تشهد محافظة اللواء الأخضر حركة دؤوبة في مسار تحقيق أهداف العام 2010 الذي دشنت في أيامه الأولى حملة التشجير وحماية البيئة في المحافظة، والتي يعتزم القائمون عليها زرع ما يقرب من مليون شجرة من مختلف الأنواع التي تتناسب وطبيعة المناخ والبيئة في مختلف أرجاء المحافظة.. ومواكبة لتلك الحركة فقد تم تنظيم ثاني الندوات العلمية المتخصصة في القضايا البيئية في جامعة إب، وتستعد اللجنة التحضيرية الخاصة بالبيئة لتنظيم المؤتمر الدولي الأول لعلوم وتقنية البيئة في المحافظة في النصف الثاني من هذا العام.. «الجمهورية» التقت أبرز الفاعلين في النشاطات البيئية وخصوصاً الكوادر العلمية التي تقدم الرؤية الشاملة الصحيحة لحماية البيئة، فإلى هذا الحصيلة. عام البيئة .. الأستاذ الدكتور عبدالعزيز محمد الشعيبي رئيس جامعة إب تحدث عن أهمية تخصيص العام الحالي لشؤون البيئة في المحافظة فقال: أرجو أن يكون عام البيئة الذي سعى إليه فضيلة القاضي أحمد عبدالله الحجري في أن يكون هذا العام تجسيداً لمعنى الوفاء للبيئة حتى نستطيع أن نعطيها بعضاً من حقها، فمحافظة إب كما تعلمون ربما هي حاضرة اليمن، بل لا أبالغ إن قلت حاضرة الجزيرة العربية بما تمتلكه من مقومات في الجمال والخُضرة والحياة بشكل عام. وموضوع البيئة المرتبط بأسلوب علمي ينبغي أن تكتمل الفائدة وتتحقق العلاقة التكاملية بين الجامعة والمجتمع، والمحافظة وبقية الهيئات والمؤسسات المختلفة في الدولة، لكي يكون هناك نوع من التناغم الحقيقي لإثراء هذا الموضوع وإشباعه بالأفكار المفيدة التي يمكن أن تثمر خضرة وبهاءً وجمالاً متوقعاً بإذن الله تعالى. دور الجامعة .. وعن دور الجامعة في مناقشة القضايا البيئية، يقول الدكتور الشعيبي: دور الجامعة يأتي في صميم تخصصها حيث إن هناك بعض الكليات التي تُعنى بهذا الموضوع بشكل مباشر خصوصاً كلية الزراعة، وإن كان الموضوع يهم الجميع بشكل عام، لكن في الحقيقة فإنها بادرة طيبة من كلية الزراعة وعلى رأسها عميد الكلية الدكتور محمد الأشول الذي بذل مجهوداً كبيراً في حقيقة الأمر في الاهتمام بهذا الموضوع، ولا أبالغ إن قلت إن هذا الموضوع ليس فقط محط اهتمام محافظة إب، ولكنه موضوع على المستوى الدولي يشغل حيزاً كبيراً من الاهتمام، ولذلك هذا التفاعل في إطار البيئة الذي لا يمكن أن يختلف عليه أحد هنا أو هناك يجب أن يجسد في حقيقة الأمر مصداقية حقيقية للتفاعل مع البيئة، ونحمد الله سبحانه وتعالى أننا ربما لم نصل بعد إلى مستوى سيئ في علاقتنا بالبيئة كما هو حاصل في كثير من البلدان، بينما على الأقل طرح هذه الأفكار منذ وقت مبكر لتلافي الوقوع في الأخطاء المستقبلية أو ما قد يحل بالبيئة إن تمت إساءة الاستخدام المختلفة في مجالات الحياة. البيئة في الشريعة الإسلامية .. الشيخ محمد المهدي تحدث عن حماية البيئة في الإسلام فقال: لقد كرم الله تعالى بني آدم على بقية سكان الأرض، وجعل لهم السيادة والريادة، وسخّر لهم ما في السموات وما في الأرض، فقال تعالى: «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلا»، وقال تعالى: «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه، إن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون» فرغم صغر الإنسان فإن الله سخّر له الجبال والسهول والبحار والأنهار، وأنزل الله البركات من السماء، وأخرجها من الأرض للمؤمنين من بني آدم، «ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض، ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون» وهكذا فضل الله الإنسان على كل موجود على الأرض، وفضل الله المؤمنين على سائر بني آدم، وبصلاح بني آدم تصلح الأرض، وبفسادهم تفسد. الضروريات الخمس .. ويشير المهدي إلى مقاصد الشريعة في حماية البيئة بقوله: ومن هذا المنطلق فقد جاءت شريعة الإسلام للحفاظ على الضروريات الخمس من لدن آدم عليه السلام إلى آخر وخاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهذه الضروريات هي؛ الدين، والنفس، والمال، والعقل، والنسل أو النسب أو العرض، فحفظ الدين يكون بالجهاد ومنع الردة، وحفظ العقل كان بمنع المسكرات والمخدرات وسائر ما يفسد العقول ويضرها، ولحفظ المال حرمت السرقة والرشوة والنهب والربا والغش، والمال الذي يؤخذ بغير طيب نفس.. وغيرها، ولحفظ النسل شرع الزواج، وحرم الزنا لكيلا تختلط الأنساب، ومن هنا كان الحفاظ على البيئة جزءاً من المقاصد المذكورة. الكارثة البلاستيكية .. الدكتور نبيل عبدالرقيب الحميري رئيس قسم الكيمياء بكلية العلوم في جامعة إب ناقش أسباب مشكلة المخلفات البلاستيكية حيث قال: أصبحت المخلفات البلاستيكية تشكل مصدر خطورة بيئية وصحية كبيرة على الإنسان في ظل استمرار تزايد معدلات استخدامها وتصنيعها دون التقيد بالمعايير والضوابط البيئية، وتكمن خطورة المخلفات البلاستيكية في تركيبتها الكيميائية التي تحتوي على مواد الكربون والهيدروجين والكلور والنتروجين وغيرها، وهذه التركيبة تجعلها غير قابلة للتحلل في التربة وتبقيها لفترات طويلة، وما يجعلها خطراً حقيقياً على الإنسان وعلى الحياة البرية والبحرية على حدٍ سواء، ويؤكد واقع الحال أن معدلات استهلاك الأسر لمنتجات البلاستيك في تصاعد مستمر وذلك لحفظ السلع والمنتجات، بما في ذلك المواد الاستهلاكية والخضروات، ومما يزيد من مشكلة المخلفات البلاستيكية استخدام الأكياس والعبوات البلاستيكية بشكل مفرط في المحلات التجارية والأسواق على نحو واسع في مختلف المدن، وعادةً ما تستخدم العبوات البلاستيكية لمدة واحدة ثم ترمى، هذا فضلاً عن ضعف الوعي البيئي بخطورة المواد البلاستيكية وعدم تقيد معظم المصنعين بالاشتراطات البيئية، ويضاف إلى ذلك غياب أو ضعف تقنية إعادة تدوير المخلفات البلاستيكية. النشاط الإشعاعي .. الأستاذ الدكتور محمد حمود الزهيري الأستاذ بكلية العلوم في جامعة إب يتحدث عن نتائج دراسة حديثة خطيرة في المجال البيئي، حيث يقول: لقد هدفنا إلى دراسة حساب معدل الجرعة الممتصة في الهواء وتركيز U-238 Th-232, والنشاط الإشعاعي النوعي الطبيعي لعينات من التربة الزراعية في الجمهورية اليمنية، وقد تم تحديد النظائر المشعة:s-137,K-40 . Th-232 . U-238 لخمس عشرة عينة ترابية لبعض مناطق الجمهورية اليمنية وذلك باستخدام تقنية التحليل الطيفي لأشعة جاما واستخدم كاشف الجرمانيوم عالي النقاوة لقياس النشاط الإشعاعي النوعي Bq/Kg وقد كشفت الدراسة عن نتائج هامة من أهمها أن قيم النشاط الإشعاعي النوعي للنظائر المشعة في محافظة الضالع كانت مرتفعة بحيث أعطت تفسيراً للإصابات العديدة بالأمراض التي تنال من سكان بعض قرى المحافظة. مستويات التلوث .. الدكتور أحمد نعمان محمد الحكيمي - من قسم الكيمياء بكلية العلوم تحدث عن التلوث بقوله: التلوث هو إحداث تغيير في البيئة التي تحيط بالكائنات الحية بفعل الإنسان وأنشطته اليومية مما يؤدي إلى ظهور بعض الموارد التي لا تتلاءم مع المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي