حديث ساءنا سماعه.. وهالنا زيفه وكذبه.. وعزَّ علينا مستمَعَه.. فيه شك وريبة،وأساطير غريبة، ظاهره وباطنه المصيبة، وأية مصيبة ؟ إنها العودة بالوطن إلى ما قبل الثاني والعشرين من مايو.. وأنَّى لهم ذلك ؟ حديث يبدد الأمل.. وينشر اليأس، يشكك في الخير ويدعو إلى الشر.. يهدم ولا يبني، يقلع ولا يزرع، حديث تستاء له الأسماع، وترتجُّ - من افترائه، ومايرمي إليه - الأضلاع. إنه حديث الخبجي الذي نشر في صحيفة «النداء»، لقد بلغ الافتراء فيه مبلغاً لا يمكن التغاضي عنه.. نسف الجهود وخان العهود، وأنكر النجاحات المتوالية، والإنجازات القائمة، والعطاءات التي لازالت تتوالى تباعاً. ما هذا الافتراء الذي سئمت وضاقت به القلوب ذرعاً، واشمأزت منه العقول، لم تسعه أذن، ولايتقبله عرف أو خلق ؟ وما هذا الجهل المقصود الذي لم يأتنا منه إلا الفتن وافتعال الأزمات، بل ما هذا التطاول والتحامل على هذا الوطن، وعلى ولاة الأمر، وعلى الرموز الوطنية فيه ؟ نظرات سوداوية، ودعوات فوضوية، وعبارات عشوائية تتخبط هنا وهناك، وهل هذا هو النقد ؟ حجب كل ضوء، ونسف كل شيء، وإنكار كل حقيقة، وتسويد كل أبيض، وتشويه كل جميل، وتصوير كل ما على هذا الوطن بظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرج يده لم يكد يراها. ألم نركب وإياهم جميعاً في عام 1990م على ظهر هذه السفينة إخوة بعض لبعض ظهيراً، وتعاهدنا معهم على فعل الخير ومواجهة الشر، ومضينا قدماً إلى الأمام، فلم يعجبهم الحال فخرقوها في94م، فأخذنا بأيديهم ومنعناهم وأصلحنا ما خرقوه بعد أن كدنا نغرق جميعاً ؟!! ألم نتجاوز عن حماقاتهم تلك، ونسينا ما فعلوه بنا وبهذه السفينة رغم خسائرنا الفادحة وجراحاتنا النازفة، ومضينا معهم نبني ونعمر. وها هم اليوم «الانفصاليون أو ما يسمى بالحراك» قلة ولكن ما أخبثها من قلة، تريد أن تعمم آراءها على هذا الشعب، وأن تمرر أطماعها وأطماع أنظمة أجنبية - تمولهم - بالخداع والمكر واستغلال الثغرات والنعرات، وإثارة الفتن، ورفع شعارات العدل والمساواة والحقوق، رغم أن هذه الشعارات بريئة منهم براءة الذئب من دم يوسف. ها هم اليوم يعودون إلى ضلالهم القديم وعهدهم الذميم، لم يتعظوا أو يعتبروا مما مضى، والخبجي واحد منهم، حاول التسلق على ظهر غيره، متخلياً عن مهنته الإنسانية واصلاً إلى مجلس النواب. ولكن وصوله ذلك لم يحقق له ما كان يحلم به من مال، وشهرة وسلطة ومجد، فخلع قناعه المزيف كاشفاً بذلك عن وجهه الحقيقي الذي طالما أخفاه لسنوات في الحوار الذي نشر عنه في صحيفة «النداء»، ومفصحاً عن أطماعه وحقده وما يرمي إليه من سلطة ومجد. إن الخبجي وأمثاله صم، وبكم وعميان عن الطريق القويم. لقد قلنا لهم : آمنوا بهذه الوحدة.. ولكنهم أبوا واستكبروا استكباراً. وقلنا لهم : اركبوا معنا على ظهر هذه السفينة الموحدة لتنجوا من الغرق. فقالوا : سنأوي إلى «حراك» يعصمنا من وحدتكم وجمعكم هذا.. «لا عاصم اليوم من أمر الله». لقد ذهبوا في غيهم يبنون صرحاً لعلهم يطلعون على أسباب وحدتنا، وعكفوا على العجْل، واعتدوا في السبت وعقروا الناقة، وها هم اليوم يقودون الفَيل لهدم وحدتنا وشطر جمعنا.. وما هم بفاعلين وأنى لهم ذلك ؟