المهم الولاء والاخلاص للوطن .. والالتزام بالدستور والتسليم بالشرعية الدستورية والتداول السلمي للسلطة وهذا ما حدث .. فمثلاً نحن في مجلس الرئاسة كنا خلال الحرب شريكين اساسيين ، المؤتمر والاصلاح وجاءت التعديلات الدستورية وسلم الاصلاح بالتداول السلمي للسلطة وخرج من مجلس الرئاسة ، لماذا اسلم بوجود الاشتراكي كعلماني واكون حجر عثرة امام الاسلاميين..طيب سالم صالح انا اعتبره اصولياً وانتهازياً اما البيض فخائن وباع الوطن ، ايهما الافضل ؟ انا مع الاسلاميين بقدر ولائهم للوطن وحرصهم على مصالحه وامنه ووحدته الوطنية ، فلو كان الاشتراكي الانفصالي وطنياً وقومياً ومؤمنًا بالثوابت الوطنية ما حصلت أي مشكلة ، لكن الانسان هكذا يصيب او ينحرف ، الاسلاميون يجب ان يكون لهم وجود مثل وجود الاشتراكيين والقوميين ، المهم ثقة الشعب والالتزام بالنهج الديمقراطي والثوابت الوطنية.
قلت : د.حسن مكي نائب رئيس الوزراء يقال انه لن يرجع الى اليمن بعد محاولة الاعتداء على حياته ؟
الرئيس : مقاطعاً : من قال لك هذا ؟ هذا غير صحيح د . حسن مكي عزيز على قلوبنا ومناضل وطني كبير وهو الآن يستكمل علاجه .
قلت : لقد ناقشت الشيخ عبد الله الاحمر رئيس مجلس الشعب ورئيس حزب الاصلاح وحكى لي ما حدث بين الدكتور مكي وبين الشيخ الشايف ، الشيء الثاني ان علي صالح عباد اعتدي عليه من طارق الفضلي ولم يحدث قصاص في الحالتين ؟
الرئيس : اولاً علي صالح عباد كأمين عام للحزب الاشتراكي يعرف خلفية ما حدث بينه وبين الفضلي وهما الآن على تفاهم .
قلت : الى متى تحتكمون الى الاعراف الشعبية والقبلية ؟
الرئيس : نحن نحتكم الى الشريعة والى العرف الموروث الذي يرتضيه ولا يزال الشعب اليمني ولا يتعارض مع عقيدته .
قلت : كيف تفسر سيادتكم ظاهرة تلاشي الاغتيالات والتفجيرات التي سادت الوحدة قبل التآمر عليها ؟
الرئيس : كان هناك حملة اعلامية عدائية لغرض الانفصال ، ولم تكن هناك اغتيالات او تفجيرات سياسية .. كان هناك شيء متفق عليه بين الانفصاليين وبين من مولوا الانفصاليين بقيام عناصر بالتفجيرات مقابل الحصول على اموال ، وعلى هذا الاساس مولوا تلك العناصر باتفاق مع الحزب الاشتراكي لإحداث التفجيرات ولإحداث الضجة الكبيرة في العالم ، وانحصرت ادعاءاتهم بارتكاب الحوادث ضد 152 من عناصر الحزب الاشتراكي بينما ثبت فيما بعد ارتكاب جرائم سياسية في حق 7 حالات عندما تم بحث الامر في اجتماع لمجلس الوزراء قبل تفجير الحرب والحالات السبع فيها شبهة وهو ما اكده تقرير وزير الداخلية الذي شارك في التوقيع عليه اثنان من وكلاء وزارة الداخلية وهما عناصر من قيادات الحزب الاشتراكي .
قلت : كان هناك اتفاق على استبعاد وجود الجيش داخل المدن متى يعاد النظر في هذا الاتفاق ؟
الرئيس : لمعلوماتك كان في صنعاء معسكران وفي عدن 15 معسكر لأنها كانت مستعمرة من الانجليز وكدسوا فيها المعسكرات والاسلحة ، الآن لم يعد هناك وجود للجيش داخل المدن ، واجهزة الامن والشرطة وحدها هي التي تمارس صلاحياتها في الحفاظ على الامن والاستقرار .