ويؤدي إلى اختلاله، والإنسان هو السبب الرئيسي والأساسي في إحداث عملية التلوث في البيئة وظهور جميع الملوثات بأنواعها المختلفة وهي: التوسع الصناعي، التقدم التقني، سوء استخدام الموارد، الانفجار السكاني، فالإنسان هو الذي يخترع، ويصنع، ويستخدم، وهو المكون الأساسي للسكان، وللتلوث ثلاثة مستويات، فهناك التلوث غير الخطر، وهو المنتشر فوق سطح الكرة الأرضية ولا يخلو أي مكان فيها منه، والتلوث الخطر، وهو التلوث الذي تظهر له آثار سلبية تؤثر على الإنسان وعلى البيئة التي يعيش فيها ويمكن أن نطلق عليه «التلوث الحرج»، والتلوث المدمر، وهو التلوث الذي يحدث فيه انهيار للبيئة وللإنسان معاً ويقضي على كافة أشكال التوازن البيئي. الغذاء الآمن .. الدكتور عبده محمد سيف الحدي أستاذ المناخ والبيئة المساعد بكلية العلوم في جامعة إب تحدث عن حماية البيئة من زاوية الزراعة العضوية، حيث قال: لقد شكلت قضايا تلوث الغذاء والبيئة، وما يترتب على ذلك من تأثيرات سلبية على صحة الإنسان والكائنات الأخرى ذات الفائدة له، وعدم استدامة الموارد الطبيعية مصدر قلق ومخاوف كثيرة أخذت تتزايد خلال العقدين الماضيين في الدول الصناعية والعالم، تجاه المبيدات والكيماويات النباتية والبيطرية المختلفة المستخدمة في الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وتجاه المواد المعدلة وراثياً، وخصوصاً مع ظهور الأمراض الوبائية الفتاكة التي تكون مشتركة بين الحيوان والإنسان مثل مرض انفلونزا الطيور والخنازير وغيرها، بالإضافة على تزايد حالات الإصابة بالأمراض السرطانية في العالم، وتعتبر الزراعة البيئية العضوية البديل الأمثل للزراعة التقليدية في البلدان العربية لمواجهة تلك الأخطار والمخاوف التي تهدد البيئة والغذاء وصحة الإنسان، ولكي يتحقق النجاح لنظام الزراعة البيئية على الواقع، يجب أن تسن قوانين مناسبة لتنظيم الزراعة البيئية وحماية منتجاتها، وإيجاد استراتيجية تسويقية للمنتجات العضوية، ودعم البحث العلمي الهادف إلى تطوير تقنيات هذا النظام، ورفع مستوى الوعي لدى المهندسين والمرشدين الزراعيين والمزارعين والمسوقين والمستهلكين بأهمية هذا النظام وسلامة منتجاته، عن طريق التدريب والتأهيل لهم من قبل متخصصين في هذا المجال. ملوثات التربة والنبات .. الدكتور خالد علي الحكيمي أستاذ الإنتاج النباتي المساعد بكلية الزراعة والطب البيطري في إب تحدث عن ملوثات التربة والنبات بقوله: يعد تلوث التربة والنبات أحد أهم الملوثات البيئية المهمة التي تؤدي بشكل رئيس إلى تلوث الغذاء، ولعل أهم ملوثات التربة والنبات عموماً وفي محافظة إب على وجه الخصوص؛ المبيدات الزراعية واستخدامها العشوائي وغير الآمن، التلوث الحيوي، التلوث الإشعاعي، المخلفات السائلة والصلبة، الأمطار الحمضية، وهو ما ينتج عن انتشارها أضرار كبيرة تصب في خانة تلوث الغذاء والتربة. تلوث الغذاء .. الدكتور قيس عبدالله نجيم أستاذ الأغذية المساعد، تحدث عن السلامة الغذائية فقال: يحتل موضوع سلامة الغذاء جزءاً كبيراً من اهتمام الناس نتيجة لزيادة الوعي الغذائي، وبعد التقدم العلمي الكبير خلال القرن الحالي خاصة في مجال الإلمام بصحة الإنسان، ومعرفة الكثير من الأمراض التي تصيبه نتيجة تناول الغذاء الفاسد، بالإضافة إلى ذلك فقد شهدت البشرية خلال العقدين الماضيين تطوراً هائلاً في مجال إنتاج وتصنيع وحفظ وتداول المواد الغذائية نتيجة لازدياد عدد السكان والهجرة من الريف إلى المدن، وزيادة