«كاك بنك» يسلم ثانوية لطفي جعفر أمان مواد مكتبية ومعدات طاقة شمسية    مول سيتي ستار في عدن.. سوق تجاري بمضمون خيري إنساني مراعاة لظروف الأسر الاقتصادية    بكر غبش... !!!    عملاء الوحدة اليمنية في شبوة يتخوفون من اجتماع الجمعية الوطنية في عتق    بطعنات قاتلة.. شاب ينهي حياة زوجته الحامل بعد فترة وجيزة من الزواج.. جريمة مروعة تهز اليمن    ملاحظات أولية على ما نشرته جماعة الحوثي بشأن ما أسمته (خلية التجسس) (1)    بالفيديو.. رئيس ''روتانا'' يفاجئ الفنان محمد عبده عقب عودته من رحلته العلاجية .. وهذا ما فعلته ''آمال ماهر'' مع فنان العرب    صواريخ حزب الله الجديدة تهدد تفوق الطيران الحربي الصهيوني    مفاجأة رونالدو.. السعودية تتجاوز الفخ الصيني    موراتا يطلب الانتقال إلى الدوري السعودي    الإطاحة ب''نصاب'' جنوبي اليمن وعد مريضًا بالفشل الكلوي بالتبرع بإحدى كليتيه وأخذ منه نحو مليوني ريال    رئيس مجلس القيادة يعود الى العاصمة المؤقتة عدن    مساء اليوم.. المنتخب الوطني الأول يواجه النيبال في تصفيات آسيا وكأس العالم    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    بعد تأجيله يوم أمس.. الإعلان عن موعد فتح طريق ''الحوبان جولة القصر الكمب مدينة تعز''    انهيار جنوني .. محلات الصرافة تعلن السعر الجديد للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية صباح اليوم    بعد إعلانها ضبط شبكة تجسس.. رئيسة منظمة حقوقية في صنعاء تتنبأ بنهاية المليشيات الحوثية    حسام حسن: البعض يخشى نجاح منتخب مصر.. والتحكيم ظلمنا    عن جيراننا الذين سبقوا كوريا الشمالية!!    هل فقدت مليشيا الحوثي بصيرتها؟!    أطراف الصراع في اليمن وحرب المصالح    عبدالعزيز بن سعود يقف على جاهزية قوات أمن الحج "صور"    حكم التضحية بالأضحية عن الميت وفق التشريع الإسلامي    الحوثيون يوقفون عشرات الأطباء والعاملين الصحيين في صنعاء تمهيدًا لفصلهم من وظائفهم    ماهي إنجازات الانتقالي؟    إتلاف كميات هائلة من الأدوية الممنوعة والمهربة في محافظة المهرة    تشيلسي مهتم بضم الفاريز    ساني متحمس لبدء يورو 2024    رومانو: تشيزني على ابواب الدوري السعودي    إعلان مفاجئ من بنك الكريمي بعد قرار البنك المركزي بعدن وقف التعامل معه!!    "صنعاء على صفيح ساخن.. الرعب يسيطر على المليشيا الحوثية و حملة اعتقالات واسعة"    مجلس الأمن يتبنى مشروع قرار يدعم مقترح بايدن لوقف إطلاق النار بغزة    الحكومة تندد باستمرار التدمير الحوثي الممنهج للقطاع الصحي    أكبر عملية سطو في تاريخ الأدوية اليمنية: الحوثيون يسيطرون على مصانع حيوية    بوتين يهدد بنقل حرب أوكرانيا إلى البحر الأحمر    غرق وفقدان عشرات المهاجرين الأفارقة قبالة شواطئ شبوة    السلطات السعودية تكشف عن أكبر التحديات التي تواجهها في موسم الحج هذا العام.. وتوجه دعوة مهمة للحجاج    "الأونروا": الدمار الذي شهدته غزة لا يوصف وإعادة الإعمار يحتاج 20 عاما    النفط يرتفع وسط توقعات بزيادة الطلب على الوقود خلال الصيف    آخر ظهور للفنان محمد عبده عقب تلقيه علاج السرطان .. شاهد كيف أصبح؟ (فيديو)    الحوثيون يمنحون مشرفين درجة الماجستير برسالة واحدة مسروقة وتم مناقشتهما(أسماء)    العطش وانعدام الماء والكهرباء في عاصمة شبوة يصيب مواطن بجلطة دماغية    فضل الذكر والتكبير في العشر الأوائل من ذي الحجة: دعوة لإحياء سُنة نبوية    مانشستر يونايتد يسعى لتعزيز هجومه بضم المغربي يوسف النصيري    وزارة المالية تعلن إطلاق تعزيزات مرتبات شهر مايو للقطاعين المدني والعسكري والمتقاعدين    ارتفاع في تسعيرة مادة الغاز المنزلي بشكل مفاجئ في عدن    خلال تدشين الخدمة المدنية للمجموعة الثانية من أدلة الخدمات ل 15 وحدة خدمة عامة    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    تدشين مخيم مجاني للعيون بمديرية العدين في إب    افتتاح معمل وطاولة التشريح التعليمية ثلاثية الأبعاد في الجامعة اليمنية    "هوشليه" افتحوا الطرقات!!!    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    عالم آثار مصري شهير يطالب بإغلاق متحف إنجليزي    أحب الأيام الى الله    السيد القائد : النظام السعودي يتاجر بفريضة الحج    النفحات والسنن في يوم عرفة: دلالات وأفضل الأعمال    ما حد يبادل ابنه بجنّي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيران
نشر في الجمهورية يوم 20 - 12 - 2009

الشقة في بيت قديم، من ثلاث حجرات. بكل حجرة عائلة. الباب الخارجي مفتوح ليل نهار، لايوجد في الصالة مايخشى عليه، وكل عائلة تغلق باب حجرتها على نفسها واشيائها، الحجرة في الطرف الأيسر يشغلها فوال، عربته على ناصية البيت، والحجرة في الطرف الايمن يشغلها خباز، والفرق غير بعيد، لحست النار وجهه من زمن ونالت من أذنه، خلفتها ثقباً معتماً، يداري الجانب المسلوخ بالكوفية، الحجرة الوسطى تواجه باب الشقة، يسكنها عامل بالسكة الحديد، يصلح مايتهاوى من الفلنكات الخشبية تحت القضبان، ويشكو من رداءة مسامير القلاووظ الضخمة التي تنثنى اوتقطم حين يضغط عليها بالمفتاح، ولايجد غيرها في المخزن:
هي جت علي المسامير!
يقولها لنفسه وهو يجمع ماتلف منها ليعيدها للمخزن.
عودته للبيت غير منتظمة بسبب طواريء العمل، وكثيراً مايرجع مع بشاير الفجر.لباب حجرته ترباس من الداخل مكانه مرتفع بالنسبة لابنه، وكان في الخامسة من عمره، وينهض من فرشته في الليل مرتين أو ثلاث للذهاب إلى الحمام، ربما بسبب البرد عندما ينحسر الغطاء عنه، ولايسعفه الوقت ليوقظ أمه وتفتح له فيبلل نفسه، وطلبت المرأة من زوجها أكثر من مرة أن ينقل الترباس ليكون في متناول الولد، ويقول: حاضر. غير انه يعود دائما مهدوداً من الشغل وينسى، وما ان يتناول لقمته حتي يغط في النوم، ولم تجد امرأته بداً من ان تترك باب الحجرة موارباً وتشعل السهاري.

العائلات الثلاث تعيش في وئام، لم يحدث ان ارتفع يوما صوت شجار بينها، وثمة اتفاق غير معلن بين النسوة الا يشغلن دورة المياه في فترة الصباح الباكر، فتخلو للرجال حتى لا يتأخرون عن أعمالهم، ولم تكن هناك مشكلة في استخدامهن المطبخ معا لإعداد الاكل.
أما الغسيل فكل منهن تقعد الى طشتها في الصالة، وكن يفضلن القعاد معا.
جاءت المشكلة من حيث لايتوقع أحد. الفران كان ينهي عمله عند منتصف الليل، ويرى الوقت مبكراً للعودة الى البيت، ودماغه مازالت صاحية، ولن يأتيه النعاس سهلاً، وقد يجد نفسه يعافر امرأته التي ترفض عندما يوقظها من النوم، وهو يحس بضيق حين يلح عليها، ويود لو سعت إليه، ولم يحدث ذلك منذ زواجهما، يحاول معها، وحين يراها تنفخ في غضب ينطوي ويعطيها ظهره، لا دخل لوجهه في رفضها، وربما خطر له ذلك في لحظة ضيق، غير انه يقصيه بعيداً في ركن مظلم. كثير من النسوان مثلها كما سمع، لايرغبن وهن بين اليقظة والنوم، غير انها أحيانا تكون صاحية وتروح وتأتي بالحجرة، واردافها الثقيلة تترجرج في الجلباب الضيق، وما ان يحتويها بذراعيه من الخلف حتي تنفضه في شدة.
