تغير في الموقف الدولي من جماعة الحوثي.. وزير الخارجية يتحدث عن تغيير الموازين على الأرض قريبًا    بدون تقطيع.. بث مباشر مشاهدة مباراة الاتحاد والأهلي اليوم في دوري روشن    المبدأ أولاً ثم النجاح والإنجاز    وزير الإعلام يكرم الفائزين بمسابقة أجمل صورة للعلم اليمني للعام 1446 فمن هم الفائزون؟    مليشيا الحوثي تقتحم مستشفى الجبلي للعيون في مدينة إب وتنهب محتوياته    قوانين الأرض ومعجزات السماء    الله تعالى لم يبعث رسوله محمد غازياً بل بعثه مبلغاً وشاهداً ومبشراً ونذيرا وسراجاً منيرا    تناوله باستمرار.. نوع من الخضروات يخفض نسبة السكر في الدم إلى النصف    بدون تقطيع.. بث مباشر مباراة السد والريان بجودة عالية اليوم في الدوري القطري    استشهاد 57 فلسطينيًّا في القصف الإسرائيلي اليوم على قطاع غزة    وفاة 11 شخصاً وإصابة آخرين بحادث مروع في المهرة    البكري يتفقد سير العمل في ملاعب "الميناء، والروضة، والجزيرة" بعدن    مبادرة "انسجام عالمي".. السعودية تحتفي بالتراث اليمني لتعزيز التعايش والتفاهم الثقافي المشترك ضمن رؤية 2030    الرئيس العليمي يبحث مع السفير الأمريكي تعزيز التعاون ودعم الاستقرار وسط تداعيات الهجمات الحوثية    بث مباشر تويتر مشاهدة مباراة الشباب والوحدة اليوم بدون تقطيع في دوري روشن    نجاح مبهر لجولة كرة السلة العالمية FIBA 3x3 في أبوظبي    اليمن يطالب بفرض إجراءات رادعة ضد الاحتلال تضمن توفير الحماية للشعب الفلسطيني    5 قتلى في المطلة جراء سقوط صاروخ أطلق من لبنان    نهاية القلق الغامض!    ريال مدريد يضع رودري على طاولة مفاوضاته في الموسم المقبل    العرادة يوجه بتنفيذ وسائل حماية المواقع الأثرية ويدعو لتضافر الجهود للحفاظ على الآثار    لماذا تجري أمريكا انتخاباتها يوم الثلاثاء؟    وفاة عامل في حفرة للصرف الصحي جوار البنك المركزي بعدن    شجاعة السنوار بين فلسفتين    إغلاق ثمان مدارس يمنية في مصر.. ومناشدات بتدخل عاجل    ما لا تعرفه عن الفنان المصري الراحل ''حسن يوسف'' ومشاركته في ''ثورة اليمن''    هجوم حوثي مباغت على مواقع عسكرية جنوب غربي اليمن.. وخسائر بشرية ومادية    ما الحكمة من دعوة النبي للطهارة مرة كل سبعة أيام؟    الدكتور عبدالله العليمي وبن مبارك يقدمان واجب العزاء للاستاذ عبدالحكيم القباطي بوفاة والدته    مضرابة المرق    فساد الشرعية أصبح يمارس بكل وقاحة وقبح أمام الكل    المسلمون الحقيقيون لا يمكن أن يُهزموا أبدا إلا هزيمة عابرة    نصيحة يافعية لأبناء يافع السلفيين    قصف جوي أمريكي بريطاني على محافظة الحديدة    تباين حاد في أسعار المشتقات النفطية بين المحافظات اليمنية.. صنعاء الأعلى، ومأرب الأقل    خطوة نحو تحسين صورة شرطة المرور الحوثي.. قرار بمنع صعود رجالها على السيارات    شرطة عدن تضبط متهمًا برمي قنبلة صوتية في الممدارة    الانتقالي يحذر من كارثة اقتصادية.. اجتماع طارئ لبحث أزمة عدن    أحزاب تعز تطالب الرئاسة والحكومة بتحمل مسؤوليتهما في انقاذ الاقتصاد الوطني    خدعة الكنز تودي بحياة 13 شخصاً.. حوثي يرتكب مجزرة مروعة في بني حشيش(تفاصيل جديدة)    الحوثي يستغل الشعارات الأخلاقية لابتزاز المجتمع.. صحفي يكشف عن علاقة "مصلحية مؤقتة" مع أمريكا    مشروب القرفة المطحونة مع الماء المغلي على الريق.. كنز رباني يجهله الكثيرون    (أميَّة محمد في القرآن)    عبد القادر رئيسا للاتحاد العربي للدارتس ... والمنتصر عضواً في المكتب التنفيذي    هل يرحل كريستيانو رونالدو عن النصر السعودي؟    قضية الشيكات المختفية.. من يضع يده على الحقيقة ومن يهرب بها في سيارة رسمية؟    وفاة 11 شخصًا في حادث مروري مروع بالمهرة    سُنن نبوية قبل النوم: طريقك إلى نوم هانئ وقلب مطمئن    قيادي في الانتقالي يتهم المعبقي ونائبه بانهيار العملة    الهلال الإماراتي يواصل دعم القطاع الصحي بحضرموت    تعز.. 44 جريحاً يتوجهون للعلاج في مصر    -    وفاة فتاة عشرينية عقب حقن جسمها بمادة غريبة في عيادة بصنعاء    عودة تفشي الكوليرا في تعز والسلطة المحلية تشكل فرقا ميدانية لمواجهة الوباء    تنويعات في أساطير الآخرين    البنك المركزي يبيع 18.4 مليون دولار في مزاد علني بسعر 2007 ريالا للدولار    سلفية اليمن يزرعون الفتنة بالجنوب.. إيقاف بناء مركز في يافع (وثيقة)    الأوقاف تعلن فتح باب التسجيل للراغبين في أداء فريضة الحج للموسم القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ العسكري لليمن 1839- 1967م
دراسة سياسية تبحث في ارتباط نشوء وتطور المؤسسات والأنشطة العسكرية بالأوضاع والتغيرات السياسية

كتاب ضخم أوشكت صفحاته أن تعانق الألف عداً..فصوله التسعة أسفرت عن ميلاد «بانوراما» من الأحداث والوقائع..استند مؤلفه إلى بنية ثقافية تراثية ووطنية متينة..وقدم «على طبق من ذهب» التاريخ العسكري «لليمن كل اليمن» مشمولاً بالبيئة السياسية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من خلاله انكشفت آفاق جديدة أدت بمجملها إلى مزيد من الفهم لكثير من قضايا تاريخنا وثقافتنا الوطنية.
استهلال
يقول العميد الركن.علي حسن الشاطر في تقديمه لهذه الطبعة..«إنني لست متأكداً أن هناك بين كل ماكتب عن المرحلة التي يتناولها الكتاب.. كتاباً آخر يرتقى إلى مستواه من حيث الدقة والأمانة والمنهجية العلمية والخدمة في التعامل مع الوثائق».
كما يعرف «المؤلف» كتابه «بإنه عمل تاريخي منسق الأجزاء متكامل البناء آخذة رقاب فصوله برقاب بعض في شيء من التسلسل والوضوح».
ويقول علي ناصر محمد في تقديمه للطبعة الأولى منه:« ان هذا الكتاب يمثل جانباً مشرقاً من جوانب الثقافة اليمنية ذلك لأنه يتحدث عن الشعب اليمني كجيش وعن الجيش اليمني كشعب ويتحدث بعد ذلك عن تاريخ اليمن السياسي معتمداً على الكثير من المصادر بطريقة أكاديمية حية ممايعطي هذا الكتاب الحق في أن يكون كتاباً يدرس في الكليات العسكرية اليمنية.. لأنه يغطي فترة من تاريخ اليمن العسكري بذل فيها من الجهد والوقت ماأثار تقديرنا.
