من يصدق أن الدفاع المدني في عدن منذ بداية تأسيسه في الخمسينيات من القرن المنصرم لايزال يعمل في نفس المباني وبإمكانات شحيحة جداً لاتواكب التطور المعماري والكثافة السكانية والطفرة التجارية التي تعيشها عدن والمكانة التي تتمتع بها في الجمهورية اليمنية كعاصمة اقتصادية وتجارية بل على العكس من ذلك فقد خسرت إدارة الدفاع المدني بعدن جزءاً كبيراً من آلياتها ومعداتها خلال الفترات الماضية كما خسرت عدداً من كوادرها المؤهلة ممازاد الطين بلة والخرق اتساعاًِ؟! كان ماسبق حقيقة مرة ومؤلمة خرجنا بها في استطلاعنا لإدارة الدفاع المدني بعدن التقينا خلالها بعدد من المواطنين الذين كرروا على مسامعنا كلاماً مألوفاً عن سلبيات الدفاع المدني كالوصول متأخراً وبدون ماء أحياناً والتأخر في اطفاء الحرائق وغيرها من الاشاعات..كما يصفها مدير إدارة الدفاع المدني بعدن العقيد مهندس محمد عبده حيدرة سعيد الرجل الممتلئ حيوية ونشاطاً وتواضعاً وتفانياً في أداء واجبه الوطني والإنساني كما يصفه برغم الامكانات الشحيحة التي تواجهها الإدارة إضافة إلى تلك الشائعات التي تتردد على ألسنة المواطنين في الوقت الذي يستحقون فيه الشكر والثناء الحسن على الجهود التي يبذلونها في خدمة الوطن «المواطن» ويعرضون فيها أنفسهم للخطر كما حصل مؤخراً لأحد منتسبي الدفاع المدني بعدن. مراكز تصلح أن تكون متاحف منذ الصباح الباكر كنت في انتظار العقيد محمد عبده لأرافقه في جولته الصباحية للمراكز التابعة لإدارة الدفاع المدني بعدن وهي ثلاثة مراكز «الشيخ عثمان والمنصورة وكريتر» اضافة إلى المركز الرئيسي في المعلا الذي يشتمل على مركز المعلا ويقع فيه أيضاً مبنى إدارة الدفاع المدني بعدن أي بمعنى مركز لكل مديريتين. إلا أن مالفت انتباهي كثيراً مباني مراكز الدفاع المدني العتيقة والصغيرة التي لم يطرأ عليها أي تطوير أو توسيع منذ إنشاء خدمة الدفاع المدني بعدن في أوائل الخمسينيات من القرن المنصرم وتصلح أن تكن متاحف لا مراكز اطفاء ودفاعاً مدنياً؟! الدفاع المدني ليس لإطفاء الحرائق فقط قال لنا العقيد مهندس محمد عبده أن الدفاع المدني له مهام عديدة ومتشعبة والمعنى الشامل للدفاع المدني هو الاطفاء والانقاذ والاسعاف بالاضافة إلى الارشاد والتوعية لكافة فئات المجتمع بما فيهم أفراد الدفاع المدني في كيفية التعامل مع الكوارث بشكل عام والحرائق بشكل خاص للحفاظ على المواطنين وممتلكاتهم والمصالح العسكرية والاقتصادية والسياسية في البلد. تأخر الاتصال وازدحام الطرق العقيد محمد عبده رد بصراحة على ما سمعناه ونسمعه دائماً عن الدفاع المدني وسلبياته والألم يعتصره إزاء هذه الشائعات البعيدة عن الواقع وقال: للأسف الشديد أن رجال الإطفاء الذين يبذلون كل جهدهم في خدمة الوطن والمواطن يكون جزاؤهم مثل هذه الاشاعات البعيدة عن الحقيقة ورغم معرفتنا بها إلا أننا نقوم بواجبنا الوطني والإنساني غير آبهين بها ونعلم أن إرضاء الناس غاية لاتدرك. وكرد عملي على إشاعة التأخير أصر العقيد محمد عبده على ضغط جرس الحريق من داخل غرفة العمليات لنشاهد