حركة التجارة الدولية، كذلك أدخلت أنواع جديدة من الصناعات الغذائية المتعلقة بالتموين في المدن الجامعية والمعسكرات والمستشفيات وتقديم الطعام في خطوط الطيران، كما انتشرت مطاعم الوجبات السريعة وأغذية الشوارع وتغير النمط الاستهلاكي لكثير من المجتمعات، وقد دفع هذا التحول إلى البحث عن أفضل السبل لإطالة عمر المادة الغذائية باستعمال المواد الحافظة والمضافات الغذائية الأخرى للمحافظة على اللون والنكهة والقوام، ودخلت تقنيات جديدة في طرق الحفظ والمعالجة للمادة الغذائية مما خلق مشاكل جديدة، ولم يقف الموضوع عند هذا الحد، بل تعداه إلى مناطق الإنتاج الزراعي والحيواني، وزادت نسبة استعمال الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية والمضادات الحيوية والهرمونات والمركزات، وزادت المخاوف بدرجة أكبر بعد التقدم الهائل في مجال إنتاج الأغذية المعدلة وراثياً، وكما تشير الإحصائيات أيضاً إلى أن أكثر من 90 %من الأمراض السائدة الآن هي أمراض غذائية بالدرجة الأولى، وأن أكثر من 3 ملايين شخص يموتون سنوياً نتيجة للأغذية الملوثة، كما يعاني مئات الملايين من البشر من خطورة الأمراض التي تنتقل عن طريق الغذاء. المبيدات الكيماوية .. الدكتور يحيى الأوذن أستاذ الفسيولوجيا المساعد بكلية العلوم في جامعة إب تحدث عن مخاطر المبيدات الكيمائية بقوله: تعد المبيدات الكيميائية إحدى ملوثات البيئة، وتستخدم المبيدات في مكافحة الحشرات والآفات الزراعية بما فيها أشجار القات وكذلك المنازل، وبالرغم من فعالية هذه المبيدات الكيميائية وميزاتها الاقتصادية فقد ظهر ضررها على صحة الإنسان والحيوان، كما أن هناك أجناساً جديدة من الحشرات مقاومة تظهر نتيجة معاملتها بالمبيدات مما يجعل المزارع يبحث عن مبيدات أفضل تقوم بالقضاء عليها نهائياً، هذا بالإضافة إلى إبادة الحشرات النافعة ومنها حشرات النحل، أما أهم المجموعات الكيميائية التي ينتمي إليها أخطر المبيدات المستخدمة في اليمن فهي: مركبات فوسفورية عضوية Organophosphats، مركبات الكربمات Carbamates، مركبات البيرثرويدات Pyrethroids، مركبات كلورية عضوية Organochlorine، وتنتشر حالياً في اليمن عشرات أصناف المبيدات الكيماوية السامة المحظورة التي تستخدم بآلاف الأطنان سنوياً، وبالرغم من غياب الإحصائيات الدقيقة حول كميات المبيدات المستخدمة في اليمن، إلا أن بعضها يقدر بأن هناك نحو 200 طن من المبيدات تم تداولها في البلاد سنوياً، ومعظمها مواد ممنوعة ومحرمة دولياً، كما أن هناك أيضاً 700 طن من المبيدات تم استيرادها سنوياً بصورة غير شرعية، أي عن طريق التهريب، ومعظم أنواع هذه المبيدات حشرية، حيث إن معظمها شديد السمية وله أضرار كبرى على البيئة، ومن الثابت علمياً أنه ليس المزارع وأفراد عائلته فحسب ممن يتعرضون مباشرةً للمواد الكيماوية السامة الكامنة في المبيدات، ومعرضون، للإصابة بأمراض السرطان والعقم والقلب والتشوهات الخلقية وغيرها، ناهيك عن تقلص متوسط الأعمار، بل أيضاً المستهلكون الذين يشترون من السوق الخضار والفواكه المرشوشة بالمبيدات، ولا تقوم تدابير الوقاية المختلفة بأكثر من مجرد تخفيف التأثير السمي للكيماويات على الإنسان، والتأثير السام يفعل فعله بشكل تراكمي على مدى سنوات، إلى أن يتناول الإنسان ما يعرف بالجرعة القاتلة. مبيعات هائلة .. من جهته يشير المهندس علي محمد الحاج الصبري رئيس قسم الإرشاد الزراعي بمكتب زراعة محافظة إب إلى المخاطر والخسائر في