قلت : هناك فهم لاختياركم الدكتور الارياني وزيراً للخارجية كونه يمثل خطاً سياسياً متشدداً بينما باسندوه جاء في اعقاب ازمة الخليج ليعبر عن خط سياسي يتسم بالمرونة السياسية هل هذا صحيح ؟
الرئيس : الاشخاص تحكمهم مؤسسات ودستور ، لكن بعض الدول لم تسلم بعد بأننا بلد ديمقراطي وبلد مؤسسات .. ونحن نحكم في اطار رسم سياسة عامة ، الارياني سواء رضيت عنه ام لم ترض سينفذ سياسة اليمن . باسندوة ايضاً كذلك ، فأي واحد سينفذ سياسة اليمن ، ليس هناك شيء اسمه شخص متطرف او متشدد في سياسته خاصة وليس الفرد هو الحاكم ، الدستور والسياسات التي يقرها البرلمان والحكومة هي التي تحكم عمل الجميع ، حتى لو وضع أي شخص مهما كان في أي موقع فهو سينفذ سياسة محددة ومقرة .
انزعاج مصر
قلت : هناك انزعاج مصري في وجود متطرفين مصريين في اليمن ؟
الرئيس : أي مصري يخل بأمن مصر ويتآمر على امن مصر في اليمن اكتب لي اسمه للتحقيق في امره وعقابه او لكي يمنع عن العمل السياسي ضد مصر او يطلع خارج البلد ، فالدولة لا تدعم ولن تسمح لأي قوة مضادة للشعب المصري ولن تحتضنها كما هو الحال الآن بمصر حيث يتواجد على ارضها بعض الانفصاليين ويمارسون انشطة معادية للشعب اليمني ووحدته .. فنحن لن نسمح لأي قوة مهما كانت ان تعادي النظام او الشعب المصري الشقيق .. ونتمنى في المقابل ان تتخلص مصر من العناصر الانفصالية اليمنية الموجودة على ارضها والا تكون منطلقاً للعمل المعادي لليمن الموحد !
قلت : في لندن اعلنت القيادات الانفصالية تكوين ما يسمى بالجبهة الوطنية المعارضة “ موج “ كيف ستتعاملون معها ؟
الرئيس : من خرج من الوطن مصيره مصير البدر المخلوع ، واي انسان يعادي الوطن يصبح الآن في حكم النظام الرجعي المباد وفي مزبلة التاريخ .
قلت : بالنسبة لعدن بشرت بانتقال الحكومة اليها في الشتاء خاصة وهناك طموحات بأن تكون عاصمة اقتصادية ؟
الرئيس : الحكومة ملتزمة بما تم اعلانه لممارسة اعمالها من هناك طول الموسم الشتوي !
قلت : هناك مخاوف يمنية وعربية ودولية ازاء احتمالات تقلص مساحة التعبير الديمقراطي في ضوء ما اسفرت عن الحقائق حول المؤامرة الانفصالية خاصة بعد التضييق الرقابي الذي تعرضت له احدى صحف المعارضة مؤخراً !
الرئيس : اكتب على لساني تقطع يدي ولا اوقع على قرار بالتراجع عن الديمقراطية والتعددية السياسية ، لقد كانت هناك رقابة مؤقتة على الصحف خلال فترة الحرب وهذا استثناء طبيعي تلجأ اليه اكثر الدول التي تتسم نظمها بأرقى صيغ الحكم الديمقراطي في أوقات الحروب حفاظاً على أمنها القومي ، الآن زالت تلك القيود الرقابية تماماً وشملت حتى الصحف العربية والاجنبية ولم تعد الدعوى التي رفعتها تلك الصحيفة ضد وزير الاعلام ذات موضوع الآن !
عرس الديمقراطية
يجمع المراقبون على ان اليمن كان محظوظاً منذ تسعينات القرن الماضي بثالوث الخير .. الوحدة ، التنمية ، الديمقراطية الليبرالية في صورتها المتقدمة ، عبر مساحة الحريات والتعددية السياسية ، ثم عبر الانتخاب الشعبي المباشر ، وهكذا انتقلت سلطة الرئاسة في اليمن من الشرعية الثورية الى الشرعية الديمقراطية ، وهو حدث سياسي عظيم ونقلة حضارية غير مسبوقة في دول العالم الثالث بوجه عام ، حيث الوصول الى سدة الرئاسة غالباً بالوراثة او الانقلابات العسكرية غصبا عن ارادة الشعب .
