تمثل الحكومات الإلكترونية في عدد من دول العالم خطوات متقدمة في مجال العالم الإلكتروني، حيث تعكس الصورة المثالية في الدول التي بدأت تطبيقها.. ويبرز موضوع الحكومة الإلكترونية في اليمن توجه واهتمام الحكومة نحو العالم الإلكتروني استجابة لحاجة تفرضها طبيعة العمل الإداري في المرافق الحكومية المتسم بالتقليدية، ومواكبته للاتجاه العالمي المتسارع في هذا المضمار.. وكانت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات قد حددت مدة تنفيذ مشروع البرنامج الوطني لتقنية المعلومات (الحكومة الإلكترونية) من عام 2002 إلى عام 2003م. لكن منذ صدور القرار الأول لمجلس الوزراء رقم (150) لعام 2002م بشأن تطبيق البرنامج الوطني لتقنية المعلومات (الحكومة الإلكترونية) لم ينجز منه أي شيء يذكر على الواقع العمل سوى إعداد الخطط والبرامج والمشاريع والخطة العامة لخارطة الطريق لإنشاء مجتمع معلوماتي. وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) تناولت الموضوع وأسباب تعثره والصعوبات التي تعيقه والخطوات العملية والمعالجات التي قامت بها الحكومة من أجل استكمال المشروع. أسباب التعثر في المشروع يقول وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس كمال حسين الجبري: إن نشوء الحكومة الإلكترونية جاء نتيجة تحديث وتطوير العمل الإداري والخدماتي الذي وصل إلى كمٍّ هائل من المعلومات، بالإضافة إلى أهمية دور تقنية الاتصال والمعلومات في تعزيز التنمية من خلال زيادة كفاءة الابتكارات التطويرية والتقنيات التشغيلية للمدخلات التنموية، وتقليل كلفتها وزيادة فعاليتها في ذات الوقت، الأمر الذي يؤدي إلى رفع القدرات الإنتاجية وتحسين مستوى دخول الأفراد. وعزا الجبري التأخير في الشروع في هذا المشروع إلى أسباب ربما اعتبرها أولويات في الدولة من وقت إلى آخر تعيق سير عمل المشروع، لكنه في النهاية مازال قائماً والعمل جارٍ فيه، وهذا المشروع يحتاج إلى أكثر من 10 سنوات حتى يتم الانتهاء منه، وليس من السهل تنفيذه خلال سنة أو سنتين. الوكيلة المساعدة في وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات لقطاع تقنية المعلومات سميرة عبدالله، من جهتها تقول: على الرغم من قرار مجلس الوزراء رقم (290) لسنة 2004م بتفعيل البرنامج الوطني لتقنية المعلومات إلا أن تعثر المشروع كان لأسباب عديدة أهمها عدم اعتماد الميزانيات المخصصة للتنفيذ، وعدم استجابة بعض الأجهزة الحكومية لتفعيل وتنفيذات البرنامج. فخلال الفترة إبريل 2002 وحتى منتصف 2003 تم تدريب المختصين في جميع الوزارات التي بلغ عددها 29 وزارة وبمشاركة أكثر من 40 متدرباً، حيث شملت الدورة المكثفة إنشاء بوابة الحكومة اليمنية لتصفح المعلومات المختلفة للوزارات عبر موقع واحد، وعرض البيانات وتحديثها وتطويرها من قبل المختصين لكل وزارة، لكن بعد انتهاء التدريب تعثر المشروع ولم يتم الالتزام بإدخال البيانات. والملموس واقعياً أن خطوات جادة تقطعها الجهات الحكومية باتجاه أتمتة أنظمتها الإدارية وفق استراتيجية معدة أهمها تعميم الحاسوب وتنفيذ برامج تقنية للتعامل معها بين صفوف الموظفين. ويشير المهندس وزير الاتصالات وتقنيات المعلومات المهندس كمال الجبري إلى أن انتشار أمية الحاسوب بين موظفي الحكومة مثَّل أهم معوقات مشروع الحكومة الإلكترونية. ويقول: عملت الوزارة على عرض دراسة جديدة للمشروع على مجلس الوزراء لينفذ عبر مراحل تبدأ بعملية التعريف بالمشروع ومن ثم التدريب والتأهيل وانتهاءً بتهية الرأي العام وتعريفهم بكيفية استخدام الحاسب الآلي. مهندس البرمجيات، عبدالرحمن أبوطالب، يقول: إن التحول إلى الحكومة الإلكترونية ينبغي أن يسبقه انتشار واسع للانترنت واستخدام الحاسوب وأن لا تقل نسبة مستخدمي الانترنت عن ثلاثين بالمائة من نسبة السكان حتى يكون للعملية مردوداً خدماتياً وجدوى اقتصادية تسهم في عملية التنمية. ويضيف أبوطالب: لتحقيق ذلك يجب الحد من الأمية الإلكترونية وتوفير الانترنت للعامة بسرعات جيدة وأسعار مخفضة وتوفير الحاسب في متناول الجميع، وهذا ما لمسناه في مشروع فخامة الرئيس لتعميم الحاسوب الذي توقف بعد تنفيذ مرحلتين فقط، كما لا ندري ما هو مصير شركة المستقبل لإنتاج وتجميع الحاسب التابعة لوزارة الاتصالات التي لم تنتج حتى الآن حاسوباً واحداً منذ إنشائها قبل عدة سنوات. وأشار إلى أن نجاح مشروع الحكومة الإلكترونية