مقدمات الاحتلال
في الفصل الأول تناول الكاتب تاريخ اليمن العسكري خلال الفترة «1839 1918» مبتدئاً بسرد المقدمات التي أدت للاحتلال البريطاني لعدن مرجعاً اهتمامها كجزء من المنافسة التجارية الأوروبية وخاصة مع البرتغاليين والهولنديين ثم الفرنسيين مع بداية القرن الثامن عشر لتتحول المنافسة بعد الغزو الفرنسي لمصر إلى ميدان المواصلات وفي عام 2081م عقدت بريطانيا أول معاهدة تجارية مع السلطان العبدلي الذي كان يُسيطر على ميناء عدن آنذاك..ومن العوامل التي عجلت بتنفيذ المطامع البريطانية بعد ذلك بزمن وجود جيش محمد علي باشا يومئذ في تهامة وأواسط اليمن بالاضافة إلى حاجة بريطانيا إلى محطة تموين.
معركة ومقاومة
استند الكاتب لبعض الوثائق البريطانية ليثبت أن غرق «داريا دولت» في يناير 1837م في ساحل عدن لم تكن السبب المباشر في الاستيلاء على عدن بل كان حادثاً مدبراً بين مالكها وقبطانها لكي يحصل المالك على أموال التأمين نتيجة غرقها..وعندما أراد هينس أن يحصل من بضاعة السفينة عذراً للحصول على عدن أعيدت له ثلث البضاعة وتعهد السلطان بدفع الثلث المتبقى ومع ذلك أصر هينس ان يحصل على عدن.
أتت بعد ذلك معركة الاحتلال ولم تسقط عدن الا بعد أن أروتها دماء شهدائها واعتبر احتلال عدن أول درة في جبين تاج الملكة فيكتوريا وقد شهد البريطانيون ببسالة المقاومة اليمنية وقدروا أن عدد المقاتلين بلغ الفاً..وكذكرى لمقاومة عدن الاحتلال البريطاني أهديت للملكة البريطانية ثلاثة مدافع نحاسية من المدافع اليمنية التي استخدمت في معركة صيرة وفيما بعد وضعت تلك المدافع في برج لندن..ومن نحاسها كانت تصنع الميداليات البريطانية التي تمنح تقديراً للخدمات العسكرية الممتازة.
عدن هندية أكثر منها عربية
كوفي «هينس» بعد احتلال عدن كأول معتمد سياسي لها وقد بقى يحكمها طيلة 15عاماً وكان يمسك بحلقة رهيبة من الجاسوسية تغطي معظم مناطق اليمن وكان أحسن مخبريه يهود عدن الذين كان لهم أقارب في الكثير من القرى والمدن اليمنية.
وكان حينها التركيز الأعظم على بناء تحصينات المدينة وذلك من أجل صد هجمات اليمنيين المتكررة ضد الوجود البريطاني والتي استمرت طيلة فترة حكمه.
ويذكر المؤلف أنه بعد 1846م اقتضت سياسية بريطانيا التوظيفية استجلاب العمال من الهند فأصبحت عدن هندية أكثر منها عربية وانخفض السكان العرب إلى أقل من النصف وأصبح الهنود يكونون 04% من سكان المدينة وبعدهم كان يأتي العرب ثم الجاليتان الصومالية واليهودية وبانعدام التجانس لم يكن لدى «هينس» أدنى خوف من انتفاضاتهم الداخلية.
وكان الخطر يداهم البريطانيين من حملات المقاومة التي قامت بها سلطنة لحج وبعض السلطنات الأخرى وقد ذكر المؤلف تلك الحملات والتي كان أكثرها شرفاً بالانتصارات لولا الفارق الكبير من حيث التسلح والعتاد.
وكانت نهاية هينس اتهامه من قبل حكومته باختلاس أموال الدولة وقد طرد من وظيفته ووضع في حبس الدين بأمر من اللورد الفيستون الذي قال كلمته المشهورة بأن «هينس كان وغداً بالفعل» وقد فضل هينس الحبس على أن يدفع شيئاً وقد اطلق سراحه قبل أيام من وفاته.
ربط عدن بالهند الشرقية
بعد هينس عين الكولونيل جيمس اوترام معتمداً سياسياً لعدن وبسبب علاقاته الوطيدة مع كبار المسئولين في لندن والهند وشهرته كأحد كبار واضعي الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط فقد استطاع أن يربط عدن ربطاً كاملاً ضمن النظام الإداري لشركة الهند الشرقية.
وبعد افتتاح قناة السويس زادت أهمية عدن وأصبحت مدينة التواهي هي الميناء الرئيسي وأصبح معظم بن الحجرية يأتي إلى عدن ليتم تصديره.. مكونة ثلث جميع واردات عدن من السلع الأخرى.
نظام الصداقة ومقبرة الأناضول
دخل الكاتب بعد ذلك في عمق الصراع العسكري البريطاني العثماني خاصة بعد اعتلاء السلطان عبدالحميد العرش في السبعينيات من القرن التاسع عشر وإعلان ميوله نحو الدولة الالمانية وبروز مطامع تركيا في البلاد العربية ومنها الجزيرة العربية واليمن.
وقد كان أئمة صنعاء في ذلك الحين يرسلون الرسل إلى عدن يطلبون مساعدة الانجليز من أجل استعادة تهامة من امراء أبي عريش والأتراك وكانوا يعرضون عليهم اقتطاع مايودون من الأراضي اليمنية مقابل مساعدتهم لهم.
عام 1872م مد الأتراك نفوذهم إلى الداخل اليمن ابتداءً من الحجرية وانتهاءً بصعدة أما الانجليز فقد استخدموا سياسة مرنة تتفق والوضعية الجديدة وقد انحصرت في اتباع ماأسموه «نظام الصداقة» بحيث يدفع الانجليز مشاهرات شهرية أو سنوية بسيطة للمشائخ والسلاطين المجاورين لعدن.
بعد ذلك اعطى المؤلف معلومات مفصلة عن تاريخ تلك السلطنات بالاضافة إلى الخلافات الدائرة بينها وكيف عزز من وتيرتها الاحتلال.
وبظهور تركيا على الجانب الآخر بقي الخلاف على استحواذ تلك السلطنات على أوجه وقد وقعت كثير من التحرشات إلا أنه مايلبث أن يعود الأمر كما كان عليه.
تناول الكاتب بعد ذلك وبلمحة موجزة وضعية القوات البريطانية خلال تلك الفترة من حيث تقسيماتهم ومراكز وجودهم وتكاليف معيشتهم «الرواتب» وتحصيناتهم الدفاعية وكيفية تنقلاتهم واستبدالاتهم وتناول كذلك كيفية تسليحهم وأنواع تلك الأسلحة.
وبتناول بسيط عرج المؤلف على المقاومة اليمنية ضد الاحتلال التركي مستدلاً بمقولة لأحد القادة الأتراك توضح عظمة تلك المقاومة مارأينا مسبقاً مثل اليمن لعسكرنا كلما جهزنا إليه عسكر ذاب ذوبان الملح ولايعود إلا الفرد النادر..ومن ثمانين ألف من العسكر لم يبق منهم في اليمن إلا سبعة آلاف نفر».
وكانت معركة شهارة نقطة تحول في مجرى التاريخ اليمني وسميت اليمن بعدها بمقبرة الأناضول.
جندرمه حميديه
في الفصل الثاني من الكتاب عرف المؤلف بأصول القوات اليمنية المسلحة مبتدئاً بالجندرمة كأول جيش يمني في شمال اليمن ويتكون هذا الجيش اليمني من أربع كتائب وأسسه الوالي العثماني اسماعيل باشا حقي بعد وصوله إلى اليمن عام 8781م وسماهم «حميديه» نسبة إلى السلطان عبدالحميد وقد اعتنى بتربيتهم وتهذيب عقولهم حتى كانوا يسمون بأولاد اسماعيل، وعلى الرغم من أن السلطات التركية في القسطنطينية قد أمرت بتسريح ذلك الجيش إلا أن الأيام أثبتت الحاجة الماسة له ولذلك فقد تم إحياؤه من جديد وأصبحت القوات المسلحة الفاعلة.