على مدى 15 يوماً كنت على موعد لشهود عرس الديمقراطية الباهر في مختلف ربوع اليمن ، حيث هبط الشعب من قمم الجبال ومن كل فج عميق للتحشد حول المرشحين للتنافس حول منصب رئيس الجمهورية بين علي عبد الله صالح ونجيب قحطان الشعبي للاستماع الى برامجهما السياسية ، وتقدير مدى تلبيتها لطموحاته في حل المشكلات الوطنية ، وتحقيق نقلة نوعية من الاستقرار والتنمية والعدالة الاجتماعية والتحديث تواكب مستجدات القرن الواحد والعشرين !
ثم لا انسى ما حييت مشهد العجائر والمعوقين حتى العميان وكذا جموع النساء امام مقرات اللجان الانتخابية للادلاء بأصواتهم وهم في حالة من النشوة والفرح والحماس ، رغم ان النتيجة كانت محسوبة سلفاً لعلي عبد الله صالح !
واذا كان الشعب اليمني لا يزال يعاني ارث التخلف الثقيل وفي مقدمته ظاهرة الامية الثقافية ، الا انه اكد بما لا يدع مجالاً للشك في اكثر من مناسبة على براءته من الامية السياسية ، عندما اجمعت ارادته على انتصار ثورة 26 سبتمبر عام 1962 ، وتقويض اركان نظام الامامة الكهنوتي البغيض الذي تجرع ويلاته قروناً من الجور والاستبداد والاوبئة والمجاعات في اسر العزلة المستحكمة عن العالم الخارجي ، وهو نفس الشعب الذي بادر تباعاً الى تفجير ثورته الثانية عام 1963 ، في مواجهة الاستعمار البريطاني في عدن ونحو 23 مشيخة وامارة وسلطنة في الشطر الجنوبي من اليمن !
ولاشك ان انحياز الشعب اليمني بقوة وايمان الى صف الوحدة ودحر المؤامرة الانفصالية ، كان بمثابة الاختبار العملي للوعي الوطني وادراك الشعب مسئوليته ازاء استعادة حضاراته الخالدة وتسريع وتيرة لحاقه بركب العصر، وحسم خياره التاريخي الوحيد والى الابد ايذاناً بنهاية التشطير والحروب الاهلية الضارية رغم ما كان من اختلاف التوجهات السياسية المترددة وغير المسئولة بين النظام في صنعاء والنظام في الجنوب .
والشاهد ان الديمقراطية كانت الاختيار الوحيد لمسيرة الحكم في دول الوحدة ، بل المدرسة التي انضجت الوعي الشعبي ، وعبر الممارسة الديمقراطية حيث جرى الاستفتاء في اطارها على دستور الوحدة ، وخوض معركتين للانتخابات البرلمانية من قبل ، اذ رغم شيوع ظاهرة حمل السلاح في اليمن وتأصل عادة الثأر القبلي الا انها تمت بسلام دون ان يسقط قتيل واحد ولم يسمع صوت طلقة رصاص واحدة !
ايام كانت المماحكات السياسية التي رافقت استبعاد الحزب الاشتراكي من الترشيح في انتخابات الرئاسة ، وما رافقها من حديث حول انصياع قيادة الحزب الاشتراكي في الداخل لضغوط قيادته في الخارج بمقاطعة الانتخابات ، الا ان علي عبد الله صالح ومنافسه نجيب قحطان الشعبي فقط حازا على النسبة القانونية التي تؤهلهما للمنافسة على رئاسة الجمهورية اليمنية لمدة خمس سنوات قادمة وهو ابن قحطان الشعبي اول رئيس لليمن الديمقراطي ، في الوقت الذي قطع الشيخ عبد الله الاحمر زعيم حزب الاصلاح المعارض الطريق على الشيخ عبد المجيد الزنداني الذي يمثل التيار الاصولي في الحزب لترشيحه نفسه ، اتقاء فتنة تحشد جماعات التطرف الاسلامي وراءه ، وتورطها في حوادث الارهاب واختطاف الاجانب !