بأنفسنا في زمن قياسي لم يتجاوز الدقيقة من قرع الجرس حتى كانت سيارات الإطفاء قد بدأت فعلياً بالتحرك لولا الوقوف أمامها وإصداره الأوامر بالتوقف واغتنمت هذه اللحظات في تصوير الحركات السريعة لرجال الإطفاء وسياراتهم وقال هذا ردنا على تلك الاشاعات وإذا كان هناك من تأخير فهو بسبب تأخر الاتصال أو الطريق أيضاً زمناً يسيراً وبخصوص إشاعة انعدام الماء في السيارات فقد نفى ذلك نفياً قاطعاً مشيراً إلى أسباب أخرى وهي تدهور وضعية محابس الماء التي كانت في السابق منتشرة على مستوى مدن المحافظة والتي يستخدمها رجال الإطفاء للتزود بالماء في مكان الحريق إلا أن معظمها قد طمرت والبعض الآخر تم البناء عليها كما أن أزمة التزود بالمياه وانقطاعها يحول دون استعمالها في معظم الأحيان مما يضطرنا إلى التزود بالماء بواسطة الوايتات مما يسبب تأخراً في إطفاء بعض الحرائق الكبيرة. المشاريع المستقبلية من المشاريع الطموحة التي قطعت إدارة الدفاع المدني بعدن شوطاً كبيراً في تجهيزها غرفة العمليات والسيطرة حيث تم تجهيزها بأحدث الأجهزة ولم يتبق سوى ربطها بالشبكة في مواقع العمل والإنتاج والشركات الكبيرة بما من شأنه إبلاغ إدارة الدفاع المدني تلقائياً بأي حادثة لاسمح الله مع إعطاء كافة المعلومات حول موقع الحادثة دون الحاجة إلى الاتصال والتنسيق والسؤال والتأخير والجهل بمكان الحادث وغيرها من سلبيات العمل الحالية التي سيتم تفاديها باستخدام غرفة العمليات والسيطرة الحديثة وصفارات الإنذار التابعة لها والمنتشرة على مستوى المحافظة وعددها عشر صفارات إنذار وهي جاهزة ولم يتبق سوى ربطها بغرفة العمليات وهذا مانسعى فيه جاهدين والتقصير الحاصل هو من الشركة المنفذة وقد قمنا أيضاً بتأهيل الكوادر إلى الإسراع في إنجاز هذا المشروع الهام خصوصاً وأن عدن تستعد لاستضافة فعالية كبيرة ألا وهي خليجي عشرين. حملات إرشادية وتوعوية يقوم الدفاع المدني بحملات توعوية وإرشادية لكافة شرائح المجتمع من أجل الارتقاء بخدماته إلى المستوى المطلوب عبر وسائل الإعلام المختلفة بالإضافة إلى عقد محاضرات في مرافق العمل والمدارس والجامعات والمخيمات وإقامة الحوارات التدريبية والملصقات والإرشادات في كيفية التعامل مع معدات السلامة. الصعوبات والمشاكل والحلول ويؤكد المهندس محمد عبده ان المشاكل والصعوبات التي تواجه إدارة ومراكز ومنتسبي الدفاع المدني بعدن كبيرة، تكمن في قلة المعدات والآليات وشحة الميزانية ومع هذا يؤكد لنا بأنهم يعملون قدر الإمكان على تجاوز هذه المشاكل حتى لانقصر في عملنا وواجبنا تجاه وطننا ومواطنينا. وأخيراً فإن الدفاع المدني لايمكن له أن يتجاوز مشاكله والصعوبات التي تقف في طريقه إلا بمثل هذه الروح المتفانية التي يتمتع بها مدير إدارة الدفاع المدني بعدن وتضافر جميع الجهود والإدارات الحكومية وارتفاع الوعي لدى المواطنين والدعم الكافي من قبل الدولة وإذا انعدم كل هذا أو بعضه فإننا نجزم بأن تطور البلد وأمنها واقتصادها في ظل تدهور أوضاع الدفاع المدني يتهددها خطر عظيم اللهم هل بلغنا.. اللهم فاشهد