استخدام المبيدات الزراعية بقوله: تعتبر المبيدات من أهم المدخلات الزراعية والأساسية في زيادة الإنتاج الزراعي كماً ونوعاً، ودون استخدام المبيدات في مكافحة الآفات النباتية تتعرض المحاصيل الزراعية إلى خسائر تقدر قيمتها السنوية ب 80 بليون دولار، وتلعب المبيدات دوراً هاماً في مكافحة آفات الصحة العامة والناقلة للأمراض الوبائية للإنسان والحيوان، وفي نفس الوقت تشكل المبيدات تهديداً دائماً لسلامة الإنسان والحيوان وتلوث البيئة نتيجة للاستخدام العشوائي للمبيدات وتداولها من حيث شرعية دخولها وتراكمها وطرق تخزينها ونقلها .... إلخ، ورغم أن أعداد المواد الفعالة تتزايد، فإن كميات البيع التي ارتفعت من 8.1 مليار دولار في عام 1972 إلى 25.2 مليار دولار عام 1993، بل إن بعض المصادر تؤكد أن المبيعات وصلت إلى أكثر من 40 مليار دولار عام 2000م. الإطار التشريعي لحماية البيئة .. الأستاذ ناجي علي النهمي مدير عام فرع الهيئة العامة لحماية البيئة في محافظة إب أوجز الإطار التشريعي لحماية البيئة في اليمن حيث قال: تعد اليمن إحدى الدول التي اهتمت بالمشكلات البيئية من خلال صياغة التشريعات والقوانين لحماية البيئة، ولعل أهم التشريعات والقوانين ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بالبيئة؛ القرار الجمهوري بالقانون رقم [11] لسنة 1993بشأن حماية البيئة البحرية من التلوث، القرار الجمهوري بالقانون رقم [37] لسنة 1993 بشأن البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية والجرف القاري، القرار الجمهوري بالقانون رقم [42] لسنة 1993بشأن تنظيم رصيد واستغلال الأحياء المائية وحمايتها، القرار الجمهوري بالقانون رقم[25] لسنة 1999 بشأن تنظيم تداول مبيدات الآفات النباتية، القرار الجمهوري بالقانون رقم [39] لسنة 1999 بشأن قانون النظافة، القرار الجمهوري بالقانون رقم (33) لسنة 2002 بشأن المياه، القرار الجمهوري بالقانون رقم[21] لسنة 1995 بشأن حماية البيئة، وتعد الهيئة العامة لحماية البيئة جهاز الدولة الرسمي الذي يضطلع بحماية البيئة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة طبقاً لأحكام قانون حماية البيئة رقم [26] لسنة 1995، والقرارات النافذة، وتهدف إلى الحفاظ على العناصر البيئية كافة من أي تلوث أو أضرار أو آثار سلبية وفقاً للقانون، والحفاظ على البيئة الطبيعية وسلامتها وتوازنها ومراقبة أنظمتها والحفاظ على نوعيات الحياة الفطرية والتنوع الحيوي في البيئة الوطنية من الآثار الضارة التي تتم خارج البيئة الوطنية، والحفاظ على الموارد الطبيعية المتجددة وحمايتها من التدهور أو التلوث البيئي. ثقافة الناس تجاه البيئة .. الأستاذ الدكتور عبدالله محمد الفلاحي أستاذ الفلسفة في جامعة إب ناقش الثقافة المجتمعية تجاه قضايا البيئة متحدثاً بقوله: لعلنا نلمس الكثير من مظاهر الثقافة السلوكية تجاه البيئة، وأهمها؛ التدخين والدخان من تدخين السجائر والمدائع إلى تدخين المركبات والمعدات والناقلات والمصانع، رمي المخلفات الاستهلاكية دون ضبط حوافظها وإغلاقها، جمع المخلفات المختلفة في كيس واحد وبطريقة غريبة، الاعتماد على الأطفال في إخراجها من المنزل، رمي بقية أعواد القات في أي مكان، الممارسات الخاطئة في استخدام زيوت المعدات، وإصدار الضوضاء وصنع الازدحام والاختناقات المرورية، تلويث أماكن الترفيه والعبث بمكوناتها. قصور التنشئة .. وعن الأسباب الكامنة وراء هذه الثقافة السالبة تجاه البيئة يقول