ولاشك انه كان بوسع علي عبد الله صالح الاستمرار في منصب الرئاسة حتى يقضي الله امراً كان مفعولاً ، لا لأنه قابض على زمام السلطة فحسب ، ولكن لشعبيته الكاسحة التي اكتسبها كبطل قومي عبر انجازه للوحدة اليمنية ، ونجاحه في انقاذها من شراك الانفصال ، وتسيير دفة الحكم في الاطار الديمقراطي والتعددية السياسية عبر نحو مئة حزب ومئة صحيفة ومطبوعة ، والسير قدماً في تنفيذ مشروعات التعاونيات والتنمية والتحديث، ولا ادل على ذلك من 20 جامعة حكومية وخاصة الآن في اليمن ونحو خمسة ملايين تلميذ وطالب ، وهو ما يؤكد على ان الشعب تواق للحاق بركب القرن الواحد والعشرين ، واستكمال خيار الديمقراطية بمبدأ للتداول السلمي للسلطة ، ومن ثم كان قرار الرئيس تجاوز مرحلة الشرعية الثورية لولايته الى اكتسابها للشرعية الديمقراطية عبر الانتخاب المباشر من الشعب لا البرلمان ، ولو بنسبة 51% من اصوات الناخبين على حد قوله لي ، وهكذا بعد ان فاز بأغلبية الاصوات اصبحت مسئوليته مضاعفة واكثر تأهيلاً لتنفيذ وعوده بالتغييرات الجذرية، على كل صعيد ، وفي مقدمتها اقتلاع مظاهر التسيب والفساد ، ومعالجة الاختلالات الامنية والاجتماعية والاقتصادية .. وتلك كانت فرصة الشعب المواتية لممارسة حقه الديمقراطي في اختيار حاكمه والزامه بخياراته ومحاسبته على مدى وفائه بها !
الرهان على انتهاج الديكتاتورية
على انه صادف هذه التحولات العظيمة حدثان على درجة كبيرة من الاهمية ، “الاول” ويكمن في الاكتشافات البترولية التي عظمت من شأن الوحدة ، ووفرت لها دعماً مادياً وتعويضاً نسبياً عن المعونات والمساعدات العربية والاجنبية التي توقفت اثر اندلاع ازمة الخليج ، وموقف اليمن من امكانية احتوائها عربياً ، خشية المخاطر السياسية والاقتصادية الماثلة في عودة النفوذ العسكري والسياسي الاجنبي الى المنطقة ، اما الحدث “الثاني” فكان النجاح المؤزر الذي احرزته دولة الوحدة اليمنية ، ازاء حل مشكلاتها الحدودية التاريخية مع جيرانها، عبر نموذج التراضي والوفاق مع سلطنة عمان ، والى حد تبادل الاراضي والمنافع، حتى عندما اجتاحت اريتريا جزيرة “حنيش الكبرى” اليمنية ، رفض علي عبد الله صالح الاستجابة للضغوط السياسية والشعبية لاستعادتها بالوسائل العسكرية وفضل التحكيم الدولي الذي اعادها من جديد للوطن الام !
ولاشك ان هذا النهج العقلاني وهذه التحولات الكبرى اثارت على اليمن موجات من العداء المستحكم ، من قبل قوى خارجية محسوبة علي اقصى اليمين الرجعي وقوي محلية محسوبة علي اقصي اليسار ، فكانت المؤامرة على فصم الوحدة ، والرهان علىاعادة الاوضاع الى زمان التشطير والتجزئة ، ويخطئ البعض من المراقبين عندما يتصورون ان حسم الصراع انتهى لصالح الوحدة والديمقراطية والتحديث ، فلا يزال التحالف الرجعي اليساري يسعى بكل الوسائل للاجهاز على التجربة اليمنية ، فإن كان قد فشل في بلوغ اهدافها “بالضربة القاضية” فالمجال لا يزال متسعاً لانجازه تدريجياً عبر استغلال المتناقضات المحلية ، والمتمثلة في شيوع ظاهرة حمل السلاح الخفيف والثقيل ، واستثمار عادة الانتقام للثأر ، وكذا شوق القبائل في المناطق المهمشة لنيل نصيبها من التنمية والخدمات مقابل فك اسر الرهائن من الاجانب والسياح !