والزي الرسمي لذلك الجيش كان عبارة عن مشدة زرقاء داكنه ومئزر وجاكت ذي ازرار فضية إلا أن معظم الأفراد يفضلون لبس المئزر القبلي الأبيض المصنوع محلياً.
أما سلاحهم فهو نوع من بندقية «الميزر» القديمة ذات مخزن الذخيرة الذي يحمل بين ثماني وعشر رصاصات حسب حالة نابض البندقية ويطلق هذا النوع من الميزر رصاصة يعقبها دخان كثيف من مسحوق الباروت وهذا أمر خطير معرقل في حرب الجبال.
وكانت «الجندرمة» مكونة من أنواع مختلفة من الرجال ومعظمهم أميون كبقية غالبية السكان إلا أن بعضهم كانوا معه عائلات محترمة ولديهم درجة من التعليم لا بأس بها حسب المعايير المحلية.
الجيش العثماني
كانت الحامية التركية في اليمن مكونة من فرق آسيوية وكانت تتسلح بنفس الأسلحة التي مع جيش «الجندرمة» مؤلف الكتاب تناول تفصيلاً مكونات ذلك الجيش وقدر «المنسحب» منه وكذلك التعزيزات الواصلة إليه بأكثر من مرة وإجمالي تقديرات قوة الجيش الرابع عشر وصل في عام 1914م خمسة آلاف فرد.
وأرجع الكتاب سبب ضعف الجيش التركي في اليمن إلى تنظيمه المهلهل وماليته الضعيفة وللقلق السياسي في البلاد، وكان افراد ذلك الجيش يكرهون الخدمة في اليمن التي كانوا يعتبرونها بلاداً غريبة عليهم وكانوا دائماً يتمنون أن يتركوها في أقرب فرصة.
وبالنسبة للسيدات التركيات اللواتي كن يصحبن أزواجهن العسكريين أو المدنيين إلى اليمن فكن يعشن في شبه منفى إلا أن القاطنات منهم في صنعاء كن أفضل حالاً لأنهن كن يستطعن أن يخرجن للتمشية في بساتين بير العزب أويذهبن إلى أسواق المدينة وكذلك لأنهن كن يشعرن أن بعولهن الذين يحبونهن المتمركزين داخل أسوار العاصمة كانوا في مأمن من الموت الفجائي أكثر من الذين يرسلون إلى المركز الخارجية.
جيش علي سعيد باشا بلحج
مع قيام الحرب العالمية الأولى لم تعد معاهدة الحدود بين العثمانين والإنجليز ذات أهمية وقد تحالف الأخير مع الأدريسي في الشمال بمحاصرة الأتراك خاصة من جانب تهامة لهذا قرر الأتراك القيام بغزو مناطق الجنوب وبالذات لحج وعدن منها..
عام 1915م تجمعت القوات التركية في ماوية وقد انضم إليها فرق من القبائل اليمنية المقطوعة وكان عدد تلك القوات مجتمعة أكثر من ثمانية آلاف.. تقدمت تلك القوات نحو الجنوب بعد أن سقطت الضالع والحواشب دون مقاومة وبعد أن سقطت الدكيم تقدم علي سعيد باشا نحو الحوطة حتى اسقطها وقد فر سلطان لحج علي بن أحمد حليف الإنجليز إلى عدن ..وصلت القوات التركية بعد ذلك إلى الشيخ عثمان إلا أن الإنجليز ما لبثوا أن استردوها بعد أن وصلت قوة بريطانية من السويس ونتيجة لذلك الغزو بلغ الذين هاجروا من لحج إلى عدن مع السلطان حوالي أربعة آلاف من السادة والأعيان ورؤساء القبائل وحاشية السلطان وأقاربه وقد أصدر الأتراك فتوى من شيخ الإسلام بالإستانة يسمح لهم فيها بإباحة أموال هؤلاء المهاجرين لأنهم فروا من بلاد المسلمين إلى بلاد النصارى.
الأنجليز استخدموا في تلك الفترة الطيران لأول مرة لتخويف كل من الاتراك والقبائل الريفية.. وفي الأخير حدث ما يشبه التعايش بين الفريقين ففتحت التجارة بين لحج وعدن ونشأت علاقة ودية طريفة بين المتحاربين ودامت حوالي ثلاث سنوات حتى انتهاء الحرب العالمية الأولى.
تشير بعض الوثائق التركية أن سعيد باشا كان يود مخلصاً أن يرى اليمنيين يستلمون مناطق الجنوب من تركيا عند هزيمتها بدلاً من إعادتها تحت النفوذ البريطاني.
عسكرة اليمنيين
أظهرت الحرب العالمية الأولى وما أعقبها ضعف القوة العسكرية البريطانية في مستعمرة عدن.. المؤلف وضع في كتابة كماً هائلاً من التبريرات الموثقة لذلك حسب عدد من القادة الإنجليز وكذلك حسب توصيفات الرحالة العربي أمين الريحاني.
هكذا طفت فكرة «عسكرة اليمنيين» وكان الدافع الأبرز لتكوينها يعود إلى محاولة تقليد الأيطاليين في طريقة استفادتهم من الجنود اليمنيين في حروبهم في أفريقيا.
في عام 1918م تم تكوين الفرقة اليمنية الأولى وقد كانت مكونة من حوالي اربعمائة جندي وضابط وكان عدد الضباط العرب في تلك الفرقة ثلاثة عشر ضابطاً، وقد روعي في اختيار المجندين أن يكونوا يمثلون أكبر عدد ممكن من القبائل اليمنية في الشمال والجنوب.
وفي الأخير تكشف للسلطات البريطانية في عدن أنهم قد أخطأوا في تقديراتهم حول ولاء الفرقة اليمنية لهم وكانت الأفواج من تلك الفرقة التي ذهبت إلى ميون وكمران هي أول من لمس أهداف الإنجليز ولهذا قام فوج جزيرة ميون بقتل رئيسهم الإنجليزي ومنها توجهوا إلى الشمال وهذا أدى إلى إلغائها في عام 1925م.
الإمام أحمد لم يفتح الزرانيق؟!
الصراع العسكري في اليمن خلال فترة ما بين الحربين العالميتين هي الخلفيات التي تناولها مؤلف الكتاب في الفصل الثالث منه وقد سجل فيه حروب الإمام يحيى الشرسة ضد الشعب اليمني من خلال جيوشه الثلاثة «مظفرية» و«برانيه» و«دفاعية» استولى الإمام يحيى على المناطق الوسطى ثم السفلى ولقد لاقى مقاومة شديدة ولعل مقاومة قبيلة المقاطرة وقلعتها هي الأبرز وقد فرد المؤلف لتلك المقاومة صفحات عدة من كتابه..
وقد عمل الإمام منذ توليه الحكم على توسيع حكمه وتدعيمه بوسيلتين رئيسيتين وهما أولاً: تكوين جيش على حساب القبائل بحيث يصبح شيوخها جزءاً فيه وتحت إمرته مباشرة وثانياً: الإبقاء عموماً على التقسيم الإداري الذي انشأه الأتراك مع إدخال تغيرات طفيفة.
عرج المؤلف بعد ذلك على ثورات عدة قامت ضد الإمام يحيى بدءاً من تمردات قبائل صنعاء وثورة قبائل الجوف وثورة قبائل حاشد وبعد أخمادها تم استعادة تهامة وميناء الحديدة من الأدارسه وبعد ذلك أتت الثورة الحقيقية لقبائل الزرانيق ويسجل كاتب مخطوطة مجهول وقائع لا توجد في الكتب الرسمية الأخرى ويعزو فيها فتح الزرانيق إلى خطط ضابط يمني اسمه المقدم يحيى بن اسماعيل الردمي وليس إلى سيف الإسلام أحمد وقد قام سيف الإسلام أحمد بتعذيب الردمي بعد أن انكشف أمره أنه هو الفاتح الحقيقي.