كان التفكير في هذه الامور يعكر دماغه ويبعده عن الحجرة قدر مايستطيع.
عرف الطريق الى المستودع، حجرة واسعة بالدور الارضي في زقاق، على رأسه باعة الترمس والفول النابت والعصافير المقلية، الحجرة مختنقة بالانفاس ورائحة العرق الزنخة. يتربع على دكة خشبية ومركوبه تحت فخذه بعد ان فقد مركوبين في نفس المكان. ما اسهل أن يدس احدهم قدميه فيه ويمضي. يشرب البوظة قصعه بعد الاخرى، ويكون هناك دائما من يمد يده بسيجارة منتفخة متوهجة الطرف، يجذب نفساً أو نفسين ويرى اليد تعود فيضع السيجارة بين اصبعيها المنفرجتين.
يخرج مترنحاً مع اغلاق المستودع، لايميز شماله من يمينه، ومايشبه الشبورة تحجب الرؤية، وأصوات تقترب وتبتعد، وثقل يجذبه إلى الأرض، يقاومه متعثراً، عادة مايفرغ معدته عند اقترابه من البيت، ويقف لاهثاً مستنداً برأسه للجدار، ويفيق متنهداً ويمضي الى حجرته. ويوماً سار الى البيت دون ان يقيء تحسس الدرابزين وامسك به، درجات السلم تهرب من تحت قدميه، وعندما يضع قدمه اخيراً فوقها يجدها تلين وتكاد تفقد تماسكها. ويصعد.
باب الشقة المفتوح، دخل باب الحجرة الموارب، وضوء دافيء في لون الحلبة التي يحبها يخرج من عتبته ويتناثر امامه، دخل، ورأى فراشاً فرقد، وأراد ان ينبه امرأته لتطفيء السهاري وراح في النوم، امرأة عامل السكة الحديد أحست بالذراع تلقى على جنبها، وجهها للحائط، فتحت عينيها ورأت الثقوب وآثار البق التي اعتادت ان تراها وعادت للنوم، وانتبهت على صوت خطوات زوجها تصعد السلم، وانتظرت ان تسمع الصوت الآخر، وسمعته، شخشخة مسامير القلاووظ التالفه في حقيبته، اخذت نفساً عميقاً واسترخت، ثم سمعت الشخير فزعت جالسة، ورأت الوجه المسلوخ جنبها، وانطلق صراخها.
في لحظة جاء الفران وامرأته ووقفا بالباب، لحق بهما عامل السكة الحديد ونظر من فوق كتفيهما، لم ير النائم في فراشه، وانما رأى امرأته يتوالى صراخها وتضرب فخذيها بيديها، الخباز في رقدته توقف شخيرة حين ارتفع الصراخ، ثم عاد الشخير خافتاً مصحوباً بتمتمة، اندفعت امرأة الخباز الى الداخل وقصدت السرير وكأنما توقعت ماتراه، سحبت زوجها من صدر الجلباب، تعثر في قبضتها وهوى على ركبتيه، وجهها المقبض يوشك على البكاء، قالت لجارتها:
معلهش يا أختي، حقك عليّ.. موش داري بنفسه.
وخرجت بزوجها
انسحب الفوال وامرأته بلا كلام، وعامل السكة الحديد رمى الحقيبة الممتلئة بالمسامير التالفة جانباً وقال لامرأته.
اشطفي الواد.
الولد كان واقفاً بفرشته مبللاً نفسه.
تحركت المرأة وكانت في وقفتها الساكنة ترقب وجه زوجها.
انحني الرجل ومد ذراعه تحت السرير، وجاء بشاكوش ومفك، نقل الترباس من مكانه المرتفع إلى أسفل.
حين عادت امرأته من الحمام رأته راقداً في الفراش، ووجهه للحائط، أطفات السهاري، وتمددت بجوار الولد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.