الفلاحي: لعل أهم الأسباب؛ تجزؤ منظومة حياة الإنسان اليمني إلى أجزاء منفصلة عن بعضها البعض، وتغير أولوياته من الحاجة والفاقة إلى الرفاه والأناقة، سلسلة التغيرات التي طرأت على مركب حياة الإنسان اليمني ألقت بظلالها على وعيه وتفكيره، رغم أنه عاشق ونشأ في محيط حضاري كانت له بصماته على الحضارة الإنسانية بأكملها، وأهم ما تأثر من هذا المركب هو المنظومة القيمية والأخلاقية والتربوية الراقية وصولاً إلى المنظومة الدينية والثقافية المركبة حتى كادت تصل به إلى العدمية في بعض الأحيان، أن وميض التطور الذي شهده المجتمع اليمني في كافة المجالات كان قصيراً وتأثيره من ثم قليلاً، بل دخل إلى عقله ووعيه من الباب الخلفي، فلم يعكس من هذا الوميض إلا سوالبه وسواقطه ونجا منه مع التقنية التي دخلت له في نمط الاستهلاك، ولم تدخل إليه من نمط المعرفة والإنتاج، فعكس تعليمنا جهلنا، ووعينا سوء فهمنا بحياتنا وبيئتنا، فضلاً عن محدودية هذا التعليم كمه وكيفه، قصور وسائط التنشئة الاجتماعية المختلفة عن أداء وظيفتها التربوية القيمية الجمالية البيئية، قصور وسائط الضبط الاجتماعي والديني والسياسي عن أداء وظائفها في حماية البيئة من الناحية النظرية والعملية، محدودية تأثير كل الوسائل النظرية والعملية في التأثير على وعي الأفراد والجماعات تجاه البيئة ومصادر حمايتها، ضعف روح المسؤولية الجماعية لدى الناس الذين تحكم سلوكهم العام تجاه الظواهر العامة ومنها الظواهر البيئية. المعالجات الممكنة .. ويحدد الفلاحي رؤيته لعلاج المشارك لهذه الثقافة بقوله: لابد من اعتبار التوعية البيئية للناس في مثل تلك الظواهر التي أشرنا إليها من أهم أولويات الجهات والوسائط والوسائل التي يمتلكها المجتمع عبر مؤسسات الدولة والمجتمع لتحقيق قدر كبير من الوعي البيئي لدى الناس من داخل الأسرة وحتى الجامعة، ولابد من تفعيل دور المؤسسات التربوية والدينية والعلمية والإعلامية في تقديم الثقافة البيئية التي تحمي حياة الناس والمجتمع وبيئتهم من التدهور والانهيار، ولابد من القانون والتشريع الذي يحمي البيئة، ولابد من تطبيق هذه القوانين والتشريعات على أرض الواقع حتى يتحقق النهوض بالبيئة وحماية مكوناتها، ولو عبر: جماعات وأصدقاء حماية البيئة في كل مرفق، وتكوين الشرطة البيئية لمراقبة الظواهر السلوكية الخاطئة تجاه البيئة وضبط ومعاقبة مرتكبيها. حماية البيئة المدنية .. الدكتور المهندس هاشم علي عبدالرحمن إسحاق أستاذ التصميم المعماري والتخطيط الحضري المشارك بكلية الهندسة والعمارة في جامعة إب تحدث عن التخطيط العمراني كمدخل لحماية البيئة في المدن اليمنية، حيث قال: من أحد أهم الأبعاد الرئيسية في التخطيط العمراني الحضري هو التخطيط البيئي لمواجهة مخاطر البيئة والحد من التلوث البيئي وحماية البيئة والاهتمام بقضايا البيئة، فبدون إعطاء هذا البعد الدور الحقيقي له في العملية التخطيطية ككل؛ فإن عملية التخطيط ستكون ناقصة وسينتج عن ذلك مشاكل عدة على جميع المستويات وفي جميع المراحل، وستظهر هذه المشاكل تباعاً ونرى ذلك واضحاً في العديد من مدننا اليمنية والمدن العربية وكذلك في بعض مدن العالم الأخرى، ونتيجة لغياب الدور المؤثر لعلاقة التخطيط البيئي بالتخطيط العمراني كمنظومة متكاملة تبدأ بالحلول المبنية على دراسة المشاكل الآنية سواء تلك المشاكل الخاصة بالبيئة من جهة أم بالتخطيط العمراني من جهة أخرى كل على حدة، وكنتيجة حتمية لذلك تأتي هذه الحلول في الكثير