حظيت ثلاث فتيات يمنيات تزوجن في سن الطفولة وطلقن بحكم محكمة في الآونة الاخيرة بحفاوة من نواب في البرلمان ونشطاء في مجال حقوق الإنسان ومسؤولين من الأمم المتحدة خلال اجتماع للاحتجاج على تشريع يسمح للرجال بالزواج من فتيات لم يبلغن سن الزواج. وتحدثت إحدى الفتيات تدعى أروى الشمهلي تبلغ من العمر تسع سنوات فقط عن تجربتها في الاجتماع الذي حضره نواب في البرلمان وصحفيون ونشطاء، وعمر الفتاتين الأخريين ثمانية أعوام و12 عاماً. وقالت أروى الشمهلي إنها خرجت لتعلب مع إحدى زميلاتها فقالوا لها: أنت ابتداء من هذا اليوم لن تلعبي مع الأطفال. لكنها تساءلت لماذا: فقالوا لها إنها متزوجة مما أثار دهشتها وأدى إلى تساقط الدموع من عينيها.. وبينت بعض الدراسات أن 25 في المائة تقريباً من الفتيات تحت 15 عاماً في اليمن متزوجات وأن 70 في المئة منهن يعشن في المناطق الريفية. وقال نواب في البرلمان: إن تشريعاً عرض على البرلمان لتعديل قوانين الزواج في البلاد وتحديد سن قانونية لزواج الفتيات عند 18 عاماً. وقال النائب عبد الباري دغيش: إن مشروع القانون تم تجاهله. وترى حورية مشهور - نائبة رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة في اليمن - أن الأمر الآن أصبح محرجاً للحكومة وللبرلمان اليمني، ودعت إلى تقديم قانون الأحوال الشخصية بصفة مستعجلة.. وتسود تقاليد قبلية تسمح بتزويج الفتيات بعد بلوغهن سن المحيض. وتنتشر أيضاً في البلد العربي عادة الختان التي تثير جدلاً واسعاً.. وقال نسيم الرحمن من صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) : لا يوجد حد أدنى قانوني لزواج الفتيات لذا تعمل اليونيسيف على تعديل القوانين المتصلة بالأطفال سواء كانت تتعلق بالزواج أو بتشويه الأعضاء التناسلية لدى الفتيات أو سواء كانت تعلق بإساءة المعاملة والاستغلال والإهمال..وكانت محكمة يمنية في أبريل - نيسان الماضي قد أصدرت قراراً بإنهاء زواج فتاة عمرها ثمانية أعوام؛ لأنها لم تبلغ المحيض. وقضت المحكمة أيضاً بأن تدفع أسرة الطفلة غرامة نحو 250 دولاراً تعويضاً للزوج السابق الذي يبلغ من العمر 30 عاماً. وقال محامي الفتاة: إن الطفلة رفعت دعوى في أبريل - نيسان طلبت فيها الطلاق، وقالت للمحكمة: إن زوجها يسيء معاملتها بدنياً ويجبرها على ممارسة «الجنس معه بعد ضربها». وقال نسيم الرحمن: إن احتمال وفاة مثل تلك الفتيات تبلغ المثلين إذا حبلن قبل بلوغهن 18 عاماً.. وذكرت إحصاءات لليونيسيف نشرت عام 2006 أن هناك 60 مليون فتاة أعمارهن أقل من 18 عاماً متزوجات بينهن 3.3 فتاة في الشرق الأوسط..وقال المركز الدولي للدراسات على النساء: إن 48.4 في المائة من النساء تحت 18 عاماً في اليمن يتزوجن مما يضع اليمن في المرتبة الثالثة عشرة في قائمة تضم 20 بلداً بها أعلى نسبة من شيوع زواج الفتيات الصغيرات. إلى ذلك دعا مدير الإعلام بمنظمة اليونيسيف في اليمن الآباء والأمهات إلى تحمل مسؤولياتهم الجماعية تجاه زواج القاصرات وما يترتب عليه من أضرار جسدية ونفسية واجتماعية للفتاة القاصرة.. وقال نسيم الرحمن: إن الحالات المعلنة لزواج القاصرات في اليمن رمزية لحالات كثيرة مخفية، تم زواجهن بدوافع مختلفة، ونحن جميعاً مسئولون ومذنبون بطريقة أو بأخرى تجاه هؤلاء الفتيات القاصرات. وأضاف: أكبر ذنب نقترفه هو أن نتجاهل أطفالنا وكثير ما يكون هناك ممارسات خاطئة بمبررات اجتماعية (عادات وتقاليد). معرباً عن شكره للقاصرات اللواتي تحدّين واقعهن وطالبن بالعودة إلى طفولتهن وبراءتهن. جاء ذلك في كلمة ألقاها في فعالية نظمتها أمس صحيفة «يمن تايمز» الناطقة بالانجليزية احتفاءً بالطفلات :«ريم، نجود، أروى» اللاتي فصلت المحكمة بينهن وأزواجهن (ما عدا ريم). من جانبها دعت نادية السقاف - رئيسة تحرير "يمن تايمز"- وسائل الإعلام إلى إطلاق حملة توعية بأضرار ومخاطر الزواج المبكر، وقالت: على الصحفيين التعامل مع قضايا الزواج المبكر بجدية أكبر، وعدم اعتبارها مناسبات للانفعال والتعاطف دون القيام بواجبهم، تجاه الظواهر السلبية ومنها الزواج المبكر. رئيسة منتدى الشقائق أمل باشا طالبت بإيجاد تشريع يضمن محاسبة من يقوم بتزويج القاصرات وتقديمه للعدالة، هو ومن يتزوجها، وعدم حصر المسألة في الجانب التشريعي، وإنما القيام بحملة إعلامية موازية، وتنظيم دورات توعية من قبل المنظمات المدنية المعنية. وانتقدت أمل الباشا ما أسمته ب"الإمتاع الجنسي" الممارس ضد قاصرات في بعض الفنادق والمراقص (لم تسمها). النائب البرلماني عبدالباري الدغيش حمّل الفقر مسئولية زواج القاصرات، وقال: إن كثيراً من الأسر تلجأ إلى تزويج بناتهن بدوافع الحاجة والحرمان. مطالباً أن تركز حملات التوعية على طرق ووسائل تنظيم الأسرة، والصحة الإنجابية، وخطورة الانفجار السكاني الذي تشهده اليمن. وكان عدد من الشخصيات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني والسفارات الأجنبية، بينهم البرلماني فؤاد دحابة وبكيل عبدالله الأحمر والمحامية شذى ناصر المترافعة في قضايا القاصرات أمام القضاء والسفارة الألمانية بصنعاء قدموا عدداً من الهدايا المادية والعينية للفتيات القاصرات، قبل خروجهن للعب والتنزه في نادي الفروسية، لتبدأ بعدها حلقة نقاش عن دوافع الزواج المبكر وأضراره النفسية والجسدية.