تجميد قضية الحدود مع الإنجليز
لقد كان المهندس الرئيسي لمحميات عدن هو السير برناده رايلي الذي أصبح في الفترة ما بين 1925م- 1940م هو المقيم السياسي ثم الحاكم العام لعدن ومحمياتها فهو الذي خطط وأشرف على تنفيذ سياسة الحكومة البريطانية التوسعية في المحميات والواقع أن استخدام الإنجليز الواسع للطائرات في المحميات هو الذي أدى إلى تحطيم الأساس العسكري لعزلة الأرياف السابقة وتحقيق مشاريعهم التوسعية فيها..
فبعد أن ضربت الطائرات البريطانية القوات الإمامية في المحميات وأجبرتها على الانسحاب عادت السيطرة البريطانية على معظم الإمارات والسلطنات وبقيت العواذل تحت سيطرته، وكان كثير من أفراد هذه القبيلة منخرطين في القوات المحلية كجيش الليوي وقوات البوليس وكان الاحتكاك اليومي لهؤلاء الجنود بضباطهم الإنجليز ثم لومهم وعتابهم لعدم استطاعة حكومتهم حمايتهم من الجيش الإمامي لقد كان ذلك باعثاً في أن تصر الحكومة البريطانية على سحب الوجود الإمامي من العواذل قبل توقيع اتفاقية عام 1934م التي قضت بتجميد قضية الحدود مدة الأربعين سنة القادمة.
وكان من أهم بنود تلك الاتفاقية اعتراف بريطانيا باستقلال «جلالة ملك اليمن حضره الإمام ومملكته استقلالاً كاملاً مطلقاً في جميع الأمور مهما كان نوعها» ولعل من أبرز الأسباب التي أدت إلى توقيع تلك الإتفاقية صراع الإمام العسكري وقت ذلك مع ابن سعود في الشمال.
القردعي في شبوة
الكتاب ذكر تفاصيل التوسعات البريطانية في المحميات وهي مخالفة واضحة لمواد الاتفاقية السابقة وكان رد الإمام على ذلك بأن أوكل إلى الشيخ علي ناصر القردعي «قاتله فيما بعد» أن يمد سيطرته إلى منطقة شبوة التي لم تكن ضمن الأراضي المحمية، وبخوف الإنجليز من تأثير ذلك على خط المواصلات وبعد معارك طاحنة استسلم القردعي وهو ينتظر وصول الإمدادات ولما اندلعت الحرب العالمية الثانية خفف الإنجليز مؤقتاً من سياسة «إلى الإمام» في المحميات حتى لا يدفعوا بالإمام أكثر في أحضان الإيطاليين، وقد تمكنوا من إرسال بعثات طبية وفنية إلى صنعاء استطاعت أن تقوم هناك بحملات دعائية ضد إيطاليا والناشست وعن طريق ضغطهم الاقتصادي نجحوا في جعل الإمام يمنع تجنيد اليمنيين في جيوش إيطاليا في كل من ارتيريا والصومال.
وعموماً بقيت الحالة العسكرية هادئة بين الطرفين خلال سنوات تلك الحرب وبعد أن زال الخطر الإيطالي عاد الإنجليز من جديد إلى اتباع سياسة الإمام في المحميات وقد تصاعفت حوالي اثنتي عشرة مرة عما كانت عليه قبل الحرب العالمية الثانية.
جيش «المظفر» لم يظفر بقائد
الفصل الرابع من الكتاب تناول فيه المؤلف جيش الإمام يحيى بدءاً من تكوينه وأنواعه واستخدامه وبعثاته العسكرية وأسلحته..
وقد استعان الكاتب في تناوله لهذا الجانب بمخطوطة نادرة مجهولة الاسم والمؤلف وقد قُدمت كمذكرة للجامعة العربية بعد سنة 5591 وكانت البداية بتكوين الجيش المظفر «الأزكي» وكان لم يتبق من الجيوش التركية من جنود وضباط وإداريين عظيم الفائدة عند الإمام فقد استفاد منهم وهم بضع مئات بتكوين ذلك الجيش.
وقد أعلن الإمام التجنيد وألزم كل قبيلة بأعداد معينة تصل في وقت محدد وبعد توافد القبائل كان الاجماع أن يتكون الجيش على أساس النظام التركي.
وقد استطاع «كنعان بك» قائد الجيش التركي وبقية الضباط من الاتراك واليمنيين أن يؤسسوا المدرسة الحربية «كلية التدريب العسكري» وقد جرد كنعان بعد ذلك من رتبته وحبس بقصر غمدان نتيجة لمطالبته تحسين حالة الجيش واستبدال الضباط الأميين.
ومع عام 2391استجلب الإمام يحيى معلماً جديداً «مدرباً» للجيش من سوريا هو حسن تحسين باشا الفقير. وبعد أن قضى عدة أعوام اشتبك مع أمير الجيش الإمامي فطالب الأخير بتسفيره وتم تسفيره بالفعل.
وبعد رسالة استنجاد نتيجة للهزائم التي تعرض لها جيشه بداية الثلاثينيات طلب الإمام من تركيا مدرباً عسكرياً..فارسلت له العقيد «تريباك» وكالعادة اصطدم بأمير الجيش السيد علي بن ابراهيم فدفعه ذلك إلى تقديم استقالته ومغادرة اليمن.
وقد قدرت اعداد الجيش النظامي ، الجيش المظفر في عام8391بحوالي 000.25جندي.
الجيش الدفاعي « ميليشيا الإمام»
تم تكوين هذا الجيش الجديد في منتصف الثلاثينيات بعد أن أخمدت جميع التمردات القبلية تقريباً وكان الباعث الرئيسي لإنشائه هو شعور الإمام بعجز جيشه النظامي أمام التدخلات الأجنبية التي تعرض لها حكمه في النصف الأول من الثلاثينيات.
وفكرة ذلك الجيش قائمة على فرض الخدمة الإجبارية على جميع القادرين في البلاد وهذا بدوره قد أنزل المصائب بالناس فلم يتم حينها التفريق بين الصغار والكبار والشيوخ وأصحاب العاهات.
وتظهر كراهية المواطنين لذلك الجيش من اللقب الساخر الذي أطلق على الجندي المنتسب إليه ،فقد كانوا يطلقون عليه «علي فنيله» وذلك لأن السيف عبدالله بعد أن رأى كساد بيع الفنيلات التي كانت تنتجها المدرسة الصناعية أمر ببيعها على أفراد ذلك الجيش واطلق ذلك اللقب تندراً بين المعركة التي كانت تحدث بين الجندي والفانيلة عند ارتدائها وحيرته عن حل البراغيث كيف يدخل يده لحكها والفانيلة ملتصقة بلحم جلده.
وقد أمضى تحسين باشا الفقير المدرب السوري العائد حوالي عشرة أعوام وهو يقوم بتدريب الألوف من الجنود وكلما انقضت دورة اعقبتها أخرى وفي كل دورة كان يدرب حوالي «1500» شخص.
الجيش البراني «ضد الرعية»
يتكون من افراد القبائل الذين لا يرغبون في خدمة الجيش المستمرة ويشرط على المنتسب اليه شراء البندقية والعتاد لنفسه والشيخ المنتسب إليه الجندي هو الذي يتصرف في أموره ويدير شئونه وقد بلغ عدد هذا الجيش حوالي 000.05وكان أميره اسمه السيد محمد بن أحمد هاشم والغرض الأول من وجود هذا الجيش هو منافسة الجيش النظامي لأنه الجيش الأصيل الذي عاصر الأئمة ووقف في الحروب إلى جانبهم لذلك كانت له الاسبقية.
وقد تم انتخاب افراده من القبائل النائية والزيدية وقد حددت مدة بقاء الجندي فيه من سنة إلى سنتين ثم إبداله بشخص من أهله أو قرابته، وجندي ذلك الجيش أكثر حظوة عند العمال والمشايخ لأنهم عندما يرسلونه في تنافيذ ومأموريات يقوم بإرهاب الرعية أكثر من غيره.
قانون الجيش ضد الجيش
تناول الكتاب بعد ذلك شئون الجيش الإمامي من حيث التغذية والراتب واستقطاعاته العجيبة وفق قانون الجيش ومن تلك الاستقطاعات بحال مرضه يقطع راتبه باعتباره غائباً عن الخدمة ويدفع قيمة العلاج وغيره من مدة نوبة المرض وكذلك أدب الفرار وأدب المؤونة وأرش الفردة وحلق الرأس والزامل وتبدل الهواء والنقل.