من تجارب مدننا العربية قاصرة أو وقتية، ولذلك فالحاجة ملحة في مدننا اليمنية والعربية إلى دراسة القضايا الخاصة بالبيئة ضمن استراتيجية التخطيط العمراني لهذه المدن وإعادة صياغة مفهوم العلاقة بينهما بما يتناسب وكل مدينة على حدة، بهدف حماية البيئة والحفاظ على الطاقة المتجددة وتحقيق التنمية المستدامة في المدن اليمنية. التخطيط الحضري في مدينة إب .. المهندس مهدي أحمد هادي مدير عام مكتب الأشغال العامة والطرق في محافظة إب تحدث عن مسيرة التخطيط الحضري وارتباطاته البيئية في مدينة إب عبر تاريخها الماضي والحاضر، حيث قال: إن اختيار موقع مدينة إب القديمة يدل دلالة واضحة على عظمة الفن الهندسي التخطيطي الذي وصل إليه الإنسان اليمني القديم، وعلى قدم الحضارة اليمنية التي أشار إليها القرآن الكريم في أكثر من سورة بدليل حسن الاختيار لمواقع المدن اليمنية القديمة، وأهمها موقع مدينة إب القديمة على ربوة مرتفعة محاطة بالعديد من الهضاب والتلال والجبال والوديان والمدرجات الخضراء من الجهات الأربع. وأود التأكيد أن التخطيط الحضري كنشاط عام هو استخدام الذكاء البشري في اختيار مواقع المدن، ودراسة آفاق التوسع المستقبلي بهدف تنظيم المجتمع البشري ليستطيع أن يكيف نفسه على تغيير البيئة الاجتماعية والتقنية وبما يمكنه من الحفاظ على البيئة ورفع مستوى رفاهية أفراده. وبالرغم من أن تخطيط المدن يتعامل مع الأشياء المادية مثل الأراضي والنباتات القائمة والطرقات والمدارس والمستشفيات وخدمات الكهرباء والاتصالات، إلا أن أهم شيء نقرّه هو أن مواطني المدينة ليسوا بكتل تشبه تلك الأشياء المادية، وإنما هم جماعات اقتصادية واجتماعية وثقافية مرتبطة بمجموعة من العلاقات الإنسانية مع بعضها البعض معيشياً وتربوياً وعقائدياً وأسرياً، وجميعها منهمكة في فعاليات عقائدية وثقافية وترفيهية بفعالية أكبر وبتكاليف أقل للوقت والجهد. وبصورة عامة نحاول من خلال تخطيط المدن تعزيز هذه الفعاليات من خلال اتخاذ ترتيبات عملية متوازنة ومناسبة لاستعمال الأراضي مع تحديد ما هو ضروري للشوارع الحدودية والرئيسية والفرعية، وتحديد مواقع الحدائق العامة والمتنزهات ومواقع الخدمات السياحية والخدمات العامة المرتبطة بالحياة اليومية لأفراد المجتمع، وبحسب ما نص عليه قانون التخطيط الحضري رقم [20] لسنة 1995م. المسؤولية التربوية .. الدكتور أحمد رزق الصرمي مدير مكتب التربية والتعليم في محافظة إب أشار إلى الدور الذي تلعبه المؤسسات التربوية في حماية البيئة فقال: إن علاقة الإنسان بالبيئة علاقة أزلية، وقد كانت تسير بتناغم وانسجام وتكامل لتلبية تلك الاحتياجات مع الاحتفاظ بمكوناتها الطبيعية إلى أن نمت العلاقة وتطورت بين الإنسان والبيئة بتطور العلوم الحديثة وتقنياتها المتعددة مما أدى إلى زيادة الضغوط على البيئة نتيجة هذه الثورة التقنية وما خلفته من أخلاق وفلسفات سائدة غير مكترثة بالحفاظ على مكونات البيئة أدى إلى افتقار الإنسان للوعي البيئي المواكب لهذه التطورات، فاتجهت أنظار المجتمع الدولي إلى أهمية الدور الذي يقوم به النظام التربوي ومناهجه العلمية التربوية في تشخيص الأوضاع البيئية واقتراح المعالجات الكفيلة بحماية البيئة ورفع مستوى الوعي البيئي في أوساط الطلاب والمجتمع المحلي كون التربية أداة هامة لبناء شخصية الإنسان وتعديل سلوكه. كما تعد المدرسة ومنهجها التربوي هي أداة التغيير الحقيقية لأسلوب التعامل البشري مع الأرض، وإعادة التوازن البيئي