ولا اعتقد ثمة تحامل في نقد مسلك للحزب الاشتراكي ، حين اعاد الاعتبار الى عدد من قياداته النافذة بعد ان ثبت تورطها في جريمة الانفصال على الرغم من صدور العفو الشامل لكل من غرر بهم في المؤامرة ، وعادوا من الخارج يمارسون حقوقهم السياسية ويباشرون اعمالهم السابقة ، بينما كان المأمول ولم يصدر قرار سلطوي بحل الحزب الاشتراكي ، ان يتجاوز اصراره على اثاره خلافاته الثانوية مع النظام حول هذه الاشكالية ، بديلاً عن التحشد المطلوب لمواجهة التناقض الاكبر ، عبر تصاعد حدة المخاطر الخارجية التي تتهدد وحدة اليمن واستقراره ، كما لا اظن ان ثمة تحاملاً بالمقابل ازاء نقد مسلك النظام عندما رفض ترشيح الامين العام للحزب الاشتراكي علي صالح عباد “مقبل” للمنافسة في معركة انتخابات الرئاسة ، اذا كان بمقدور النظام ان يتجاوز عدم حصوله على نسبة الترشيح المقررة من مجلس الشعب ، اعمالا لمبدأ التداول السلمي للسلطة ، والتأكيد على الخيار الديمقراطي ، خاصة وان المنافسة محسوبة سلفاً لصالح الرئيس علي عبد الله صالح ، لا لانجازاته الوطنية وفي مقدمتها ردع الانفصال والحفاظ على دولة الوحدة فحسب ، وانما باعتباره ضرورة مرحلية حتمية في هذا الظرف العصيب الذي بات فيه اليمن مهدداً من كل حدب وصوب ، ولعلنا نزيد في النقد ازاء ترشيح نجيب قحطان الشعبي ابن اول اول رئيس لليمن الجنوبي فور استقلاله عن الاستعمار البريطاني في 30 نوفمبر 1967 ، فلم يكن له رصيد سياسي وشعبي ولا رؤية سياسية متميزة تؤهله لرئاسة اليمن ، ثم انه عضو في حزب المؤتمر الشعبي الحاكم، وكأن النظام ينافس نفسه ، فلماذا اذن كانت كلفة الوقت والجهد والمال سدى في الوقت الذي اعلنت احزاب المعارضة مقاطعة انتخابات الرئاسة ؟!
ايام كانت اوجه النقد والاجتهادات تحتمل الخطأ او الصواب الا ان الخطر لا يزال يدق ابواب اليمن يوماً بعد يوم ، ومؤامرات الداخل الموصولة بالتآمر الخارجي المبيت ضد اليمن لا تمل ولا تهدأ .
واخشى ما يخشاه الحريصون على استقرار اليمن ان تتفاقم تلك الممارسات العبثية وتداعياتها المغرضة في الاعلام الغربي المشبوه الذي يحاول تشويه وجه اليمن الصبوح ووقف تدفق السياحة والاستثمارات الاجنبية في مشاريع التنمية ، والرهان بالتالي على نفاد صبر الرئيس علي عبد الله صالح في النهاية واعلانه التراجع عن الديمقراطية ، وتشديد قبضته على زمام السلطة بدعوى مواجهة الاخطار المحدقة باليمن عبر انتهاج الديكتاتورية او النهج الشمولي ، ولاشك انه رهان خاسر ، اذ ان التحديات التي تواجه اليمن اليوم ، تهون كثيراً عن حجم وهول التحديات الكبري التي واجهته بالامس ، وخرج منها ظافراً منتصراً بإرادة الشعب في الحرية والوحدة والتقدم !
لكن من الخطأ ان تضع الحكومة اليمنية رأسها في الرمال حتى لا ترى الخطر المتربص بالوحدة وبالديمقراطية ، عبر التهويل من الاخطاء واستغلال الاوضاع الاقتصادية الصعبة، مما يفرض على الرئيس علي عبد الله صالح الانفتاح كعادته على المعارضة والاستماع لها بديلاً عن ظاهرة جمع المليون توقيع التي تطالب بالاصلاح ، ونهج واسلوب التحريض الذي تمارسه حركة “ارحلوا” عبر الموقع الاليكتروني “الناس برس” الذي يديرة الكاتبان المعارضان عبد الرحيم محسن ورشاد سالم ، وكذا ما يسمى ملتقى ابناء المحافظات الجنوبية” الذي يسعى الى وراثة الدور المناطقي لحزب الرابطة !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.