وفي حال قتل الجندي في ميدان الحرب يدفع أهله ثمن مافقده من سلاح وملابس حتى إن فقد الجندي أثناء الحرب الطلقات الفارغة فإنه يضمن ما فقد من الطلقات الصحيحة وإذا قصر الجندي في أداء خدمته أو شاخ فإنه يُطرد دون مقابل.
بعثات وأسلحة
الكتاب تناول أيضاً قصة البعثات العسكرية وقد كانت الأولى عام 1391م وكانت مكونة من «10» اشخاص برئاسة محيي الدين العنسي ثم تبعتها مجموعة مكونة من خمسة أشخاص برئاسة زيد عنان ومن أبرز من تم تدريبهم في تلك البعثة السلال والعمري والجائفي والمروني.
أما البعثة الثانية فهي من العراق إلى اليمن وقد وصلت عام 0491لتدريب الجيش اليمني وكانت مكونة من أربعة ضباط وأحد عشر ضابط صف ومن أبرز ضباطها الرئيس «جمال جميل» بعد ذلك سرد المؤلف استخدامات الجيش الإمامي والتي يمكن تلخيصها بثمانية أمور هي الحروب والخطط والتنافيذ والمأمورية وحراسة الإمام وسيوف الإسلام والعمال والاستعراضات والجمارك والأعمال الأخرى المتعلقة بالسلك والبريد...الخ
كما سرد أيضاً اسلحة الجيش الإمامي وتقسيماتها على الجيوش الثلاثة الآنفة على النحو التالي:
1 البندقية ومن أسمائها الصابة والموزر والسبك والحميدي الطويل والقصير والجرمني...
2 المدافع ومن أسمائها المانتل والجنبر والهاون وعادي جبل وكانوا يلقبونه بالبسباس.
3 الرشاش ومنها الخفيف والثقيل والبطيء والسريع.
وبالنسبة لمصادر التسليح كانت من مخلفات الأتراك وبعض الشركات النمساوية وألمانيا وإيطاليا..
جيش «الليوي» والحرس القبلي
في الفصل الخامس من الكتاب يعرفنا المؤلف على جيوش محمية عدن بشكل عام وقد حاول أن يجعله موازياً للفصل السابق حول القوات الإمامية وكانت البداية مع جيش محمية عدن «الليوي» الذي تم إنشاؤه من العناصر نفسها التي كانت تؤلف الكتيبة اليمنية الأولى التي سبق وأن ذكرناها وذلك في عام 1928م بعد أن تم استثناء العناصر الشمالية عموماً من هذه المؤسسة العسكرية الجديدة ومنذ بدايته كان هذا الجيش جزءاً من سلاح الطيران الملكي البريطاني وكبديل لفرق المشاة البريطانية والهندية التي غادرت عدن 1929م وقد كان هناك نوع من التفاهم بين جنود هذا الجيش وأصحاب الانتفاضات القبلية في الأرياف.
انتقل المؤلف بعد ذلك إلى النوع الثاني من جيوش محمية عدن وهو الحرس القبلي الذي جاء تأسيسه عن رغبة الانجليز بعد أن وقعوا اتفاقية صنعاء مع الإمام في التدخل الفعلي في شئون المحميات وضرب القبائل وإخضاعها تماماً لسلطة السلاطين والأمراء الذين سيكونون بدورهم خاضعين لسلطة الانجليز.
واختيار الحرس القبلي كان بالطبع من الاقارب أو الموالين للأمير أو السلطان وكان الانجليز هم الذين يتحملون الصرف على هذه القوات...
الحرس الحكومي والنظامي اللحجي
انتقلت مسئولية إدارة عدن من الهند إلى وزارة المستعمرات في الأول من ابريل 7391م وظهرت سياسة إلى الأمام وقسمت المحميات إلى«شرقية» و«غربية».
وقد أنشئ الحرس الحكومي عام 8291م وكان الهدف الأول المباشر من إنشائها هو من أجل مرافقة الضباط السياسيين وحمايتهم أثناء تجوالهم في المحميات لإقرار تلك السياسة الآنفة..وكانت هذه القوة في بدايتها تتكون من مائة جندي وضابط.
المؤلف بعد ذلك عرّف بالجيش النظامي اللحجي وهو قوة مكونة من بضع مئات من الرجال مسلحة تسليحاً جيداً ويرأسه أخو السلطان الأمير أحمد بن فضل «القمندان» والواقع أن كلاً من سلطتي لحج والقعيطي كانتا الوحيدتين اللتين تمتلكان قوات نظامية لابأس بها.
قام الانجليز بإعادة تنظيم وتدريب الجيش النظامي اللحجي منذ منتصف الثلاثينيات وقد اشترك بعد ذلك بقيادة «هاملتون» في قمع تمرد قبائل المنصوري في الصبيحة.
مجزرة المكلا الرهيبة
تناول المؤلف بعد ذلك وبشيء من الإيجاز جيش المكلا النظامي الذي كان يتبع الأسس الهندية في تنظيم الجيوش حتى تمت اعادة تنظيمه في 1936م على يد الانجليز وفي أواخر عام 1950م قام ذلك الجيش بأوامر من الانجليز بمجزرة المكلا الرهيبة التي ذهب ضحيتها عشرات من القتلى والجرحى.
بعد أن تناول المؤلف تلك القصة انتقل للتعريف بالشرطة القعيطية المسلحة «الجندرمة» وبعدها الشرطة الكثيرية المسلحة وأخيراً جيش البادية الحضرمي وهو يشبه الحرس الحكومي ومع مرور الزمن أصبح هذا الجيش هو القوة الرئيسية في منطقتي حضرموت المهرة بل القوة المتميزة ذات الخصائص الفريدة فقد ارتبطت بنشوئه مؤسسات تربوية خاصة بالقبائل والبدو الرحل وأصبحت أعماله تضم حفظ الأمن في كل المحمية الشرقية والمرابطة في مراكز الحدود ومسئولية الدفاع عنها ثم الاتصالات السياسية مع البدو الرحل.
نهب صنعاء
الصراع العسكري في اليمن خلال فترة 819481962م عنوان الفصل السادس من الكتاب وفيه أرجع المؤلف أن سياسة الأئمة أنفسهم كانت هي السبب في خلق وتعميق الطائفية في البلاد بالإضافة إلى أسباب أخرى أدت إلى تنامي حركة المعارضة بين صفوف المواطنين في الداخل والخارج..
بدأت في الأسبوع الأول لثورة 84الحرب الأهلية تبرق وترعد وأحمد يزجي سحبها بتهويل مقتل أبيه وأنها مؤامرة نصرانية كفرية يراد بها بيع اليمن من الكفار الذين سيمحون الإسلام على حد وصفه..
الكتاب سرد تفصيلاً ثورة 84وتناول أحداثها من عدة زوايا بتسلسل تاريخي متقن وبالاستناد إلى أكثر من مرجع وبرقية وصولاً إلى النقطة الحاسمة «استباحة صنعاء» ويقدر الشماخي وهو أحد المؤرخين التاريخيين الذي استعان بشهادته المؤلف وأن قرابة ربع مليون من القبائل دخلوا صنعاء ،لاهدف لهم إلا نهب وتدمير العمران..واندفعت تلك الجيوش تهاجم البيوت والمتاجر والأكواخ والمساجد ملتهمة كل ما فيها متناحرة فيما بينها واستمرت همجيتها السبت وسبعة أيام حسوما ذاقت فيها صنعاء الهول»..
اللعب بالطريقة العربية
انتقل المؤلف بعد ذلك إلى الصراع الإمامي الإنجليزي نفس الفترة واستمرار سياسة «إلى الأمام» البريطانية التوسعية التي هي أصلاً السبب في تنامي وتيرة ذلك الصراع ولم يكن الصراع في غالبه مواجهة مباشرة بين جيشي النظامين وإنما تشجيعاً للتمردات والانتفاضات القبلية هنا وهناك بالمال والسلاح..