يحتاج إلى إرادة سياسية جادة بالدرجة الأولى، وتوحيد الجهود ضمن استراتيجية وطنية واضحة وملزمة لكل أجهزة ومؤسسات الدولة في إطار زمني محدد، وإدراك أصحاب القرار في هذه الأجهزة لأهمية المشروع.. فمن المؤسف أن نلاحظ غياب أبسط مقومات التكنولوجيا في العديد من أجهزة الدولة، فلا شبكات كمبيوتر، ولا أنظمة آلية وإن وجدت أجهزة الكمبيوتر فيها فلكتابة المذكرات وطباعتها ليس أكثر. ويعتقد أبوطالب أن من أسباب بطء العمل في مشروع الحكومة الإلكترونية غياب الوعي بأهميته لدى المواطنين ورجال الأعمال والقطاع الخاص الذين لا يزالون يفضِّلون الطرق البدائية، في الوقت الذي يفترض بهم المساهمة في بناء الحكومة الإلكترونية. خطوات عملية وتعمل حالياً وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، في إطار سعيها محو أمية الحاسوب والتهيئة لمشروع الحكومة الإلكترونية تدريب الجهات الحكومية وغير الحكومية على برنامج الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب عبر المعهد العام للاتصالات.. كما عملت في إطار مشروع فخامة رئيس الجمهورية على توزيع 28 ألفاً و500 جهاز حاسوب. وإدراكاً منها بالمخاطر التي سوف تتعرض لها اليمن من خلال التأخير، وأهمية الإسراع بتطبيق البرنامج الوطني لتقنية المعلومات (الحكومة الإلكترونية)، والتي سوف تؤخر اليمن بالالتحاق والمواكبة للدول الأخرى، وكذا اتساع الفجوة الرقمية يوماً بعد يوم، أصدرت الحكومة القرار رقم (332) لعام 2008م بإنشاء الموقع الرئيس للحكومة على شبكة الانترنت، وكلَّف مجلس الوزراء الأمانة العامة في رئاسة الوزراء ووزارة الاتصالات بإعداد موقع حكومي موحد يجمع كل مواقع الجهات الحكومية، حيث تم في ديسمبر العام الماضي عقد ندوة تعريفية بمشروع الحكومة على شبكة الانترنت، هدفت إلى وضع المعالجات والمخارج العملية التي تضمن التواصل والاستمرارية لتنفيذ قرار مجلس الوزراء، والوصول للغاية والأهداف المرجوة منه. كما بدأ نهاية الشهر الماضي من العام 2009م تدشين البرنامج التدريبي لمشروع الموقع الرئيس للحكومة على شبكة الانترنت بمشاركة 117 متدرباً يمثلون مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية والأمانة العامة لمجلس الوزراء. ويؤكد أمين عام مجلس الوزراء عبدالحافظ السمة أن مشروع الموقع الرئيس للحكومة على شبكة الانترنت يعتبر أحد المعايير الأساسية لتقييم أداء الأجهزة الحكومية. وقال: البرنامج التدريبي سيعمل على معالجة جميع المشاكل الفنية التي قد تظهر في أثناء إدخال المحتوى للموقع في ظل وجود الفريق الفني المختص، وكذا التدريب على مشاكل الإدخال والتعديل والنشر والتحديث وفق السياسات والضوابط المحددة لذلك. منوهاً إلى أن مرحلة إدخال المحتوى ستبدأ من الأسبوع الثاني للتدريب، والتي تعتبر من أهم المراحل للبرنامج التدريبي، حيث سيقوم كل مشارك بإدخال ونشر محتويات وزارته في الموقع الرئيس للحكومة. وأضاف: نحن نهيئ للانتقال إلى الحكومة الإلكترونية، وإلى تقديم الخدمات الإلكترونية، والأمل يحدونا أن ننطلق في هذه الاتجاه، وإيجاد كادر بشري مؤهل لإنجاح هذا المشروع. مدير عام المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية الدكتور على ناجي نصاري، يؤكد من جانبه، أن مشروع الموقع الرئيس للحكومة اليمنية يكتسب أهمية حيوية باعتباره واجهة وبطاقة تعريف إلكترونية رسمية للحكومة ووسيلة تخاطب وتفاعل مع العالم ومصدر رسمي أساس للمعلومات المتعلقة بالحكومة وخدماتها التي يحتاجها المواطن وخطوة أساسية في مسار تقديم الخدمات بطريقة الكترونية والاتجاه نحوم مجتمع المعلومات والتهيئة للحكومة الإلكترونية. ويقول: إن التطوير والتحديث المستمر للبيانات والمعلومات هو عملية هامة كون إدارة وتحرير محتوى الموقع الإلكتروني ومتابعة تحديث محتواه وبياناته هي إحدى الركائز المهمة للحصول على موقع ديناميكي يستطيع تقديم خدمات تفاعلية لزواره، والذي يمكن من خلاله دمج جميع الخدمات التي تقدمها الحكومة تحت سقف واحد أو ما يسمى بالبوابة الموحدة. واعتبر الدكتور نصاري وجود الخدمات تحت سقف واحد وسيلة تعريفية ومصدراً غنياً بالموارد والمعلومات للقطاعين العام والخاص، ونقطة النفاذ للبيانات والخدمات الحكومية. منوهاً بأن هذا يتطلب جهداً كبيراً وخبرات تستطيع أن ترفع من قيمة الخدمات المقدمة وتقلل من الكثير من الجهد والوقت المبذول في الوصول لهذه الخدمات.