على ايقاع الخطو المتباعد في حشرجة لليل استثنائي ، نذى جسدي الضئيل فوة ذوبانه متعرقا : زفرة الحوائط الاسمنتية ، خشخشة الغرباء في صدر الأزقة . قال الرجل المنحوت من غضبة الصخر مقهقهاً خلفي : - هيا يا مرة ، بتصعدي أو مه . سفحت فراهة السيارة شفتا الطريق الأملس ، ومن نافذة مواربة تلامعت عيون ذئبية ، إذ نشزت حافة الخوف المشرشف في صدر الرصيف الناهد محدثة احتكاكاً غريزياً يشبه ارتطام نوافذ قلقي في جدار الفراغ ..“هذه مدينة تتناسل فيها فوضى القبائل .. مدينة لاتسعفك انهمارات مسائها إلا بطقطقة موت مجاني... » ها أنا أجس مفاصل طرقاتها المعتمة ،اتنشق شهوة الموت في الأزقة اللولبية، ناضحة فيها مرارة لليل يحتسيه الغرباء فناجين قهوة . انكفأت -الغريبة- في أنقاض المدن الشبقة وهي تمارس لواطها اليومي ، تقد بكارة الأشياء باعتيادية مذهلة . بلاوجهة .. تزحف خرائطي صوب ليل وشيك التوهان، معتمرة خرابات صنعاء، جنون صنعاء ، موات صنعاء ..بلاحقد ياأمي ، بلاحزن ينسرب في مداخلي الفزعة، بلاملل تدلقه أحشاء الطرقات المنبعجة. فقط .. أنضد الآن .. قوافل الأصدقاء في دورة الموت المشذبة النهايات . بلا وجهة.. أرتب قلق النهارات المسفوحة بين يدي .. وأنا في غيبوبة الألم المسكر أتعرق -الآن- فداحة أسئلتي : “ ماذا .. لوكنت آخر الباقين هنا ؟ ! ماذا لوتمددت سجاجيد الفرح في سقف مدينتي ، لتلفني في سديمية الأحلام المبهرجة؟! ماذا .. لوسقطت قبعات الأنوار الناشزة الآن في عرض الطريق فاضحة قبح ملامحي المخروطية ؟ ! ماذا لوتسيح مياه النهارات في مداءات السواد الليلي ؟! ماذا يحدث لي الآن ياأمي : أنا الكائن الهش يغترفه فزع ليل لانهائي .. ماذا .. لو لم نكن كائنات زجاجية تتحين الفرصة للانقضاض على تكسرات لحظة عاجلة .... “ . ذات ليل.