بعد ذلك حدث انقلاب 5591م الذي قاده الثلايا وبسببه توقفت موقتاً الحوادث العسكرية في المحميات خاصة أن الإمام انشغل في معالجة أوضاعه الداخلية المتردية.
وبعد سلسلة من أحداث المقاومة العنيفة ضد الاحتلال لجأ الإنجليز لاتباع سياسة «فك الارتباط» كما لجأوا أيضاً إلى ما أسموها«بسياسة اللعب بالطريقة العربية» وهي تقضي بأن يوكل لبعض السلاطين والأمراء القيام «بفركشة»الانتفاضات والتمردات القبلية بوسائلهم الخاصة.
أما الإمام أحمد فقد لجأ إلى تمتين علاقاته مع المعسكر الاشتراكي ومصر والسعودية التي كانت في نزاع مع بريطانيا وقت ذاك حول واحة البريمي.
في فبراير 7591 صعدت العمليات الحربية وتفجر الصراع هذه المرة على الحدود مع الضالع وقام الجيش الإمامي بأكثر من خمسين حادثة هناك وكان ذلك تمهيد لحركات أكبر وأوسع في بقية المحميات وحاول الإنجليز أن يلجأوا إلى الديبلوماسية بعد تكاثر الحوادث فدعوا البدر إلى لندن لمناقشة مشاكل الحدود وبعد محادثات استمرت عشرة أيام لم يتم التوصل إلى نتيجة.
ومنذ قيام اتحاد الإمارات عام 9591 وحتى انفجار ثورة 26سبتمبر تقريباً خفت حدة الصراع العسكري بين الجانبين.
وفي آخر هذا الفصل ركز المؤلف على البوادر التي أدت إلى قيام الثورة سارداً عديداً من الوقائع كانت هي أيضاً سبباً لتدني الصراع الآنف كما نقل حالة الجيش ليلة الثورة بكل حيادية بعيداً عن أي غموض..
عبدالمغني «المحرك الأول»
المؤلف رجع في هذا الموضوع بالذات إلى روايات بعض الكتاب الأجانب ورجح أنه قبل قيام الثورة كانت هناك أربع مجموعات مختلفة تعمل على الإطاحة الفعلية بالعرش الإمامي اثنتان منها تخصان حاشد وبكيل والآخريان تخصان الجيش ومنظمة الضباط الأحرار «التي قامت بالثورة فعلاً» وكان المحرك الفعلي لها هو الضباط الشاب علي عبدالمغني 250..
تفاصيل تلك الليلة أستقاها المؤلف من كتاب «اليمن .. الحرب المجهولة» ل دانا شميت الذي أخذ معلوماته من الجانبين الملكي والجمهوري.
وقد كان السلال قبل قصف مقر البشائر بساعة باجتماع مع الإمام البدر ومعه القاضي الارياني والشيخ محمد علي عثمان وعندما كان خارجاً من القصر متجهاً صوب بيته لم يكن يدري ان الوحدات المصفحة ستقوم بضرب قصر البشائر بقيادة الملازم علي عبدالمغني الذي استطاع وزملاؤه الضباط الأحرار ان يستخدم ست دبابات من طراز 43وأربع سيارات مصفحة لضرب قصر البشائر.
بقية الثوار استولوا على دار الإذاعة والمطار وفي الوقت ذاته أرسل أحد الضباط الأحرار وهو غالب الشراعي إلى بيت السلال في سيارة مصفحة ليطلب منه سلاحاً والانضمام إليهم كزعيم للثورة..
حدث لا يقارن
في الفصل السابع عرج المؤلف على مرحلة الحرب بين الجمهوريين والملكيين منذ قيام الثورة وحتى حصار صنعاء.. وقد رسم فيه صورة موجزة وموضوعة لسير ذلك الصراع العسكري الذي دار على الساحة اليمنية من أجل تثبيت الجمهورية وانعكاسات ذلك الصراع على النواحي الداخلية بين صفوف وتطور القوات الجمهورية في نفس الفترة..
ابتدأ المؤلف ذلك الفصل بقوله :إن حدث 62 سبتمبر 2691م لايقارنه أي حدث آخر في تاريخ اليمن قديمه وحديثه فقد استطاعت هذه الثورة المجيدة أن تحرر الشعب اليمني من الحكم الفردي الاتوقراطي المتخلف والمستبد الذي استمر أكثر من ألف عام،كما أن هذه الثورة تعرضت المؤمرات واعتداءات داخلية وخارجية وحرب أهلية استمرت عدة سنوات بين قوى التقدم والتخلف وذهب ضحيتها مئات الآلاف من اليمنيين وإخوانهم العرب من المصريين الذين ذهبوا لنجدة الثورة والجمهورية.
في الأيام الأولى من الثورة تم إعدام العشرات من مناوئي النظام وصودرت أموال وممتلكات كثيرة من العائلات الحاكمة بجانب العائلة المالكة التي كانت تمتلك وحدها حوالي ثلث الأراضي الخصبة في البلاد وقد أصبح السلال هو رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، وأنابه البيضاني في هذه الوظائف الثلاث، ومن الناحية العسكرية فإن الشخصين اللذين تبادلا قيادة القوات المسلحة في بداية الثورة كانا هما الجائفي وجزيلان وقد تم تأسيس مجلس للدفاع الوطني ليشرف على الشئون الدفاعية واتخذت الإجراءات لإنشاء قوة من الحرس الوطني الثوري، وقد انخرط فيه آلاف العائدين من جنوب الوطن والعائدين من المهجر.. وقد أخذت هذه الجديدة مكان جيش الدفاع «أو ميليشيا الإمام».
الملكيون يجمعون قواهم
نقلنا المؤلف بعد ذلك إلى الجانب الآخر حيث عقد البدر مؤتمره الصحفي قرب الحدود السعودية وادعى من خلاله أنصاره يسيطرون على معظم أجزاء اليمن.. بينما لم يكن حينها يجرؤ على الاقتراب من مدينة صعدة التي هي في أقصى شمال البلاد والتي أعلنت حاميتها العسكرية ولاءها للنظام الجمهوري مباشرة بعد الثورة.
إلا أنه بازياد تدفق المال والسلاح وهما الشيئان اللذان يسيل لهما لعاب القبائل بدأ الملكيون يتمكنون من إنشاء قيادات لأنفسهم في الكهوف والأماكن الحصينة الواقعة في أطراف البلاد.. ونتيجة لهذه الوضعية التآمرية المحيطة بالثورة بدأت الكثير من القبائل تغير مواقفها مرة مع هذا الجانب مع ذاك حسب من يدفع أكثر. قوت بذلك شوكة الأماميين وسيطروا على مأرب وحزم الجوف وبعد الاستيلاء على صرواح اتجهوا صوب صنعاء إلا أن قوات الثورة كانت لهم بالمرصاد..
عامر في صعدة
في أواخر يناير 3691م وصل المشير عبدالحكيم عامر إلى صنعاء وبقي فيها حتى نهاية مارس وخلال تلك الفترة قام شخصياً بعدة عمليات ناجحة وسعت كثيراً من سيطرة الجمهوريين على البلاد وأطلق عليها «حملات رمضان وتم خلالها استعادة مأرب والاستيلاء على حريب وبذلك اوقفوا الامدادات الملكية التي كانت تصلهم عن طريق بيمان..
وقبل ذلك دخل عامر مدينة صعدة دخول المنتصرين بعد أن ألجأت الملكيين إلى الفرار للشعاب والكهوف..
طائفية البيضاني تُرجم
بدأت بعد ذلك الصراعات التنافسية بين صفوف الجمهوريين من جهة وبينهم وبين القوات المصرية من جهة أخرى وقد تفجر صراع طائفي قاده البيضاني بعد اسقاطه فقد جاء في أغسطس 36م إلى عدن وكان غرضه الحقيقي إقامة دولة «شافعية» في المنطقة الوسطى وقد تعرض نشاطه ودعوته التي خطبها في أحد نوادي كريتر بعدن إلى الاحتجاج والاستياء الشديدين من قبل المستمعين وقاموا برجمه.