إليها، ولهذا يقع على عاتق التربويين والمؤسسات التعليمية والمناهج الدراسية العبء الأكبر في نشر الثقافات البيئية وتعديل السلوك الإنساني تجاه البيئة من خلال تزويد الأفراد بالمعارف والمهارات والقيم والاتجاهات التي تنظم سلوكه وتمكنه من التفاعل الإيجابي مع بيئته الاجتماعية والطبيعية بما يسهم في حمايتها وحل مشكلاتها. البيئة.. والزيادة السكانية .. الدكتور عبدالسلام علي الفقيه أستاذ التربية السكانية والبيئية المساعد في كلية تربية إب تحدث عن علاقة البيئة بالزيادة السكانية، حيث يقول: إن إدراك الإنسان لأهمية البيئة المحيطة وضرورة الحفاظ عليها وعلى مقوماتها قديم قدم وجود الإنسان على الأرض، فقد حظيت البيئة باهتمام الأديان وحرصت معظم الحضارات القديمة على صون البيئة والحفاظ عليها، وفي اليمن اتسمت علاقة الإنسان بالبيئة على امتداد التاريخ الإنساني بالتناغم، فقد عرف الإنسان اليمني منذ القدم بتشييد المدرجات الزراعية وبناء مسكنه على قمم ومنحدرات الجبال، وذلك حفاظاً على الأرض الزراعية، كما استطاع الإنسان اليمني التكيف مع البيئة من خلال ابتكاره تقنية حصاد المياه وذلك من خلال بناء السدود والحواجز المائية. وبفعل العلاقة الحسنة التي سادت بين الإنسان والبيئة جادت البيئة بقدر فهم وإدراك الإنسان لأهميتها ورعايته لها ونتيجة لذلك تميزت البيئة في اليمن منذ القدم بكثرة خبراتها وتنوع مواردها الطبيعية، حيث شهد المجتمع اليمني عبر تاريخه الطويل قيام التنظيمات الأهلية المعنية بقضايا البيئة. ومن هنا عرفت اليمن منذ القدم باليمن السعيد، غير أن تلك العلاقة الحسنة التي سادت بين الإنسان والبيئة لم تستمر منذ أوائل عقد التسعينيات من القرن الماضي نتيجة تزايد معدل النمو السكاني والأنشطة الاقتصادية التي تمت وبشكل متسارع في مختلف قطاعات التنمية في ظل غياب سياسة بيئية واضحة المعالم تتماشى جنباً إلى جنب مع خطط التنمية، مما شكل ضغطاً على موارد البيئة. السياحة والبيئة .. الدكتور أمين جزيلان مدير عام السياحة في المحافظة تحدث عن علاقة البيئة بالسياحة بقوله: تحتل قضية البيئة والحفاظ عليها أهمية كبيرة في عالم اليوم، خاصة في ظل التدهور الحاصل نتيجة للاحتباس الحراري والتلوث الذي أصبح يهدد الحياة على كوكب الأرض، وتعتبر السياحة أحد القطاعات الاقتصادية الهامة التي نشأت وتطورت وازدهرت بتفاعلها وعلاقتها التكاملية مع البيئة، بل أصبحت اليوم بأنشطتها المختلفة تقدم مشروعاً للحفاظ على ديمومة المصادر الطبيعية والموروث الحضاري. ومن هنا نشأ مفهوم السياحة المستدامة، وهي الإدارة السليمة للموارد السياحية لتلبية الحاجات الاجتماعية والاقتصادية وبما يتوافق مع المحافظة على التراث الحضاري والعناصر البيئية لمنطقة ما. أي إدخال الاعتبارات البيئية عند وضع الخطط الوطنية لقطاع السياحة ومشاريعها الاستثمارية، وصولاً لتطبيق مفهوم السياحة البيئية وهي السفر المأمون الجانب على البيئة لزيارة مناطق طبيعية غير متضررة نسبياً بغرض الاستمتاع بها وبالسمات الثقافية والحضارية والمصاحبة لها في الماضي والحاضر، والتي لا يترك زوارها أثراً سلبياً بليغاً عليها، وتنهض بأعباء واشتراك السكان المحليين في النشاطات المفيدة اقتصادياً واجتماعياً. وللأسف فإنه لا يوجد مشروع استثماري واحد في محافظة إب يمتلك دراسة للأثر البيئي، ويفترض وفقاً للقانون أن لا يمنح الترخيص بالعمل حتى يقدم تلك الدراسة بالتعاون مع الجهة الرسمية المعنية بتطبيق القانون.