أما الشهيد محمد محمود الزبيري فقد قاد طريقاً وسطاً وقد كشف المؤلف عن لقاء سري جمعه بأحمد السياغي ممثل الملكيين في مركز «كرش» ولاية لحج أواخر 3691م ولم يسفر عن أي نتيجة..
القوة الثالثة
ابريل 4691م زار عبدالناصر اليمن ليطلع على الأمور بنفسه وفي صنعاء القى خطاباً اعتبره مؤلف الكتاب نقطة تحول هامة في تاريخ حرب اليمن لأن هذا الخطاب كان مولد حرب جديدة في جنوب الجزيرة أو ظهور عملية صلاح الدين «في مدينة تعز لتحرير الجنوب»..
وفي آخر عام 1964م كانت هناك محاولات من زعماء عرب كالرئيسين عارف وبن بيلا لحل المشكلة وقد عملا كوسيطين بين أطراف النزاع في الداخل والخارج.. ولكنها باءت بالفشل..
وقد برزت حينها انشقاقات بين صفوف الجمهوريين وشكل «تنظيم الشباب اليمني« الذي دعا إلى سحب القوات المصرية من اليمن، وبعد تلك الانحسارات في المواقع الجمهورية اجتمع المشايخ في النصف الأول من عام 1965، وبعد الاجتماع طالب اتحاد «حاشد وبكيل» في بيان مشترك سحب القوات المصرية من اليمن ومنذ ذلك الوقت بدأت ماسميت ب «القوة الثالثة» بقيادة الزبيري الذي أسس «حزب الله» وكان يهدف إلى حل سلمي للحرب الأهلية في البلاد.
قتل الزبيري وقد أثار مقتله موجة عارمة من النقمة في البلاد وقد هددت حاشد وبكيل وبعض القبائل بأنها ستزحف إلى صنعاء مالم ينصب زميله في القوة الثالثة أحمد النعمان رئيساً للوزراء.
الجمهوريون يختلفون
منذ تعيين النعمان كرئيس للوزراء ساءت العلاقة بينه وبين السلال والمصريين وذلك بسبب دعمه المطالبة بسحب القوات المصرية.. وبحدوث التوافق بين عبدالناصر والملك فيصل نهاية 1965م عادت القضية إلى طاولة المفاوضات دون نتائج تذكر.
وقد سحب كل من حاشد وبكيل دعمها لحكومة السلال وبالمكشوف أصبحت مناطقهم ملجأ للجمهوريين المنشقين من سياسيين وعسكريين إلا أن شيخ حاشد استطاع أن يحتفظ في الوقت نفسه باتصالات سرية مع القوات المصرية.
وقد بدأت حينها بعض الصدامات المسلحة المحدودة تنفجر في صنعاء وبعض المدن اليمنية وفي القاهرة كتبت الأهرام بأن العمري والنعمان كانا يتزعمان مؤامرة نظمتها وكالة المخابرات الأمريكية لقلب النظام الجمهوري..
عزل السلال
مع استعدادات مصر لمحاربة إسرائيل عام 7691م بدأت في سحب بعض قواتها من اليمن وقد أدى حدوث النكسة مؤقتاً على الأقل حتى رأب الصدع داخل صفوف الجمهوريين وقد أعلنت كل من حاشد وبكيل ولاءها للجمهورية وهبطت على صنعاء قوة قبلية مسلحة بقيادة ابن الأحمر مكونه من 000.52 مقاتل وأعلنت دعمها لعبدالناصر.
اقترحت القاهرة لحل القضية اليمنية احياء اتفاقية جدة لعام 5691م في مؤتمر الخارجية العرب المنعقد في الخرطوم أغسطس 76م وأعلن السلال بأن الشعب اليمني سيرفض تلك الاتفاقية لأنه لا يريد للجمهورية بديلاً.
وعلى إثر ذهاب السلال إلى موسكو لدعم موقفه قامت القيادة العليا للجيش اليمني بالإعلان عن عزل السلال دون إطلاق رصاصة واحدة وقد تم تعيين مجلس جمهوري مكون من ثلاثة أعضاء «الارياني النعمان محمد علي عثمان » وتشكل مجلس الوزراء برئاسة العيني.
ملاحم أخوية
يناير 8691م دخل الصراع العسكري مرحلته العنيفة وفي هذه المعركة الكبيرة بين الجمهوريين والملكيين اختلط الحابل بالنابل وتبادل فيه المتحاربون المواقع أكثرمن مرة وقد قدرت الاصابات بين الجانبين بحوالي «0003» إصابة بين قتيل وجريح..
وفي فبراير تجسدت المشاركة الأخوية بين عدن وصنعاء عندما قامت قوة من الجيش الجنوبي والمليشيا الشعبية مع قوة الجيش الجمهوري بصنعاء بالهجوم على القبائل الموالية للملكيين في المناطق الشرقية وحرر ومدينة حريب كما قامت الجبهة القومية بمعركة مسورة من أجل تطهيرها من القوى المعادية كما مدت المقاومة الشعبية بالمؤن والأسلحة
الجمهورية تنتصر
برفع الحصار عن صنعاء ازداد الجمهوريون قوة وبمساعدة الاتحاد السوفيتي تطور الجيش الجمهوري كثيراً من حيث الاعداد والعتاد والتدريب فقد ارتفع عدده إلى حوالي 10.000رجل وعادت القبائل الجمهورية المنشقة إلى حظيرة الجمهوريين.
أما الملكيون لم تقم لهم قائمة وقد بدأ امراؤهم يفرون من مخابئهم في اليمن إلى الخارج وقد اضطر بعض الملكيين من غير الأمراء أن يعودوا أيضاً إلى حظيرة الجمهوريين.
جيش وطني قوي
عن تكون الجيش الجمهوري وتطوره خلال تلك الفترة أورد المؤلف معلومات جمة مرجعاً تكوين ذلك الجيش إلى مصدرين قسم تم تكوينه من المنخرطين الجدد وهو ماعرف، بالحرس الوطني والقسم الآخر من الجيش الملكي الذي بقي مع الجمهوريين وقد بلغ عدد الجيش في عام 5691م حوالي 7000 رجل وكان يحتفظ بتسمية اللواء الوطني كمصطلح عام للجيش ككل.
بالنسبة للاسلحة فقد كانت سوفيتية وكان بعض منها قد صنع حديثاً وكانت مصر هي التي توفر الملابس والمعدات الشخصية للضباط والجنود.
وتدريب ذلك الجيش كان يتم في صنعاء وتعز وكان بعض الرجال والوحدات ترسل في دورات تدريبية إلى كل من الجمهورية العربية المتحدة والاتحاد السوفيتي.
الكتاب عرّف أيضاً بجيش الملكيين خلال تلك الفترة ووصفها بأنها جيوش قبلية تتراوح أعدادها بين عشرة آلاف وألف رجل وكانت منظمة تنظيماً مفككاً وقيادته وهمية وكان المرتزقة من الخبراء العسكريين والسياسيين الاجانب هم عموده الفقري.
الكفاح المسلح
في الفصل الثامن من الكتاب ركز المؤلف على ثلاثة مواضيع رئيسية أولاً: خلفية الكفاح المسلح، أكتوب19633691م نوفمبر 1997م ثانياً: سير المعارك الرئيسية والنشاط العسكري خلال هذه الفترة في ردفان وجبهة عدن ثم ثالثاً في جبهات الريف.. بالنسبة لخلفية الكفاح المسلح فقد استعان المؤلف بشهادة عبدالفتاح اسماعيل الأمين العام للتنظيم السياسي للجبهة القومية التي أرجع غزو أفكار الكفاح المسلح بعض التنظيمات السياسية إلى البداية الأولى للستينيات مقيماً ذلك أنه لن يتم قبل اسقاط النظام الإمامي الكهنوتي في صنعاء وهو التقييم الصحيح المجسد بعد ثورة سبتمبر وبعد اجتماعات في صنعاء عام 3691 تم تشكيل الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل على أساس الأخذ بالكفاح المسلح.
ثم نقل العمل الفدائي بعد ذلك إلى مستعمرة عدن باقصى درجة من السرية والكتمان وقد تحول العمل الفدائي إلى ظروف المجابهة المباشرة أواخر سنة 66 وبداية 76م وتحول الجانب المحتل إلى مواقع الدفاع وتمت بعدها السيطرة الكاملة على مدينة كريتر وتحملت الجبهة مسئولية إدارتها وعن ذلك قال عبدالفتاح ولم يكن في مخططنا الاستمرار في السيطرة على المدينة لأننا حققنا النصر السياسي الذي كنا نريده».
بريطانيا تعلن ورقة الدفاع البيضاء
كان اندلاع الثورة بردفان بقيادة الجبهة القومية هو البداية لمرحلة الكفاح المسلح إلى أن انتهى بالاستقلال وكانت تلك المعارك أكبر معارك بريطانيا خلال حرب التحرير فقد اشترك فيها آلاف الجنود واستخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة.
المؤلف سجل بدايات تلك الثورة وفقاً لتقارير المخابرات البريطانية حيث كان يتم تسجيل الأحداث بشكل يومي ومن ثم إرسالها تلغرافاً إلى وزير المستعمرات ومجمل ماتم تسجيله يفصح عن ثورة كبيرة مسلحة بدءاً من 41 أكتوبر 36 التي أثقلت كاهل الاحتلال وكلفته خسائر جسيمة.
تم بعد ذلك نقل الكفاح المسلح من ردفان إلى المدينة وجعل تاريخ زيارة وزير المستعمرات البريطاني «أنتوني جرينود» إلى عدن نوفمبر 64م بداية تلك المرحلة من الكفاح المسلح وأدت في النهاية إلى الاستقلال.
وقد لجأت الحكومة البريطانية حينها إلى إصدار قانون الطوارئ في يونيو 1965م وحضرت بموجبه نشاط الجبهة القومية واعتبرتها حركة إرهابية كما قامت في إحدى المرات بتسفير «245542» شمالياً بغرض إرهاب المواطنين الذين أصبحوا باختلاف مناطقهم وأوضاعهم يلتفون حول الثورة ويدعمون الكفاح ضد المستعمر.
أخطرت بريطانيا بعد فشل إجراءاتها الاحترازية في مجالي المخابرات والأمن في مقر الثورة إلى أن تعلن في ورقة «الدفاع البيضاء» بأنها ستسحب قواتها من قاعدة عدن عام 68م وبالطبع فقد كان هدف بريطانيا هو تسليم الاستقلال لحكومة الاتحاد.
يوميات المقاومة
اكتسب الثوار خلال تلك الفترة الخبرة العسكرية وزاد نشاطهم كماً وكيفاً وتطورت وتنوعت أسلحتهم، الكتاب تناول عدداً من العمليات التي قاموا بها ورصد نتائجها اقتباساً من وثائق بريطانية فمثلاً خلال عام 1966م بلغ عدد الحوادث في مدينة عدن «480» حادثة تسببت في «573» إصابة بين قتيل وجريح.
كما حصل خلال نفس العام حالة دمج قسري بين الجبهة القومية وجبهة التحرير وبسببه حدث ركود جزئي للنشاط المسلح وبعد استقلالية الجبهة القومية بانعقاد مؤتمرها نهاية نفس العام حدث تحول حاسم في مسار الكفاح المسلح وقد بلغت الحوادث خلال عام 67وحتى بداية شهر أكتوبر فقط «20908» حوادث تسببت في «1248» إصابة بين قتيل وجريح وبالطبع هذه الأرقام التي توردها الوثائق البريطانية لاتمثل إلا جزءاً من الحقيقة.
بعد ذلك تناول المؤلف يوميات المقاومة حتى إعلان الجلاء وكانت أبرز الهجمات المكثفة خلال الفترة يوليو سبتمبر 67م وقد كانت في منطقتي الشيخ عثمان والمنصورة.
إحدى عشرة جبهة في الريف
انتقل المؤلف بعد ذلك إلى جبهات القتال في الريف والتي كانت أصلاً نابعة عن قيادة سياسية مركزية واحدة وتكمل بعضها الأخرى وقد رصد المؤلف بخط مواز سير المعارك في ردفان وغيرها حتى سقوط الإمارات والسلطنات بيد الجبهة القومية في النصف الأخير من عام 1976وكانت تلك الجبهة مرتكزاً هاماً للكفاح المسلح وبناء جيش التحرير كما كانت هي أيضاً هامة في حسم الاقتتال الأهلي في جبهة المدينة لصالح الجبهة القومية.
كان هناك في أواخر 1965إحدى عشرة جبهة في الأرياف هي جبهة ردفان والضالع والحواشب والمنطقة الوسطى والشعيب وحالمين ولحج والصبيحة وبيحان والواحدي والعوالق.
قام المؤلف بإجراء ترجمة حرفية لبعض فقرات تقارير المخابرات السرية تغطي فقط فترة الأسبوعين الواقعة بين 502 يونيو/ 67م وقد أعطى بذلك صورة عن تصعيد الكفاح خلال تلك الفترة في الأرياف والمدينة ومدى التلاحم بين الثورتين المصرية واليمنية.
رحيل مخزٍ
إن انسحاب بريطانيا وجيوشها من الأرياف أولاً ثم من عدن بعدها يوم 30نوفمبر قد تم بطريقة لامثيل لها في تاريخ مستعمراتها السابقة، فلم تجر الاستعراضات أو تؤد التحية وتصافح الأيدي كما هي العادة عند تسليم الاستقلال.. والذي جاء بالأساس بعد حرب طويلة وشرسة في شوارع عدن تركت جنودهم كاعجاز نخل خاوية وأخرى في جبال ردفان وبقية الأرياف خلطت رصاصها لحمهم مع عظامهم وأجبرت بقيتهم على الفرار مختلطاً فيه حابلهم بنابلهم.
جيش الاتحاد
يعتبر الفصل التاسع من الكتاب مكملاً للفصل الخامس الموسوم ب «جيوش محمية عدن» وفيه يسجل المؤلف تطور القوات المسلحة في الجنوب اليمني منذ قيام إتحاد الإمارات العربية» عام 1959وحتى سقوط الإتحاد العربي عام 1967فقد شهدت تلك الفترة تدرجاً في لملمة مختلف: جيوش محمية عدن «في جيش وتنظيم واحد بحيث لم يشارف عام 7691م على الانتهاء الا وقد أصبح «جيش الجنوب العربي» هو الخلف والقوة الرئيسية لكل التنظيمات العسكرية في المحميات الشرقية والغربية.
وقد ركز المؤلف على الأهداف والسياسات التي كانت وراء تطور هذه القوات المسلحة من حيث توسعها وإعادة تنظيمها وتوحيدها وتسليحها ومراجعات مرتباتها وشروط خدمتها والصرفيات الهائلة عليها إلى آخر ذلك من الأمور الهامة الأخرى ذات العلاقة بتطور أية قوة مسلحة عند التاريخ لها عموماً.. وقد ظهر في هذا الفصل بوضوح تأثير كل من الثورة المسلحة وإعلان بريطانيا في فبراير 1966عن قرارها في اغلاق القاعدة وسحب قواتها من شرق السويس حيث كان لهذين العاملين تأثير على إعادة تنظيم وترتيب أمور الجيش الاتحادي.
وقد اعتمد المؤلف في هذا الفصل كما في غيره على سجلات ووثائق بريطانية سرية جرت العادة أن لاتوضع أمام العلماء والباحثين الا بعد مضي ثلاثين عاماً من تواريخ تدوينها.
الصور والوثائق نالت حيزاً كبيراً من فصول الكتاب التسعة كما اعتمد المؤلف على مئات المراجع والمصادر وقد اكتفى بذكر ماهو أساسي وأكثر أهمية ولعل أبرزها المخطوطات المعرفة أو المجهولة المؤلف والوثائق السرية التي لم يسبق نشرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.